nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=40nindex.php?page=treesubj&link=28977_26236_30558_30539_29494قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة أغير الله تدعون إن كنتم صادقين nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=41بل إياه تدعون فيكشف ما تدعون إليه إن شاء وتنسون ما تشركون nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=42ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=43فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=44فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=45فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين [ ص: 419 ] قوله : أرأيتكم : الكاف والميم عند
البصريين للخطاب ولا حظ لهما في الإعراب ، وهو اختيار
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي nindex.php?page=showalam&ids=14888والفراء وغيرهما ، : إن الكاف والميم في محل نصب بوقوع الرؤية عليهما .
والمعنى : أرأيتم أنفسكم .
قال
الكشاف مرجحا للمذهب الأول : إنه لا محل للضمير الثاني ، يعني الكاف من الإعراب ، لأنك تقول : أرأيتك زيدا ما شأنه ، فلو جعلت للكاف محلا لكنت كأنك تقول : أرأيت نفسك زيدا ما شأنه وهو خلف من القول انتهى .
والمعنى : أخبروني إن أتاكم عذاب الله كما أتى غيركم من الأمم أو أتتكم الساعة أي القيامة أغير الله تدعون هذا على طريقة التبكيت والتوبيخ : أي أتدعون غير الله في هذه الحالة من الأصنام التي تعبدونها أم تدعون الله سبحانه ، وقوله : إن كنتم صادقين تأكيد لذلك التوبيخ : أي أغير الله من الأصنام تدعون إن كنتم صادقين أن أصنامكم تضر وتنفع وأنها آلهة كما تزعمون .
قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=41بل إياه تدعون معطوف على منفي مقدر أي لا تدعون غيره بل إياه تخصون بالدعاء فيكشف ما تدعون إليه أي فيكشف عنكم ما تدعونه إلى كشفه إن شاء أن يكشفه عنكم لا إذا لم يشأ ذلك .
قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=41وتنسون ما تشركون أي وتنسون عند أن يأتيكم العذاب ما تشركون به تعالى : أي ما تجعلونه شريكا له من الأصنام ونحوها فلا تدعونها ، ولا ترجون كشف ما بكم منها ، بل تعرضون عنها إعراض الناس .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : يجوز أن يكون المعنى : وتتركون ما تشركون .
قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=42ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك كلام مبتدأ مسوق لتسلية النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - : أي ولقد أرسلنا إلى أمم كائنة من قبلك رسلا فكذبوهم فأخذناهم بالبأساء والضراء أي : البؤس والضر وقيل : البأساء : المصائب في الأموال ، والضراء : المصائب في الأبدان ، وبه قال الأكثر : لعلهم يتضرعون أي يدعون الله بضراعة ، مأخوذ من الضراعة وهي الذل ، يقال : ضرع فهو ضارع ، ومنه قول الشاعر :
لبيك يزيد ضارع لخصومة ومختبط مما تطيح الطوائح
قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=43فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا أي فهلا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا لكنهم لم يتضرعوا ، وهذا عتاب لهم على ترك الدعاء في كل الأحوال حتى عند نزول العذاب بهم لشدة تمردهم وغلوهم في الكفر ، ويجوز أن يكون المعنى أنهم تضرعوا عند أن نزل بهم العذاب ، وذلك تضرع ضروري لم يصدر عن إخلاص فهو غير نافع لصاحبه ، والأول أولى كما يدل عليه ولكن قست قلوبهم أي صلبت وغلظت وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون أي أغواهم بالتصميم على الكفر والاستمرار على المعاصي .
قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=44فلما نسوا ما ذكروا به أي تركوا ما ذكروا به ، أو أعرضوا عما ذكروا به ، لأن النسيان لو كان على حقيقته لم يؤاخذوا به ، إذ ليس هو من فعلهم ، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج وأبو علي الفارسي .
والمعنى : أنهم لما تركوا الاتعاظ بما ذكروا به من البأساء والضراء وأعرضوا عن ذلك
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=44فتحنا عليهم أبواب كل شيء أي لما نسوا ما ذكروا به استدرجناهم بفتح أبواب كل نوع من أنواع الخير عليهم حتى إذا فرحوا بما أوتوا من الخير على أنواعه ، فرح : بطر وأشر ، وأعجبوا بذلك وظنوا أنهم إنما أعطوه لكون كفرهم الذي هم عليه حقا وصوابا : أخذناهم بغتة أي : فجأة وهم غير مترقبين لذلك والبغتة : الأخذ على غرة من غير تقدمة أمارة ، وهي مصدر في موضع الحال لا يقاس عليها عند
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه .
قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=44فإذا هم مبلسون المبلس : الحزين الآيس من الخير لشدة ما نزل به من سوء الحال ، ومن ذلك اشتق اسم
إبليس يقال : أبلس الرجل إذا سكت ، وأبلست الناقة إذا لم ترع .
قال
العجاج :
صاح هل تعرف رسما مكرسا قال نعم أعرفه وأبلسا
أي تحير لهول ما رأى ، والمعنى : فإذا هم محزونون متحيرون آيسون من الفرح .
قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=45فقطع دابر القوم الذين ظلموا الدابر : الآخر ، يقال : دبر القوم يدبرهم دبرا : إذا كان آخرهم في المجيء ، والمعنى : أنه قطع آخرهم : أي استؤصلوا جميعا حتى آخرهم .
قال
قطرب : يعني أنهم استؤصلوا وأهلكوا .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12467أمية بن أبي الصلت :
فأهلكوا بعذاب حص دابرهم فما استطاعوا له صرفا ولا انتصروا
ومنه التدبير لأنه إحكام عواقب الأمور .
قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=45والحمد لله رب العالمين أي على هلاكهم ، وفيه تعليم للمؤمنين كيف يحمدونه سبحانه عند نزول النعم التي من أجلها هلاك الظلمة الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون فإنهم أشد على عباد الله من كل شديد .
اللهم أرح عبادك المؤمنين من ظلم الظالمين واقطع دابرهم وأبدلهم بالعدل الشامل لهم .
وقد أخرج
أبو الشيخ ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ، في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=42فأخذناهم بالبأساء والضراء قال : خوف السلطان وغلاء السعر .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير ،
وابن المنذر ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=44فلما نسوا ما ذكروا به قال : يعني تركوا ما ذكروا به .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير ،
وابن المنذر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=44فلما نسوا ما ذكروا به قال : ما دعاهم الله إليه ورسله أبوه وردوه عليهم .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16298وعبد بن حميد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير ،
وابن المنذر ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ،
وأبو الشيخ ، عن
مجاهد في قوله : فتحنا عليهم أبواب كل شيء قال : رخاء الدنيا ويسرها .
وأخرج
عبد الرزاق ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ، عن
قتادة ، نحوه .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ،
وأبو الشيخ ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ، في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=44حتى إذا فرحوا بما أوتوا قال : من الرزق
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=44أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون قال : مهلكون متغير حالهم
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=45فقطع دابر القوم الذين ظلموا يقول : فقطع أصل الذين ظلموا .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير ،
وابن المنذر ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ،
وأبو الشيخ ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16923محمد بن النضر الحارثي في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=44أخذناهم بغتة قال : أمهلوا عشرين سنة ، ولا يخفى أن هذا مخالف لمعنى البغتة
[ ص: 420 ] لغة ومحتاج إلى نقل عن الشارع وإلا فهو كلام لا طائل تحته .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ، عن
ابن زيد قال : المبلس : المجهود المكروب الذي قد نزل به الشر الذي لا يدفعه ، والمبلس أشد من المستكين ، وفي قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=45فقطع دابر القوم الذين ظلموا قال : استؤصلوا .
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=40nindex.php?page=treesubj&link=28977_26236_30558_30539_29494قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=41بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=42وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=43فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=44فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=45فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [ ص: 419 ] قَوْلُهُ : أَرَأَيْتَكُمْ : الْكَافُ وَالْمِيمُ عِنْدَ
الْبَصْرِيِّينَ لِلْخِطَابِ وَلَا حَظَّ لَهُمَا فِي الْإِعْرَابِ ، وَهُوَ اخْتِيَارُ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15080الْكِسَائِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=14888وَالْفَرَّاءُ وَغَيْرُهُمَا ، : إِنَّ الْكَافَ وَالْمِيمَ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ بِوُقُوعِ الرُّؤْيَةِ عَلَيْهِمَا .
وَالْمَعْنَى : أَرَأَيْتُمْ أَنْفُسَكُمْ .
قَالَ
الْكَشَّافُ مُرَجِّحًا لِلْمَذْهَبِ الْأَوَّلِ : إِنَّهُ لَا مَحَلَّ لِلضَّمِيرِ الثَّانِي ، يَعْنِي الْكَافَ مِنَ الْإِعْرَابِ ، لِأَنَّكَ تَقُولُ : أَرَأَيْتُكَ زَيْدًا مَا شَأْنُهُ ، فَلَوْ جَعَلْتَ لِلْكَافِ مَحَلًّا لَكُنْتَ كَأَنَّكَ تَقُولُ : أَرَأَيْتَ نَفْسَكَ زَيْدًا مَا شَأْنُهُ وَهُوَ خُلْفٌ مِنَ الْقَوْلِ انْتَهَى .
وَالْمَعْنَى : أَخْبِرُونِي إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ كَمَا أَتَى غَيْرَكُمْ مِنَ الْأُمَمِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَيِ الْقِيَامَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ هَذَا عَلَى طَرِيقَةِ التَّبْكِيتِ وَالتَّوْبِيخِ : أَيْ أَتَدْعُونَ غَيْرَ اللَّهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مِنَ الْأَصْنَامِ الَّتِي تَعْبُدُونَهَا أَمْ تَدْعُونَ اللَّهَ سُبْحَانَهُ ، وَقَوْلُهُ : إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ تَأْكِيدٌ لِذَلِكَ التَّوْبِيخِ : أَيْ أَغَيْرَ اللَّهِ مِنَ الْأَصْنَامِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ أَنَّ أَصْنَامَكُمْ تَضُرُّ وَتَنْفَعُ وَأَنَّهَا آلِهَةٌ كَمَا تَزْعُمُونَ .
قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=41بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَنْفِيٍّ مُقَدَّرٍ أَيْ لَا تَدْعُونَ غَيْرَهُ بَلْ إِيَّاهُ تَخُصُّونَ بِالدُّعَاءِ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ أَيْ فَيَكْشِفُ عَنْكُمْ مَا تَدْعُونَهُ إِلَى كَشْفِهِ إِنْ شَاءَ أَنْ يَكْشِفَهُ عَنْكُمْ لَا إِذَا لَمْ يَشَأْ ذَلِكَ .
قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=41وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ أَيْ وَتَنْسَوْنَ عِنْدَ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ تَعَالَى : أَيْ مَا تَجْعَلُونَهُ شَرِيكًا لَهُ مِنَ الْأَصْنَامِ وَنَحْوِهَا فَلَا تَدْعُونَهَا ، وَلَا تَرْجُونَ كَشْفَ مَا بِكُمْ مِنْهَا ، بَلْ تُعْرِضُونَ عَنْهَا إِعْرَاضَ النَّاسِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى : وَتَتْرُكُونَ مَا تُشْرِكُونَ .
قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=42وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ كَلَامٌ مُبْتَدَأٌ مَسُوقٌ لِتَسْلِيَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - : أَيْ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ كَائِنَةٍ مِنْ قَبْلِكَ رُسُلًا فَكَذَّبُوهُمْ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ أَيِ : الْبُؤْسُ وَالضُّرُّ وَقِيلَ : الْبَأْسَاءُ : الْمَصَائِبُ فِي الْأَمْوَالِ ، وَالضَّرَّاءُ : الْمَصَائِبُ فِي الْأَبْدَانِ ، وَبِهِ قَالَ الْأَكْثَرُ : لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ أَيْ يَدْعُونَ اللَّهَ بِضَرَاعَةٍ ، مَأْخُوذٌ مِنَ الضَّرَاعَةِ وَهِيَ الذُّلُّ ، يُقَالُ : ضَرَعَ فَهُوَ ضَارِعٌ ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ :
لَبَّيْكَ يَزِيدُ ضَارِعٌ لِخُصُومَةٍ وَمُخْتَبِطٌ مِمَّا تُطِيحُ الطَّوَائِحُ
قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=43فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا أَيْ فَهَلَّا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا لَكِنَّهُمْ لَمْ يَتَضَرَّعُوا ، وَهَذَا عِتَابٌ لَهُمْ عَلَى تَرْكِ الدُّعَاءِ فِي كُلِّ الْأَحْوَالِ حَتَّى عِنْدَ نُزُولِ الْعَذَابِ بِهِمْ لِشِدَّةِ تَمَرُّدِهِمْ وَغُلُوِّهِمْ فِي الْكُفْرِ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى أَنَّهُمْ تَضَرَّعُوا عِنْدَ أَنْ نَزَلَ بِهِمُ الْعَذَابُ ، وَذَلِكَ تَضَرُّعٌ ضَرُورِيٌّ لَمْ يَصْدُرْ عَنْ إِخْلَاصٍ فَهُوَ غَيْرُ نَافِعٍ لِصَاحِبِهِ ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ أَيْ صَلُبَتْ وَغَلُظَتْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ أَيْ أَغْوَاهُمْ بِالتَّصْمِيمِ عَلَى الْكُفْرِ وَالِاسْتِمْرَارِ عَلَى الْمَعَاصِي .
قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=44فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَيْ تَرَكُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ ، أَوْ أَعْرَضُوا عَمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ، لِأَنَّ النِّسْيَانَ لَوْ كَانَ عَلَى حَقِيقَتِهِ لَمْ يُؤَاخَذُوا بِهِ ، إِذْ لَيْسَ هُوَ مِنْ فِعْلِهِمْ ، وَبِهِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13036وَابْنُ جُرَيْجٍ وَأَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ .
وَالْمَعْنَى : أَنَّهُمْ لَمَّا تَرَكُوا الِاتِّعَاظَ بِمَا ذُكِّرُوا بِهِ مِنَ الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَأَعْرَضُوا عَنْ ذَلِكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=44فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ أَيْ لَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ اسْتَدْرَجْنَاهُمْ بِفَتْحِ أَبْوَابِ كُلِّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْخَيْرِ عَلَيْهِمْ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا مِنَ الْخَيْرِ عَلَى أَنْوَاعِهِ ، فَرِحَ : بَطَرَ وَأَشَرَ ، وَأُعْجِبُوا بِذَلِكَ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِنَّمَا أُعْطُوهُ لِكَوْنِ كُفْرِهِمُ الَّذِي هُمْ عَلَيْهِ حَقًّا وَصَوَابًا : أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً أَيْ : فَجْأَةً وَهُمْ غَيْرُ مُتَرَقِّبِينَ لِذَلِكَ وَالْبَغْتَةُ : الْأَخْذُ عَلَى غِرَّةٍ مِنْ غَيْرِ تَقْدِمَةِ أَمَارَةٍ ، وَهِيَ مَصْدَرٌ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ لَا يُقَاسُ عَلَيْهَا عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ .
قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=44فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ الْمُبْلِسُ : الْحَزِينُ الْآيِسُ مِنَ الْخَيْرِ لِشِدَّةِ مَا نَزَلْ بِهِ مِنْ سُوءِ الْحَالِ ، وَمِنْ ذَلِكَ اشْتُقَّ اسْمُ
إِبْلِيسَ يُقَالُ : أَبْلَسَ الرَّجُلُ إِذَا سَكَتَ ، وَأَبْلَسَتِ النَّاقَةُ إِذَا لَمْ تَرْعَ .
قَالَ
الْعَجَّاجُ :
صَاحِ هَلْ تَعْرِفْ رَسْمًا مِكْرَسَا قَالَ نَعَمْ أَعْرِفُهُ وَأَبْلَسَا
أَيْ تَحَيَّرَ لِهَوْلِ مَا رَأَى ، وَالْمَعْنَى : فَإِذَا هُمْ مَحْزُونُونَ مُتَحَيِّرُونَ آيِسُونَ مِنَ الْفَرَحِ .
قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=45فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الدَّابِرُ : الْآخِرُ ، يُقَالُ : دَبَرَ الْقَوْمَ يَدْبُرُهُمْ دَبْرًا : إِذَا كَانَ آخِرَهُمْ فِي الْمَجِيءِ ، وَالْمَعْنَى : أَنَّهُ قَطَعَ آخِرَهُمْ : أَيِ اسْتُؤْصِلُوا جَمِيعًا حَتَّى آخِرِهِمْ .
قَالَ
قُطْرُبٌ : يَعْنِي أَنَّهُمُ اسْتُؤْصِلُوا وَأُهْلِكُوا .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12467أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ :
فَأُهْلِكُوا بِعَذَابٍ حَصَّ دَابِرَهُمْ فَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ صَرْفًا وَلَا انْتَصَرُوا
وَمِنْهُ التَّدْبِيرُ لِأَنَّهُ إِحْكَامُ عَوَاقِبِ الْأُمُورِ .
قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=45وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ أَيْ عَلَى هَلَاكِهِمْ ، وَفِيهِ تَعْلِيمٌ لِلْمُؤْمِنِينَ كَيْفَ يَحْمَدُونَهُ سُبْحَانَهُ عِنْدَ نُزُولِ النِّعَمِ الَّتِي مِنْ أَجَلِّهَا هَلَاكُ الظَّلَمَةِ الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ فَإِنَّهُمْ أَشَدُّ عَلَى عِبَادِ اللَّهِ مِنْ كُلِّ شَدِيدٍ .
اللَّهُمَّ أَرِحْ عِبَادَكَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ ظُلْمِ الظَّالِمِينَ وَاقْطَعْ دَابِرَهُمْ وَأَبْدِلْهُمْ بِالْعَدْلِ الشَّامِلِ لَهُمْ .
وَقَدْ أَخْرَجَ
أَبُو الشَّيْخِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15992سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=42فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ قَالَ : خَوْفُ السُّلْطَانِ وَغَلَاءُ السِّعْرِ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ ،
وَابْنُ الْمُنْذِرِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ، فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=44فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ قَالَ : يَعْنِي تَرَكُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ ،
وَابْنُ الْمُنْذِرِ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=44فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ قَالَ : مَا دَعَاهُمُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَرُسُلُهُ أَبَوْهُ وَرَدُّوهُ عَلَيْهِمْ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16298وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935وَابْنُ جَرِيرٍ ،
وَابْنُ الْمُنْذِرِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ،
وَأَبُو الشَّيْخِ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ : فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ قَالَ : رَخَاءُ الدُّنْيَا وَيُسْرُهَا .
وَأَخْرَجَ
عَبْدُ الرَّزَّاقِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935وَابْنُ جَرِيرٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ، عَنْ
قَتَادَةَ ، نَحْوَهُ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ،
وَأَبُو الشَّيْخِ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيِّ ، فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=44حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا قَالَ : مِنَ الرِّزْقِ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=44أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ قَالَ : مُهْلَكُونَ مُتَغَيِّرٌ حَالُهُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=45فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا يَقُولُ : فَقُطِعَ أَصْلُ الَّذِينَ ظَلَمُوا .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ ،
وَابْنُ الْمُنْذِرِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ،
وَأَبُو الشَّيْخِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16923مُحَمَّدِ بْنِ النَّضْرِ الْحَارِثِيِّ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=44أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً قَالَ : أُمْهِلُوا عِشْرِينَ سَنَةً ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَعْنَى الْبَغْتَةِ
[ ص: 420 ] لُغَةً وَمُحْتَاجٌ إِلَى نَقْلٍ عَنِ الشَّارِعِ وَإِلَّا فَهُوَ كَلَامٌ لَا طَائِلَ تَحْتَهُ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ، عَنِ
ابْنِ زَيْدٍ قَالَ : الْمُبْلِسُ : الْمَجْهُودُ الْمَكْرُوبُ الَّذِي قَدْ نَزَلَ بِهِ الشَّرُّ الَّذِي لَا يَدْفَعُهُ ، وَالْمُبْلِسُ أَشَدُّ مِنَ الْمُسْتَكِينِ ، وَفِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=45فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَالَ : اسْتُؤْصِلُوا .