[ ص: 528 ] فصل فيما يذكر من
nindex.php?page=treesubj&link=29398_29397صفاته عليه الصلاة والسلام في الكتب المأثورة عن الأنبياء الأقدمين
قد أسلفنا طرفا صالحا من ذلك في البشارات به قبل مولده ، ونحن نذكر هاهنا غررا من ذلك .
فقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي ، واللفظ له ، من حديث
فليح بن سليمان ، عن
هلال بن علي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16572عطاء بن يسار قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3511842لقيت عبد الله بن عمرو فقلت : أخبرني عن nindex.php?page=treesubj&link=30589صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة . فقال : أجل ، والله إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن : يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ، ومبشرا ، ونذيرا ، وحرزا للأميين أنت عبدي ورسولي ، سميتك المتوكل ، ليس بفظ ولا غليظ ولا صخب بالأسواق ، ولا يدفع السيئة بالسيئة ، ولكن يعفو ويغفر ، ولن أقبضه حتى أقيم به الملة العوجاء ؛ أن يقولوا : لا إله إلا الله . وأفتح به أعينا عميا ، وآذانا صما ، وقلوبا غلفا . قال
nindex.php?page=showalam&ids=16572عطاء بن يسار ثم لقيت
كعبا الحبر ، فسألته ، فما اختلفا في حرف إلا أن
كعبا قال : أعينا عمومى وقلوبا غلوفى وآذانا صمومى .
[ ص: 529 ] ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أيضا عن
عبد الله غير منسوب - قيل : هو
ابن رجاء . وقيل :
عبد الله بن صالح . وهو الأرجح - عن
عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون ، عن
هلال بن علي به . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : وقال
سعيد ، عن
هلال ، عن
عطاء ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=106عبد الله بن سلام . كذا علقه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري .
وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي من طريق
يعقوب بن سفيان : حدثنا
أبو صالح ، هو عبد الله بن صالح كاتب
الليث ، حدثني
الليث ، حدثني
خالد بن يزيد ، عن
سعيد بن أبي هلال ، عن
هلال بن أسامة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16572عطاء بن يسار ، عن
ابن سلام أنه كان يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3511843إنا لنجد صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا ، وحرزا للأميين ، أنت عبدي ورسولي ، سميته المتوكل ، ليس بفظ ، ولا غليظ ، ولا سخاب في الأسواق ، ولا يجزي بالسيئة مثلها ، ولكن يعفو ويتجاوز ، ولن أقبضه حتى يقيم الملة العوجاء ، بأن يشهد أن لا إله إلا الله ، نفتح به أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا . قال
nindex.php?page=showalam&ids=16572عطاء بن يسار وأخبرني
الليثي ، [ ص: 530 ] أنه سمع
كعب الأحبار يقول مثل ما قال
ابن سلام .
وقد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=106عبد الله بن سلام من وجه آخر ، فقال
الترمذي : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15943زيد بن أخزم الطائي البصري ، ثنا
أبو قتيبة سلم بن قتيبة ، حدثني
أبو مودود المدني ، ثنا
عثمان بن الضحاك ، عن
محمد بن يوسف بن عبد الله بن سلام ، عن أبيه ، عن جده قال : مكتوب في التوراة : صفة
محمد ، وعيسى بن مريم يدفن معه . فقال أبو مودود : وقد بقي في البيت موضع قبر . ثم قال
الترمذي : هذا حديث حسن . هكذا قال :
عثمان بن الضحاك . والمعروف
الضحاك بن عثمان المدني ، وهكذا حكى شيخنا الحافظ
المزي في كتابه " الأطراف " عن
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر أنه قال مثل قول
الترمذي ، ثم قال : وهو شيخ آخر أقدم من
الضحاك بن عثمان ، ذكره
ابن أبي حاتم ، عن أبيه فيمن اسمه
عثمان . فقد روي هذا عن
nindex.php?page=showalam&ids=106عبد الله بن سلام ، وهو من أئمة أهل الكتاب ممن آمن ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو بن العاص ، وقد كان له اطلاع على ذلك من
[ ص: 531 ] جهة زاملتين كان أصابهما يوم اليرموك فكان يحدث منهما عن أهل الكتاب ، وعن
كعب بن ماتع الحبر وكان بصيرا بأقوال المتقدمين على ما فيها من خلط وغلط ، وتحريف وتبديل ، فكان يقولها بما فيها من غير نقد ، وربما أحسن بعض السلف بها الظن فنقلها عنه مسلمة ، وفي ذلك من المخالفة لبعض ما بأيدينا من الحق جملة كثيرة ، لكن لا يتفطن لها كثير من الناس ، ثم ليعلم أن كثيرا من السلف يطلقون التوراة على كتب أهل الكتاب ، سواء كانت هذا الكتاب المتلو عندهم ، أو أعم من ذلك ، كما أن لفظ القرآن يطلق على كتابنا خصوصا ، وقد يستعمل ويراد به غيره ، كما في الصحيح : " خفف على داود القرآن ، فكان يأمر بدوابه فتسرج ، فيقرأ القرآن مقدار ما يفرغ " . وقد بسط هذا في غير هذا الموضع . والله أعلم .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم ، عن
الأصم ، عن
أحمد بن عبد الجبار ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17416يونس بن بكير ، عن
ابن إسحاق ، حدثني
محمد بن ثابت بن شرحبيل ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12328أم الدرداء قالت : قلت
nindex.php?page=showalam&ids=16850لكعب الحبر :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3511844كيف تجدون صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة ؟ قال : نجده : محمد رسول الله اسمه المتوكل ، ليس بفظ ولا غليظ ، ولا سخاب بالأسواق ، وأعطي المفاتيح ليبصر الله به أعينا عورا ، ويسمع به [ ص: 532 ] آذانا وقرا ، ويقيم به ألسنا معوجة ، حتى يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، يعين المظلوم ويمنعه .
وبه عن
nindex.php?page=showalam&ids=17416يونس بن بكير ، عن
يونس بن عمرو ، عن
العيزار بن حريث ، عن
عائشة ، nindex.php?page=hadith&LINKID=3511845أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكتوب في الإنجيل : لا فظ ، ولا غليظ ، ولا سخاب في الأسواق ، ولا يجزي بالسيئة مثلها ، بل يعفو ويصفح .
وقال
يعقوب بن سفيان : ثنا
فيض البجلي ، حدثنا
سلام بن مسكين ، عن
مقاتل بن حيان قال : أوحى الله عز وجل ، إلى
عيسى بن مريم : جد في أمري ولا تهزل ، واسمع وأطع يا بن الطاهر البكر البتول ، إني خلقتك من غير فحل فجعلتك آية للعالمين ، فإياي فاعبد ، وعلي فتوكل ، فبين لأهل سوران بالسريانية ، بلغ من بين يدك أني أنا الحق القائم الذي لا أزول ، صدقوا بالنبي الأمي العربي ، صاحب الجمل والمدرعة والعمامة والنعلين والهراوة ،
[ ص: 533 ] الجعد الرأس ، الصلت الجبين ، المقرون الحاجبين ، الأنجل العينين ، الأهدب الأشفار الأدعج العينين ، الأقنى الأنف ، الواضح الجبين الكث اللحية ، عرقه في وجهه كاللؤلؤ ، ريحه المسك ينفح منه ، كأن عنقه إبريق فضة ، وكأن الذهب يجري في تراقيه ، له شعرات من لبته إلى سرته تجري كالقضيب ، ليس على صدره ولا بطنه شعر غيره ، شثن الكف والقدم ، إذا جاء مع الناس غمرهم ، وإذا مشى كأنما يتقلع من الصخر وينحدر في صبب ، ذو النسل القليل .
وروى الحافظ
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي بسنده عن
nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب بن منبه اليماني قال : إن الله عز وجل لما قرب
موسى نجيا ، قال : رب ، إني أجد في التوراة أمة خير أمة أخرجت للناس ، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، ويؤمنون بالله ، فاجعلهم أمتي . قال : تلك أمة
أحمد . قال : رب ، إني أجد في التوراة أمة هم الآخرون من الأمم ، السابقون يوم القيامة ، فاجعلهم أمتي . قال : تلك أمة
أحمد . قال : رب ، إني أجد في التوراة أمة أناجيلهم في صدورهم يقرؤونها ، وكان من قبلهم يقرؤون كتبهم نظرا ولا يحفظونها ، فاجعلهم أمتي . قال : تلك أمة
أحمد . قال : رب ، إني أجد في التوراة أمة يؤمنون بالكتاب الأول والآخر ، ويقاتلون رؤوس الضلالة حتى يقاتلوا الأعور الكذاب ، فاجعلهم أمتي . قال : تلك أمة
أحمد . قال : رب ،
[ ص: 534 ] إني أجد في التوراة أمة يأكلون صدقاتهم في بطونهم ، وكان من قبلهم إذا أخرج صدقته بعث الله عليها نارا فأكلتها ، فإن لم تقبل لم تقربها النار ، فاجعلهم أمتي . قال : تلك أمة
أحمد . قال : رب ، إني أجد في التوراة أمة إذا هم أحدهم بسيئة لم تكتب عليه ، فإن عملها كتبت عليه سيئة واحدة ، وإذا هم أحدهم بحسنة ولم يعملها كتبت له حسنة ، فإن عملها كتبت له عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف ، فاجعلهم أمتي . قال : تلك أمة
أحمد . قال : رب ، إني أجد في التوراة أمة هم المستجيبون والمستجاب لهم ، فاجعلهم أمتي . قال : تلك أمة
أحمد .
قال : وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب بن منبه في قصة
داود عليه السلام ، وما أوحي إليه في الزبور : يا
داود ، إنه سيأتي من بعدك نبي اسمه
أحمد ومحمد ، صادقا سيدا ، لا أغضب عليه أبدا ، ولا يغضبني أبدا ، وقد غفرت له قبل أن يعصيني ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، أمته مرحومة ، أعطيتهم من النوافل مثل ما أعطيت الأنبياء ، وافترضت عليهم الفرائض التي افترضت على الأنبياء والرسل ، حتى يأتوني يوم القيامة ونورهم مثل نور الأنبياء ، وذلك أني افترضت عليهم أن يتطهروا لي لكل صلاة كما افترضت على الأنبياء قبلهم ، وأمرتهم بالغسل من الجنابة كما أمرت الأنبياء قبلهم ، وأمرتهم بالحج كما أمرت الأنبياء قبلهم ، وأمرتهم بالجهاد كما أمرت الرسل قبلهم ، يا داود ، إني فضلت محمدا وأمته على الأمم كلها ،
[ ص: 535 ] أعطيتهم ست خصال لم أعطها غيرهم من الأمم ؛ لا أؤاخذهم بالخطأ والنسيان ، وكل ذنب ركبوه على غير عمد إن استغفروني منه غفرته لهم ، وما قدموا لآخرتهم من شيء طيبة به أنفسهم عجلته لهم أضعافا مضاعفة ، ولهم في المدخور عندي أضعاف مضاعفة وأفضل من ذلك ، وأعطيتهم على المصائب في البلايا إذا صبروا وقالوا : إنا لله وإنا إليه راجعون . الصلاة والرحمة والهدى إلى جنات النعيم ، فإن دعوني استجبت لهم ، فإما أن يروه عاجلا ، وإما أن أصرف عنهم سوءا ، وإما أن أدخره لهم في الآخرة ، يا
داود ، من لقيني من أمة
محمد يشهد أن لا إله إلا أنا وحدي لا شريك لي صادقا بها ، فهو معي في جنتي وكرامتي ، ومن لقيني وقد كذب محمدا وكذب بما جاء به واستهزأ بكتابي ، صببت عليه في قبره العذاب صبا ، وضربت الملائكة وجهه ودبره عند منشره من قبره ، ثم أدخله في الدرك الأسفل من النار .
وقال الحافظ
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : أخبرنا
الشريف أبو الفتح العمري ، ثنا
عبد الرحمن بن أبي شريح الهروي ، ثنا
يحيى بن محمد بن صاعد ، ثنا
عبد الله بن شبيب أبو سعيد الربعي ، حدثني
محمد بن عمر بن إبراهيم يعني ابن [ ص: 536 ] محمد بن جبير بن مطعم ، قال : حدثتني
أم عثمان بنت سعيد بن محمد بن جبير بن مطعم ، عن أبيها ، عن أبيه قال : سمعت أبي
جبير بن مطعم يقول : لما بعث الله نبيه صلى الله عليه وسلم ، وظهر أمره
بمكة ، خرجت إلى
الشام فلما كنت
ببصرى أتتني جماعة من النصارى فقالوا لي : أمن الحرم أنت ؟ قلت : نعم . قالوا : فتعرف هذا الذي تنبأ فيكم ؟ قلت : نعم . قال : فأخذوا بيدي ، فأدخلوني ديرا لهم فيه تماثيل وصور ، فقالوا لي : انظر ، هل ترى صورة هذا النبي الذي بعث فيكم ؟ فنظرت فلم أر صورته ، قلت : لا أرى صورته . فأدخلوني ديرا أكبر من ذلك الدير ، فإذا فيه تماثيل وصور أكثر مما في ذلك الدير ، فقالوا لي : انظر ، هل ترى صورته ؟ فنظرت فإذا أنا بصفة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصورته ، وإذا أنا بصفة
أبي بكر وصورته وهو آخذ بعقب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا لي : هل ترى صفته ؟ قلت : نعم . قالوا : أهو هذا ؟ وأشاروا إلى صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قلت : اللهم نعم ، أشهد أنه هو . قالوا : أتعرف هذا الذي هو آخذ بعقبه ؟ قلت : نعم . قالوا : نشهد أن هذا صاحبكم ، وأن هذا الخليفة من بعده .
ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في " التاريخ " عن
محمد غير منسوب ، عن
محمد بن عمر هذا بإسناده ، فذكره مختصرا ، وعنده : فقالوا : إنه لم يكن نبي إلا بعده نبي إلا هذا النبي . وقد ذكرنا في كتابنا " التفسير " عند قوله تعالى في سورة الأعراف :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=157الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر الآية [ الأعراف : 175 ] . ذكرنا ما أورده
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي وغيره من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=481أبي أمامة الباهلي ، [ ص: 537 ] عن nindex.php?page=showalam&ids=8861هشام بن العاص الأموي قال : بعثت أنا ورجل من قريش إلى هرقل صاحب الروم ندعوه إلى الإسلام . فذكر اجتماعهم به وأن غرفته تنفضت حين ذكروا الله عز وجل ، فأنزلهم في دار ضيافته ، ثم استدعاهم بعد ثلاث فدعا بشيء نحو الربعة العظيمة ، فيها بيوت صغار ، عليها أبواب ، وإذا فيها صور الأنبياء ممثلة في قطع من حرير ، من آدم إلى محمد ، صلوات الله عليهم أجمعين ، فجعل يخرج لهم واحدا واحدا ، ويخبرهم عنه ، وأخرج لهم صورة آدم ثم نوح ثم إبراهيم ، ثم تعجل إخراج صورة رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : ثم فتح بابا آخر ، فإذا فيها صورة بيضاء ، وإذا والله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : أتعرفون هذا ؟ قلنا : نعم ، محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : وبكينا . قال : والله يعلم أنه قام قائما ، ثم جلس ، وقال : والله إنه لهو ؟ قلنا : نعم ، إنه لهو كما تنظر إليه . فأمسك ساعة ينظر إليها ، ثم قال : أما إنه كان آخر البيوت ، ولكني عجلته لكم لأنظر ما عندكم . ثم ذكر تمام الحديث في إخراجه صور بقية صور الأنبياء وتعريفه إياهما بهم . وقال في آخره : قلنا له : من أين لك هذه الصور ؟ لأنا نعلم أنها على ما صورت عليه الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ؛ لأنا رأينا صورة نبينا عليه الصلاة والسلام ، مثله . فقال : إن آدم ، عليه السلام ، سأل ربه أن يريه الأنبياء من ولده ، فأنزل عليه صورهم ، فكان في خزانة آدم عليه السلام ، عند مغرب الشمس ، فاستخرجها ذو القرنين من مغرب الشمس ، فدفعها إلى دانيال . ثم قال : أما والله إن نفسي طابت بالخروج من ملكي ، وأني كنت عبدا لأشركم ملكة حتى أموت . قال : ثم أجازنا فأحسن جائزتنا وسرحنا ، فلما أتينا أبا بكر الصديق رضي الله عنه ، حدثناه بما رأينا وما قال لنا وما أجازنا . قال : فبكى أبو بكر ، قال : مسكين لو [ ص: 538 ] أراد الله به خيرا لفعل . ثم قال : أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم واليهود يجدون نعت محمد صلى الله عليه وسلم عندهم .
وقال
الواقدي : حدثني
علي بن عيسى الحكمي ، عن أبيه ،
عن عامر بن ربيعة قال : سمعت زيد بن عمرو بن نفيل يقول : أنا أنتظر نبيا من ولد إسماعيل ، ثم من بني عبد المطلب ، ولا أراني أدركه ، وأنا أومن به وأصدقه وأشهد أنه نبي ، فإن طالت بك مدة فرأيته فأقرئه مني السلام ، وسأخبرك ما نعته حتى لا يخفى عليك . قلت : هلم . قال هو رجل ليس بالطويل ولا بالقصير ، ولا بكثير الشعر ولا بقليله ، وليست تفارق عينيه حمرة ، وخاتم النبوة بين كتفيه ، واسمه أحمد ، وهذا البلد مولده ومبعثه ، ثم يخرجه قومه منها ، ويكرهون ما جاء به حتى يهاجر إلى يثرب فيظهر أمره ، فإياك أن تخدع عنه ، فإني طفت البلاد كلها أطلب دين إبراهيم ، فكل من أسأل من اليهود والنصارى والمجوس يقولون : هذا الدين وراءك . وينعتونه مثل ما نعته لك ، ويقولون : لم يبق نبي غيره . قال عامر بن ربيعة : فلما أسلمت أخبرت النبي صلى الله عليه وسلم قول زيد بن عمرو بن نفيل وأقرأته منه السلام ، فرد عليه السلام ، وترحم عليه ، وقال : قد رأيته في الجنة يسحب ذيولا .
[ ص: 528 ] فَصْلٌ فِيمَا يُذْكَرُ مِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=29398_29397صِفَاتِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي الْكُتُبِ الْمَأْثُورَةِ عَنِ الْأَنْبِيَاءِ الْأَقْدَمِينَ
قَدْ أَسْلَفْنَا طَرَفًا صَالِحًا مِنْ ذَلِكَ فِي الْبِشَارَاتِ بِهِ قَبْلَ مَوْلِدِهِ ، وَنَحْنُ نَذْكُرُ هَاهُنَا غُرَرًا مِنْ ذَلِكَ .
فَقَدْ رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=13933وَالْبَيْهَقِيُّ ، وَاللَّفْظُ لَهُ ، مِنْ حَدِيثِ
فُلَيْحِ بْنِ سُلَيْمَانَ ، عَنْ
هِلَالِ بْنِ عَلِيٍّ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16572عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3511842لَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو فَقُلْتُ : أَخْبِرْنِي عَنْ nindex.php?page=treesubj&link=30589صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّوْرَاةِ . فَقَالَ : أَجَلْ ، وَاللَّهِ إِنَّهُ لَمَوْصُوفٌ فِي التَّوْرَاةِ بِبَعْضِ صِفَتِهِ فِي الْقُرْآنِ : يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا ، وَمُبَشِّرًا ، وَنَذِيرًا ، وَحِرْزًا لِلْأُمِّيِّينَ أَنْتَ عَبْدِي وَرَسُولِي ، سَمَّيْتُكَ الْمُتَوَكِّلَ ، لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غَلِيظٍ وَلَا صَخِبٍ بِالْأَسْوَاقِ ، وَلَا يَدْفَعُ السَّيِّئَةَ بِالسَّيِّئَةِ ، وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ ، وَلَنْ أَقْبِضَهُ حَتَّى أُقِيمَ بِهِ الْمِلَّةَ الْعَوْجَاءَ ؛ أَنْ يَقُولُوا : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ . وَأَفْتَحَ بِهِ أَعْيُنًا عُمْيًا ، وَآذَانًا صُمًّا ، وَقُلُوبًا غُلْفًا . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16572عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ ثُمَّ لَقِيتُ
كَعْبًا الْحَبْرَ ، فَسَأَلْتُهُ ، فَمَا اخْتَلَفَا فِي حَرْفٍ إِلَّا أَنَّ
كَعْبًا قَالَ : أَعْيُنًا عُمُومَى وَقُلُوبًا غُلُوفَى وَآذَانًا صُمُومَى .
[ ص: 529 ] وَرَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ أَيْضًا عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ غَيْرَ مَنْسُوبٍ - قِيلَ : هُوَ
ابْنُ رَجَاءٍ . وَقِيلَ :
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ . وَهُوَ الْأَرْجَحُ - عَنْ
عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونَ ، عَنْ
هِلَالِ بْنِ عَلِيٍّ بِهِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ : وَقَالَ
سَعِيدٌ ، عَنْ
هِلَالٍ ، عَنْ
عَطَاءٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=106عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ . كَذَا عَلَّقَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ .
وَقَدْ رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=13933الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ
يَعْقُوبَ بْنِ سُفْيَانَ : حَدَّثَنَا
أَبُو صَالِحٍ ، هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ كَاتِبُ
اللَّيْثِ ، حَدَّثَنِي
اللَّيْثُ ، حَدَّثَنِي
خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ ، عَنْ
سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ ، عَنْ
هِلَالِ بْنِ أُسَامَةَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16572عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنِ
ابْنِ سَلَامٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3511843إِنَّا لَنَجِدُ صِفَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ، وَحِرْزًا لِلْأُمِّيِّينَ ، أَنْتَ عَبْدِي وَرَسُولِي ، سَمَّيْتُهُ الْمُتَوَكِّلَ ، لَيْسَ بِفَظٍّ ، وَلَا غَلِيظٍ ، وَلَا سَخَّابٍ فِي الْأَسْوَاقِ ، وَلَا يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ مِثْلَهَا ، وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَتَجَاوَزُ ، وَلَنْ أَقْبِضَهُ حَتَّى يُقِيمَ الْمِلَّةَ الْعَوْجَاءَ ، بِأَنْ يُشْهَدَ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، نَفْتَحُ بِهِ أَعْيُنًا عُمْيًا وَآذَانًا صُمًّا وَقُلُوبًا غُلْفًا . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16572عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ وَأَخْبَرَنِي
اللَّيْثِيُّ ، [ ص: 530 ] أَنَّهُ سَمِعَ
كَعْبَ الْأَحْبَارِ يَقُولُ مِثْلَ مَا قَالَ
ابْنُ سَلَامٍ .
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=106عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ، فَقَالَ
التِّرْمِذِيُّ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15943زَيْدُ بْنُ أَخْزَمَ الطَّائِيُّ الْبَصْرِيُّ ، ثَنَا
أَبُو قُتَيْبَةَ سَلْمُ بْنُ قُتَيْبَةَ ، حَدَّثَنِي
أَبُو مَوْدُودٍ الْمَدَنِيُّ ، ثَنَا
عُثْمَانُ بْنُ الضَّحَّاكِ ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ : مَكْتُوبٌ فِي التَّوْرَاةِ : صِفَةُ
مُحَمَّدٍ ، وَعِيسَى بْنُ مَرْيَمَ يُدْفَنُ مَعَهُ . فَقَالَ أَبُو مَوْدُودٍ : وَقَدْ بَقِيَ فِي الْبَيْتِ مَوْضِعُ قَبْرٍ . ثُمَّ قَالَ
التِّرْمِذِيُّ : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ . هَكَذَا قَالَ :
عُثْمَانُ بْنُ الضَّحَّاكِ . وَالْمَعْرُوفُ
الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ الْمَدَنِيُّ ، وَهَكَذَا حَكَى شَيْخُنَا الْحَافِظُ
الْمِزِّيُّ فِي كِتَابِهِ " الْأَطْرَافِ " عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابْنِ عَسَاكِرَ أَنَّهُ قَالَ مِثْلَ قَوْلِ
التِّرْمِذِيِّ ، ثُمَّ قَالَ : وَهُوَ شَيْخٌ آخَرُ أَقْدَمُ مِنَ
الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ ، ذَكَرَهُ
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ، عَنْ أَبِيهِ فِيمَنِ اسْمُهُ
عُثْمَانُ . فَقَدْ رُوِيَ هَذَا عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=106عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ ، وَهُوَ مِنْ أَئِمَّةِ أَهْلِ الْكِتَابِ مِمَّنْ آمَنَ ، وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=13عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، وَقَدْ كَانَ لَهُ اطِّلَاعٌ عَلَى ذَلِكَ مِنْ
[ ص: 531 ] جِهَةِ زَامِلَتَيْنِ كَانَ أَصَابَهُمَا يَوْمَ الْيَرْمُوكِ فَكَانَ يُحَدِّثُ مِنْهُمَا عَنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ، وَعَنْ
كَعْبِ بْنِ مَاتِعٍ الْحَبْرِ وَكَانَ بَصِيرًا بِأَقْوَالِ الْمُتَقَدِّمِينَ عَلَى مَا فِيهَا مِنْ خَلْطٍ وَغَلَطٍ ، وَتَحْرِيفٍ وَتَبْدِيلٍ ، فَكَانَ يَقُولُهَا بِمَا فِيهَا مِنْ غَيْرِ نَقْدٍ ، وَرُبَّمَا أَحْسَنَ بَعْضُ السَّلَفِ بِهَا الظَّنَّ فَنَقَلَهَا عَنْهُ مُسَلَّمَةً ، وَفِي ذَلِكَ مِنَ الْمُخَالَفَةِ لِبَعْضِ مَا بِأَيْدِينَا مِنَ الْحَقِّ جُمْلَةٌ كَثِيرَةٌ ، لَكِنْ لَا يَتَفَطَّنُ لَهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ ، ثُمَّ لْيُعْلَمْ أَنَّ كَثِيرًا مِنَ السَّلَفِ يُطْلِقُونَ التَّوْرَاةَ عَلَى كُتُبِ أَهْلِ الْكِتَابِ ، سَوَاءٌ كَانَتْ هَذَا الْكِتَابَ الْمَتْلُوَّ عِنْدَهُمْ ، أَوْ أَعَمَّ مِنْ ذَلِكَ ، كَمَا أَنَّ لَفْظَ الْقُرْآنِ يُطْلَقُ عَلَى كِتَابِنَا خُصُوصًا ، وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ وَيُرَادُ بِهِ غَيْرُهُ ، كَمَا فِي الصَّحِيحِ : " خُفِّفَ عَلَى دَاوُدَ الْقُرْآنُ ، فَكَانَ يَأْمُرُ بِدَوَابِّهِ فَتُسْرَجُ ، فَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ مِقْدَارَ مَا يَفْرُغُ " . وَقَدْ بُسِطَ هَذَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13933الْبَيْهَقِيُّ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14070الْحَاكِمِ ، عَنِ
الْأَصَمِّ ، عَنْ
أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17416يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ ، عَنِ
ابْنِ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ شُرَحْبِيلَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12328أُمِّ الدَّرْدَاءِ قَالَتْ : قُلْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=16850لِكَعْبٍ الْحَبْرِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3511844كَيْفَ تَجِدُونَ صِفَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّوْرَاةِ ؟ قَالَ : نَجِدُهُ : مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ اسْمُهُ الْمُتَوَكِّلُ ، لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غَلِيظٍ ، وَلَا سَخَّابٍ بِالْأَسْوَاقِ ، وَأُعْطِيَ الْمَفَاتِيحَ لِيُبَصِّرَ اللَّهُ بِهِ أَعْيُنًا عُورًا ، وَيُسْمِعَ بِهِ [ ص: 532 ] آذَانًا وُقْرًا ، وَيُقِيمَ بِهِ أَلْسُنًا مُعْوَجَّةً ، حَتَّى يُشْهَدَ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، يُعِينُ الْمَظْلُومَ وَيَمْنَعُهُ .
وَبِهِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17416يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ ، عَنْ
يُونُسَ بْنِ عَمْرٍو ، عَنِ
الْعَيْزَارِ بْنِ حُرَيْثٍ ، عَنْ
عَائِشَةَ ، nindex.php?page=hadith&LINKID=3511845أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكْتُوبٌ فِي الْإِنْجِيلِ : لَا فَظٌّ ، وَلَا غَلِيظٌ ، وَلَا سَخَّابٌ فِي الْأَسْوَاقِ ، وَلَا يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ مِثْلَهَا ، بَلْ يَعْفُو وَيَصْفَحُ .
وَقَالَ
يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ : ثَنَا
فَيْضٌ الْبَجَلِيُّ ، حَدَّثَنَا
سَلَّامُ بْنُ مِسْكِينٍ ، عَنْ
مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ قَالَ : أَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، إِلَى
عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ : جِدَّ فِي أَمْرِي وَلَا تَهْزُلْ ، وَاسْمَعْ وَأَطِعْ يَا بْنَ الطَّاهِرِ الْبِكْرِ الْبَتُولِ ، إِنِّي خَلَقْتُكَ مِنْ غَيْرِ فَحْلٍ فَجَعَلْتُكَ آيَةً لِلْعَالَمِينَ ، فَإِيَّايَ فَاعْبُدْ ، وَعَلَيَّ فَتَوَكَّلْ ، فَبَيِّنْ لِأَهْلِ سُورَانَ بِالسُّرْيَانِيَّةِ ، بَلِّغْ مِنْ بَيْنِ يَدِكَ أَنِّي أَنَا الْحَقُّ الْقَائِمُ الَّذِي لَا أَزُولُ ، صَدِّقُوا بِالنَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الْعَرَبِيِّ ، صَاحِبِ الْجَمَلِ وَالْمِدْرَعَةِ وَالْعِمَامَةِ وَالنَّعْلَيْنِ وَالْهِرَاوَةِ ،
[ ص: 533 ] الْجَعْدِ الرَّأْسِ ، الصَّلْتِ الْجَبِينِ ، الْمَقْرُونِ الْحَاجِبَيْنِ ، الْأَنْجَلِ الْعَيْنَيْنِ ، الْأَهْدَبِ الْأَشْفَارِ الْأَدْعَجِ الْعَيْنَيْنِ ، الْأَقْنَى الْأَنْفِ ، الْوَاضِحِ الْجَبِينِ الْكَثِّ اللِّحْيَةِ ، عَرَقُهُ فِي وَجْهِهِ كَاللُّؤْلُؤِ ، رِيحُهُ الْمِسْكُ يَنْفَحُ مِنْهُ ، كَأَنَّ عُنُقَهُ إِبْرِيقُ فِضَّةٍ ، وَكَأَنَّ الذَّهَبَ يَجْرِي فِي تَرَاقِيهِ ، لَهُ شَعَرَاتٌ مِنْ لَبَّتِهِ إِلَى سُرَّتِهِ تَجْرِي كَالْقَضِيبِ ، لَيْسَ عَلَى صَدْرِهِ وَلَا بَطْنِهِ شِعْرٌ غَيْرُهُ ، شَثْنُ الْكَفِّ وَالْقَدَمِ ، إِذَا جَاءَ مَعَ النَّاسِ غَمَرَهُمْ ، وَإِذَا مَشَى كَأَنَّمَا يَتَقَلَّعُ مِنَ الصَّخْرِ وَيَنْحَدِرُ فِي صَبَبٍ ، ذُو النَّسْلِ الْقَلِيلِ .
وَرَوَى الْحَافِظُ
nindex.php?page=showalam&ids=13933الْبَيْهَقِيُّ بِسَنَدِهِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17285وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ الْيَمَانِيِّ قَالَ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمَّا قَرَّبَ
مُوسَى نَجِيًّا ، قَالَ : رَبِّ ، إِنِّي أُجِدُّ فِي التَّوْرَاةِ أُمَّةً خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ، يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ، وَيُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ، فَاجْعَلْهُمْ أُمَّتِي . قَالَ : تِلْكَ أُمَّةُ
أَحْمَدَ . قَالَ : رَبِّ ، إِنِّي أَجِدُ فِي التَّوْرَاةِ أُمَّةً هُمُ الْآخِرُونَ مِنَ الْأُمَمِ ، السَّابِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَاجْعَلْهُمْ أُمَّتِي . قَالَ : تِلْكَ أُمَّةُ
أَحْمَدَ . قَالَ : رَبِّ ، إِنِّي أَجِدُ فِي التَّوْرَاةِ أُمَّةً أَنَاجِيلُهُمْ فِي صُدُورِهِمْ يَقْرَؤُونَهَا ، وَكَانَ مَنْ قَبْلَهُمْ يَقْرَؤُونَ كُتُبَهُمْ نَظَرًا وَلَا يَحْفَظُونَهَا ، فَاجْعَلْهُمْ أُمَّتِي . قَالَ : تِلْكَ أُمَّةُ
أَحْمَدَ . قَالَ : رَبِّ ، إِنِّي أَجِدُ فِي التَّوْرَاةِ أُمَّةً يُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ الْأَوَّلِ وَالْآخِرِ ، وَيُقَاتِلُونَ رُؤُوسَ الضَّلَالَةِ حَتَّى يُقَاتِلُوا الْأَعْوَرَ الْكَذَّابَ ، فَاجْعَلْهُمْ أُمَّتِي . قَالَ : تِلْكَ أُمَّةُ
أَحْمَدَ . قَالَ : رَبِّ ،
[ ص: 534 ] إِنِّي أَجِدُ فِي التَّوْرَاةِ أُمَّةً يَأْكُلُونَ صَدَقَاتِهِمْ فِي بُطُونِهِمْ ، وَكَانَ مَنْ قَبْلَهُمْ إِذَا أَخْرَجَ صَدَقَتَهُ بَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهَا نَارًا فَأَكَلَتْهَا ، فَإِنْ لَمْ تُقْبَلْ لَمْ تَقْرَبْهَا النَّارُ ، فَاجْعَلْهُمْ أُمَّتِي . قَالَ : تِلْكَ أُمَّةُ
أَحْمَدَ . قَالَ : رَبِّ ، إِنِّي أَجِدُ فِي التَّوْرَاةِ أُمَّةً إِذَا هَمَّ أَحَدُهُمْ بِسَيِّئَةٍ لَمْ تُكْتَبْ عَلَيْهِ ، فَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ عَلَيْهِ سَيِّئَةٌ وَاحِدَةٌ ، وَإِذَا هَمَّ أَحَدُهُمْ بِحَسَنَةٍ وَلَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةٌ ، فَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ لَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ ، فَاجْعَلْهُمْ أُمَّتِي . قَالَ : تِلْكَ أُمَّةُ
أَحْمَدَ . قَالَ : رَبِّ ، إِنِّي أَجِدُ فِي التَّوْرَاةِ أُمَّةً هُمُ الْمُسْتَجِيبُونَ وَالْمُسْتَجَابُ لَهُمْ ، فَاجْعَلْهُمْ أُمَّتِي . قَالَ : تِلْكَ أُمَّةُ
أَحْمَدَ .
قَالَ : وَذَكَرُ
nindex.php?page=showalam&ids=17285وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ فِي قِصَّةِ
دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَمَا أُوحِيَ إِلَيْهِ فِي الزَّبُورِ : يَا
دَاوُدُ ، إِنَّهُ سَيَأْتِي مِنْ بَعْدِكَ نَبِيٌّ اسْمُهُ
أَحْمَدُ وَمُحَمَّدٌ ، صَادِقًا سَيِّدًا ، لَا أَغْضَبُ عَلَيْهِ أَبَدًا ، وَلَا يُغْضِبُنِي أَبَدًا ، وَقَدْ غَفَرْتُ لَهُ قَبْلَ أَنْ يَعْصِيَنِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ ، أُمَّتُهُ مَرْحُومَةٌ ، أَعْطَيْتُهُمْ مِنَ النَّوَافِلِ مِثْلَ مَا أَعْطَيْتُ الْأَنْبِيَاءَ ، وَافْتَرَضْتُ عَلَيْهِمُ الْفَرَائِضَ الَّتِي افْتَرَضْتُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ ، حَتَّى يَأْتُونِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَنُورُهُمْ مِثْلُ نُورِ الْأَنْبِيَاءِ ، وَذَلِكَ أَنِّي افْتَرَضْتُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَتَطَهَّرُوا لِي لِكُلِّ صَلَاةٍ كَمَا افْتَرَضْتُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ قَبْلَهُمْ ، وَأَمَرْتُهُمْ بِالْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ كَمَا أَمَرْتُ الْأَنْبِيَاءَ قَبْلَهُمْ ، وَأَمَرْتُهُمْ بِالْحَجِّ كَمَا أَمَرْتُ الْأَنْبِيَاءَ قَبْلَهُمْ ، وَأَمَرْتُهُمْ بِالْجِهَادِ كَمَا أَمَرْتُ الرُّسُلَ قَبْلَهُمْ ، يَا دَاوُدُ ، إِنِّي فَضَّلْتُ مُحَمَّدًا وَأُمَّتَهُ عَلَى الْأُمَمِ كُلِّهَا ،
[ ص: 535 ] أَعْطَيْتُهُمْ سِتَّ خِصَالٍ لَمْ أُعْطِهَا غَيْرَهُمْ مِنَ الْأُمَمِ ؛ لَا أُؤَاخِذُهُمْ بِالْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ ، وَكُلُّ ذَنْبٍ رَكِبُوهُ عَلَى غَيْرِ عَمْدٍ إِنِ اسْتَغْفَرُونِي مِنْهُ غَفَرْتُهُ لَهُمْ ، وَمَا قَدَّمُوا لِآخِرَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ طَيِّبَةً بِهِ أَنْفُسُهُمْ عَجَّلْتُهُ لَهُمْ أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً ، وَلَهُمْ فِي الْمَدْخُورِ عِنْدِي أَضْعَافٌ مُضَاعَفَةٌ وَأَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ ، وَأَعْطَيْتُهُمْ عَلَى الْمَصَائِبِ فِي الْبَلَايَا إِذَا صَبَرُوا وَقَالُوا : إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ . الصَّلَاةَ وَالرَّحْمَةَ وَالْهُدَى إِلَى جَنَّاتِ النَّعِيمِ ، فَإِنْ دَعَوْنِي اسْتَجَبْتُ لَهُمْ ، فَإِمَّا أَنْ يَرَوْهُ عَاجِلًا ، وَإِمَّا أَنْ أَصْرِفَ عَنْهُمْ سُوءًا ، وَإِمَّا أَنْ أَدَّخِرَهُ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ ، يَا
دَاوُدُ ، مَنْ لَقِيَنِي مِنْ أُمَّةِ
مُحَمَّدٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا وَحْدِي لَا شَرِيكَ لِي صَادِقًا بِهَا ، فَهُوَ مَعِي فِي جَنَّتِي وَكَرَامَتِي ، وَمَنْ لَقِيَنِي وَقَدْ كَذَّبَ مُحَمَّدًا وَكَذَّبَ بِمَا جَاءَ بِهِ وَاسْتَهْزَأَ بِكِتَابِي ، صَبَبْتُ عَلَيْهِ فِي قَبْرِهِ الْعَذَابَ صَبًّا ، وَضَرَبَتِ الْمَلَائِكَةُ وَجْهَهُ وَدُبُرَهُ عِنْدَ مَنْشَرِهِ مِنْ قَبْرِهِ ، ثُمَّ أُدْخِلُهُ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ .
وَقَالَ الْحَافِظُ
nindex.php?page=showalam&ids=13933الْبَيْهَقِيُّ : أَخْبَرَنَا
الشَّرِيفُ أَبُو الْفَتْحِ الْعُمَرِيُّ ، ثَنَا
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي شُرَيْحٍ الْهَرَوِيُّ ، ثَنَا
يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَاعِدٍ ، ثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَبِيبٍ أَبُو سَعِيدٍ الرَّبَعِيُّ ، حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ يَعْنِي ابْنَ [ ص: 536 ] مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ ، قَالَ : حَدَّثَتْنِي
أُمُّ عُثْمَانَ بِنْتُ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ ، عَنْ أَبِيهَا ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : سَمِعْتُ أَبِي
جُبَيْرَ بْنَ مُطْعِمٍ يَقُولُ : لَمَّا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَظَهَرَ أَمْرُهُ
بِمَكَّةَ ، خَرَجْتُ إِلَى
الشَّامِ فَلَمَّا كُنْتُ
بِبَصْرَى أَتَتْنِي جَمَاعَةٌ مِنَ النَّصَارَى فَقَالُوا لِي : أَمِنَ الْحَرَمِ أَنْتَ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ . قَالُوا : فَتَعْرِفُ هَذَا الَّذِي تَنَبَّأَ فِيكُمْ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ . قَالَ : فَأَخَذُوا بِيَدِي ، فَأَدْخَلُونِي دَيْرًا لَهُمْ فِيهِ تَمَاثِيلُ وَصُوَرٌ ، فَقَالُوا لِي : انْظُرْ ، هَلْ تَرَى صُورَةَ هَذَا النَّبِيِّ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ ؟ فَنَظَرْتُ فَلَمْ أَرَ صُورَتَهُ ، قُلْتُ : لَا أَرَى صُورَتَهُ . فَأَدْخَلُونِي دَيْرًا أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ الدَّيْرِ ، فَإِذَا فِيهِ تَمَاثِيلُ وَصُوَرٌ أَكْثَرَ مِمَّا فِي ذَلِكَ الدَّيْرِ ، فَقَالُوا لِي : انْظُرْ ، هَلْ تَرَى صُورَتَهُ ؟ فَنَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا بِصِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصُورَتِهِ ، وَإِذَا أَنَا بِصِفَةِ
أَبِي بَكْرٍ وَصُورَتِهِ وَهُوَ آخِذٌ بِعَقِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالُوا لِي : هَلْ تَرَى صِفَتَهُ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ . قَالُوا : أَهْوَ هَذَا ؟ وَأَشَارُوا إِلَى صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قُلْتُ : اللَّهُمَّ نَعَمْ ، أَشْهَدُ أَنَّهُ هُوَ . قَالُوا : أَتَعْرِفُ هَذَا الَّذِي هُوَ آخِذٌ بِعَقِبِهِ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ . قَالُوا : نَشْهَدُ أَنَّ هَذَا صَاحَبُكُمْ ، وَأَنَّ هَذَا الْخَلِيفَةُ مِنْ بَعْدِهِ .
وَرَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ فِي " التَّارِيخِ " عَنْ
مُحَمَّدٍ غَيْرَ مَنْسُوبٍ ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ هَذَا بِإِسْنَادِهِ ، فَذَكَرَهُ مُخْتَصَرًا ، وَعِنْدَهُ : فَقَالُوا : إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ إِلَّا بَعْدَهُ نَبِيٌّ إِلَّا هَذَا النَّبِيُّ . وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي كِتَابِنَا " التَّفْسِيرِ " عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=157الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ الْآيَةَ [ الْأَعْرَافِ : 175 ] . ذَكَرْنَا مَا أَوْرَدَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13933الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ طَرِيقِ
nindex.php?page=showalam&ids=481أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ ، [ ص: 537 ] عَنْ nindex.php?page=showalam&ids=8861هِشَامِ بْنِ الْعَاصِ الْأُمَوِيِّ قَالَ : بُعِثْتُ أَنَا وَرَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَى هِرَقْلَ صَاحِبِ الرُّومِ نَدْعُوهُ إِلَى الْإِسْلَامِ . فَذَكَرَ اجْتِمَاعَهُمْ بِهِ وَأَنَّ غُرْفَتَهُ تَنَفَّضَتْ حِينَ ذَكَرُوا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ، فَأَنْزَلَهُمْ فِي دَارِ ضِيَافَتِهِ ، ثُمَّ اسْتَدْعَاهُمْ بَعْدَ ثَلَاثٍ فَدَعَا بِشَيْءٍ نَحْوَ الرَّبْعَةِ الْعَظِيمَةِ ، فِيهَا بُيُوتٌ صِغَارٌ ، عَلَيْهَا أَبْوَابٌ ، وَإِذَا فِيهَا صُوَرُ الْأَنْبِيَاءِ مُمَثَّلَةً فِي قِطَعٍ مِنْ حَرِيرٍ ، مِنْ آدَمَ إِلَى مُحَمَّدٍ ، صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ ، فَجَعَلَ يُخْرِجُ لَهُمْ وَاحِدًا وَاحِدًا ، وَيُخْبِرُهُمْ عَنْهُ ، وَأَخْرَجَ لَهُمْ صُورَةَ آدَمَ ثُمَّ نُوحٍ ثُمَّ إِبْرَاهِيمَ ، ثُمَّ تَعَجَّلَ إِخْرَاجَ صُورَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . قَالَ : ثُمَّ فَتَحَ بَابًا آخَرَ ، فَإِذَا فِيهَا صُورَةٌ بَيْضَاءُ ، وَإِذَا وَاللَّهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : أَتَعْرِفُونَ هَذَا ؟ قُلْنَا : نَعَمْ ، مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : وَبَكَيْنَا . قَالَ : وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ قَامَ قَائِمًا ، ثُمَّ جَلَسَ ، وَقَالَ : وَاللَّهِ إِنَّهُ لَهُوَ ؟ قُلْنَا : نَعَمْ ، إِنَّهُ لَهُوَ كَمَا تَنْظُرُ إِلَيْهِ . فَأَمْسَكَ سَاعَةً يَنْظُرُ إِلَيْهَا ، ثُمَّ قَالَ : أَمَا إِنَّهُ كَانَ آخِرَ الْبُيُوتِ ، وَلَكِنِّي عَجَّلْتُهُ لَكُمْ لِأَنْظُرَ مَا عِنْدَكُمْ . ثُمَّ ذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ فِي إِخْرَاجِهِ صُوَرَ بَقِيَّةِ صُوَرِ الْأَنْبِيَاءِ وَتَعْرِيفِهِ إِيَّاهُمَا بِهِمْ . وَقَالَ فِي آخِرِهِ : قُلْنَا لَهُ : مِنْ أَيْنَ لَكَ هَذِهِ الصُّوَرُ ؟ لِأَنَّا نَعْلَمُ أَنَّهَا عَلَى مَا صُوِّرَتْ عَلَيْهِ الْأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ؛ لِأَنَّا رَأَيْنَا صُورَةَ نَبِيِّنَا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، مِثْلَهُ . فَقَالَ : إِنَّ آدَمَ ، عَلَيْهِ السَّلَامُ ، سَأَلَ رَبَّهُ أَنْ يُرِيَهُ الْأَنْبِيَاءَ مَنْ وَلَدِهِ ، فَأَنْزَلَ عَلَيْهِ صُوَرَهُمْ ، فَكَانَ فِي خِزَانَةِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، عِنْدَ مَغْرِبِ الشَّمْسِ ، فَاسْتَخْرَجَهَا ذُو الْقَرْنَيْنِ مِنْ مَغْرِبِ الشَّمْسِ ، فَدَفَعَهَا إِلَى دَانْيَالَ . ثُمَّ قَالَ : أَمَا وَاللَّهِ إِنَّ نَفْسِي طَابَتْ بِالْخُرُوجِ مِنْ مُلْكِي ، وَأَنِّي كُنْتُ عَبْدًا لِأَشَرِّكُمْ مَلَكَةً حَتَّى أَمُوتَ . قَالَ : ثُمَّ أَجَازَنَا فَأَحْسَنَ جَائِزَتَنَا وَسَرَّحَنَا ، فَلَمَّا أَتَيْنَا أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، حَدَّثْنَاهُ بِمَا رَأَيْنَا وَمَا قَالَ لَنَا وَمَا أَجَازَنَا . قَالَ : فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ ، قَالَ : مِسْكِينٌ لَوْ [ ص: 538 ] أَرَادَ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا لَفَعَلَ . ثُمَّ قَالَ : أَخْبَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ وَالْيَهُودُ يَجِدُونَ نَعْتَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَهُمْ .
وَقَالَ
الْوَاقِدِيُّ : حَدَّثَنِي
عَلِيُّ بْنُ عِيسَى الْحَكَمِيُّ ، عَنْ أَبِيهِ ،
عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ : سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ يَقُولُ : أَنَا أَنْتَظِرُ نَبِيًّا مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ ، ثُمَّ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، وَلَا أَرَانِي أُدْرِكُهُ ، وَأَنَا أُومِنُ بِهِ وَأُصَدِّقُهُ وَأَشْهَدُ أَنَّهُ نَبِيٌّ ، فَإِنْ طَالَتْ بِكَ مُدَّةٌ فَرَأَيْتَهُ فَأَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلَامَ ، وَسَأُخْبِرُكَ مَا نَعْتُهُ حَتَّى لَا يَخْفَى عَلَيْكَ . قُلْتُ : هَلُمَّ . قَالَ هُوَ رَجُلٌ لَيْسَ بِالطَّوِيلِ وَلَا بِالْقَصِيرِ ، وَلَا بِكَثِيرِ الشَّعْرِ وَلَا بِقَلِيلِهِ ، وَلَيْسَتْ تُفَارِقُ عَيْنَيْهِ حُمْرَةٌ ، وَخَاتَمُ النُّبُوَّةِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ ، وَاسْمُهُ أَحْمَدُ ، وَهَذَا الْبَلَدُ مَوْلِدُهُ وَمَبْعَثُهُ ، ثُمَّ يُخْرِجُهُ قَوْمُهُ مِنْهَا ، وَيَكْرَهُونَ مَا جَاءَ بِهِ حَتَّى يُهَاجِرَ إِلَى يَثْرِبَ فَيَظْهَرَ أَمْرُهُ ، فَإِيَّاكَ أَنْ تُخْدَعَ عَنْهُ ، فَإِنِّي طُفْتُ الْبِلَادَ كُلَّهَا أَطْلُبُ دِينَ إِبْرَاهِيمَ ، فَكُلُّ مَنْ أَسْأَلُ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسِ يَقُولُونَ : هَذَا الدِّينُ وَرَاءَكَ . وَيَنْعَتُونَهُ مِثْلَ مَا نَعَتُّهُ لَكَ ، وَيَقُولُونَ : لَمْ يَبْقَ نَبِيٌّ غَيْرُهُ . قَالَ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ : فَلَمَّا أَسْلَمْتُ أَخْبَرْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلَ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ وَأَقْرَأْتُهُ مِنْهُ السَّلَامَ ، فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ ، وَتَرَحَّمَ عَلَيْهِ ، وَقَالَ : قَدْ رَأَيْتُهُ فِي الْجَنَّةِ يَسْحَبُ ذُيُولًا .