غريبة من الغرائب وآبدة من الأوابد
قال
ابن أبى خيثمة : ثنا
أحمد بن منصور بن سيار ، ثنا
عبد الرزاق قال : قال معمر مرة وأنا مستقبله ، وتبسم وليس معنا أحد فقلت له : ما شأنك ؟ قال : عجبت من أهل
الكوفة ، كأن
الكوفة إنما بنيت على حب
علي ، ما كلمت أحدا منهم إلا وجدت المقتصد منهم الذي يفضل
عليا على
أبى بكر وعمر ، منهم
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري . قال : فقلت
لمعمر : ورأيته ؟ - كأني أعظمت ذاك - فقال
معمر : وما ذاك ؟ ! لو أن رجلا قال :
علي أفضل عندي منهما . ما عنفته إذا ذكر فضلهما إذا قال : عندي . ولو أن رجلا قال :
عمر عندي أفضل من
علي وأبي بكر . ما عنفته . قال
عبد الرزاق : فذكرت ذلك
لوكيع بن الجراح ونحن خاليان فاشتهاها
أبو سفيان وضحك وقال : لم يكن
سفيان يبلغ بنا هذا الحد ، ولكنه أفضى إلى
معمر ما لم يفض إلينا ، وكنت أقول
لسفيان : يا
أبا عبد الله ، أرأيت إن فضلنا
عليا على
أبى بكر وعمر ، ما تقول في ذلك ؟ فيسكت ساعة ثم يقول : أخشى أن يكون ذلك طعنا على
أبي بكر وعمر ، ولكنا نقف .
[ ص: 124 ] قال
عبد الرزاق : وأخبرنا
ابن التيمي - يعنى معتمرا - قال : سمعت أبي يقول : فضل
علي بن أبي طالب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بمائة منقبة ، وشاركهم في مناقبهم ،
وعثمان أحب إلي منه .
هكذا رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر في " تاريخه " بسنده ، عن
ابن أبى خيثمة به . وهذا الكلام فيه تخبيط كثير ، ولعله اشتبه على
معمر ، فإن المشهور عن بعض الكوفيين تقديم
علي على
عثمان ، فأما على الشيخين فلا ، ولا يخفى فضل الشيخين على سائر الصحابة إلا
على غبي ، فكيف يخفى على هؤلاء الأئمة ؟ ! بل قد قال غير واحد من العلماء ،
كأيوب nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني : من قدم
عليا على
عثمان فقد أزرى
بالمهاجرين والأنصار . وهذا الكلام حق وصدق وصحيح
ومليح .
وقال
يعقوب بن أبى سفيان : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13761عبد العزيز بن عبد الله الأويسي ، ثنا
إبراهيم بن سعيد ، عن
شعبة ، عن
أبي عون محمد بن عبد الله الثقفي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12044أبي صالح الحنفي قال : رأيت
علي بن أبي طالب أخذ المصحف فوضعه على رأسه ، حتى أني لأرى ورقه يتقعقع . قال : ثم قال : اللهم إنهم منعوني ما فيه فأعطني ما فيه . ثم قال : اللهم إني قد مللتهم وملوني وأبغضتهم وأبغضوني ، وحملوني على غير طبيعتي وخلقي وأخلاق لم تكن تعرف لي ، اللهم فأبدلني بهم خيرا منهم ، وأبدلهم بي شرا مني ، اللهم أمث قلوبهم ميث الملح في الماء . قال
[ ص: 125 ] إبراهيم : يعني
أهل الكوفة .
وقال
ابن أبي الدنيا : حدثني
عبد الرحمن بن صالح ، ثنا
عمرو بن هاشم الجنبي ، عن
أبي جناب ، عن
أبي عون الثقفي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12067أبي عبد الرحمن السلمي قال : قال لي
الحسن بن علي : قال لي
علي : إن رسول الله سنح لي الليلة في منامي ، فقلت : يا رسول الله ، ما لقيت من أمتك من الأود واللدد ؟ قال : " ادع عليهم " . فقلت : اللهم أبدلني بهم من هو خير منهم ، وأبدلهم بي من هو شر مني . فخرج فضربه الرجل . الأود : العوج ، واللدد : الخصومة . وقد قدمنا الحديث الوارد بالإخبار بمقتله ، وأنه تخضب لحيته من قرن رأسه ، فوقع كما أخبر ، صلوات الله وسلامه على رسوله .
وروى
أبو داود في كتاب " القدر " أنه لما كان أيام
الخوارج كان أصحاب علي يحرسونه كل ليلة عشرة يبيتون في المسجد بالسلاح ، فرآهم
علي فقال : ما يجلسكم ؟ فقالوا : نحرسك . فقال : من أهل السماء ؟ ثم قال : إنه لا يكون في الأرض شيء حتى يقضى في السماء ، وإن علي من الله جنة حصينة . وفي رواية : وإن الأجل جنة حصينة ، وإنه ليس من الناس أحد إلا وقد وكل به
[ ص: 126 ] ملك ، فلا تريده دابة ولا شيء إلا قال : اتقه اتقه . فإذا جاء القدر خلى عنه - وفي رواية : ملكان يدفعان عنه ، فإذا جاء القدر خليا عنه - وإنه لا يجد عبد حلاوة الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه ، وما أخطأه لم يكن ليصيبه .
وكان
علي يدخل المسجد كل ليلة فيصلي فيه ، فلما كانت الليلة التي قتل في صبيحتها قلق تلك الليلة ، وجمع أهله ، فلما خرج إلى المسجد صرخ الإوز . في وجهه ، فسكتوهن عنه ، فقال : ذروهن فإنهن نوائح . فلما خرج إلى المسجد ضربه
ابن ملجم ، فكان ما ذكرنا قبل . فقال الناس : يا أمير المؤمنين ، ألا نقتل مرادا كلها ؟ فقال : لا ، ولكن احبسوه وأحسنوا إساره ، فإن مت فاقتلوه ، وإن عشت فالجروح قصاص . وجعلت
nindex.php?page=showalam&ids=12329أم كلثوم بنت علي تقول : ما لي ولصلاة الغداة ، قتل زوجي عمر أمير المؤمنين صلاة الغداة ، وقتل أبي أمير المؤمنين صلاة الغداة . رضي الله عنها .
وقيل
لعلي : ألا تستخلف ؟ فقال : لا ، ولكن أترككم كما ترككم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن يرد الله بكم خيرا يجمعكم على خيركم كما جمعكم على خيركم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم . فهذا اعتراف منه في آخر وقت من الدنيا بفضل الصديق . وقد ثبت عنه بالتواتر أنه خطب
بالكوفة في أيام خلافته ودار إمارته ، فقال : أيها الناس ، إن خير هذه الأمة بعد نبيها
أبو بكر ، ثم
عمر ، ولو
[ ص: 127 ] شئت أن أسمي الثالث لسميت . وعنه أنه قال : وهو نازل من المنبر : ثم
عثمان ثم
عثمان . ولما مات
علي ولي غسله ودفنه أهله ، وصلى عليه ابنه
الحسن فكبر أربعا وقيل : أكثر من ذلك . ودفن
علي بدار الخلافة
بالكوفة . وقيل : تجاه الجامع من القبلة ، في حجرة من دور
آل جعدة بن هبيرة بحذاء باب الوراقين . وقيل : بظاهر
الكوفة . وقيل :
بالكناسة . وقيل : دفن
بالثوية . وقال شريك القاضي وأبو نعيم
nindex.php?page=showalam&ids=12180الفضل بن دكين : نقله
الحسن بن علي بعد صلحه مع
معاوية إلى
المدينة فدفنه
بالبقيع إلى جانب
nindex.php?page=showalam&ids=129فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقال
عيسى بن دأب : بل لما أرادوا أن يحملوه إلى
المدينة ليدفنوه بها جعلوه في صندوق على بعير ، فلما مروا به ببلاد
طيئ أضلوا البعير ، فأخذت
طيئ ذلك البعير بما عليه يحسبونه مالا ، فلما وجدوا بالصندوق ميتا دفنوه بالصندوق في بلادهم ، فلا يعرف قبره إلى الآن .
والمشهور أن قبره إلى الآن
بالكوفة كما ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=16490عبد الملك بن عمير أن
nindex.php?page=showalam&ids=14998خالد بن عبد الله القسري نائب
بني أمية في زمان
هشام بن عبد الملك ، لما كان أميرا على
العراق هدم دورا ليبنيها دارا وجد قبرا فيه شيخ أبيض الرأس واللحية ، فإذا هو
علي بن أبي طالب ، فأراد أن يحرقه بالنار ، فقيل له : أيها الأمير ، إن
بنى أمية لا يريدون منك هذا كله . فلفه في قباطي ودفنه هناك . قالوا : فلا يقدر أحد
[ ص: 128 ] أن يسكن تلك الدار التي هو فيها إلا ارتحل منها . كذا ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر .
ثم إن
الحسن بن علي استحضر
عبد الرحمن بن ملجم من السجن فأحضر الناس النفط والبواري ليحرقوه ، فقال لهم أولاد
علي : دعونا نشتفي منه . فقطعت يداه ورجلاه ، فلم يجزع ولا فتر عن الذكر ، ثم كحلت عيناه ، وهو في ذلك يذكر الله وقرأ سورة :
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=1اقرأ باسم ربك إلى آخرها ، وإن عينيه لتسيلان على خديه ، ثم حاولوا لسانه ليقطعوه ، فجزع عند ذلك جزعا شديدا ، فقيل له في ذلك ، فقال : إني أخاف أن أمكث في الدنيا فواقا لا أذكر الله فيه . فقتل عند ذلك وحرق بالنار ، قبحه الله .
قال
محمد بن سعد : كان
ابن ملجم رجلا أسمر ، حسن الوجه ، أبلج ، شعره مع شحمة أذنه ، في جبهته أثر السجود . قال العلماء : ولم ينتظر بقتله بلوغ
العباس بن علي ; فإنه كان صغيرا يوم قتل أبوه . قالوا : لأنه كان قتل محاربة لا قصاصا . والله أعلم .
وكان
nindex.php?page=treesubj&link=33719طعن علي ، رضي الله عنه ، يوم الجمعة السابع عشر من رمضان سنة أربعين ، بلا خلاف . فقيل : مات من يومه ، وقيل : يوم الأحد التاسع عشر منه . قال
الفلاس : وقيل : ضرب ليلة إحدى وعشرين ، ومات ليلة أربع وعشرين عن تسع أو سبع أو ثمان وخمسين سنة . وقيل : عن ثلاث وستين سنة . وهو
[ ص: 129 ] المشهور . قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12691محمد ابن الحنفية ،
nindex.php?page=showalam&ids=11958وأبو جعفر الباقر ،
nindex.php?page=showalam&ids=11813وأبو إسحاق السبيعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=11948وأبو بكر بن عياش . وقال بعضهم : عن ثلاث أو أربع وستين سنة . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11958أبي جعفر الباقر : خمس وستين سنة . وكانت خلافته خمس سنين إلا ثلاثة أشهر ، وقيل : أربع سنين وتسعة أشهر وثلاثة أيام ، وقيل : وستة أيام . وقيل : وأربعة عشر يوما . وقيل : أربع سنين وثمانية أشهر وثلاثة وعشرين يوما . رضي الله عنه .
وقال
جرير عن
مغيرة قال : لما جاء نعي
علي بن أبي طالب إلى
معاوية ، وكان ذلك في وقت القائلة ، وكان نائما مع امرأته
فاختة بنت قرظة في يوم صائف ، جلس وهو يقول : إنا لله وإنا إليه راجعون . وجعل يبكي ، فقالت له
فاختة : أنت بالأمس تطعن عليه ، واليوم تبكي عليه ! فقال : ويحك ! إنما أبكي لما فقد الناس من حلمه وعلمه وفضله وسوابقه وخيره .
وذكر
ابن أبي الدنيا في كتاب " مكائد الشيطان " أن رجلا من
أهل الشام من أمراء
معاوية غضب ذات ليلة على ابنه ، فأخرجه من منزله ، فخرج الغلام لا يدري أين يذهب ، فجلس وراء الباب من خارج ، فنام ساعة ثم استيقظ ، فإذا هو بهر أسود بري قد جاء إلى الباب الذي لهم فنادى : يا
سويد ، يا
سويد . فخرج إليه الهر الذي في منزلهم ، فقال له البري : ويحك ! افتح . فقال : لا أستطيع . فقال : ويحك ! ائتني بشيء أتبلغ به فإني جائع وتعبان ، هذا أوان مجيئي من
[ ص: 130 ] الكوفة ، وقد حدث الليلة حدث عظيم ، قتل
علي بن أبي طالب . قال : فقال له الهر الأهلي : والله إنه ليس هاهنا شيء إلا وقد ذكروا اسم الله عليه غير سفود كانوا يشوون عليه اللحم . فقال : ائتني به . فجاء به فجعل يلحسه حتى أخذ حاجته وانصرف ، وذلك بمرأى من الغلام ومسمع ، فقام إلى الباب فطرقه ، فخرج إليه أبوه فقال : من ؟ فقال له : افتح . فقال : ويحك ! ما لك ؟ فقال : افتح . ففتح ، فقص عليه خبر ما رأى . فقال له : ويحك ! أمنام هذا ؟ قال : لا والله . قال : ويحك ! أفأصابك جنون بعدي ؟ قال : لا والله ، ولكن الأمر كما وصفت لك ، فاذهب إلى
معاوية الآن فاتخذ عنده يدا بما قلت لك . فذهب الرجل فاستأذن على
معاوية ، فأخبره الخبر على ما ذكر ولده ، فأرخوا ذلك عندهم قبل مجيء البرد ، ولما جاءت البرد وجدوا ما أخبروهم به مطابقا لما كان أخبر به أبو الغلام . هذا ملخص ما ذكره .
وقال
أبو القاسم البغوي : ثنا
علي بن الجعد ، ثنا
زهير بن معاوية ، عن
أبي إسحاق ، عن
عمرو بن الأصم قال : قلت
nindex.php?page=showalam&ids=35للحسن بن علي : إن هذه
الشيعة يزعمون أن
عليا مبعوث قبل يوم القيامة . فقال : كذبوا والله ، ما هؤلاء
بالشيعة ، لو علمنا أنه مبعوث ما زوجنا نساءه ولا قسمنا ماله . ورواه
أسباط بن محمد ، عن
مطرف ، عن
أبي إسحاق ، عن
عمرو بن الأصم ، عن
الحسن بن علي بنحوه .
غَرِيبَةٌ مِنَ الْغَرَائِبِ وَآبِدَةٌ مِنَ الْأَوَابِدِ
قَالَ
ابْنُ أَبَى خَيْثَمَةَ : ثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورِ بْنِ سَيَّارٍ ، ثَنَا
عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ : قَالَ مَعْمَرٌ مَرَّةً وَأَنَا مُسْتَقْبِلُهُ ، وَتَبَسَّمَ وَلَيْسَ مَعَنَا أَحَدٌ فَقُلْتُ لَهُ : مَا شَأْنُكَ ؟ قَالَ : عَجِبْتُ مِنْ أَهْلِ
الْكُوفَةِ ، كَأَنَّ
الْكُوفَةَ إِنَّمَا بُنِيَتْ عَلَى حُبِّ
عَلِيٍّ ، مَا كَلَّمْتُ أَحَدًا مِنْهُمْ إِلَّا وَجَدْتُ الْمُقْتَصِدَ مِنْهُمُ الَّذِي يُفَضِّلُ
عَلِيًّا عَلَى
أَبَى بَكْرٍ وَعُمَرَ ، مِنْهُمْ
nindex.php?page=showalam&ids=16004سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ . قَالَ : فَقُلْتُ
لِمَعْمَرٍ : وَرَأَيْتَهُ ؟ - كَأَنِّي أَعْظَمْتُ ذَاكَ - فَقَالَ
مَعْمَرٌ : وَمَا ذَاكَ ؟ ! لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ :
عَلِيٌّ أَفْضَلُ عِنْدِي مِنْهُمَا . مَا عَنَّفْتُهُ إِذَا ذَكَرَ فَضْلَهُمَا إِذَا قَالَ : عِنْدِي . وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ :
عُمَرُ عِنْدِي أَفْضَلُ مِنْ
عَلِيٍّ وَأَبِي بَكْرٍ . مَا عَنَّفُتُهُ . قَالَ
عَبْدُ الرَّزَّاقِ : فَذَكَرْتُ ذَلِكَ
لِوَكِيعِ بْنِ الْجَرَّاحِ وَنَحْنُ خَالِيَانِ فَاشْتَهَاهَا
أَبُو سُفْيَانَ وَضَحِكَ وَقَالَ : لَمْ يَكُنْ
سُفْيَانُ يَبْلُغُ بِنَا هَذَا الْحَدَّ ، وَلَكِنَّهُ أَفْضَى إِلَى
مَعْمَرٍ مَا لَمْ يُفْضِ إِلَيْنَا ، وَكُنْتُ أَقُولُ
لِسُفْيَانَ : يَا
أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ، أَرَأَيْتَ إِنْ فَضَّلْنَا
عَلِيًّا عَلَى
أَبَى بَكْرٍ وَعُمَرَ ، مَا تَقُولُ فِي ذَلِكَ ؟ فَيَسْكُتُ سَاعَةً ثُمَّ يَقُولُ : أَخْشَى أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ طَعْنًا عَلَى
أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ ، وَلَكِنَّا نَقِفُ .
[ ص: 124 ] قَالَ
عَبْدُ الرَّزَّاقِ : وَأَخْبَرَنَا
ابْنُ التَّيْمِيِّ - يُعْنَى مُعْتَمِرًا - قَالَ : سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ : فَضَلَ
عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِائَةِ مَنْقَبَةٍ ، وَشَارَكَهُمْ فِي مَنَاقِبِهِمْ ،
وَعُثْمَانُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ .
هَكَذَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابْنُ عَسَاكِرَ فِي " تَارِيخِهِ " بِسَنَدِهِ ، عَنِ
ابْنِ أَبَى خَيْثَمَةَ بِهِ . وَهَذَا الْكَلَامُ فِيهِ تَخْبِيطٌ كَثِيرٌ ، وَلَعَلَّهُ اشْتَبَهَ عَلَى
مَعْمَرٍ ، فَإِنَّ الْمَشْهُورَ عَنْ بَعْضِ الْكُوفِيِّينَ تَقْدِيمُ
عَلِيٍّ عَلَى
عُثْمَانَ ، فَأَمَّا عَلَى الشَّيْخَيْنِ فَلَا ، وَلَا يَخْفَى فَضْلُ الشَّيْخَيْنِ عَلَى سَائِرِ الصَّحَابَةِ إِلَّا
عَلَى غَبِيٍّ ، فَكَيْفَ يَخْفَى عَلَى هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ ؟ ! بَلْ قَدْ قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ ،
كَأَيُّوبَ nindex.php?page=showalam&ids=14269وَالدَّارَقُطْنِيِّ : مَنْ قَدَّمَ
عَلِيًّا عَلَى
عُثْمَانَ فَقَدْ أَزْرَى
بِالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ . وَهَذَا الْكَلَامُ حَقٌّ وَصِدْقٌ وَصَحِيحٌ
وَمَلِيحٌ .
وَقَالَ
يَعْقُوبُ بْنُ أَبَى سُفْيَانَ : ثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=13761عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأُوَيْسِيِّ ، ثَنَا
إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ ، عَنْ
شُعْبَةَ ، عَنْ
أَبِي عَوْنٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيِّ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12044أَبِي صَالِحٍ الْحَنَفِيِّ قَالَ : رَأَيْتُ
عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ أَخَذَ الْمُصْحَفَ فَوَضَعَهُ عَلَى رَأْسِهِ ، حَتَّى أَنِّي لَأَرَى وَرَقَهُ يَتَقَعْقَعُ . قَالَ : ثُمَّ قَالَ : اللَّهُمَّ إِنَّهُمْ مَنَعُونِي مَا فِيهِ فَأَعْطِنِي مَا فِيهِ . ثُمَّ قَالَ : اللَّهُمَّ إِنِّي قَدْ مَلَلْتُهُمْ وَمَلُّونِي وَأَبْغَضْتُهُمْ وَأَبْغَضُونِي ، وَحَمَلُونِي عَلَى غَيْرِ طَبِيعَتِي وَخُلُقِي وَأَخْلَاقٍ لَمْ تَكُنْ تُعْرَفُ لِي ، اللَّهُمَّ فَأَبْدِلْنِي بِهِمْ خَيْرًا مِنْهُمْ ، وَأَبْدِلْهُمْ بِي شَرًّا مِنِّي ، اللَّهُمَّ أَمِثْ قُلُوبَهُمْ مَيْثَ الْمِلْحِ فِي الْمَاءِ . قَالَ
[ ص: 125 ] إِبْرَاهِيمُ : يَعْنِي
أَهْلَ الْكُوفَةِ .
وَقَالَ
ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا : حَدَّثَنِي
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحٍ ، ثَنَا
عَمْرُو بْنُ هَاشِمٍ الْجَنْبِيُّ ، عَنْ
أَبِي جَنَابٍ ، عَنْ
أَبِي عَوْنٍ الثَّقَفِيِّ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12067أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ قَالَ : قَالَ لِي
الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ : قَالَ لِي
عَلِيٌّ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ سَنَحَ لِيَ اللَّيْلَةَ فِي مَنَامِي ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا لَقِيتُ مِنْ أُمَّتِكَ مِنَ الْأَوَدِ وَاللَّدَدِ ؟ قَالَ : " ادْعُ عَلَيْهِمْ " . فَقُلْتُ : اللَّهُمَّ أَبْدِلْنِي بِهِمْ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُمْ ، وَأَبْدِلْهُمْ بِي مَنْ هُوَ شَرٌّ مِنِّي . فَخَرَجَ فَضَرَبَهُ الرَّجُلُ . الْأَوَدُ : الْعِوَجُ ، وَاللَّدَدُ : الْخُصُومَةُ . وَقَدْ قَدَّمْنَا الْحَدِيثَ الْوَارِدَ بِالْإِخْبَارِ بِمَقْتَلِهِ ، وَأَنَّهُ تُخَضَّبُ لِحْيَتُهُ مِنْ قَرْنِ رَأْسِهِ ، فَوَقَعَ كَمَا أَخْبَرَ ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَى رَسُولِهِ .
وَرَوَى
أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ " الْقَدَرِ " أَنَّهُ لَمَّا كَانَ أَيَّامُ
الْخَوَارِجِ كَانَ أَصْحَابُ عَلِيٍّ يَحْرُسُونَهُ كُلَّ لَيْلَةٍ عَشَرَةٌ يَبِيتُونَ فِي الْمَسْجِدِ بِالسِّلَاحِ ، فَرَآهُمْ
عَلِيٌّ فَقَالَ : مَا يُجْلِسُكُمْ ؟ فَقَالُوا : نَحْرُسُكَ . فَقَالَ : مِنْ أَهْلِ السَّمَاءِ ؟ ثُمَّ قَالَ : إِنَّهُ لَا يَكُونُ فِي الْأَرْضِ شَيْءٌ حَتَّى يُقْضَى فِي السَّمَاءِ ، وَإِنَّ عَلَيَّ مِنَ اللَّهِ جَنَّةً حَصِينَةً . وَفِي رِوَايَةٍ : وَإِنَّ الْأَجَلَّ جَنَّةٌ حَصِينَةٌ ، وَإِنَّهُ لَيْسَ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ إِلَّا وَقَدْ وُكِّلَ بِهِ
[ ص: 126 ] مَلَكٌ ، فَلَا تُرِيدُهُ دَابَّةٌ وَلَا شَيْءٌ إِلَّا قَالَ : اتَّقِهِ اتَّقِهِ . فَإِذَا جَاءَ الْقَدَرُ خَلَّى عَنْهُ - وَفِي رِوَايَةٍ : مَلَكَانِ يَدْفَعَانِ عَنْهُ ، فَإِذَا جَاءَ الْقَدَرُ خَلَّيَا عَنْهُ - وَإِنَّهُ لَا يَجِدُ عَبْدٌ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ ، وَمَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ .
وَكَانَ
عَلِيٌّ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ كُلَّ لَيْلَةٍ فَيُصَلِّي فِيهِ ، فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي قُتِلَ فِي صَبِيحَتِهَا قَلِقَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ ، وَجَمَعَ أَهْلَهُ ، فَلَمَّا خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ صَرَخَ الْإِوَزُّ . فِي وَجْهِهِ ، فَسَكَّتُوهُنَّ عَنْهُ ، فَقَالَ : ذَرُوهُنَّ فَإِنَّهُنَّ نَوَائِحُ . فَلَمَّا خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ ضَرَبَهَ
ابْنُ مُلْجَمٍ ، فَكَانَ مَا ذَكَرْنَا قَبْلُ . فَقَالَ النَّاسُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، أَلَا نَقْتُلُ مُرَادًا كُلَّهَا ؟ فَقَالَ : لَا ، وَلَكِنِ احْبِسُوهُ وَأَحْسِنُوا إِسَارَهُ ، فَإِنْ مِتُّ فَاقْتُلُوهُ ، وَإِنْ عِشْتُ فَالْجُرُوحُ قِصَاصٌ . وَجَعَلَتْ
nindex.php?page=showalam&ids=12329أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عَلِيٍّ تَقُولُ : مَا لِي وَلِصَلَاةِ الْغَدَاةِ ، قُتِلَ زَوْجِي عُمَرُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ صَلَاةَ الْغَدَاةِ ، وَقُتِلَ أَبِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ صَلَاةَ الْغَدَاةِ . رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا .
وَقِيلَ
لِعَلِيٍّ : أَلَا تَسْتَخْلِفُ ؟ فَقَالَ : لَا ، وَلَكِنْ أَتْرُكُكُمْ كَمَا تَرَكَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَإِنْ يُرِدِ اللَّهُ بِكُمْ خَيْرًا يَجْمَعْكُمْ عَلَى خَيْرِكُمْ كَمَا جَمَعَكُمْ عَلَى خَيْرِكُمْ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَهَذَا اعْتِرَافٌ مِنْهُ فِي آخِرِ وَقْتٍ مِنَ الدُّنْيَا بِفَضْلِ الصِّدِّيقِ . وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ بِالتَّوَاتُرِ أَنَّهُ خَطَبَ
بِالْكُوفَةِ فِي أَيَّامِ خِلَافَتِهِ وَدَارِ إِمَارَتِهِ ، فَقَالَ : أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّ خَيْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا
أَبُو بَكْرٍ ، ثُمَّ
عُمَرُ ، وَلَوْ
[ ص: 127 ] شِئْتُ أَنْ أُسَمِّيَ الثَّالِثَ لَسَمَّيْتُ . وَعَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : وَهُوَ نَازِلٌ مِنَ الْمِنْبَرِ : ثُمَّ
عُثْمَانُ ثُمَّ
عُثْمَانُ . وَلَمَّا مَاتَ
عَلِيٌّ وَلِيَ غُسْلَهُ وَدَفْنَهُ أَهْلُهُ ، وَصَلَّى عَلَيْهِ ابْنُهُ
الْحَسَنُ فَكَبَّرَ أَرْبَعًا وَقِيلَ : أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ . وَدُفِنَ
عَلِيٌّ بِدَارِ الْخِلَافَةِ
بِالْكُوفَةِ . وَقِيلَ : تُجَاهَ الْجَامِعِ مِنَ الْقِبْلَةِ ، فِي حُجْرَةٍ مِنْ دُورِ
آلِ جَعْدَةَ بْنِ هُبَيْرَةَ بِحِذَاءِ بَابِ الْوَرَّاقِينَ . وَقِيلَ : بِظَاهِرِ
الْكُوفَةِ . وَقِيلَ :
بِالْكُنَاسَةِ . وَقِيلَ : دُفِنَ
بِالثَّوِيَّةِ . وَقَالَ شَرِيكٌ الْقَاضِي وَأَبُو نُعَيْمٍ
nindex.php?page=showalam&ids=12180الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ : نَقَلَهُ
الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ بَعْدَ صُلْحِهِ مَعَ
مُعَاوِيَةَ إِلَى
الْمَدِينَةِ فَدَفَنَهُ
بِالْبَقِيعِ إِلَى جَانِبِ
nindex.php?page=showalam&ids=129فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَقَالَ
عِيسَى بْنُ دَأْبٍ : بَلْ لَمَّا أَرَادُوا أَنْ يَحْمِلُوهُ إِلَى
الْمَدِينَةِ لِيَدْفِنُوهُ بِهَا جَعَلُوهُ فِي صُنْدُوقٍ عَلَى بَعِيرٍ ، فَلَمَّا مَرُّوا بِهِ بِبِلَادِ
طَيِّئٍ أَضَلُّوا الْبَعِيرَ ، فَأَخَذَتْ
طَيِّئٌ ذَلِكَ الْبَعِيرَ بِمَا عَلَيْهِ يَحْسَبُونَهُ مَالًا ، فَلَمَّا وَجَدُوا بِالصُّنْدُوقِ مَيِّتًا دَفَنُوهُ بِالصُّنْدُوقِ فِي بِلَادِهِمْ ، فَلَا يُعْرَفُ قَبْرُهُ إِلَى الْآنَ .
وَالْمَشْهُورُ أَنَّ قَبْرَهُ إِلَى الْآنَ
بِالْكُوفَةِ كَمَا ذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=16490عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=14998خَالِدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيَّ نَائِبَ
بَنِي أُمَيَّةَ فِي زَمَانِ
هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ ، لَمَّا كَانَ أَمِيرًا عَلَى
الْعِرَاقِ هَدَمَ دُورًا لِيَبْنِيَهَا دَارًا وَجَدَ قَبْرًا فِيهِ شَيْخٌ أَبْيَضُ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ ، فَإِذَا هُوَ
عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، فَأَرَادَ أَنْ يُحَرِّقَهُ بِالنَّارِ ، فَقِيلَ لَهُ : أَيُّهَا الْأَمِيرُ ، إِنَّ
بَنَى أُمَيَّةَ لَا يُرِيدُونَ مِنْكَ هَذَا كُلَّهُ . فَلَفَّهُ فِي قَبَاطِيَّ وَدَفَنَهُ هُنَاكَ . قَالُوا : فَلَا يَقْدِرُ أَحَدٌ
[ ص: 128 ] أَنْ يَسْكُنَ تِلْكَ الدَّارَ الَّتِي هُوَ فِيهَا إِلَّا ارْتَحَلَ مِنْهَا . كَذَا ذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابْنُ عَسَاكِرَ .
ثُمَّ إِنَّ
الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ اسْتَحْضَرَ
عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مُلْجَمٍ مِنَ السِّجْنِ فَأَحْضَرَ النَّاسَ النِّفْطَ وَالْبَوَارِيَّ لِيُحَرِّقُوهُ ، فَقَالَ لَهُمْ أَوْلَادُ
عَلِيٍّ : دَعَوْنَا نَشْتَفِي مِنْهُ . فَقُطِعَتْ يَدَاهُ وَرِجْلَاهُ ، فَلَمْ يَجْزَعْ وَلَا فَتَرَ عَنِ الذِّكْرِ ، ثُمَّ كُحِلَتْ عَيْنَاهُ ، وَهُوَ فِي ذَلِكَ يَذْكُرُ اللَّهَ وَقَرَأَ سُورَةَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=1اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ إِلَى آخِرِهَا ، وَإِنَّ عَيْنَيْهِ لَتَسِيلَانِ عَلَى خَدَّيْهِ ، ثُمَّ حَاوَلُوا لِسَانَهُ لِيَقْطَعُوهُ ، فَجَزِعَ عِنْدَ ذَلِكَ جَزَعًا شَدِيدًا ، فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ ، فَقَالَ : إِنِّي أَخَافُ أَنْ أَمْكُثَ فِي الدُّنْيَا فَوَاقًا لَا أَذْكُرُ اللَّهَ فِيهِ . فَقُتِلَ عِنْدَ ذَلِكَ وَحُرِّقَ بِالنَّارِ ، قَبَّحَهُ اللَّهُ .
قَالَ
مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ : كَانَ
ابْنُ مُلْجَمٍ رَجُلًا أَسْمَرَ ، حَسَنَ الْوَجْهِ ، أَبْلَجَ ، شَعْرُهُ مَعَ شَحْمَةِ أُذُنِهِ ، فِي جَبْهَتِهِ أَثَرُ السُّجُودِ . قَالَ الْعُلَمَاءُ : وَلَمْ يُنْتَظَرْ بِقَتْلِهِ بُلُوغُ
الْعَبَّاسِ بْنِ عَلِيٍّ ; فَإِنَّهُ كَانَ صَغِيرًا يَوْمَ قُتِلَ أَبُوهُ . قَالُوا : لِأَنَّهُ كَانَ قُتِلَ مُحَارَبَةً لَا قِصَاصًا . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَكَانَ
nindex.php?page=treesubj&link=33719طَعْنُ عَلِيٍّ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، يَوْمَ الْجُمْعَةَ السَّابِعَ عَشَرَ مِنْ رَمَضَانَ سَنَةَ أَرْبَعِينَ ، بِلَا خِلَافٍ . فَقِيلَ : مَاتَ مِنْ يَوْمِهِ ، وَقِيلَ : يَوْمَ الْأَحَدِ التَّاسِعَ عَشَرَ مِنْهُ . قَالَ
الْفَلَّاسُ : وَقِيلَ : ضُرِبَ لَيْلَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ ، وَمَاتَ لَيْلَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ عَنْ تِسْعٍ أَوْ سَبْعٍ أَوْ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً . وَقِيلَ : عَنْ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً . وَهُوَ
[ ص: 129 ] الْمَشْهُورُ . قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12691مُحَمَّدُ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11958وَأَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11813وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11948وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ . وَقَالَ بَعْضُهُمْ : عَنْ ثَلَاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ سَنَةً . وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11958أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ : خَمْسٍ وَسِتِّينَ سَنَةً . وَكَانَتْ خِلَافَتُهُ خَمْسَ سِنِينَ إِلَّا ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ ، وَقِيلَ : أَرْبَعَ سِنِينَ وَتِسْعَةَ أَشْهُرٍ وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ، وَقِيلَ : وَسِتَّةَ أَيَّامٍ . وَقِيلَ : وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ يَوْمًا . وَقِيلَ : أَرْبَعَ سِنِينَ وَثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ وَثَلَاثَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا . رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .
وَقَالَ
جَرِيرٌ عَنْ
مُغِيرَةَ قَالَ : لَمَّا جَاءَ نَعْيُ
عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ إِلَى
مُعَاوِيَةَ ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي وَقْتِ الْقَائِلَةِ ، وَكَانَ نَائِمًا مَعَ امْرَأَتِهِ
فَاخِتَةَ بِنْتِ قَرَظَةَ فِي يَوْمٍ صَائِفٍ ، جَلَسَ وَهُوَ يَقُولُ : إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ . وَجَعَلَ يَبْكِي ، فَقَالَتْ لَهُ
فَاخِتَةُ : أَنْتَ بِالْأَمْسِ تَطْعَنُ عَلَيْهِ ، وَالْيَوْمَ تُبْكِي عَلَيْهِ ! فَقَالَ : وَيْحَكَ ! إِنَّمَا أَبْكِي لِمَا فَقَدَ النَّاسُ مِنْ حِلْمِهِ وَعِلْمِهِ وَفَضْلِهِ وَسَوَابِقِهِ وَخَيْرِهِ .
وَذَكَرَ
ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي كِتَابِ " مَكَائِدِ الشَّيْطَانِ " أَنَّ رَجُلًا مِنَ
أَهْلِ الشَّامِ مِنْ أُمَرَاءِ
مُعَاوِيَةَ غَضِبَ ذَاتَ لَيْلَةٍ عَلَى ابْنِهِ ، فَأَخْرَجَهُ مِنْ مَنْزِلِهِ ، فَخَرَجَ الْغُلَامُ لَا يَدْرِي أَيْنَ يَذْهَبُ ، فَجَلَسَ وَرَاءَ الْبَابِ مِنْ خَارِجٍ ، فَنَامَ سَاعَةً ثُمَّ اسْتَيْقَظَ ، فَإِذَا هُوَ بَهِرٍّ أَسْوَدَ بَرِيٍّ قَدْ جَاءَ إِلَى الْبَابِ الَّذِي لَهُمْ فَنَادَى : يَا
سُوَيْدُ ، يَا
سُوَيْدُ . فَخَرَجَ إِلَيْهِ الْهِرُّ الَّذِي فِي مَنْزِلِهِمْ ، فَقَالَ لَهُ الْبَرِيُّ : وَيْحَكَ ! افْتَحْ . فَقَالَ : لَا أَسْتَطِيعُ . فَقَالَ : وَيْحَكَ ! ائْتِنِي بِشَيْءٍ أَتَبَلَّغُ بِهِ فَإِنِّي جَائِعٌ وَتَعْبَانُ ، هَذَا أَوَانُ مَجِيئِي مِنَ
[ ص: 130 ] الْكُوفَةِ ، وَقَدْ حَدَثَ اللَّيْلَةَ حَدَثٌ عَظِيمٌ ، قُتِلَ
عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ . قَالَ : فَقَالَ لَهُ الْهِرُّ الْأَهْلِيُّ : وَاللَّهِ إِنَّهُ لَيْسَ هَاهُنَا شَيْءٌ إِلَّا وَقَدْ ذَكَرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ غَيْرَ سَفُّودٍ كَانُوا يَشْوُونَ عَلَيْهِ اللَّحْمَ . فَقَالَ : ائْتِنِي بِهِ . فَجَاءَ بِهِ فَجَعَلَ يَلْحَسُهُ حَتَّى أَخَذَ حَاجَتَهُ وَانْصَرَفَ ، وَذَلِكَ بِمَرْأَى مِنَ الْغُلَامِ وَمَسْمَعٍ ، فَقَامَ إِلَى الْبَابِ فَطَرَقَهُ ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ أَبُوهُ فَقَالَ : مَنْ ؟ فَقَالَ لَهُ : افْتَحْ . فَقَالَ : وَيْحَكَ ! مَا لَكَ ؟ فَقَالَ : افْتَحْ . فَفَتَحَ ، فَقَصَّ عَلَيْهِ خَبَرَ مَا رَأَى . فَقَالَ لَهُ : وَيْحَكَ ! أَمَنَامٌ هَذَا ؟ قَالَ : لَا وَاللَّهِ . قَالَ : وَيْحَكَ ! أَفَأَصَابَكَ جُنُونٌ بَعْدِي ؟ قَالَ : لَا وَاللَّهِ ، وَلَكِنَّ الْأَمْرَ كَمَا وَصَفْتُ لَكَ ، فَاذْهَبْ إِلَى
مُعَاوِيَةَ الْآنَ فَاتَّخِذْ عِنْدَهُ يَدًا بِمَا قُلْتُ لَكَ . فَذَهَبَ الرَّجُلُ فَاسْتَأْذَنَ عَلَى
مُعَاوِيَةَ ، فَأَخْبَرُهُ الْخَبَرَ عَلَى مَا ذَكَرَ وَلَدُهُ ، فَأَرَّخُوا ذَلِكَ عِنْدَهُمْ قَبْلَ مَجِيءِ الْبُرُدِ ، وَلَمَّا جَاءَتِ الْبُرُدُ وَجَدُوا مَا أَخْبَرُوهُمْ بِهِ مُطَابِقًا لِمَا كَانَ أَخْبَرَ بِهِ أَبُو الْغُلَامِ . هَذَا مُلَخَّصُ مَا ذَكَرَهُ .
وَقَالَ
أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ : ثَنَا
عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ ، ثَنَا
زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، عَنْ
أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ
عَمْرِو بْنِ الْأَصَمِّ قَالَ : قُلْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=35لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ : إِنَّ هَذِهِ
الشِّيعَةَ يَزْعُمُونَ أَنَّ
عَلِيًّا مَبْعُوثٌ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ . فَقَالَ : كَذَبُوا وَاللَّهِ ، مَا هَؤُلَاءِ
بِالشِّيعَةِ ، لَوْ عَلِمْنَا أَنَّهُ مَبْعُوثٌ مَا زَوَّجْنَا نِسَاءَهُ وَلَا قَسَمْنَا مَالَهُ . وَرَوَاهُ
أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ
مُطَرِّفٍ ، عَنْ
أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ
عَمْرِو بْنِ الْأَصَمِّ ، عَنِ
الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ بِنَحْوِهِ .