nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=51nindex.php?page=treesubj&link=29004_11477ترجي من تشاء منهن وتأوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك .
استئناف بياني ناشئ عن قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=50إنا أحللنا لك أزواجك إلى قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=50لكيلا يكون عليك حرج فإنه يثير في النفس تطلبا لبيان مدى هذا التحليل . والجملة خبر مستعمل في إنشاء تحليل الإرجاء والإيواء لمن يشاء النبي - صلى الله عليه وسلم - .
والإرجاء حقيقته : التأخير إلى وقت مستقبل . يقال : أرجأت الأمر وأرجيته مهموزا ومخففا ، إذا أخرته .
وفعله ينصرف إلى الأحوال لا الذوات فإذا عدي فعله إلى اسم ذات تعين انصرافه إلى وصف من الأوصاف المناسبة والتي تراد منها ، فإذا قلت : أرجأت غريمي ، كان المراد : أنك أخرت قضاء دينه إلى وقت يأتي .
والإيواء : حقيقته جعل الشيء آويا ، أي راجعا إلى مكانه . يقال : آوى ، إذا رجع حيث فارق ، وهو هنا مجاز في مطلق الاستقرار سواء كان بعد إبعاد أم بدونه ، وسواء كان بعد سبق استقرار بالمكان أم لم يكن .
ومقابلة الإرجاء بالإيواء تقتضي أن الإرجاء مراد منه ضد الإيواء أو أن الإيواء ضد الإرجاء والإيواء صريحهما وكنايتهما .
فضمير ( منهن ) عائد إلى النساء المذكورات ممن هن في عصمته ومن أحل الله له نكاحهن غيرهن من بنات عمه وعماته وخاله وخالاته ، والواهبات أنفسهن فتلك أربعة أصناف :
الصنف الأول : وهن اللاء في عصمة النبيء - عليه الصلاة والسلام - فهن متصلن به فإرجاء هذا الصنف ينصرف إلى تأخير الاستمتاع إلى وقت مستقبل يريده
[ ص: 73 ] والإيواء ضده . فيتعين أن يكون الإرجاء منصرفا إلى القسم فوسع الله على نبيه - صلى الله عليه وسلم - بأن أباح له أن يسقط حق بعض نسائه في المبيت معهن فصار حق المبيت حقا له لا لهن بخلاف بقية المسلمين ، وعلى هذا جرى قول
مجاهد ،
وقتادة ،
وأبي رزين قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري .
وقد كانت إحدى نساء النبيء - صلى الله عليه وسلم - أسقطت عنه حقها في المبيت وهي
nindex.php?page=showalam&ids=93سودة بنت زمعة وهبت يومها
لعائشة فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقسم
لعائشة بيومها ويوم
nindex.php?page=showalam&ids=93سودة وكان ذلك قبل نزول هذه الآية ولما نزلت هذه الآية صار النبي - عليه الصلاة والسلام - مخيرا في القسم لأزواجه . وهذا قول الجمهور ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=12815أبو بكر بن العربي : وهو الذي ينبغي أن يعول عليه . وهذا تخيير للنبي - صلى الله عليه وسلم - إلا أنه لم يأخذ لنفسه به تكرما منه على أزواجه . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري . ما علمنا أن رسول الله أرجأ أحدا من أزواجه بل آواهن كلهن . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12815أبو بكر بن العربي : وهو المعنى المراد . وقال
أبو رزين العقيلي أرجأ
ميمونة nindex.php?page=showalam&ids=93وسودة nindex.php?page=showalam&ids=149وجويرية nindex.php?page=showalam&ids=10583وأم حبيبة وصفية ، فكان يقسم لهن ما شاء ، أي دون مساواة لبقية أزواجه . وضعفه
ابن العربي .
وفسر الإرجاء بمعنى التطليق ، والإيواء بمعنى الإبقاء في العصمة ، فيكون إذنا له بتطليق من يشاء تطليقها وإطلاق الإرجاء على التطليق غريب .
وقد ذكروا أقوالا أخر وأخبارا في سبب النزول لم تصح أسانيدها فهي آراء لا يوثق بها . ويشمل الإرجاء الصنف الثاني وهن ما ملكت يمينه وهو حكم أصلي إذ لا يجب للإماء عدل في المعاشرة ولا في المبيت .
ويشمل الإرجاء الصنف الثالث وهن : بنات عمه وبنات عماته وبنات خاله وبنات خالاته ، فالإرجاء تأخير تزوج من يحل منهن ، والإيواء العقد على إحداهن ، والنبيء - صلى الله عليه وسلم - لم يتزوج واحدة بعد نزول هذه الآية ، وذلك إرجاء العمل بالإذن فيهن إلى غير أجل معين .
وكذلك إرجاء الصنف الرابع اللاء وهبن أنفسهن ، سواء كان ذلك واقعا بعد
[ ص: 74 ] نزول الآية أم كان بعضه بعد نزولها فإرجاؤهن عدم قبول نكاح الواهبة ، عبر عنه بالإرجاء إبقاء على أملها أن يقبلها في المستقبل ، وإيوائهن قبول هبتهن .
قرأ
نافع ،
وحمزة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي ،
وحفص عن
عاصم ،
وأبو جعفر ،
وخلف ( ترجي ) بالياء التحتية في آخره مخفف ( ترجئ ) المهموز . وقرأه
ابن كثير ،
وابن عامر ،
وأبو عمرو ،
وأبو بكر عن
عاصم ،
ويعقوب ترجئ بالهمز في آخره . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : الهمز أجود وأكثر . والمعنى واحد .
واتفق الرواة على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يستعمل مع أزواجه ما أبيح له أخذا منه بأفضل الأخلاق ، فكان يعدل في القسم بين نسائه إلا أن
nindex.php?page=showalam&ids=93سودة وهبت يومها
لعائشة طلبا لمسرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
وأما قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=51ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك فهذا لبيان أن هذا التخيير لا يوجب استمرار ما أخذ به من الطرفين المخير بينهما ، أي لا يكون عمله بالعزل لازم الدوام بمنزلة الظهار والإيلاء ، بل أذن الله أن يرجع إلى من يعزلها منهن ، فصرح هنا بأن الإرجاء شامل للعزل .
ففي الكلام جملة مقدرة دل عليها قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=51ابتغيت إذ هو يقتضي أنه ابتغى إبطال عزلها فمفعول ( ابتغيت ) محذوف دل عليه قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=51وتؤوي إليك من تشاء كما هو مقتضى المقابلة بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=51ترجي من تشاء ، فإن العزل والإرجاء مؤداهما واحد .
والمعنى : فإن عزلت بالإرجاء إحداهن فليس العزل بواجب استمراره بل لك أن تعيدها إن ابتغيت العود إليها ، أي فليس هذا كتخيير الرجل زوجه فتختار نفسها ، المقتضي أنها تبين منه . ومتعلق الجناح محذوف دل عليه قوله ( ابتغيت ) أي ابتغيت إيوائها فلا جناح عليك من إيوائها .
و ( من ) يجوز أن تكون شرطية وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=51فلا جناح عليك جواب الشرط . و يجوز أن تكون موصولة مبتدأ فإن الموصول يعامل معاملة الشرط في كلامهم بكثرة إذا قصد منه العموم فلذلك يقترن خبر الموصول العام بالفاء كثيرا كقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=203فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ، وعليه فجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=51فلا جناح [ ص: 75 ] عليك خبر المبتدأ اقترن بالفاء لمعاملة الموصول معاملة الشرط ومفعول ( عزلت ) محذوف عائد إلى ( من ) أي التي ابتغيتها ممن عزلتهن وهو من حذف العائد المنصوب .
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=51nindex.php?page=treesubj&link=29004_11477تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُأْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلَتْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ .
اسْتِئْنَافٌ بَيَانِيٌّ نَاشِئٌ عَنْ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=50إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ إِلَى قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=50لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ فَإِنَّهُ يُثِيرُ فِي النَّفْسِ تَطَلُّبًا لِبَيَانِ مَدَى هَذَا التَّحْلِيلِ . وَالْجُمْلَةُ خَبَرٌ مُسْتَعْمَلٌ فِي إِنْشَاءِ تَحْلِيلِ الْإِرْجَاءِ وَالْإِيوَاءِ لِمَنْ يَشَاءُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - .
وَالْإِرْجَاءُ حَقِيقَتُهُ : التَّأْخِيرُ إِلَى وَقْتٍ مُسْتَقْبَلٍ . يُقَالُ : أَرْجَأَتُ الْأَمْرَ وَأَرْجَيْتُهُ مَهْمُوزًا وَمُخَفَّفًا ، إِذَا أَخَّرْتُهُ .
وَفِعْلُهُ يَنْصَرِفُ إِلَى الْأَحْوَالِ لَا الذَّوَاتِ فَإِذَا عُدِّيَ فِعْلُهُ إِلَى اسْمِ ذَاتٍ تَعَيَّنَ انْصِرَافُهُ إِلَى وَصْفٍ مِنَ الْأَوْصَافِ الْمُنَاسِبَةِ وَالَّتِي تُرَادُ مِنْهَا ، فَإِذَا قُلْتَ : أَرْجَأْتُ غَرِيمِي ، كَانَ الْمُرَادُ : أَنَّكَ أَخَّرْتَ قَضَاءَ دَيْنِهِ إِلَى وَقْتٍ يَأْتِي .
وَالْإِيوَاءُ : حَقِيقَتُهُ جَعْلُ الشَّيْءِ آوِيًا ، أَيْ رَاجِعًا إِلَى مَكَانِهِ . يُقَالُ : آوَى ، إِذَا رَجَعَ حَيْثُ فَارَقَ ، وَهُوَ هُنَا مَجَازٌ فِي مُطْلَقِ الِاسْتِقْرَارِ سَوَاءٌ كَانَ بَعْدَ إِبْعَادٍ أَمْ بِدُونِهِ ، وَسَوَاءٌ كَانَ بَعْدَ سَبْقِ اسْتِقْرَارٍ بِالْمَكَانِ أَمْ لَمْ يَكُنْ .
وَمُقَابَلَةُ الْإِرْجَاءِ بِالْإِيوَاءِ تَقْتَضِي أَنَّ الْإِرْجَاءَ مُرَادٌ مِنْهُ ضِدُّ الْإِيوَاءِ أَوْ أَنَّ الْإِيوَاءَ ضِدُّ الْإِرْجَاءِ وَالْإِيوَاءِ صَرِيحِهِمَا وَكِنَايَتِهِمَا .
فَضَمِيرُ ( مِنْهُنَّ ) عَائِدٌ إِلَى النِّسَاءِ الْمَذْكُورَاتِ مِمَّنْ هُنَّ فِي عِصْمَتِهِ وَمَنْ أَحَلَّ اللَّهُ لَهُ نِكَاحَهُنَّ غَيْرَهُنَّ مِنْ بَنَاتِ عَمِّهِ وَعَمَّاتِهِ وَخَالِهِ وَخَالَاتِهِ ، وَالْوَاهِبَاتِ أَنْفُسَهُنَّ فَتِلْكَ أَرْبَعَةُ أَصْنَافٍ :
الصِّنْفُ الْأَوَّلُ : وَهُنَّ اللَّاءِ فِي عِصْمَةِ النَّبِيءِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَهُنَّ مُتَّصِلْنَ بِهِ فَإِرْجَاءُ هَذَا الصِّنْفِ يَنْصَرِفُ إِلَى تَأْخِيرِ الِاسْتِمْتَاعِ إِلَى وَقْتٍ مُسْتَقْبَلٍ يُرِيدُهُ
[ ص: 73 ] وَالْإِيوَاءُ ضِدُّهُ . فَيَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ الْإِرْجَاءُ مُنْصَرِفًا إِلَى الْقَسَمِ فَوَسَّعَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنْ أَبَاحَ لَهُ أَنْ يُسْقِطَ حَقَّ بَعْضِ نِسَائِهِ فِي الْمَبِيتِ مَعَهُنَّ فَصَارَ حَقُّ الْمَبِيتِ حَقًّا لَهُ لَا لَهُنَّ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْمُسْلِمِينَ ، وَعَلَى هَذَا جَرَى قَوْلُ
مُجَاهِدٍ ،
وَقَتَادَةَ ،
وَأَبِي رَزِينٍ قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيُّ .
وَقَدْ كَانَتْ إِحْدَى نِسَاءِ النَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَسْقَطَتْ عَنْهُ حَقَّهَا فِي الْمَبِيتِ وَهِيَ
nindex.php?page=showalam&ids=93سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ وَهَبَتْ يَوْمَهَا
لِعَائِشَةَ فَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْسِمُ
لِعَائِشَةَ بِيَوْمِهَا وَيَوْمِ
nindex.php?page=showalam&ids=93سَوْدَةَ وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ وَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ صَارَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مُخَيَّرًا فِي الْقَسْمِ لِأَزْوَاجِهِ . وَهَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12815أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ : وَهُوَ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُعَوَّلَ عَلَيْهِ . وَهَذَا تَخْيِيرٌ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ لِنَفْسِهِ بِهِ تَكَرُّمًا مِنْهُ عَلَى أَزْوَاجِهِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزُّهْرِيُّ . مَا عَلِمْنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ أَرْجَأَ أَحَدًا مِنْ أَزْوَاجِهِ بَلْ آوَاهُنَّ كُلَّهُنَّ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12815أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ : وَهُوَ الْمَعْنَى الْمُرَادُ . وَقَالَ
أَبُو رَزِينٍ الْعُقَيْلِيُّ أَرْجَأَ
مَيْمُونَةَ nindex.php?page=showalam&ids=93وَسَوْدَةَ nindex.php?page=showalam&ids=149وَجُوَيْرِيَةَ nindex.php?page=showalam&ids=10583وَأُمَّ حَبِيبَةَ وَصَفِيَّةَ ، فَكَانَ يَقْسِمُ لَهُنَّ مَا شَاءَ ، أَيْ دُونَ مُسَاوَاةٍ لِبَقِيَّةِ أَزْوَاجِهِ . وَضَعَّفَهُ
ابْنُ الْعَرَبِيِّ .
وَفُسِّرَ الْإِرْجَاءُ بِمَعْنَى التَّطْلِيقِ ، وَالْإِيوَاءُ بِمَعْنَى الْإِبْقَاءِ فِي الْعِصْمَةِ ، فَيَكُونُ إِذْنًا لَهُ بِتَطْلِيقِ مَنْ يَشَاءُ تَطْلِيقَهَا وَإِطْلَاقُ الْإِرْجَاءِ عَلَى التَّطْلِيقِ غَرِيبٌ .
وَقَدْ ذَكَرُوا أَقْوَالًا أُخَرَ وَأَخْبَارًا فِي سَبَبِ النُّزُولِ لَمْ تَصِحَّ أَسَانِيدُهَا فَهِيَ آرَاءٌ لَا يُوثَقُ بِهَا . وَيَشْمَلُ الْإِرْجَاءُ الصِّنْفَ الثَّانِي وَهُنَّ مَا مَلَكَتْ يَمِينُهُ وَهُوَ حُكْمٌ أَصْلِيٌّ إِذْ لَا يَجِبُ لِلْإِمَاءِ عَدَلٌ فِي الْمُعَاشَرَةِ وَلَا فِي الْمَبِيتِ .
وَيَشْمَلُ الْإِرْجَاءُ الصِّنْفَ الثَّالِثَ وَهُنَّ : بَنَاتُ عَمِّهِ وَبَنَاتُ عَمَّاتِهِ وَبَنَاتُ خَالِهِ وَبَنَاتُ خَالَاتِهِ ، فَالْإِرْجَاءُ تَأْخِيرُ تَزَوُّجِ مَنْ يَحِلُّ مِنْهُنَّ ، وَالْإِيوَاءُ الْعَقْدُ عَلَى إِحْدَاهِنَّ ، وَالنَّبِيءُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَتَزَوَّجْ وَاحِدَةً بَعْدَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ ، وَذَلِكَ إِرْجَاءُ الْعَمَلِ بِالْإِذْنِ فِيهِنَّ إِلَى غَيْرِ أَجْلٍ مُعَيَّنٍ .
وَكَذَلِكَ إِرْجَاءُ الصِّنْفِ الرَّابِعِ اللَّاءِ وَهَبْنَ أَنْفُسَهُنَّ ، سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ وَاقِعًا بَعْدَ
[ ص: 74 ] نُزُولِ الْآيَةِ أَمْ كَانَ بَعْضُهُ بَعْدَ نُزُولِهَا فَإِرْجَاؤُهُنَّ عَدَمُ قَبُولِ نِكَاحِ الْوَاهِبَةِ ، عَبَّرَ عَنْهُ بِالْإِرْجَاءِ إِبْقَاءً عَلَى أَمَلِهَا أَنْ يَقْبَلَهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ ، وَإِيوَائُهُنَّ قَبُولُ هِبَتِهِنَّ .
قَرَأَ
نَافِعٌ ،
وَحَمْزَةُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ ،
وَحَفْصٌ عَنْ
عَاصِمٍ ،
وَأَبُو جَعْفَرٍ ،
وَخَلَفٌ ( تُرْجِي ) بِالْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ فِي آخِرِهِ مُخَفَّفُ ( تُرْجِئُ ) الْمَهْمُوزُ . وَقَرَأَهُ
ابْنُ كَثِيرٍ ،
وَابْنُ عَامِرٍ ،
وَأَبُو عَمْرٍو ،
وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ
عَاصِمٍ ،
وَيَعْقُوبَ تُرْجِئُ بِالْهَمْزِ فِي آخِرِهِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ : الْهَمْزُ أَجْوَدُ وَأَكْثَرُ . وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ .
وَاتَّفَقَ الرُّوَاةُ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَسْتَعْمِلْ مَعَ أَزْوَاجِهِ مَا أُبِيحَ لَهُ أَخْذًا مِنْهُ بِأَفْضَلِ الْأَخْلَاقِ ، فَكَانَ يَعْدِلُ فِي الْقَسْمِ بَيْنَ نِسَائِهِ إِلَّا أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=93سَوْدَةَ وَهَبَتْ يَوْمَهَا
لِعَائِشَةَ طَلَبًا لِمَسَرَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - .
وَأَمَّا قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=51وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ فَهَذَا لِبَيَانِ أَنَّ هَذَا التَّخْيِيرَ لَا يُوجِبُ اسْتِمْرَارَ مَا أُخِذَ بِهِ مِنَ الطَّرَفَيْنِ الْمُخَيَّرِ بَيْنَهُمَا ، أَيْ لَا يَكُونُ عَمَلُهُ بِالْعَزْلِ لَازِمَ الدَّوَامِ بِمَنْزِلَةِ الظِّهَارِ وَالْإِيلَاءِ ، بَلْ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى مَنْ يَعْزِلُهَا مِنْهُنَّ ، فَصَرَّحَ هُنَا بِأَنَّ الْإِرْجَاءَ شَامِلٌ لِلْعَزْلِ .
فَفِي الْكَلَامِ جُمْلَةٌ مُقَدَّرَةٌ دَلَّ عَلَيْهَا قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=51ابْتَغَيْتَ إِذْ هُوَ يَقْتَضِي أَنَّهُ ابْتَغَى إِبْطَالَ عَزْلِهَا فَمَفْعُولُ ( ابْتَغَيْتَ ) مَحْذُوفٌ دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=51وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى الْمُقَابَلَةِ بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=51تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ ، فَإِنَّ الْعَزْلَ وَالْإِرْجَاءَ مُؤَدَّاهُمَا وَاحِدٌ .
وَالْمَعْنَى : فَإِنْ عَزَلْتَ بِالْإِرْجَاءِ إِحْدَاهُنَّ فَلَيْسَ الْعَزْلُ بِوَاجِبٍ اسْتِمْرَارُهُ بَلْ لَكَ أَنْ تُعِيدَهَا إِنِ ابْتَغَيْتَ الْعُودَ إِلَيْهَا ، أَيْ فَلَيْسَ هَذَا كَتَخْيِيرِ الرَّجُلِ زَوْجَهُ فَتَخْتَارُ نَفْسَهَا ، الْمُقْتَضِي أَنَّهَا تَبِينُ مِنْهُ . وَمُتَعَلِّقُ الْجُنَاحِ مَحْذُوفٌ دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ ( ابْتَغَيْتَ ) أَيِ ابْتَغَيْتَ إِيوَائَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ مِنْ إِيوَائِهَا .
وَ ( مَنْ ) يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ شَرْطِيَّةً وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=51فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ جَوَابُ الشَّرْطِ . وَ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَوْصُولَةً مُبْتَدَأً فَإِنَّ الْمَوْصُولَ يُعَامَلُ مُعَامَلَةَ الشَّرْطِ فِي كَلَامِهِمْ بِكَثْرَةٍ إِذَا قَصَدَ مِنْهُ الْعُمُومَ فَلِذَلِكَ يَقْتَرِنُ خَبَرُ الْمَوْصُولِ الْعَامِ بِالْفَاءِ كَثِيرًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=203فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ، وَعَلَيْهِ فَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=51فَلَا جَنَاحَ [ ص: 75 ] عَلَيْكَ خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ اقْتَرَنَ بِالْفَاءِ لِمُعَامَلَةِ الْمَوْصُولِ مُعَامَلَةَ الشَّرْطِ وَمَفْعُولُ ( عَزَلْتَ ) مَحْذُوفٌ عَائِدٌ إِلَى ( مَنْ ) أَيِ الَّتِي ابْتَغَيْتَهَا مِمَّنْ عَزَلْتَهُنَّ وَهُوَ مِنْ حَذْفِ الْعَائِدِ الْمَنْصُوبِ .