nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=17nindex.php?page=treesubj&link=28994_31756_19786ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق وما كنا عن الخلق غافلين
انتقال من الاستدلال بخلق الإنسان إلى الاستدلال بخلق العوالم العلوية ; لأن أمرها أعجب ، وإن كان الإنسان إلى نظيره أقرب ، فالجملة عطف
[ ص: 27 ] على جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=12ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين . وإنما ذكر هذا عقب قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=16ثم إنكم يوم القيامة تبعثون للتنبيه على أن الذي خلق هذا العالم العلوي ما خلقه إلا لحكمة ، وأن الحكيم لا يهمل ثواب الصالحين على حسناتهم ، ولا جزاء المسيئين على سيئاتهم ، وأن جعله تلك الطرائق فوقنا بحيث نراها ليدلنا على أن لها صلة بنا ; لأن عالم الجزاء كائن فيها ومخلوقاته مستقرة فيها ، فالإشارة بهذا الترتيب مثل الإشارة بعكسه في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=38وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=39ما خلقناهما إلا بالحق ولكن أكثرهم لا يعلمون nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=40إن يوم الفصل ميقاتهم أجمعين .
والطرائق : جمع طريقة وهي اسم للطريق تذكر وتؤنث . والمراد بها هنا : طرائق سير الكواكب السبعة وهي أفلاكها ، أي : الخطوط الفرضية التي ضبط الناس بها سموت سير الكواكب . وقد أطلق على الكوكب اسم الطارق في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=86&ayano=1والسماء والطارق من أجل أنه ينتقل في سمت يسمى طريقة فإن الساير في طريق يقال له : طارق ، ولا شك أن الطرائق تستلزم سائرات فيها ، فكان المعنى : خلقنا سيارات وطرائقها .
وذكر ( فوقكم ) للتنبيه على وجوب النظر في أحوالها للاستدلال بها على قدرة الخالق لها تعالى فإنها بحالة إمكان النظر إليها والتأمل فيها .
ولأن كونها فوق الناس مما سهل انتفاعهم بها في التوقيت ولذلك عقب بجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=17وما كنا عن الخلق غافلين المشعر بأن في ذلك لطفا بالخلق وتيسيرا عليهم في شئون حياتهم ، وهذا امتنان . فالواو في جملة وما كنا عن الخلق غافلين للحال ، والجملة في موضع الحال . وفيه تنبيه للنظر في أن عالم الجزاء كائن بتلك العوالم قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=22وفي السماء رزقكم وما توعدون .
والخلق مفعول سمي بالمصدر ، أي : ما كنا غافلين عن حاجة مخلوقاتنا يعني البشر . ونفي الغفلة كناية عن العناية والملاحظة ، فأفاد ذلك أن في خلق الطرائق السماوية لما خلقت له لطفا بالناس أيضا إذ كان نظام خلقها صالحا
[ ص: 28 ] لانتفاع الناس به في مواقيتهم وأسفارهم في البر والبحر كما قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=97وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر . وأعظم تلك الطرائق طريقة الشمس مع ما زادت به من النفع بالإنارة وإصلاح الأرض والأجساد فصار المعنى : خلقنا فوقكم سبع طرائق لحكمة لا تعلمونها وما أهملنا في خلقها رعي مصالحكم أيضا .
والعدل عن الإضمار إلى الإظهار في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=17وما كنا عن الخلق غافلين دون أن يقال : وما كنا عنكم غافلين ، لما يفيده المشتق من معنى التعليل ، أي : ما كنا عنكم غافلين ; لأنكم مخلوقاتنا فنحن نعاملكم بوصف الربوبية ، وفي ذلك تنبيه على وجوب الشكر والإقلاع عن الكفر .
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=17nindex.php?page=treesubj&link=28994_31756_19786وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ
انْتِقَالٌ مِنَ الِاسْتِدْلَالِ بِخَلْقِ الْإِنْسَانِ إِلَى الِاسْتِدْلَالِ بِخَلْقِ الْعَوَالِمِ الْعُلْوِيَّةِ ; لِأَنَّ أَمْرَهَا أَعْجَبُ ، وَإِنْ كَانَ الْإِنْسَانُ إِلَى نَظِيرِهِ أَقْرَبَ ، فَالْجُمْلَةُ عَطْفٌ
[ ص: 27 ] عَلَى جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=12وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ . وَإِنَّمَا ذُكِرَ هَذَا عَقِبَ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=16ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ الَّذِي خَلَقَ هَذَا الْعَالَمَ الْعُلْوِيَّ مَا خَلَقَهُ إِلَّا لِحِكْمَةٍ ، وَأَنَّ الْحَكِيمَ لَا يُهْمِلُ ثَوَابَ الصَّالِحِينَ عَلَى حَسَنَاتِهِمْ ، وَلَا جَزَاءَ الْمُسِيئِينَ عَلَى سَيِّئَاتِهِمْ ، وَأَنَّ جَعْلَهُ تِلْكَ الطَّرَائِقَ فَوْقَنَا بِحَيْثُ نَرَاهَا لَيَدُلُّنَا عَلَى أَنَّ لَهَا صِلَةً بِنَا ; لِأَنَّ عَالَمَ الْجَزَاءِ كَائِنٌ فِيهَا وَمَخْلُوقَاتِهِ مُسْتَقِرَّةٌ فِيهَا ، فَالْإِشَارَةُ بِهَذَا التَّرْتِيبِ مِثْلَ الْإِشَارَةِ بِعَكْسِهِ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=38وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=39مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=40إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ .
وَالطَّرَائِقُ : جَمْعُ طَرِيقَةٍ وَهِيَ اسْمٌ لِلطَّرِيقِ تُذَكَّرُ وَتُؤَنَّثُ . وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا : طَرَائِقُ سَيْرِ الْكَوَاكِبِ السَّبْعَةِ وَهِيَ أَفْلَاكُهَا ، أَيِ : الْخُطُوطُ الْفَرْضِيَّةُ الَّتِي ضَبَطَ النَّاسُ بِهَا سُمُوتَ سَيْرِ الْكَوَاكِبِ . وَقَدْ أُطْلِقَ عَلَى الْكَوْكَبِ اسْمُ الطَّارِقِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=86&ayano=1وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ يَنْتَقِلُ فِي سَمْتٍ يُسَمَّى طَرِيقَةً فَإِنَّ السَّايِرَ فِي طَرِيقٍ يُقَالُ لَهُ : طَارِقٌ ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الطَّرَائِقَ تَسْتَلْزِمُ سَائِرَاتٍ فِيهَا ، فَكَانَ الْمَعْنَى : خَلَقْنَا سَيَّارَاتٍ وَطَرَائِقَهَا .
وَذُكِرَ ( فَوْقَكُمْ ) لِلتَّنْبِيهِ عَلَى وُجُوبِ النَّظَرِ فِي أَحْوَالِهَا لِلِاسْتِدْلَالِ بِهَا عَلَى قُدْرَةِ الْخَالِقِ لَهَا تَعَالَى فَإِنَّهَا بِحَالَةِ إِمْكَانِ النَّظَرِ إِلَيْهَا وَالتَّأَمُّلِ فِيهَا .
وَلِأَنَّ كَوْنَهَا فَوْقَ النَّاسِ مِمَّا سَهَّلَ انْتِفَاعَهُمْ بِهَا فِي التَّوْقِيتِ وَلِذَلِكَ عَقَّبَ بِجُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=17وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ الْمُشْعِرِ بِأَنَّ فِي ذَلِكَ لُطْفًا بِالْخَلْقِ وَتَيْسِيرًا عَلَيْهِمْ فِي شُئُونِ حَيَاتِهِمْ ، وَهَذَا امْتِنَانٌ . فَالْوَاوُ فِي جُمْلَةِ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ لِلْحَالِ ، وَالْجُمْلَةُ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ . وَفِيهِ تَنْبِيهٌ لِلنَّظَرِ فِي أَنَّ عَالَمَ الْجَزَاءِ كَائِنٌ بِتِلْكَ الْعَوَالِمِ قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=22وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ .
وَالْخَلْقُ مَفْعُولٌ سُمِّيَ بِالْمَصْدَرِ ، أَيْ : مَا كُنَّا غَافِلِينَ عَنْ حَاجَةِ مَخْلُوقَاتِنَا يَعْنِي الْبَشَرَ . وَنَفْيُ الْغَفْلَةِ كِنَايَةٌ عَنِ الْعِنَايَةِ وَالْمُلَاحَظَةِ ، فَأَفَادَ ذَلِكَ أَنَّ فِي خَلْقِ الطَّرَائِقِ السَّمَاوِيَّةِ لِمَا خُلِقَتْ لَهُ لُطْفًا بِالنَّاسِ أَيْضًا إِذْ كَانَ نِظَامُ خَلْقِهَا صَالِحًا
[ ص: 28 ] لِانْتِفَاعِ النَّاسِ بِهِ فِي مَوَاقِيتِهِمْ وَأَسْفَارِهِمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ كَمَا قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=97وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ . وَأَعْظَمُ تِلْكَ الطَّرَائِقِ طَرِيقَةُ الشَّمْسِ مَعَ مَا زَادَتْ بِهِ مِنَ النَّفْعِ بِالْإِنَارَةِ وَإِصْلَاحِ الْأَرْضِ وَالْأَجْسَادِ فَصَارَ الْمَعْنَى : خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ لِحِكْمَةٍ لَا تَعْلَمُونَهَا وَمَا أَهْمَلْنَا فِي خَلْقِهَا رَعْيَ مَصَالِحِكُمْ أَيْضًا .
وَالْعَدْلُ عَنِ الْإِضْمَارِ إِلَى الْإِظْهَارِ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=17وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ دُونَ أَنْ يُقَالَ : وَمَا كُنَّا عَنْكُمْ غَافِلِينَ ، لِمَا يُفِيدُهُ الْمُشْتَقُّ مِنْ مَعْنَى التَّعْلِيلِ ، أَيْ : مَا كُنَّا عَنْكُمْ غَافِلِينَ ; لِأَنَّكُمْ مَخْلُوقَاتُنَا فَنَحْنُ نُعَامِلُكُمْ بِوَصْفِ الرُّبُوبِيَّةِ ، وَفِي ذَلِكَ تَنْبِيهٌ عَلَى وُجُوبِ الشُّكْرِ وَالْإِقْلَاعِ عَنِ الْكُفْرِ .