القول في
nindex.php?page=treesubj&link=28973_30491تأويل قوله تعالى ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=285وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير ( 285 ) )
قال
أبو جعفر : يعني بذلك - جل ثناؤه - : وقال الكل من المؤمنين : " سمعنا " قول ربنا وأمره إيانا بما أمرنا به ، ونهيه عما نهانا عنه " وأطعنا " يعني : أطعنا ربنا فيما ألزمنا من فرائضه ، واستعبدنا به من طاعته ، وسلمنا له وقوله : " غفرانك ربنا " يعني : وقالوا : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=285غفرانك ربنا " بمعنى : اغفر لنا ربنا غفرانك ، كما يقال : " سبحانك " بمعنى : نسبحك سبحانك .
وقد بينا فيما مضى أن " الغفران " و " المغفرة " الستر من الله على ذنوب من
[ ص: 128 ] غفر له ، وصفحه له عن هتك ستره بها في الدنيا والآخرة ، وعفوه عن العقوبة - عليه .
وأما قوله : " وإليك " المصير " فإنه يعني - جل ثناؤه - أنهم قالوا : وإليك يا ربنا مرجعنا ومعادنا ، فاغفر لنا ذنوبنا .
قال
أبو جعفر : فإن قال لنا قائل : فما الذي نصب قوله : " غفرانك " ؟
قيل له : وقوعه وهو مصدر موقع الأمر . وكذلك تفعل العرب بالمصادر والأسماء إذا حلت محل الأمر ، وأدت عن معنى الأمر نصبتها ، فيقولون : " شكرا لله يا فلان " و " حمدا له " بمعنى : اشكر الله واحمده . " والصلاة ، الصلاة " بمعنى صلوا . ويقولون في الأسماء : " الله الله يا قوم " ولو رفع بمعنى هو الله ، أو هذا الله - ووجه إلى الخبر وفيه تأويل الأمر كان جائزا ، كما قال الشاعر :
إن قوما منهم عمير وأشبا ه عمير ومنهم السفاح لجديرون بالوفاء إذا قا
ل أخو النجدة : السلاح السلاح ! !
ولو كان قوله : " غفرانك ربنا " جاء رفعا في القراءة ، لم يكن خطأ ، بل كان صوابا على ما وصفنا .
وقد ذكر أن هذه الآية
nindex.php?page=hadith&LINKID=812007لما نزلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثناء من [ ص: 129 ] الله عليه وعلى أمته ، قال له جبريل - صلى الله عليه وسلم - : إن الله - عز وجل - قد أحسن عليك وعلى أمتك الثناء ، فسل ربك .
6501 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
جرير عن بيان ، عن
حكيم بن جابر قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810237لما أنزلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=285آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير " قال جبريل : إن الله - عز وجل - قد أحسن الثناء عليك ، وعلى أمتك ، فسل تعطه ! فسأل : " nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=286لا يكلف الله نفسا إلا وسعها " إلى آخر السورة .
الْقَوْلُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=28973_30491تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=285وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ( 285 ) )
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : يَعْنِي بِذَلِكَ - جَلَّ ثَنَاؤُهُ - : وَقَالَ الْكُلُّ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ : " سَمِعْنَا " قَوْلَ رَبِّنَا وَأَمْرَهُ إِيَّانَا بِمَا أَمَرَنَا بِهِ ، وَنَهْيَهُ عَمَّا نَهَانَا عَنْهُ " وَأَطَعْنَا " يَعْنِي : أَطَعْنَا رَبَّنَا فِيمَا أَلْزَمَنَا مِنْ فَرَائِضِهِ ، وَاسْتَعْبَدَنَا بِهِ مِنْ طَاعَتِهِ ، وَسَلَّمْنَا لَهُ وَقَوْلُهُ : " غُفْرَانَكَ رَبَّنَا " يَعْنِي : وَقَالُوا : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=285غُفْرَانَكَ رَبَّنَا " بِمَعْنَى : اغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا غُفْرَانَكَ ، كَمَا يُقَالُ : " سُبْحَانَكَ " بِمَعْنَى : نُسَبِّحُكَ سُبْحَانَكَ .
وَقَدْ بَيَّنَّا فِيمَا مَضَى أَنَّ " الْغُفْرَانَ " وَ " الْمَغْفِرَةَ " السِّتْرُ مِنَ اللَّهِ عَلَى ذُنُوبِ مَنْ
[ ص: 128 ] غَفَرَ لَهُ ، وَصَفْحُهُ لَهُ عَنْ هَتْكِ سِتْرِهِ بِهَا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، وَعَفْوُهُ عَنِ الْعُقُوبَةِ - عَلَيْهِ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ : " وَإِلَيْكَ " الْمَصِيرُ " فَإِنَّهُ يَعْنِي - جَلَّ ثَنَاؤُهُ - أَنَّهُمْ قَالُوا : وَإِلَيْكَ يَا رَبَّنَا مَرْجِعُنَا وَمَعَادُنَا ، فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا .
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : فَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِلٌ : فَمَا الَّذِي نَصَبَ قَوْلَهُ : " غُفْرَانَكَ " ؟
قِيلَ لَهُ : وُقُوعُهُ وَهُوَ مَصْدَرٌ مَوْقِعَ الْأَمْرِ . وَكَذَلِكَ تَفْعَلُ الْعَرَبُ بِالْمَصَادِرِ وَالْأَسْمَاءِ إِذَا حَلَّتْ مَحَلَّ الْأَمْرِ ، وَأَدَّتْ عَنْ مَعْنَى الْأَمْرِ نَصَبَتْهَا ، فَيَقُولُونَ : " شُكْرًا لِلَّهِ يَا فُلَانُ " وَ " حَمْدًا لَهُ " بِمَعْنَى : اشْكُرِ اللَّهَ وَاحْمَدْهُ . " وَالصَّلَاةَ ، الصَّلَاةَ " بِمَعْنَى صَلُّوا . وَيَقُولُونَ فِي الْأَسْمَاءِ : " اللَّهَ اللَّهَ يَا قَوْمُ " وَلَوْ رُفِعَ بِمَعْنَى هُوَ اللَّهُ ، أَوْ هَذَا اللَّهُ - وَوُجِّهَ إِلَى الْخَبَرِ وَفِيهِ تَأْوِيلُ الْأَمْرِ كَانَ جَائِزًا ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ :
إِنَّ قَوْمًا مِنْهُمْ عُمَيْرٍ وَأَشْبَا هُ عُمَيْرٍ وَمِنْهُمُ السَّفَّاحُ لَجَدِيرُونَ بِالْوَفَاءِ إِذَا قَا
لَ أَخُو النَّجْدَةِ : السِّلَاحُ السِّلَاحُ ! !
وَلَوْ كَانَ قَوْلُهُ : " غُفْرَانَكَ رَبَّنَا " جَاءَ رَفْعًا فِي الْقِرَاءَةِ ، لَمْ يَكُنْ خَطَأً ، بَلْ كَانَ صَوَابًا عَلَى مَا وَصَفْنَا .
وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=812007لَمَّا نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَنَاءً مِنْ [ ص: 129 ] اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى أُمَّتِهِ ، قَالَ لَهُ جِبْرِيلُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : إِنِ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - قَدْ أَحْسَنَ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَّتِكَ الثَّنَاءَ ، فَسَلْ رَبَّكَ .
6501 - حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
جَرِيرٌ عَنْ بَيَانٍ ، عَنْ
حَكِيمِ بْنِ جَابِرٍ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810237لَمَّا أُنْزِلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : " nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=285آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمْعَنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ " قَالَ جِبْرِيلُ : إِنِ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - قَدْ أَحْسَنَ الثَّنَاءَ عَلَيْكَ ، وَعَلَى أُمَّتِكَ ، فَسَلْ تُعْطَهُ ! فَسَأَلَ : " nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=286لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا " إِلَى آخِرِ السُّورَةِ .