[ ص: 337 ] القول في
nindex.php?page=treesubj&link=28974_25561_7862تأويل قوله جل ثناؤه ( nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=157ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون ( 157 ) )
قال
أبو جعفر : يخاطب جل ثناؤه عباده المؤمنين ، يقول لهم : لا تكونوا ، أيها المؤمنون ، في شك من أن الأمور كلها بيد الله ، وأن إليه الإحياء والإماتة ، كما شك المنافقون في ذلك ، ولكن جاهدوا في سبيل الله وقاتلوا أعداء الله ، على يقين منكم بأنه لا يقتل في حرب ولا يموت في سفر إلا من بلغ أجله وحانت وفاته . ثم وعدهم على جهادهم في سبيله المغفرة والرحمة ، وأخبرهم أن موتا في سبيل الله وقتلا في الله ، خير لهم مما يجمعون في الدنيا من حطامها ورغيد عيشها الذي من أجله يتثاقلون عن الجهاد في سبيل الله ، ويتأخرون عن لقاء العدو ، كما : -
8117 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
سلمة ، عن
ابن إسحاق : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=157ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون " ، أي : إن الموت كائن لا بد منه ، فموت في سبيل الله أو قتل ، خير لو علموا فأيقنوا مما يجمعون في الدنيا التي لها يتأخرون عن الجهاد ، تخوفا من الموت والقتل لما جمعوا من زهرة الدنيا ، وزهادة في الآخرة . .
قال
أبو جعفر : وإنما قال الله عز وجل : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=157لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون " ، وابتدأ الكلام : "ولئن متم أو قتلتم" بحذف جواب"لئن" ، لأن في قوله :
[ ص: 338 ] "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=157لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون " معنى جواب للجزاء ، وذلك أنه وعد خرج مخرج الخبر .
فتأويل الكلام : ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم ، ليغفرن الله لكم وليرحمنكم فدل على ذلك بقوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=157لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون " ، وجمع مع الدلالة به عليه ، الخبر عن فضل ذلك على ما يؤثرونه من الدنيا وما يجمعون فيها .
وقد زعم بعض أهل العربية من أهل
البصرة ، أنه إن قيل : كيف يكون : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=157لمغفرة من الله ورحمة " جوابا لقوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=157ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم "؟ فإن الوجه فيه أن يقال فيه كأنه قال : ولئن متم أو قتلتم فذلك لكم رحمة من الله ومغفرة ، إذ كان ذلك في سبيلي ، فقال : "لمغفرة من الله ورحمة ، " يقول : لذلك خير مما تجمعون ، يعني : لتلك المغفرة والرحمة خير مما تجمعون .
ودخلت اللام في قوله : "لمغفرة من الله" ، لدخولها في قوله : و"لئن" ، كما قيل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=12ولئن نصروهم ليولن الأدبار ) [ سورة الحشر : 12 ]
[ ص: 337 ] الْقَوْلُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=28974_25561_7862تَأْوِيلِ قَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ ( nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=157وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ( 157 ) )
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : يُخَاطِبُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ ، يَقُولُ لَهُمْ : لَا تَكُونُوا ، أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ ، فِي شَكٍّ مِنْ أَنَّ الْأُمُورَ كُلَّهَا بِيَدِ اللَّهِ ، وَأَنَّ إِلَيْهِ الْإِحْيَاءَ وَالْإِمَاتَةَ ، كَمَا شَكَّ الْمُنَافِقُونَ فِي ذَلِكَ ، وَلَكِنْ جَاهِدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَاتِلُوا أَعْدَاءَ اللَّهِ ، عَلَى يَقِينٍ مِنْكُمْ بِأَنَّهُ لَا يُقْتَلُ فِي حَرْبٍ وَلَا يَمُوتُ فِي سَفَرٍ إِلَّا مَنْ بَلَغَ أَجْلُهُ وَحَانَتْ وَفَاتُهُ . ثُمَّ وَعَدَهُمْ عَلَى جِهَادِهِمْ فِي سَبِيلِهِ الْمَغْفِرَةَ وَالرَّحْمَةَ ، وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ مَوْتًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَتْلًا فِي اللَّهِ ، خَيْرٌ لَهُمْ مِمَّا يَجْمَعُونَ فِي الدُّنْيَا مِنْ حُطَامِهَا وَرَغِيدِ عَيْشِهَا الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ يَتَثَاقَلُونَ عَنِ الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَيَتَأَخَّرُونَ عَنْ لِقَاءِ الْعَدُوِّ ، كَمَا : -
8117 - حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
سَلَمَةُ ، عَنِ
ابْنِ إِسْحَاقَ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=157وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ " ، أَيْ : إِنَّ الْمَوْتَ كَائِنٌ لَا بُدَّ مِنْهُ ، فَمَوْتٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ قَتْلٌ ، خَيْرٌ لَوْ عَلِمُوا فَأَيْقَنُوا مِمَّا يَجْمَعُونَ فِي الدُّنْيَا الَّتِي لَهَا يَتَأَخَّرُونَ عَنِ الْجِهَادِ ، تَخَوُّفًا مِنَ الْمَوْتِ وَالْقَتْلِ لِمَا جَمَعُوا مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا ، وَزَهَادَةً فِي الْآخِرَةِ . .
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : وَإِنَّمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=157لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ " ، وَابْتَدَأَ الْكَلَامَ : "وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ" بِحَذْفِ جَوَابِ"لَئِنْ" ، لِأَنَّ فِي قَوْلِهِ :
[ ص: 338 ] "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=157لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ " مَعْنَى جَوَابٍ لِلْجَزَاءِ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ وَعْدٌ خَرَجَ مَخْرَجَ الْخَبَرِ .
فَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ : وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ ، لِيَغْفِرَنَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَيَرْحَمَنَّكُمْ فَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=157لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ " ، وَجَمَعَ مَعَ الدَّلَالَةِ بِهِ عَلَيْهِ ، الْخَبَرَ عَنْ فَضْلِ ذَلِكَ عَلَى مَا يُؤْثِرُونَهُ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا يَجْمَعُونَ فِيهَا .
وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ مِنْ أَهْلِ
الْبَصْرَةِ ، أَنَّهُ إِنْ قِيلَ : كَيْفَ يَكُونُ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=157لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ " جَوَابًا لِقَوْلِهِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=157وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ "؟ فَإِنَّ الْوَجْهَ فِيهِ أَنْ يُقَالَ فِيهِ كَأَنَّهُ قَالَ : وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ فَذَلِكَ لَكُمْ رَحْمَةٌ مِنَ اللَّهِ وَمَغْفِرَةٌ ، إِذْ كَانَ ذَلِكَ فِي سَبِيلِي ، فَقَالَ : "لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ ، " يَقُولُ : لَذَلِكَ خَيْرٌ مِمَّا تَجْمَعُونَ ، يَعْنِي : لَتِلْكَ الْمَغْفِرَةُ وَالرَّحْمَةُ خَيْرٌ مِمَّا تَجْمَعُونَ .
وَدَخَلَتِ اللَّامُ فِي قَوْلِهِ : "لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ" ، لِدُخُولِهَا فِي قَوْلِهِ : وَ"لَئِنْ" ، كَمَا قِيلَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=12وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ) [ سُورَةُ الْحَشْرِ : 12 ]