التاسع قال
الرماني : فإن قال قائل : فلعل السور القصار يمكن فيها المعارضة ؟
قيل : لا يجوز فيها ذلك من قبل أن التحدي قد وقع بها ، فظهر العجز عنها في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=38فأتوا بسورة [ يونس : 38 ] . فلم يخص بذلك الطوال دون القصار . فإن قال : فإنه يمكن في القصار أن تغير الفواصل ، فيجعل بدل كل كلمة ما يقوم مقامها ، فهل يكون ذلك معارضة ؟
قيل له : لا ، من قبل أن المفحم يمكنه أن ينشئ بيتا واحدا ولا يفصل بطبعه بين مكسور وموزون فلو أن مفحما رام أن يجعل بدل قوافي قصيدة
رؤبة :
وقاتم الأعماق خاوي المخترق مشتبه الأعلام لماع الخفق بكل وفد الريح من حيث انخرق
فجعل بدل المخترق : الممزق ، وبدل الخفق : الشفق ، وبدل انخرق : انطلق ، لأمكنه ذلك ولم يثبت له به قول الشعر ، ولا معارضة رؤبة في هذه القصيدة عند أحد له أدنى معرفة ، فكذلك سبيل من غير الفواصل .
التَّاسِعُ قَالَ
الرُّمَّانِيُّ : فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَلَعَلَّ السُّوَرَ الْقِصَارَ يُمْكِنُ فِيهَا الْمُعَارَضَةُ ؟
قِيلَ : لَا يَجُوزُ فِيهَا ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ أَنَّ التَّحَدِّيَ قَدْ وَقَعَ بِهَا ، فَظَهَرَ الْعَجْزُ عَنْهَا فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=38فَأْتُوا بِسُورَةٍ [ يُونُسَ : 38 ] . فَلَمْ يَخُصَّ بِذَلِكَ الطِّوَالَ دُونَ الْقِصَارِ . فَإِنْ قَالَ : فَإِنَّهُ يُمْكِنُ فِي الْقِصَارِ أَنْ تُغَيَّرَ الْفَوَاصِلُ ، فَيُجْعَلُ بَدَلَ كُلِّ كَلِمَةٍ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا ، فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ مُعَارَضَةً ؟
قِيلَ لَهُ : لَا ، مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْمُفْحَمَ يُمْكِنُهُ أَنْ يُنْشِئَ بَيْتًا وَاحِدًا وَلَا يَفْصِلَ بِطَبْعِهِ بَيْنَ مَكْسُورٍ وَمَوْزُونٍ فَلَوْ أَنَّ مُفْحَمًا رَامَ أَنْ يَجْعَلَ بَدَلَ قَوَافِي قَصِيدَةِ
رُؤْبَةَ :
وَقَاتِمِ الْأَعْمَاقِ خَاوِي الْمُخْتَرَقْ مُشْتَبِهِ الْأَعْلَامِ لَمَّاعِ الْخَفَقْ بِكُلِّ وَفْدِ الرِّيحِ مِنْ حَيْثُ انْخَرَقْ
فَجَعَلَ بَدَلَ الْمُخْتَرَقْ : الْمُمَزَّقْ ، وَبَدَلَ الْخَفَقْ : الشَّفَقْ ، وَبَدَلَ انْخَرَقْ : انْطَلَقْ ، لَأَمْكَنَهُ ذَلِكَ وَلَمْ يَثْبُتْ لَهُ بِهِ قَوْلُ الشِّعْرِ ، وَلَا مُعَارَضَةُ رُؤْبَةَ فِي هَذِهِ الْقَصِيدَةِ عِنْدَ أَحَدٍ لَهُ أَدْنَى مَعْرِفَةٍ ، فَكَذَلِكَ سَبِيلُ مَنْ غَيَّرَ الْفَوَاصِلَ .