[ ص: 547 ] nindex.php?page=treesubj&link=33980بيان طلب nindex.php?page=showalam&ids=15873ذي القرنين عين الحياة
وقد ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن أبيه ، عن
معتمر بن سليمان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11958أبي جعفر الباقر ، عن أبيه
زين العابدين خبرا مطولا جدا فيه أن
ذا القرنين كان له صاحب من الملائكة يقال له :
رناقيل . فسأله
ذو القرنين : هل تعلم في الأرض عينا يقال لها : عين الحياة ؟ فذكر له صفة مكانها ، فذهب
ذو القرنين في طلبها وجعل
الخضر على مقدمته ، فانتهى
الخضر إليها في واد في أرض الظلمات ، فشرب منها ولم يهتد
ذو القرنين إليها . وذكر اجتماع
nindex.php?page=showalam&ids=15873ذي القرنين ببعض الملائكة في قصر هناك ، وأنه أعطاه حجرا ، فلما رجع إلى جيشه سأل العلماء عنه ، فوضعوه في كفة ميزان ، وجعلوا في مقابلته ألف حجر مثله فوزنها ، حتى سأل
الخضر فوضع قباله حجرا ، وجعل عليه حفنة من تراب فرجح به ، وقال : هذا مثل ابن
آدم لا يشبع حتى يوارى بالتراب . فسجد له العلماء تكريما له وإعظاما . والله أعلم .
ثم ذكر تعالى أنه حكمه في أهل تلك الناحية
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=86قلنا يا ذا القرنين إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنا قال أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذابا نكرا أي : فيجتمع عليه عذاب الدنيا والآخرة ، وبدأ بعذاب الدنيا ; لأنه أزجر عند الكافر
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=88وأما من آمن وعمل صالحا فله جزاء الحسنى وسنقول له من أمرنا يسرا [ ص: 548 ] فبدأ بالأهم وهو ثواب الآخرة ، وعطف عليه الإحسان منه إليه ، وهذا هو العدل والعلم والإيمان ، قال الله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=89ثم أتبع سببا أي : سلك طريقا راجعا من المغرب إلى المشرق ، فيقال : إنه رجع في ثنتي عشرة سنة
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=90حتى إذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا أي : ليس لهم بيوت ولا أكنان يستترون بها من حر الشمس . قال كثير من العلماء : ولكن كانوا يأوون ، إذا اشتد عليهم الحر ، إلى أسراب قد اتخذوها في الأرض ، شبه القبور . قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=91كذلك وقد أحطنا بما لديه خبرا أي : ونحن نعلم ما هو عليه ونحفظه ونكلؤه بحراستنا في مسيره ذلك كله من مغارب الأرض إلى مشارقها .
وقد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16531عبيد بن عمير وابنه
عبد الله ، وغيرهما من السلف ، أن
ذا القرنين حج ماشيا ، فلما سمع
إبراهيم الخليل بقدومه تلقاه ، فلما اجتمعا دعا له الخليل ووصاه بوصايا . ويقال : إنه جيء بفرس ليركبها فقال : لا أركب في بلد فيه الخليل . فسخر الله له السحاب ، وبشره
إبراهيم بذلك ، فكانت تحمله إذا أراد .
nindex.php?page=treesubj&link=28989_33980قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=92ثم أتبع سببا حتى إذا بلغ بين السدين وجد من دونهما قوما لا يكادون يفقهون قولا يعني غتما . فيقال : إنهم هم
الترك ، أبناء عم
يأجوج ومأجوج فذكروا له أن هاتين القبيلتين قد تعدوا عليهم وأفسدوا في بلادهم ، وقطعوا السبل عليهم ، وبذلوا له حملا وهو الخراج على
[ ص: 549 ] أن يقيم بينهم وبينهم حاجزا يمنعهم من الوصول إليهم ، فامتنع من أخذ الخراج ; اكتفاء بما أعطاه الله من الأموال الجزيلة
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=95قال ما مكني فيه ربي خير ثم طلب منهم أن يجمعوا له رجالا وآلات ليبني بينهم وبينهم سدا ، وهو الردم بين الجبلين ، وكانوا لا يستطيعون الخروج إليهم إلا من بينهما ، وبقية ذلك بحار مغرقة ، وجبال شاهقة ، فبناه ، كما قال تعالى ، من الحديد والقطر ، وهو النحاس المذاب ، وقيل : الرصاص . والصحيح الأول ، فجعل بدل اللبن حديدا ، وبدل الطين نحاسا ، ولهذا قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=97فما اسطاعوا أن يظهروه أي : يعلوا عليه بسلالم ولا غيرها
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=97وما استطاعوا له نقبا أي : بمعاول ولا فؤوس ولا غيرها ، فقابل الأسهل بالأسهل والأشد بالأشد
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=98قال هذا رحمة من ربي أي : قدر الله وجوده ليكون رحمة منه بعباده أن يمنع بسببه عدوان هؤلاء القوم على من جاورهم في تلك المحلة
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=98فإذا جاء وعد ربي أي الوقت الذي قدر خروجهم على الناس في آخر الزمان
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=98جعله دكاء أي مساويا للأرض . ولا بد من كون هذا ، ولهذا قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=98وكان وعد ربي حقا كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=96حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون واقترب الوعد الحق الآية [ الأنبياء : 96 ، 97 ] . ولذا قال هاهنا :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=99وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض يعني يوم فتح السد ، على الصحيح
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=99ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا وقد أوردنا الأحاديث المروية ، في خروج
يأجوج ومأجوج في " التفسير " وسنوردها ، إن شاء الله في كتاب " الفتن والملاحم " من كتابنا هذا ، إذا انتهينا إليه ، بحول الله وقوته ،
[ ص: 550 ] وحسن توفيقه ومعونته وهدايته .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14724أبو داود الطيالسي ، عن
الثوري : بلغنا أن أول من صافح ،
ذو القرنين . وروي عن
كعب الأحبار أنه قال
لمعاوية : إن
ذا القرنين لما حضرته الوفاة أوصى أمه ; إذا هو مات أن تصنع طعاما ، وتجمع نساء أهل المدينة وتضعه بين أيديهن ، وتأذن لهن فيه ، إلا من كانت ثكلى ، فلا تأكل منه شيئا ، فلما فعلت ذلك لم تضع واحدة منهن يدها فيه ، فقالت لهن : سبحان الله! كلكن ثكلى! فقلن : أي والله ما منا إلا من أثكلت . فكان ذلك تسلية لأمه . وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=11979إسحاق بن بشر ، عن
عبد الله بن زياد ، عن بعض أهل الكتاب ، وصية
nindex.php?page=showalam&ids=15873ذي القرنين وموعظته أمه موعظة بليغة طويلة ، فيها حكم وأمور نافعة ، وأنه مات وعمره ثلاثة آلاف سنة ، وهذا غريب .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر : وبلغني من وجه آخر أنه عاش ستا وثلاثين سنة ، وقيل : كان عمره ثنتين وثلاثين سنة ، وكان بعد
داود بسبعمائة سنة وأربعين سنة ، وكان بعد
آدم بخمسة آلاف ومائة وإحدى وثمانين سنة ، وكان ملكه ست عشرة سنة . وهذا الذي ذكره إنما ينطبق على إسكندر الثاني لا الأول ، وقد خلط في أول الترجمة وآخرها بينهما ، والصواب التفرقة كما ذكرنا ، اقتداء بجماعة من الحفاظ . والله أعلم .
[ ص: 551 ] وممن جعلهما واحدا الإمام
عبد الملك بن هشام ، راوي السيرة ، وقد أنكر ذلك عليه الحافظ
أبو القاسم السهيلي ، رحمه الله ، إنكارا بليغا ، ورد قوله ردا شنيعا ، وفرق بينهما تفريقا جيدا ، كما قدمنا . قال : ولعل جماعة من الملوك المتقدمين ، تسموا
بذي القرنين تشبها بالأول . والله أعلم .
[ ص: 547 ] nindex.php?page=treesubj&link=33980بَيَانُ طَلَبِ nindex.php?page=showalam&ids=15873ذِي الْقَرْنَيْنِ عَيْنَ الْحَيَاةِ
وَقَدْ ذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابْنُ عَسَاكِرَ مِنْ طَرِيقِ
nindex.php?page=showalam&ids=17277وَكِيعٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ
مُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11958أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ ، عَنْ أَبِيهِ
زَيْنِ الْعَابِدِينَ خَبَرًا مُطَوَّلًا جِدًّا فِيهِ أَنَّ
ذَا الْقَرْنَيْنِ كَانَ لَهُ صَاحِبٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ يُقَالُ لَهُ :
رَنَاقِيلُ . فَسَأَلَهُ
ذُو الْقَرْنَيْنِ : هَلْ تَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ عَيْنًا يُقَالُ لَهَا : عَيْنُ الْحَيَاةِ ؟ فَذَكَرَ لَهُ صِفَةَ مَكَانِهَا ، فَذَهَبَ
ذُو الْقَرْنَيْنِ فِي طَلَبِهَا وَجَعَلَ
الْخَضِرَ عَلَى مُقَدَّمَتِهِ ، فَانْتَهَى
الْخَضِرُ إِلَيْهَا فِي وَادٍ فِي أَرْضِ الظُّلُمَاتِ ، فَشَرِبَ مِنْهَا وَلَمْ يَهْتَدِ
ذُو الْقَرْنَيْنِ إِلَيْهَا . وَذَكَرَ اجْتِمَاعَ
nindex.php?page=showalam&ids=15873ذِي الْقَرْنَيْنِ بِبَعْضِ الْمَلَائِكَةِ فِي قَصْرٍ هُنَاكَ ، وَأَنَّهُ أَعْطَاهُ حَجَرًا ، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى جَيْشِهِ سَأَلَ الْعُلَمَاءَ عَنْهُ ، فَوَضَعُوهُ فِي كِفَّةِ مِيزَانٍ ، وَجَعَلُوا فِي مُقَابَلَتِهِ أَلْفَ حَجَرٍ مِثْلَهُ فَوَزَنَهَا ، حَتَّى سَأَلَ
الْخَضِرَ فَوَضَعَ قُبَالَهُ حَجَرًا ، وَجَعْلَ عَلَيْهِ حَفْنَةً مِنْ تُرَابٍ فَرَجَحَ بِهِ ، وَقَالَ : هَذَا مَثَلُ ابْنِ
آدَمَ لَا يَشْبَعُ حَتَّى يُوَارَى بِالتُّرَابِ . فَسَجَدَ لَهُ الْعُلَمَاءُ تَكْرِيمًا لَهُ وَإِعْظَامًا . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
ثُمَّ ذَكَرَ تَعَالَى أَنَّهُ حَكَّمَهُ فِي أَهْلِ تِلْكَ النَّاحِيَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=86قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا أَيْ : فَيَجْتَمِعُ عَلَيْهِ عَذَابُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، وَبَدَأَ بِعَذَابِ الدُّنْيَا ; لِأَنَّهُ أَزْجَرُ عِنْدَ الْكَافِرِ
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=88وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا [ ص: 548 ] فَبَدَأَ بِالْأَهَمِّ وَهُوَ ثَوَابُ الْآخِرَةِ ، وَعَطَفَ عَلَيْهِ الْإِحْسَانَ مِنْهُ إِلَيْهِ ، وَهَذَا هُوَ الْعَدْلُ وَالْعِلْمُ وَالْإِيمَانُ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=89ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا أَيْ : سَلَكَ طَرِيقًا رَاجِعًا مِنَ الْمَغْرِبِ إِلَى الْمَشْرِقِ ، فَيُقَالُ : إِنَّهُ رَجَعَ فِي ثِنْتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=90حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا أَيْ : لَيْسَ لَهُمْ بُيُوتٌ وَلَا أَكْنَانٌ يَسْتَتِرُونَ بِهَا مِنْ حَرِّ الشَّمْسِ . قَالَ كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ : وَلَكِنْ كَانُوا يَأْوُونَ ، إِذَا اشْتَدَّ عَلَيْهِمُ الْحَرُّ ، إِلَى أَسْرَابٍ قَدِ اتَّخَذُوهَا فِي الْأَرْضِ ، شِبْهِ الْقُبُورِ . قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=91كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا أَيْ : وَنَحْنُ نَعْلَمُ مَا هُوَ عَلَيْهِ وَنَحْفَظُهُ وَنَكْلَؤُهُ بِحِرَاسَتِنَا فِي مَسِيرِهِ ذَلِكَ كُلِّهِ مِنْ مَغَارِبِ الْأَرْضِ إِلَى مَشَارِقِهَا .
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16531عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ وَابْنِهِ
عَبْدِ اللَّهِ ، وَغَيْرِهِمَا مِنَ السَّلَفِ ، أَنَّ
ذَا الْقَرْنَيْنِ حَجَّ مَاشِيًا ، فَلَمَّا سَمِعَ
إِبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ بِقُدُومِهِ تَلَقَّاهُ ، فَلَمَّا اجْتَمَعَا دَعَا لَهُ الْخَلِيلُ وَوَصَّاهُ بِوَصَايَا . وَيُقَالُ : إِنَّهُ جِيءَ بِفَرَسٍ لِيَرْكَبَهَا فَقَالَ : لَا أَرْكَبُ فِي بَلَدٍ فِيهِ الْخَلِيلُ . فَسَخَّرَ اللَّهُ لَهُ السَّحَابَ ، وَبَشَّرَهُ
إِبْرَاهِيمُ بِذَلِكَ ، فَكَانَتْ تَحْمِلُهُ إِذَا أَرَادَ .
nindex.php?page=treesubj&link=28989_33980قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=92ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا يَعْنِي غُتْمًا . فَيُقَالُ : إِنَّهُمْ هُمُ
التُّرْكُ ، أَبْنَاءُ عَمِّ
يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ فَذَكَرُوا لَهُ أَنَّ هَاتَيْنِ الْقَبِيلَتَيْنِ قَدْ تَعَدَّوْا عَلَيْهِمْ وَأَفْسَدُوا فِي بِلَادِهِمْ ، وَقَطَعُوا السُّبُلَ عَلَيْهِمْ ، وَبَذَلُوا لَهُ حِمْلًا وَهُوَ الْخَرَاجُ عَلَى
[ ص: 549 ] أَنْ يُقِيمَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُمْ حَاجِزًا يَمْنَعُهُمْ مِنَ الْوُصُولِ إِلَيْهِمْ ، فَامْتَنَعَ مِنْ أَخْذِ الْخَرَاجِ ; اكْتِفَاءً بِمَا أَعْطَاهُ اللَّهُ مِنَ الْأَمْوَالِ الْجَزِيلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=95قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ ثُمَّ طَلَبَ مِنْهُمْ أَنْ يَجْمَعُوا لَهُ رِجَالًا وَآلَاتٍ لِيَبْنِيَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُمْ سَدًّا ، وَهُوَ الرَّدْمُ بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ ، وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ الْخُرُوجَ إِلَيْهِمْ إِلَّا مِنْ بَيْنِهِمَا ، وَبَقِيَّةُ ذَلِكَ بِحَارٌ مُغْرِقَةٌ ، وَجِبَالٌ شَاهِقَةٌ ، فَبَنَاهُ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى ، مِنَ الْحَدِيدِ وَالْقِطْرِ ، وَهُوَ النُّحَاسُ الْمُذَابُ ، وَقِيلَ : الرَّصَاصُ . وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ ، فَجَعَلَ بَدَلَ اللَّبِنِ حَدِيدًا ، وَبَدَلَ الطِّينِ نُحَاسًا ، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=97فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ أَيْ : يَعْلُوَا عَلَيْهِ بِسَلَالِمَ وَلَا غَيْرِهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=97وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا أَيْ : بِمَعَاوِلَ وَلَا فُؤُوسٍ وَلَا غَيْرِهَا ، فَقَابَلَ الْأَسْهَلَ بِالْأَسْهَلِ وَالْأَشَدَّ بِالْأَشَدِّ
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=98قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي أَيْ : قَدَّرَ اللَّهُ وُجُودَهُ لِيَكُونَ رَحْمَةً مِنْهُ بِعِبَادِهِ أَنْ يَمْنَعَ بِسَبَبِهِ عُدْوَانَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ عَلَى مَنْ جَاوَرَهُمْ فِي تِلْكَ الْمَحِلَّةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=98فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي أَيِ الْوَقْتُ الَّذِي قَدَّرَ خُرُوجَهُمْ عَلَى النَّاسِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=98جَعَلَهُ دَكَّاءَ أَيْ مُسَاوِيًا لِلْأَرْضِ . وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ هَذَا ، وَلِهَذَا قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=98وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=96حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ الْآيَةَ [ الْأَنْبِيَاءِ : 96 ، 97 ] . وَلِذَا قَالَ هَاهُنَا :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=99وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ يَعْنِي يَوْمَ فَتْحِ السَّدِّ ، عَلَى الصَّحِيحِ
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=99وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا وَقَدْ أَوْرَدْنَا الْأَحَادِيثَ الْمَرْوِيَّةَ ، فِي خُرُوجِ
يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ فِي " التَّفْسِيرِ " وَسَنُورِدُهَا ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ فِي كِتَابِ " الْفِتَنِ وَالْمَلَاحِمِ " مِنْ كِتَابِنَا هَذَا ، إِذَا انْتَهَيْنَا إِلَيْهِ ، بِحَوَلِ اللَّهِ وَقُوَّتِهِ ،
[ ص: 550 ] وَحُسْنِ تَوْفِيقِهِ وَمَعُونَتِهِ وَهِدَايَتِهِ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14724أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ ، عَنِ
الثَّوْرِيِّ : بَلَغَنَا أَنَّ أَوَّلَ مَنْ صَافَحَ ،
ذُو الْقَرْنَيْنِ . وَرُوِيَ عَنْ
كَعْبِ الْأَحْبَارِ أَنَّهُ قَالَ
لِمُعَاوِيَةَ : إِنَّ
ذَا الْقَرْنَيْنِ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ أَوْصَى أُمَّهُ ; إِذَا هُوَ مَاتَ أَنْ تَصْنَعَ طَعَامًا ، وَتَجْمَعَ نِسَاءَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَتَضَعَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ ، وَتَأْذَنَ لَهُنَّ فِيهِ ، إِلَّا مَنْ كَانَتْ ثَكْلَى ، فَلَا تَأْكُلْ مِنْهُ شَيْئًا ، فَلَمَّا فَعَلَتْ ذَلِكَ لَمْ تَضَعْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ يَدَهَا فِيهِ ، فَقَالَتْ لَهُنَّ : سُبْحَانَ اللَّهِ! كُلُّكُنَّ ثَكْلَى! فَقُلْنَ : أَيْ وَاللَّهِ مَا مِنَّا إِلَّا مَنْ أُثْكِلَتْ . فَكَانَ ذَلِكَ تَسْلِيَةً لِأُمِّهِ . وَذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=11979إِسْحَاقُ بْنُ بِشْرٍ ، عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْكِتَابِ ، وَصِيَّةَ
nindex.php?page=showalam&ids=15873ذِي الْقَرْنَيْنِ وَمَوْعِظَتَهُ أُمَّهُ مَوْعِظَةً بَلِيغَةً طَوِيلَةً ، فِيهَا حِكَمٌ وَأُمُورٌ نَافِعَةٌ ، وَأَنَّهُ مَاتَ وَعُمْرُهُ ثَلَاثَةُ آلَافِ سَنَةٍ ، وَهَذَا غَرِيبٌ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابْنُ عَسَاكِرَ : وَبَلَغَنِي مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَنَّهُ عَاشَ سِتًّا وَثَلَاثِينَ سَنَةً ، وَقِيلَ : كَانَ عُمْرُهُ ثِنْتَيْنِ وَثَلَاثِينَ سَنَةً ، وَكَانَ بَعْدَ
دَاوُدَ بِسَبْعِمِائَةِ سَنَةٍ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً ، وَكَانَ بَعْدَ
آدَمَ بِخَمْسَةِ آلَافٍ وَمِائَةٍ وَإِحْدَى وَثَمَانِينَ سَنَةً ، وَكَانَ مُلْكُهُ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً . وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ إِنَّمَا يَنْطَبِقُ عَلَى إِسْكَنْدَرَ الثَّانِي لَا الْأَوَّلِ ، وَقَدْ خَلَطَ فِي أَوَّلِ التَّرْجَمَةِ وَآخِرِهَا بَيْنَهُمَا ، وَالصَّوَابُ التَّفْرِقَةُ كَمَا ذَكَرْنَا ، اقْتِدَاءً بِجَمَاعَةٍ مِنَ الْحُفَّاظِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
[ ص: 551 ] وَمِمَّنْ جَعَلَهُمَا وَاحِدًا الْإِمَامُ
عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ هِشَامٍ ، رَاوِي السِّيرَةِ ، وَقَدْ أَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ الْحَافِظُ
أَبُو الْقَاسِمِ السُّهَيْلِيُّ ، رَحِمَهُ اللَّهُ ، إِنْكَارًا بَلِيغًا ، وَرَدَّ قَوْلَهُ رَدًّا شَنِيعًا ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا تَفْرِيقًا جَيِّدًا ، كَمَا قَدَّمْنَا . قَالَ : وَلَعَلَّ جَمَاعَةً مِنَ الْمُلُوكِ الْمُتَقَدِّمِينَ ، تَسَمَّوْا
بِذِي الْقَرْنَيْنِ تَشَبُّهًا بِالْأَوَّلِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .