nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=166لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=167nindex.php?page=treesubj&link=28975_32267إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله قد ضلوا ضلالا بعيدا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=168إن الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=169إلا طريق جهنم خالدين فيها أبدا وكان ذلك على الله يسيرا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=170يا أيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم فآمنوا خيرا لكم وإن تكفروا فإن لله ما في السماوات والأرض وكان الله عليما حكيما nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد له ما في السماوات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا [ ص: 345 ] قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=166لكن الله يشهد الاسم الشريف مبتدأ والفعل خبره ، ومع تشديد النون هو منصوب على أنه اسم ( لكن ) والاستدراك من محذوف مقدر كأنهم قالوا : ما نشهد لك يا
محمد بهذا ؛ أي : الوحي والنبوة ، فنزل
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=166لكن الله يشهد .
وقوله : ( والملائكة يشهدون ) جملة معطوفة على الجملة الأولى أو جملة حالية ، وكذلك قوله : ( أنزله بعلمه ) جملة حالية ؛ أي : متلبسا بعلمه الذي لا يعلمه غيره من كونك أهلا لما اصطفاك الله له من النبوة وأنزله عليك من القرآن
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=166وكفى بالله شهيدا أي : كفى الله شاهدا والباء زائدة ، وشهادة الله سبحانه هي ما يصنعه من
nindex.php?page=treesubj&link=28752_29629المعجزات الدالة على صحة النبوة ، فإن وجود هذه المعجزات شهادة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم بصدق ما أخبر به من هذا وغيره
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=167إن الذين كفروا بكل ما يجب الإيمان به ، أو بهذا الأمر الخاص ، وهو ما في هذا المقام
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=167وصدوا عن سبيل الله وهو دين الإسلام بإنكارهم نبوة
محمد صلى الله عليه وآله وسلم بقولهم : ما نجد صفته في كتابنا وإنما النبوة في ولد
هارون وداود ، وبقولهم : إن شرع
موسى لا ينسخ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=167قد ضلوا ضلالا بعيدا عن الحق بما فعلوا ؛ لأنهم مع كفرهم منعوا غيرهم عن الحق .
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=167إن الذين كفروا بجحدهم ( وظلموا ) غيرهم بصدهم عن السبيل أو ظلموا
محمدا بكتمانهم نبوته أو ظلموا أنفسهم بكفرهم ، ويجوز الحمل على جميع هذه المعاني
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=168لم يكن الله ليغفر لهم إذا استمروا على كفرهم وماتوا كافرين
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=168ولا ليهديهم طريقا إلا طريق جهنم لكونهم اقترفوا ما يوجب لهم ذلك بسوء اختيارهم وفرط شقائهم وجحدوا الواضح وعاندوا البين
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=169خالدين فيها أبدا أي : يدخلهم جهنم خالدين فيها ، وهي حال مقدرة .
وقوله : ( أبدا ) منصوب على الظرفية ، وهو لدفع احتمال أن الخلود هنا يراد به المكث الطويل ( وكان ذلك ) أي : تخليدهم في جهنم أو ترك المغفرة لهم والهداية مع الخلود في جهنم
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=169على الله يسيرا لأنه سبحانه لا يصعب عليه شيء
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=82إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون [ يس : 82 ]
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=170فآمنوا خيرا لكم اختلف أئمة النحو في انتصاب ( خيرا ) على ماذا ؟ فقال
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه ،
والخليل : بفعل مقدر ؛ أي : واقصدوا أو ائتوا خيرا لكم ، وقال
الفراء : هو نعت لمصدر محذوف ؛ أي : فآمنوا إيمانا خيرا لكم ، وذهب
أبو عبيدة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي إلى أنه خبر لكان مقدرة ؛ أي : فآمنوا يكن الإيمان خيرا لكم ، وأقوى هذه الأقوال الثالث ، ثم الأول ، ثم الثاني على ضعف فيه ( وإن تكفروا ) أي : وإن تستمروا على كفركم
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=170فإن لله ما في السماوات والأرض من مخلوقاته ، وأنتم من جملتهم ، ومن كان خاليا لكم ولها فهو قادر على مجازاتكم بقبيح أفعالكم ، ففي هذه الجملة وعيد لهم مع إيضاح وجه البرهان وإماطة الستر عن الدليل بما يوجب عليهم القبول والإذعان ؛ لأنهم يعترفون بأن الله خالقهم
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=87ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله [ الزخرف : 87 ] .
قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171ياأهل الكتاب لا تغلوا في دينكم الغلو : هو التجاوز في الحد ومنه غلا السعر يغلو غلاء ، وغلا الرجل في الأمر غلوا ، وغلا بالجارية لحمها وعظمها إذا أسرعت الشباب فجاوزت لداتها .
والمراد بالآية النهي لهم عن الإفراط تارة والتفريط أخرى ، فمن الإفراط
nindex.php?page=treesubj&link=31994_31998غلو النصارى في عيسى حتى جعلوه ربا ، ومن التفريط غلو
اليهود فيه عليه السلام حتى جعلوه لغير رشدة ، وما أحسن قول الشاعر :
ولا تغل في شيء من الأمر واقتصد كلا طرفي قصد الأمور ذميم
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171ولا تقولوا على الله إلا الحق وهو ما وصف به نفسه ووصفته به رسله ، ولا تقولوا الباطل كقول
اليهود عزير ابن الله ، وقول
النصارى :
المسيح ابن الله
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171إنما nindex.php?page=treesubj&link=31989_31982_31980المسيح عيسى ابن مريم رسول الله المسيح مبتدأ
وعيسى بدل منه ،
وابن مريم صفة
لعيسى ، ورسول الله الخبر ، ويجوز أن يكون
عيسى ابن مريم عطف بيان والجملة تعليل للنهي ، وقد تقدم الكلام على
المسيح في آل عمران ، قوله : ( وكلمته ) عطف على رسول الله ، و
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171ألقاها إلى مريم حال ؛ أي : كونه بقوله كن فكان بشرا من غير أب ، وقيل ( كلمته ) بشارة الله مريم ورسالته إليها على لسان
جبريل بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=45إذ قالت الملائكة يامريم إن الله يبشرك بكلمة منه [ آل عمران : 45 ] وقيل : الكلمة هاهنا بمعنى الآية ، ومنه
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=12وصدقت بكلمات ربها [ التحريم : 12 ] وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=27ما نفدت كلمات الله [ لقمان : 27 ] .
قوله : ( وروح منه ) أي : أرسل
جبريل فنفخ في درع
مريم فحملت بإذن الله ، وهذه الإضافة للتفضيل ، وإن كان جميع الأرواح من خلقه تعالى ، وقيل : قد يسمى من تظهر منه الأشياء العجيبة روحا ويضاف إلى الله فيقال : هذا روح من الله ؛ أي : من خلقه ، كما يقال في النعمة : إنها من الله وقيل : ( روح منه ) أي : من خلقه كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=13وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه [ الجاثية : 13 ] أي : من خلقه وقيل : ( روح منه ) أي : رحمة منه ، وقيل : ( روح منه ) أي : برهان منه ، وكان
عيسى برهانا وحجة على قومه ، وقوله : ( منه ) متعلق بمحذوف وقع صفة لروح ، أي : كائنة منه وجعلت الروح منه سبحانه وإن كانت بنفخ
جبريل لكونه تعالى الآمر
لجبريل بالنفخ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171فآمنوا بالله ورسله أي : بأنه سبحانه إله واحد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ، وبأن رسله صادقون مبلغون عن الله ما أمرهم بتبليغه ، ولا تكذبوهم ولا تغلوا فيهم ، فتجعلوا بعضهم آلهة .
قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171ولا تقولوا ثلاثة ارتفاع ( ثلاثة ) على أنه خبر مبتدأ محذوف قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج ؛ أي : لا تقولوا آلهتنا ثلاثة ، وقال
الفراء وأبو عبيد ؛ أي :
[ ص: 346 ] لا تقولوا : هم ثلاثة كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=22سيقولون ثلاثة ) [ الكهف : 22 ] وقال
أبو علي الفارسي : لا تقولوا : هو ثالث ثلاثة ، فحذف المبتدأ والمضاف
nindex.php?page=treesubj&link=29434، والنصارى مع تفرق مذاهبهم متفقون على التثليث ، ويعنون بالثلاثة ، الثلاثة الأقانيم فيجعلونه سبحانه جوهرا واحدا وله ثلاثة أقانيم ، ويعنون بالأقانيم أقنوم الوجود ، وأقنوم الحياة ، وأقنوم العلم ، وربما يعبرون عن الأقانيم بالأب والابن وروح القدس ، فيعنون بالأب الوجود وبالروح الحياة وبالابن المسيح ، وقيل : المراد بالآلهة الثلاثة : الله سبحانه وتعالى ،
ومريم ، والمسيح .
وقد اختبط
النصارى في هذا اختباطا طويلا ، ووقفنا في الأناجيل الأربعة التي يطلق عليها عندهم اسم الإنجيل على اختلاف كثير في
عيسى : فتارة يوصف بأنه ابن الإنسان ، وتارة يوصف بأنه ابن الله ، وتارة يوصف بأنه ابن الرب ، وهذا تناقض ظاهر وتلاعب بالدين .
والحق ما أخبرنا الله به في القرآن ، وما خالفه في التوراة والإنجيل أو الزبور فهو من تحريف المحرفين وتلاعب المتلاعبين ، ومن أعجب ما رأيناه أن الأناجيل الأربعة كل واحد منها منسوب إلى واحد من أصحاب
عيسى عليه السلام ، وحاصل ما فيها جميعا أن كل واحد من هؤلاء الأربعة ذكر سيرة
عيسى من عند أن بعثه الله إلى أن رفعه إليه ، وذكر ما جرى له من المعجزات والمراجعات لليهود ونحوهم ، فاختلفت ألفاظهم ، واتفقت معانيها ، وقد يزيد بعضهم على بعض بحسب ما يقتضيه الحفظ والضبط ، وذكر ما قاله
عيسى وما قيل له ، وليس فيها من كلام الله سبحانه شيء ، ولا أنزل على
عيسى من عنده كتابا ، بل كان
عيسى عليه السلام يحتج عليهم بما في التوراة ويذكر أنه لم يأت بما يخالفها ، وهكذا الزبور فإنه من أوله إلى آخره من كلام
داود عليه السلام ، وكلام الله أصدق ، وكتابه أحق ، وقد أخبرنا أن الإنجيل كتابه أنزله على عبده ورسوله
عيسى ابن مريم ، وأن الزبور كتابه آتاه
داود وأنزله عليه .
قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171انتهوا خيرا لكم أي : انتهوا عن التثليث ، وانتصاب ( خيرا ) هنا فيه الوجوه الثلاثة التي تقدمت في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=170فآمنوا خيرا لكم ،
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171إنما الله إله واحد لا شريك له ولا صاحبة ولا ولد
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171سبحانه أن يكون له ولد أي : أسبحه تسبيحا عن أن يكون له ولد
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171له ما في السماوات وما في الأرض وما جعلتموه له شريكا أو ولدا هو من جملة ذلك ، والمملوك المخلوق لا يكون شريكا ولا ولدا
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171وكفى بالله وكيلا نكل الخلق أمورهم إليه ولا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا .
وقد أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير ،
وابن المنذر ،
والبيهقي في الدلائل عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال :
دخل جماعة من اليهود على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال لهم : إني والله أعلم أنكم تعلمون أني رسول الله ، قالوا : ما نعلم ذلك ، فأنزل الله ( لكن الله يشهد ) الآية .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد ،
والحاكم وصححه
والبيهقي في الدلائل ، عن
أبي موسى أن
nindex.php?page=showalam&ids=888النجاشي قال
لجعفر : ما يقول صاحبك في
ابن مريم ؟ قال : يقول فيه قول الله : هو
nindex.php?page=treesubj&link=31982روح الله وكلمته ، أخرجه من البتول العذراء لم يقربها بشر ، فتناول عودا من الأرض فرفعه فقال : يا معشر القسيسين والرهبان ما يزيد هؤلاء على ما تقولون في
ابن مريم ما يزن هذه ، وأخرجه
البيهقي في الدلائل ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود بأطول من هذا .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، عن
عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1020001لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم فإنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله .
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=166لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=167nindex.php?page=treesubj&link=28975_32267إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلَالًا بَعِيدًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=168إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=169إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=170يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا [ ص: 345 ] قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=166لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ الِاسْمُ الشَّرِيفُ مُبْتَدَأٌ وَالْفِعْلُ خَبَرُهُ ، وَمَعَ تَشْدِيدِ النُّونِ هُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى أَنَّهُ اسْمُ ( لَكِنْ ) وَالِاسْتِدْرَاكُ مِنْ مَحْذُوفٍ مُقَدَّرٍ كَأَنَّهُمْ قَالُوا : مَا نَشْهَدُ لَكَ يَا
مُحَمَّدُ بِهَذَا ؛ أَيْ : الْوَحْيُ وَالنُّبُوَّةُ ، فَنَزَلَ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=166لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ .
وَقَوْلُهُ : ( وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ ) جُمْلَةٌ مَعْطُوفَةٌ عَلَى الْجُمْلَةِ الْأُولَى أَوْ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ : ( أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ ؛ أَيْ : مُتَلَبِّسًا بِعِلْمِهِ الَّذِي لَا يَعْلَمَهُ غَيْرُهُ مِنْ كَوْنِكَ أَهْلًا لِمَا اصْطَفَاكَ اللَّهُ لَهُ مِنَ النُّبُوَّةِ وَأَنْزَلَهُ عَلَيْكَ مِنَ الْقُرْآنِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=166وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا أَيْ : كَفَى اللَّهُ شَاهِدًا وَالْبَاءُ زَائِدَةٌ ، وَشَهَادَةُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ هِيَ مَا يَصْنَعُهُ مِنَ
nindex.php?page=treesubj&link=28752_29629الْمُعْجِزَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى صِحَّةِ النُّبُوَّةِ ، فَإِنَّ وُجُودَ هَذِهِ الْمُعْجِزَاتِ شَهَادَةٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِصِدْقِ مَا أَخْبَرَ بِهِ مِنْ هَذَا وَغَيْرِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=167إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِكُلِّ مَا يَجِبُ الْإِيمَانُ بِهِ ، أَوْ بِهَذَا الْأَمْرِ الْخَاصِّ ، وَهُوَ مَا فِي هَذَا الْمَقَامِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=167وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَهُوَ دِينُ الْإِسْلَامِ بِإِنْكَارِهِمْ نُبُوَّةَ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِمْ : مَا نَجِدُ صِفَتَهُ فِي كِتَابِنَا وَإِنَّمَا النُّبُوَّةُ فِي وَلَدِ
هَارُونَ وَدَاوُدَ ، وَبِقَوْلِهِمْ : إِنَّ شَرْعَ
مُوسَى لَا يُنْسَخُ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=167قَدْ ضَلُّوا ضَلَالًا بَعِيدًا عَنِ الْحَقِّ بِمَا فَعَلُوا ؛ لِأَنَّهُمْ مَعَ كُفْرِهِمْ مَنَعُوا غَيْرَهُمْ عَنِ الْحَقِّ .
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=167إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِجَحْدِهِمْ ( وَظَلَمُوا ) غَيْرَهُمْ بِصَدِّهِمْ عَنِ السَّبِيلِ أَوْ ظَلَمُوا
مُحَمَّدًا بِكِتْمَانِهِمْ نُبُوَّتَهُ أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ بِكُفْرِهِمْ ، وَيَجُوزُ الْحَمْلُ عَلَى جَمِيعِ هَذِهِ الْمَعَانِي
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=168لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ إِذَا اسْتَمَرُّوا عَلَى كُفْرِهِمْ وَمَاتُوا كَافِرِينَ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=168وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ لِكَوْنِهِمُ اقْتَرَفُوا مَا يُوجِبُ لَهُمْ ذَلِكَ بِسُوءِ اخْتِيَارِهِمْ وَفَرْطِ شَقَائِهِمْ وَجَحَدُوا الْوَاضِحَ وَعَانَدُوا الْبَيِّنَ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=169خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا أَيْ : يُدْخِلُهُمْ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا ، وَهِيَ حَالٌ مُقَدَّرَةٌ .
وَقَوْلُهُ : ( أَبَدًا ) مَنْصُوبٌ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ ، وَهُوَ لِدَفْعِ احْتِمَالِ أَنَّ الْخُلُودَ هُنَا يُرَادُ بِهِ الْمُكْثُ الطَّوِيلُ ( وَكَانَ ذَلِكَ ) أَيْ : تَخْلِيدُهُمْ فِي جَهَنَّمَ أَوْ تَرْكُ الْمَغْفِرَةِ لَهُمْ وَالْهِدَايَةُ مَعَ الْخُلُودِ فِي جَهَنَّمَ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=169عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا لِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَا يَصْعُبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=82إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [ يس : 82 ]
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=170فَآمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ اخْتَلَفَ أَئِمَّةُ النَّحْوِ فِي انْتِصَابِ ( خَيْرًا ) عَلَى مَاذَا ؟ فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ ،
وَالْخَلِيلُ : بِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ ؛ أَيْ : وَاقْصُدُوا أَوِ ائْتُوا خَيْرًا لَكُمْ ، وَقَالَ
الْفَرَّاءُ : هُوَ نَعْتٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ ؛ أَيْ : فَآمِنُوا إِيمَانًا خَيْرًا لَكُمْ ، وَذَهَبَ
أَبُو عُبَيْدَةَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ إِلَى أَنَّهُ خَبَرٌ لَكَانَ مُقَدَّرَةً ؛ أَيْ : فَآمِنُوا يَكُنِ الْإِيمَانُ خَيْرًا لَكُمْ ، وَأَقْوَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ الثَّالِثُ ، ثُمَّ الْأَوَّلُ ، ثُمَّ الثَّانِي عَلَى ضَعْفٍ فِيهِ ( وَإِنْ تَكْفُرُوا ) أَيْ : وَإِنْ تَسْتَمِرُّوا عَلَى كُفْرِكُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=170فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ ، وَأَنْتُمْ مِنْ جُمْلَتِهِمْ ، وَمَنْ كَانَ خَالِيًا لَكُمْ وَلَهَا فَهُوَ قَادِرٌ عَلَى مُجَازَاتِكُمْ بِقَبِيحِ أَفْعَالِكُمْ ، فَفِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ وَعِيدٌ لَهُمْ مَعَ إِيضَاحِ وَجْهِ الْبُرْهَانِ وَإِمَاطَةِ السَّتْرِ عَنِ الدَّلِيلِ بِمَا يُوجِبُ عَلَيْهِمُ الْقَبُولَ وَالْإِذْعَانَ ؛ لِأَنَّهُمْ يَعْتَرِفُونَ بِأَنَّ اللَّهَ خَالِقُهُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=87وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ [ الزُّخْرُفِ : 87 ] .
قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ الْغُلُوُّ : هُوَ التَّجَاوُزُ فِي الْحَدِّ وَمِنْهُ غَلَا السِّعْرُ يَغْلُو غَلَاءً ، وَغَلَا الرَّجُلُ فِي الْأَمْرِ غُلُوًّا ، وَغَلَا بِالْجَارِيَةِ لَحْمُهَا وَعَظْمُهَا إِذَا أَسْرَعَتِ الشَّبَابَ فَجَاوَزَتْ لِدَاتَهَا .
وَالْمُرَادُ بِالْآيَةِ النَّهْيُ لَهُمْ عَنِ الْإِفْرَاطِ تَارَةً وَالتَّفْرِيطِ أُخْرَى ، فَمِنَ الْإِفْرَاطِ
nindex.php?page=treesubj&link=31994_31998غُلُوُّ النَّصَارَى فِي عِيسَى حَتَّى جَعَلُوهُ رَبًّا ، وَمِنَ التَّفْرِيطِ غُلُوُّ
الْيَهُودِ فِيهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَتَّى جَعَلُوهُ لِغَيْرِ رِشْدَةٍ ، وَمَا أَحْسَنَ قَوْلَ الشَّاعِرِ :
وَلَا تَغْلُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَمْرِ وَاقْتَصِدْ كِلَا طَرَفَيْ قَصْدِ الْأُمُورِ ذَمِيمُ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَهُوَ مَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ وَوَصَفَتْهُ بِهِ رُسُلُهُ ، وَلَا تَقُولُوا الْبَاطِلَ كَقَوْلِ
الْيَهُودِ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ ، وَقَوْلُ
النَّصَارَى :
الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171إِنَّمَا nindex.php?page=treesubj&link=31989_31982_31980الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ الْمَسِيحُ مُبْتَدَأٌ
وَعِيسَى بَدَلٌ مِنْهُ ،
وَابْنُ مَرْيَمَ صِفَةٌ
لِعِيسَى ، وَرَسُولُ اللَّهِ الْخَبَرُ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ
عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عَطْفُ بَيَانٍ وَالْجُمْلَةُ تَعْلِيلٌ لِلنَّهْيِ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى
الْمَسِيحِ فِي آلِ عِمْرَانَ ، قَوْلُهُ : ( وَكَلِمَتُهُ ) عَطْفٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ حَالٌ ؛ أَيْ : كَوْنُهُ بُقُولَهُ كُنْ فَكَانَ بَشَرًا مِنْ غَيْرِ أَبٍ ، وَقِيلَ ( كَلِمَتُهُ ) بِشَارَةُ اللَّهِ مَرْيَمَ وَرِسَالَتُهُ إِلَيْهَا عَلَى لِسَانِ
جِبْرِيلَ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=45إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ [ آلِ عِمْرَانَ : 45 ] وَقِيلَ : الْكَلِمَةُ هَاهُنَا بِمَعْنَى الْآيَةِ ، وَمِنْهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=12وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا [ التَّحْرِيمِ : 12 ] وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=27مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ [ لُقْمَانَ : 27 ] .
قَوْلُهُ : ( وَرُوحٌ مِنْهُ ) أَيْ : أَرْسَلَ
جِبْرِيلَ فَنَفَخَ فِي دِرْعِ
مَرْيَمَ فَحَمَلَتْ بِإِذْنِ اللَّهِ ، وَهَذِهِ الْإِضَافَةُ لِلتَّفْضِيلِ ، وَإِنْ كَانَ جَمِيعُ الْأَرْوَاحِ مِنْ خَلْقِهِ تَعَالَى ، وَقِيلَ : قَدْ يُسَمَّى مَنْ تَظْهَرُ مِنْهُ الْأَشْيَاءُ الْعَجِيبَةُ رُوحًا وَيُضَافُ إِلَى اللَّهِ فَيُقَالُ : هَذَا رُوحٌ مِنَ اللَّهِ ؛ أَيْ : مِنْ خَلْقِهِ ، كَمَا يُقَالُ فِي النِّعْمَةِ : إِنَّهَا مِنَ اللَّهِ وَقِيلَ : ( رُوحٌ مِنْهُ ) أَيْ : مِنْ خَلْقْهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=13وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ [ الْجَاثِيَةِ : 13 ] أَيْ : مِنْ خَلْقِهِ وَقِيلَ : ( رُوحٌ مِنْهُ ) أَيْ : رَحْمَةٌ مِنْهُ ، وَقِيلَ : ( رُوحٌ مِنْهُ ) أَيْ : بُرْهَانٌ مِنْهُ ، وَكَانَ
عِيسَى بُرْهَانًا وَحُجَّةً عَلَى قَوْمِهِ ، وَقَوْلُهُ : ( مِنْهُ ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ وَقَعَ صِفَةً لِرُوحٍ ، أَيْ : كَائِنَةٌ مِنْهُ وَجُعِلَتِ الرُّوحُ مِنْهُ سُبْحَانَهُ وَإِنْ كَانَتْ بِنَفْخِ
جِبْرِيلَ لِكَوْنِهِ تَعَالَى الْآمِرَ
لِجِبْرِيلَ بِالنَّفْخِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أَيْ : بِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ، وَبِأَنَّ رُسُلَهُ صَادِقُونَ مُبَلِّغُونَ عَنِ اللَّهِ مَا أَمَرَهُمْ بِتَبْلِيغِهِ ، وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ وَلَا تَغْلُوا فِيهِمْ ، فَتَجْعَلُوا بَعْضَهُمْ آلِهَةً .
قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ ارْتِفَاعُ ( ثَلَاثَةٌ ) عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ ؛ أَيْ : لَا تَقُولُوا آلِهَتُنَا ثَلَاثَةٌ ، وَقَالَ
الْفَرَّاءُ وَأَبُو عُبَيْدٍ ؛ أَيْ :
[ ص: 346 ] لَا تَقُولُوا : هُمْ ثَلَاثَةٌ كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=22سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ ) [ الْكَهْفِ : 22 ] وَقَالَ
أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ : لَا تَقُولُوا : هُوَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ ، فَحُذِفَ الْمُبْتَدَأُ وَالْمُضَافُ
nindex.php?page=treesubj&link=29434، وَالنَّصَارَى مَعَ تَفَرُّقِ مَذَاهِبِهِمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى التَّثْلِيثِ ، وَيَعْنُونَ بِالثَّلَاثَةِ ، الثَّلَاثَةُ الْأَقَانِيمُ فَيَجْعَلُونَهُ سُبْحَانَهُ جَوْهَرًا وَاحِدًا وَلَهُ ثَلَاثَةُ أَقَانِيمَ ، وَيَعْنُونَ بِالْأَقَانِيمِ أُقْنُومُ الْوُجُودِ ، وَأُقْنُومُ الْحَيَاةِ ، وَأُقْنُومُ الْعِلْمِ ، وَرُبَّمَا يُعَبِّرُونَ عَنِ الْأَقَانِيمِ بِالْأَبِ وَالِابْنِ وَرُوحِ الْقُدُسِ ، فَيَعْنُونَ بِالْأَبِ الْوُجُودَ وَبِالرُّوحِ الْحَيَاةَ وَبِالِابْنِ الْمَسِيحَ ، وَقِيلَ : الْمُرَادُ بِالْآلِهَةِ الثَّلَاثَةِ : اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ،
وَمَرْيَمُ ، وَالْمَسِيحُ .
وَقَدِ اخْتَبَطَ
النَّصَارَى فِي هَذَا اخْتِبَاطًا طَوِيلًا ، وَوَقَفْنَا فِي الْأَنَاجِيلِ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي يُطْلَقُ عَلَيْهَا عِنْدَهُمُ اسْمُ الْإِنْجِيلِ عَلَى اخْتِلَافٍ كَثِيرٍ فِي
عِيسَى : فَتَارَةً يُوصَفُ بِأَنَّهُ ابْنُ الْإِنْسَانِ ، وَتَارَةً يُوصَفُ بِأَنَّهُ ابْنُ اللَّهِ ، وَتَارَةً يُوصَفُ بِأَنَّهُ ابْنُ الرَّبِّ ، وَهَذَا تَنَاقُضٌ ظَاهِرٌ وَتَلَاعُبٌ بِالدِّينِ .
وَالْحَقُّ مَا أَخْبَرَنَا اللَّهُ بِهِ فِي الْقُرْآنِ ، وَمَا خَالَفَهُ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ أَوِ الزَّبُورِ فَهُوَ مِنْ تَحْرِيفِ الْمُحَرِّفِينَ وَتَلَاعُبِ الْمُتَلَاعِبِينَ ، وَمِنْ أَعْجَبِ مَا رَأَيْنَاهُ أَنَّ الْأَنَاجِيلَ الْأَرْبَعَةَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا مَنْسُوبٌ إِلَى وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ
عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَحَاصِلُ مَا فِيهَا جَمِيعًا أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةِ ذَكَرَ سِيرَةَ
عِيسَى مِنْ عِنْدِ أَنْ بَعْثَهُ اللَّهُ إِلَى أَنْ رَفَعَهُ إِلَيْهِ ، وَذَكَرَ مَا جَرَى لَهُ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ وَالْمُرَاجَعَاتِ لِلْيَهُودِ وَنَحْوِهِمْ ، فَاخْتَلَفَتْ أَلْفَاظُهُمْ ، وَاتَّفَقَتْ مَعَانِيهَا ، وَقَدْ يَزِيدُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ بِحَسَبِ مَا يَقْتَضِيهِ الْحِفْظُ وَالضَّبْطُ ، وَذَكَرَ مَا قَالَهُ
عِيسَى وَمَا قِيلَ لَهُ ، وَلَيْسَ فِيهَا مِنْ كَلَامِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ شَيْءٌ ، وَلَا أَنْزَلَ عَلَى
عِيسَى مِنْ عِنْدِهِ كِتَابًا ، بَلْ كَانَ
عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ يَحْتَجُّ عَلَيْهِمْ بِمَا فِي التَّوْرَاةِ وَيَذْكُرُ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِمَا يُخَالِفُهَا ، وَهَكَذَا الزَّبُورُ فَإِنَّهُ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ مِنْ كَلَامِ
دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَكَلَامُ اللَّهِ أَصْدَقُ ، وَكِتَابُهُ أَحَقُّ ، وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَنَّ الْإِنْجِيلَ كِتَابُهُ أَنْزَلَهُ عَلَى عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ
عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ، وَأَنَّ الزَّبُورَ كِتَابُهُ آتَاهُ
دَاوُدَ وَأَنْزَلَهُ عَلَيْهِ .
قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ أَيْ : انْتَهُوا عَنِ التَّثْلِيثِ ، وَانْتِصَابُ ( خَيْرًا ) هُنَا فِيهِ الْوُجُوهُ الثَّلَاثَةُ الَّتِي تَقَدَّمَتْ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=170فَآمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا شَرِيكَ لَهُ وَلَا صَاحِبَةَ وَلَا وَلَدَ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ أَيْ : أُسَبِّحُهُ تَسْبِيحًا عَنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا جَعَلْتُمُوهُ لَهُ شَرِيكًا أَوْ وَلَدًا هُوَ مِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ ، وَالْمَمْلُوكُ الْمَخْلُوقُ لَا يَكُونُ شَرِيكًا وَلَا وَلَدًا
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا نَكَلَ الْخَلْقُ أُمُورَهُمْ إِلَيْهِ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا .
وَقَدْ أَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابْنُ إِسْحَاقَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935وَابْنُ جَرِيرٍ ،
وَابْنُ الْمُنْذِرِ ،
وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ :
دَخَلَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْيَهُودِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُمْ : إِنِّي وَاللَّهِ أَعْلَمُ أَنَّكُمْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ ، قَالُوا : مَا نَعْلَمُ ذَلِكَ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ ( لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ ) الْآيَةَ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16298عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ ،
وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ
وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ ، عَنْ
أَبِي مُوسَى أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=888النَّجَاشِيَّ قَالَ
لِجَعْفَرٍ : مَا يَقُولُ صَاحِبُكَ فِي
ابْنِ مَرْيَمَ ؟ قَالَ : يَقُولُ فِيهِ قَوْلَ اللَّهِ : هُوَ
nindex.php?page=treesubj&link=31982رُوحُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ ، أَخْرَجَهُ مِنَ الْبَتُولِ الْعَذْرَاءِ لَمْ يَقْرَبْهَا بَشَرٌ ، فَتَنَاوَلَ عُودًا مِنَ الْأَرْضِ فَرَفَعَهُ فَقَالَ : يَا مَعْشَرَ الْقِسِّيسِينَ وَالرُّهْبَانِ مَا يَزِيدُ هَؤُلَاءِ عَلَى مَا تَقُولُونَ فِي
ابْنِ مَرْيَمَ مَا يَزِنُ هَذِهِ ، وَأَخْرَجَهُ
الْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ بِأَطْوَلَ مِنْ هَذَا .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ ، عَنْ
عُمَرَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1020001لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ فَقُولُوا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ .