فصل
nindex.php?page=treesubj&link=33754_34063فيما روي في جامع دمشق من الآثار
وما ورد في فضله من الأخبار ، عن جماعة من السادة الأخيار
روي عن
قتادة أنه قال في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=95&ayano=1والتين قال : هو
مسجد دمشق .
nindex.php?page=tafseer&surano=95&ayano=1والزيتون قال : هو مسجد
بيت المقدس .
nindex.php?page=tafseer&surano=95&ayano=2وطور سنين حيث كلم الله
موسى nindex.php?page=tafseer&surano=95&ayano=3وهذا البلد الأمين وهو
مكة .
ونقل
عثمان بن أبي العاتكة ، عن أهل العلم ، أنهم قالوا في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=95&ayano=1والتين هو مسجد
دمشق . رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر .
[ ص: 588 ] وقال
صفوان بن صالح ، عن
عبد الخالق بن زيد بن واقد ، عن أبيه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16576عطية بن قيس الكلابي ، قال : قال
كعب الأحبار : ليبنين في
دمشق مسجد يبقى بعد خراب الدنيا أربعين عاما .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15500الوليد بن مسلم ، عن
عثمان بن أبي العاتكة ، عن
علي بن يزيد ، عن
القاسم أبي عبد الرحمن ، قال : أوحى الله تعالى إلى
جبل قاسيون أن هب ظلك وبركتك إلى جبل
بيت المقدس . قال : ففعل ، فأوحى الله إليه : أما إذ فعلت فإني سأبني لي في حضنك بيتا أعبد فيه بعد خراب الدنيا أربعين عاما ، ولا تذهب الأيام والليالي حتى أرد عليك ظلك وبركتك . قال : فهو عند الله بمنزلة الرجل الضعيف المتضرع .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15863دحيم : حيطان المسجد الأربعة من بناء
هود ، عليه السلام ، وما كان من الفسيفساء إلى فوق فهو من بناء
nindex.php?page=showalam&ids=15490الوليد بن عبد الملك يعني أنه رفع الجدار فعلاه من حد الرخام والكرمة إلى فوق . وقال غيره : إنما بنى
هود الجدار القبلي فقط .
وقال
أبو بكر أحمد بن عبد الله بن الفرج ، المعروف بابن البرامي ، [ ص: 589 ] الدمشقي : ثنا
إبراهيم بن مروان ، سمعت
أحمد بن إبراهيم بن ملاس يقول : سمعت
عبد الرحمن بن يحيى بن إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر قال : كان خارج باب الساعات صخرة يوضع عليها القربان ، فما تقبل منه جاءت نار فأكلته ، وما لم يتقبل منه بقي على حاله .
قلت : وهذه الصخرة نقلت إلى داخل باب الساعات ، وهي موجودة إلى الآن ، وبعض العامة يزعم أنها الصخرة التي وضع عليها ابنا
آدم قربانهما ، فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر . فالله أعلم .
وقال
هشام بن عمار : ثنا
الحسن بن يحيى الخشني ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به صلى في موضع مسجد دمشق . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر : وهذا منقطع . قلت : ومنكر جدا ، ولا يثبت أيضا لا من هذا الوجه ، ولا من غيره .
وقال
أبو بكر البرامي : حدثنا
أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الملك بن المغيرة المقرئ ، حدثني أبي ، عن أبيه ، أن
nindex.php?page=showalam&ids=15490الوليد بن عبد الملك تقدم إلى القوام ليلة من الليالي فقال : إني أريد أن أصلي الليلة في المسجد ، فلا تتركوا فيه أحدا حتى أصلي الليلة . ثم إنه أتى باب الساعات ، فاستفتح الباب ففتح له ، فإذا رجل
[ ص: 590 ] قائم بين باب الساعات ، وباب الخضراء الذي يلي المقصورة يصلي ، وهو أقرب إلى باب الخضراء منه إلى باب الساعات ، فقال للقوام : ألم آمركم أن لا تتركوا أحدا الليلة يصلي في المسجد؟ فقال له بعضهم : يا أمير المؤمنين ، هذا
الخضر عليه السلام ، يصلي كل ليلة في المسجد . في إسناد هذه الحكاية وصحتها نظر ، ولا يثبت بمثلها وجود
الخضر بالكلية ، ولا صلاته في هذا المكان المذكور . والله أعلم .
وقد اشتهر في الأعصار المتأخرة أن الزاوية القبلية عند باب المئذنة الغربية تسمى زاوية
الخضر ، وما أدري ما سبب ذلك ، والذي ثبت بالتواتر صلاة الصحابة فيه ، وأول من صلى فيه إماما
أبو عبيدة بن الجراح ، وهو أمير الأمراء
بالشام ، وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة ، وأمين هذه الأمة ، وصلى فيه خلق من الصحابة ، لكن قبل أن يغيره
الوليد إلى هذه الصفة ، فأما بعد أن غير إلى هذا الشكل فلم يره أحد من الصحابة كذلك إلا
أنس بن مالك ، فإنه ورد
دمشق سنة ثنتين وتسعين ، وهو يبني في هذا الجامع ، فصلى فيه
أنس وراء
الوليد ، وأنكر
أنس على
الوليد تأخير الصلاة إلى آخر وقتها ، كما قدمنا ذلك في ترجمة
أنس عند ذكر وفاته سنة ثلاث وتسعين .
وسيصلي فيه
عيسى ابن مريم إذا نزل في آخر الزمان ، إذا خرج
الدجال [ ص: 591 ] وعمت البلوى به ، وانحصر الناس منه
بدمشق ، فينزل
مسيح الهدى فيقتل مسيح الضلالة ، ويكون نزوله على المنارة الشرقية
بدمشق وقت صلاة الفجر ، فيأتي وقد أقيمت الصلاة ، فيقول له إمام الناس : تقدم يا روح الله . فيقول : إنما أقيمت لك . فيصلي
عيسى تلك الصلاة خلف رجل من هذه الأمة . يقال إنه
المهدي . فالله أعلم .
ثم يخرج
عيسى بالناس ، فيدرك
الدجال عند عقبة أفيق ، وقيل :
بباب لد . فيقتله بيده هنالك . وقد ذكرنا ذلك مبسوطا عند قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=159وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ( النساء : 159 ) ، وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم :
والذي نفسي بيده لينزلن فيكم ابن مريم حكما مقسطا ، وإماما عادلا ، فيكسر الصليب ، ويقتل الخنزير ، ويضع الجزية ، ولا يقبل إلا الإسلام .
والمقصود أن
عيسى عليه السلام ينزل والبلد محصن من
الدجال ، ويكون نزوله على المنارة الشرقية
بدمشق وهي هذه المنارة المبنية في زماننا من أموال
النصارى; حيث أحرقوها فجددت من أموالهم ثم يكون نزول
عيسى حتفا لهم ، وهلاكا ودمارا عليهم ، ينزل بين ملكين واضعا يديه على
[ ص: 592 ] مناكبهما ، وعليه مهرودتان وفي رواية : ممصرتان يقطر رأسه ماء ، كأنما خرج من ديماس ، وذلك وقت الفجر ، فينزل من المنارة وقد أقيمت الصلاة وهذا إنما يكون في المسجد الأعظم
بدمشق ، وهو هذا الجامع .
وما وقع في " صحيح
مسلم " من رواية
النواس بن سمعان الكلابي :
فينزل على المنارة البيضاء شرقي دمشق كأنه والله أعلم مروي بالمعنى بحسب ما فهمه الراوي ، وإنما هو ينزل على المنارة الشرقية
بدمشق ، وقد أخبرت - ولم أقف عليه إلا الآن - أنه كذلك في بعض ألفاظ هذا الحديث في بعض المصنفات ، والله المسئول المأمول أن يوفقني ، فيوقفني على هذه اللفظة .
وليس في البلد منارة تعرف بالشرقية سوى هذه ، وهي بيضاء بنفسها ، ولا يعرف في بلاد
الشام منارة أحسن منها ، ولا أبهى ولا أعلى منها ، ولله الحمد والمنة .
فَصْلٌ
nindex.php?page=treesubj&link=33754_34063فِيمَا رُوِيَ فِي جَامِعِ دِمَشْقَ مِنَ الْآثَارِ
وَمَا وَرَدَ فِي فَضْلِهِ مِنَ الْأَخْبَارِ ، عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ السَّادَةِ الْأَخْيَارِ
رُوِيَ عَنْ
قَتَادَةَ أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=95&ayano=1وَالتِّينِ قَالَ : هُوَ
مَسْجِدُ دِمَشْقَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=95&ayano=1وَالزَّيْتُونِ قَالَ : هُوَ مَسْجِدُ
بَيْتِ الْمَقْدِسِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=95&ayano=2وَطُورِ سِنِينَ حَيْثُ كَلَّمَ اللَّهُ
مُوسَى nindex.php?page=tafseer&surano=95&ayano=3وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ وَهُوَ
مَكَّةُ .
وَنَقَلَ
عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاتِكَةِ ، عَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ ، أَنَّهُمْ قَالُوا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=95&ayano=1وَالتِّينِ هُوَ مَسْجِدُ
دِمَشْقَ . رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابْنُ عَسَاكِرَ .
[ ص: 588 ] وَقَالَ
صَفْوَانُ بْنُ صَالِحٍ ، عَنْ
عَبْدِ الْخَالِقِ بْنِ زَيْدِ بْنِ وَاقَدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16576عَطِيَّةَ بْنِ قَيْسٍ الْكِلَابِيِّ ، قَالَ : قَالَ
كَعْبُ الْأَحْبَارِ : لَيُبْنَيَنَّ فِي
دِمَشْقَ مَسْجِدٌ يَبْقَى بَعْدَ خَرَابِ الدُّنْيَا أَرْبَعِينَ عَامًا .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15500الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ ، عَنْ
عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاتِكَةِ ، عَنْ
عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ ، عَنِ
الْقَاسِمِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ : أَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَى
جَبَلِ قَاسِيُونَ أَنْ هَبْ ظِلَّكَ وَبَرَكَتَكَ إِلَى جَبَلِ
بَيْتِ الْمَقْدِسِ . قَالَ : فَفَعَلَ ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ : أَمَا إِذْ فَعَلْتَ فَإِنِّي سَأَبْنِي لِي فِي حِضْنِكَ بَيْتًا أُعْبَدُ فِيهِ بَعْدَ خَرَابِ الدُّنْيَا أَرْبَعِينَ عَامًا ، وَلَا تَذْهَبُ الْأَيَّامُ وَاللَّيَالِي حَتَّى أَرُدَّ عَلَيْكَ ظِلَّكَ وَبَرَكَتَكَ . قَالَ : فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ بِمَنْزِلَةِ الرَّجُلِ الضَّعِيفِ الْمُتَضَرِّعِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15863دُحَيْمٌ : حِيطَانُ الْمَسْجِدِ الْأَرْبَعَةُ مِنْ بِنَاءِ
هُودٍ ، عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَمَا كَانَ مِنَ الْفُسَيْفِسَاءِ إِلَى فَوْقَ فَهُوَ مِنْ بِنَاءِ
nindex.php?page=showalam&ids=15490الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ يَعْنِي أَنَّهُ رَفَعَ الْجِدَارَ فَعَلَّاهُ مِنْ حَدِّ الرُّخَامِ وَالْكَرْمَةِ إِلَى فَوْقَ . وَقَالَ غَيْرُهُ : إِنَّمَا بَنَى
هُودٌ الْجِدَارَ الْقِبْلِيَّ فَقَطْ .
وَقَالَ
أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَرَجِ ، الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْبِرَامِيِّ ، [ ص: 589 ] الدِّمَشْقِيُّ : ثَنَا
إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْوَانَ ، سَمِعْتُ
أَحْمَدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُلَّاسٍ يَقُولُ : سَمِعْتُ
عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَحْيَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْمُهَاجِرِ قَالَ : كَانَ خَارِجَ بَابِ السَّاعَاتِ صَخْرَةٌ يُوضَعُ عَلَيْهَا الْقُرْبَانُ ، فَمَا تُقُبِّلَ مِنْهُ جَاءَتْ نَارٌ فَأَكَلَتْهُ ، وَمَا لَمْ يُتَقَبَّلْ مِنْهُ بَقِيَ عَلَى حَالِهِ .
قُلْتُ : وَهَذِهِ الصَّخْرَةُ نُقِلَتْ إِلَى دَاخِلِ بَابِ السَّاعَاتِ ، وَهِيَ مَوْجُودَةٌ إِلَى الْآنَ ، وَبَعْضُ الْعَامَّةِ يَزْعُمُ أَنَّهَا الصَّخْرَةُ الَّتِي وَضَعَ عَلَيْهَا ابْنَا
آدَمَ قُرْبَانَهُمَا ، فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ . فَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَقَالَ
هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ : ثَنَا
الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى الْخُشَنِيُّ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ أُسَرِيَ بِهِ صَلَّى فِي مَوْضِعِ مَسْجِدِ دِمَشْقَ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابْنُ عَسَاكِرَ : وَهَذَا مُنْقَطِعٌ . قُلْتُ : وَمُنْكَرٌ جِدًّا ، وَلَا يَثْبُتُ أَيْضًا لَا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ ، وَلَا مِنْ غَيْرِهِ .
وَقَالَ
أَبُو بَكْرٍ الْبِرَامِيُّ : حَدَّثَنَا
أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمُقْرِئُ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=15490الْوَلِيدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ تَقَدَّمَ إِلَى الْقُوَّامِ لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي فَقَالَ : إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُصَلِّيَ اللَّيْلَةَ فِي الْمَسْجِدِ ، فَلَا تَتْرُكُوا فِيهِ أَحَدًا حَتَّى أُصَلِّيَ اللَّيْلَةَ . ثُمَّ إِنَّهُ أَتَى بَابَ السَّاعَاتِ ، فَاسْتَفْتَحَ الْبَابَ فَفُتِحَ لَهُ ، فَإِذَا رَجُلٌ
[ ص: 590 ] قَائِمٌ بَيْنَ بَابِ السَّاعَاتِ ، وَبَابِ الْخَضْرَاءِ الَّذِي يَلِي الْمَقْصُورَةَ يُصَلِّي ، وَهُوَ أَقْرَبُ إِلَى بَابِ الْخَضْرَاءِ مِنْهُ إِلَى بَابِ السَّاعَاتِ ، فَقَالَ لِلْقُوَّامِ : أَلَمْ آمُرْكُمْ أَنْ لَا تَتْرُكُوا أَحَدًا اللَّيْلَةَ يُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ؟ فَقَالَ لَهُ بَعْضُهُمْ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، هَذَا
الْخَضِرُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، يُصَلِّي كُلَّ لَيْلَةٍ فِي الْمَسْجِدِ . فِي إِسْنَادِ هَذِهِ الْحِكَايَةِ وَصِحَّتِهَا نَظَرٌ ، وَلَا يَثْبُتُ بِمِثْلِهَا وُجُودُ
الْخَضِرِ بِالْكُلِّيَّةِ ، وَلَا صَلَاتُهُ فِي هَذَا الْمَكَانِ الْمَذْكُورِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَقَدِ اشْتُهِرَ فِي الْأَعْصَارِ الْمُتَأَخِّرَةِ أَنَّ الزَّاوِيَةَ الْقِبْلِيَّةَ عِنْدَ بَابِ الْمِئْذَنَةِ الْغَرْبِيَّةِ تُسَمَّى زَاوِيَةَ
الْخَضِرِ ، وَمَا أَدْرِي مَا سَبَبُ ذَلِكَ ، وَالَّذِي ثَبَتَ بِالتَّوَاتُرِ صَلَاةُ الصَّحَابَةِ فِيهِ ، وَأَوَّلُ مَنْ صَلَّى فِيهِ إِمَامًا
أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ ، وَهُوَ أَمِيرُ الْأُمَرَاءِ
بِالشَّامِ ، وَأَحَدُ الْعَشَرَةِ الْمَشْهُودِ لَهُمْ بِالْجَنَّةِ ، وَأَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ ، وَصَلَّى فِيهِ خَلْقٌ مِنَ الصَّحَابَةِ ، لَكِنْ قَبْلَ أَنْ يُغَيِّرَهُ
الْوَلِيدُ إِلَى هَذِهِ الصِّفَةِ ، فَأَمَّا بَعْدَ أَنْ غُيِّرَ إِلَى هَذَا الشَّكْلِ فَلَمْ يَرَهُ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ كَذَلِكَ إِلَّا
أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ ، فَإِنَّهُ وَرَدَ
دِمَشْقَ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ وَتِسْعِينَ ، وَهُوَ يَبْنِي فِي هَذَا الْجَامِعِ ، فَصَلَّى فِيهِ
أَنَسٌ وَرَاءَ
الْوَلِيدِ ، وَأَنْكَرَ
أَنَسٌ عَلَى
الْوَلِيدِ تَأْخِيرَ الصَّلَاةِ إِلَى آخِرِ وَقْتِهَا ، كَمَا قَدَّمْنَا ذَلِكَ فِي تَرْجَمَةِ
أَنَسٍ عِنْدَ ذِكْرِ وَفَاتِهِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ .
وَسَيُصَلِّي فِيهِ
عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ إِذَا نَزَلَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ ، إِذَا خَرَجَ
الدَّجَّالُ [ ص: 591 ] وَعَمَّتِ الْبَلْوَى بِهِ ، وَانْحَصَرَ النَّاسُ مِنْهُ
بِدِمَشْقَ ، فَيَنْزِلُ
مَسِيحُ الْهُدَى فَيَقْتُلُ مَسِيحَ الضَّلَالَةِ ، وَيَكُونُ نُزُولُهُ عَلَى الْمَنَارَةِ الشَّرْقِيَّةِ
بِدِمَشْقَ وَقْتَ صَلَاةِ الْفَجْرِ ، فَيَأْتِي وَقَدْ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ ، فَيَقُولُ لَهُ إِمَامُ النَّاسِ : تَقَدَّمْ يَا رُوحَ اللَّهِ . فَيَقُولُ : إِنَّمَا أُقِيمَتْ لَكَ . فَيُصَلِّي
عِيسَى تِلْكَ الصَّلَاةَ خَلْفَ رَجُلٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ . يُقَالُ إِنَّهُ
الْمَهْدِيُّ . فَاللَّهُ أَعْلَمُ .
ثُمَّ يَخْرُجُ
عِيسَى بِالنَّاسِ ، فَيُدْرِكُ
الدَّجَّالَ عِنْدَ عَقَبَةِ أَفِيقَ ، وَقِيلَ :
بِبَابِ لُدٍّ . فَيَقْتُلُهُ بِيَدِهِ هُنَالِكَ . وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ مَبْسُوطًا عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=159وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ ( النِّسَاءِ : 159 ) ، وَفِي الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيَنْزِلَنَّ فِيكُمُ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا مُقْسِطًا ، وَإِمَامًا عَادِلًا ، فَيَكْسِرُ الصَّلِيبَ ، وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ ، وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ ، وَلَا يَقْبَلُ إِلَّا الْإِسْلَامَ .
وَالْمَقْصُودُ أَنَّ
عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ يَنْزِلُ وَالْبَلَدُ مُحَصَّنٌ مِنَ
الدَّجَّالِ ، وَيَكُونُ نُزُولُهُ عَلَى الْمَنَارَةِ الشَّرْقِيَّةِ
بِدِمَشْقَ وَهِيَ هَذِهِ الْمَنَارَةُ الْمَبْنِيَّةُ فِي زَمَانِنَا مِنْ أَمْوَالِ
النَّصَارَى; حَيْثُ أَحْرَقُوهَا فَجُدِّدَتْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ ثُمَّ يَكُونُ نُزُولُ
عِيسَى حَتْفًا لَهُمْ ، وَهَلَاكًا وَدَمَارًا عَلَيْهِمْ ، يَنْزِلُ بَيْنَ مَلَكَيْنِ وَاضِعًا يَدَيْهِ عَلَى
[ ص: 592 ] مَنَاكِبِهِمَا ، وَعَلَيْهِ مَهْرُودَتَانِ وَفِي رِوَايَةٍ : مُمَصَّرَتَانِ يَقْطُرُ رَأْسُهُ مَاءً ، كَأَنَّمَا خَرَجَ مِنْ دِيمَاسٍ ، وَذَلِكَ وَقْتَ الْفَجْرِ ، فَيَنْزِلُ مِنَ الْمَنَارَةِ وَقَدْ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ وَهَذَا إِنَّمَا يَكُونُ فِي الْمَسْجِدِ الْأَعْظَمِ
بِدِمَشْقَ ، وَهُوَ هَذَا الْجَامِعُ .
وَمَا وَقَعَ فِي " صَحِيحِ
مُسْلِمٍ " مِنْ رِوَايَةِ
النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ الْكِلَابِيُّ :
فَيَنْزِلُ عَلَى الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ كَأَنَّهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ مَرْوِيٌّ بِالْمَعْنَى بِحَسَبِ مَا فَهِمَهُ الرَّاوِي ، وَإِنَّمَا هُوَ يَنْزِلُ عَلَى الْمَنَارَةِ الشَّرْقِيَّةِ
بِدِمَشْقَ ، وَقَدْ أُخْبِرْتُ - وَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ إِلَّا الْآنَ - أَنَّهُ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ أَلْفَاظِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَعْضِ الْمُصَنَّفَاتِ ، وَاللَّهُ الْمَسْئُولُ الْمَأْمُولُ أَنْ يُوَفِّقَنِي ، فَيُوقِفَنِي عَلَى هَذِهِ اللَّفْظَةِ .
وَلَيْسَ فِي الْبَلَدِ مَنَارَةٌ تُعْرَفُ بِالشَّرْقِيَّةِ سِوَى هَذِهِ ، وَهِيَ بَيْضَاءُ بِنَفْسِهَا ، وَلَا يُعْرَفُ فِي بِلَادِ
الشَّامِ مَنَارَةٌ أَحْسَنُ مِنْهَا ، وَلَا أَبْهَى وَلَا أَعْلَى مِنْهَا ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ .