قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7nindex.php?page=treesubj&link=28908هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب ( 7 ) ) .
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7منه آيات ) : الجملة في موضع نصب على الحال من الكتاب .
ولك أن ترفع آيات بالظرف ; لأنه قد اعتمد ، ولك أن ترفعه بالابتداء ، والظرف خبره .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7هن أم الكتاب ) : في موضع رفع صفة لآيات ، وإنما أفرد (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7أم ) وهو خبر عن جمع ; لأن المعنى أن جميع الآيات بمنزلة آية واحدة ، فأفرد على المعنى .
ويجوز أن يكون أفرد في موضع الجمع على ما ذكرنا في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=7وعلى سمعهم ) [ البقرة : 7 ] ويجوز أن يكون المعنى كل منهن أم الكتاب كما قال الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=4فاجلدوهم ثمانين ) [ النور : 4 ] ; أي فاجلدوا كل واحد منهم .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7وأخر ) : معطوف على آيات .
و (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7متشابهات ) : نعت لأخر .
[ ص: 194 ] فإن قيل : واحدة متشابهات متشابهة ، وواحدة أخر أخرى ، والواحد هنا لا يصح أن يوصف بهذا الواحد ، فلا يقال أخرى متشابهة ، إلا أن يكون بعض الواحدة يشبه بعضا ، وليس المعنى على ذلك ، وإنما المعنى أن كل آية تشبه آية أخرى ، فكيف صح وصف هذا الجمع بهذا الجمع ، ولم يوصف مفرده بمفرده .
قيل : التشابه لا يكون إلا بين اثنين فصاعدا ، فإذا اجتمعت الأشياء المتشابهة كان كل منها مشابها للآخر ، فلما لم يصح التشابه إلا في حالة الاجتماع ، وصف الجمع بالجمع ; لأن كل واحد من مفرداته يشابه باقيها ; فأما الواحد فلا يصح فيه هذا المعنى .
ونظيره قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=15فوجد فيها رجلين يقتتلان ) [ القصص : 15 ] : فثنى الضمير ، وإن كان لا يقال في الواحد يقتتل . (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7ما تشابه منه ) : ما بمعنى الذي ، ومنه حال من ضمير الفاعل ، والهاء تعود على الكتاب . (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7ابتغاء ) : مفعول له . والتأويل مصدر أول يؤول ، وأصله من آل يئول ، إذا انتهى نهايته .
و (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=162الراسخون ) : معطوف على اسم الله ، والمعنى أنهم يعلمون تأويله أيضا .
و (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7يقولون ) : في موضع نصب على الحال .
وقيل : الراسخون مبتدأ ، ويقولون الخبر .
والمعنى : أن الراسخين لا يعلمون تأويله ، بل يؤمنون به .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7كل ) : مبتدأ ; أي كله أو كل منه .
و (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7من عند ) : الخبر ، وموضع " آمنا " وكل من عند ربنا نصب بيقولون .
قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=8nindex.php?page=treesubj&link=28908ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب ( 8 ) ) .
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=8لا تزغ قلوبنا ) : الجمهور على ضم التاء ونصب القلوب ; يقال زاغ القلب وأزاغه الله . وقرئ بفتح التاء ورفع القلوب على نسبة الفعل إليها .
و (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=8إذ هديتنا ) : ليس بظرف ; لأنه أضيف إليه بعد .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=8من لدنك ) : لدن مبنية على السكون ، وهي مضافة لأن علة بنائها موجودة بعد الإضافة ، والحكم يتبع العلة ، وتلك العلة أن لدن بمعنى " عند " الملاصقة للشيء ، فعند إذا ذكرت لم تختص بالمقاربة ، ولدن عند مخصوص ; فقد صار فيها معنى لا يدل عليه الظرف ; بل هو من قبيل ما يفيده الحرف ، فصارت كأنها متضمنة للحرف الذي كان ينبغي أن يوضع دليلا على القرب ; ومثله ثم وهنا ; لأنهما بنيا لما تضمنا حرف الإشارة .
[ ص: 195 ] وفيها لغات هذه إحداها ، وهي فتح اللام وضم الدال وسكون النون .
والثانية : كذلك ، إلا أن الدال ساكنة ، وذلك تخفيف كما خفف عضد .
والثالثة : بضم اللام وسكون الدال .
والرابعة : لدى .
والخامسة : لد : بفتح اللام وضم الدال من غير نون .
والسادسة : بفتح اللام وإسكان الدال ، ولا شيء بعد الدال .
قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7nindex.php?page=treesubj&link=28908هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ( 7 ) ) .
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7مِنْهُ آيَاتٌ ) : الْجُمْلَةُ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ مِنَ الْكِتَابِ .
وَلَكَ أَنْ تَرْفَعَ آيَاتٍ بِالظَّرْفِ ; لِأَنَّهُ قَدِ اعْتَمَدَ ، وَلَكَ أَنْ تَرْفَعَهُ بِالِابْتِدَاءِ ، وَالظَّرْفُ خَبَرُهُ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ ) : فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ صِفَةً لِآيَاتٍ ، وَإِنَّمَا أَفْرَدَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7أُمُّ ) وَهُوَ خَبَرٌ عَنْ جَمْعٍ ; لِأَنَّ الْمَعْنَى أَنَّ جَمِيعَ الْآيَاتِ بِمَنْزِلَةِ آيَةٍ وَاحِدَةٍ ، فَأَفْرَدَ عَلَى الْمَعْنَى .
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَفْرَدَ فِي مَوْضِعِ الْجَمْعِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=7وَعَلَى سَمْعِهِمْ ) [ الْبَقَرَةِ : 7 ] وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى كُلٌّ مِنْهُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=4فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ ) [ النُّورِ : 4 ] ; أَيْ فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7وَأُخَرُ ) : مَعْطُوفٌ عَلَى آيَاتٍ .
وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7مُتَشَابِهَاتٌ ) : نَعْتٌ لِأُخَرَ .
[ ص: 194 ] فَإِنْ قِيلَ : وَاحِدَةُ مُتَشَابِهَاتٍ مُتَشَابِهَةٌ ، وَوَاحِدَةُ أُخَرَ أُخْرَى ، وَالْوَاحِدُ هُنَا لَا يَصِحُّ أَنْ يُوصَفَ بِهَذَا الْوَاحِدِ ، فَلَا يُقَالُ أُخْرَى مُتَشَابِهَةٌ ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ بَعْضُ الْوَاحِدَةِ يُشْبِهُ بَعْضًا ، وَلَيْسَ الْمَعْنَى عَلَى ذَلِكَ ، وَإِنَّمَا الْمَعْنَى أَنَّ كُلَّ آيَةٍ تُشْبِهُ آيَةً أُخْرَى ، فَكَيْفَ صَحَّ وَصْفُ هَذَا الْجَمْعِ بِهَذَا الْجَمْعِ ، وَلَمْ يُوصَفْ مُفْرَدُهُ بِمُفْرَدِهِ .
قِيلَ : التَّشَابُهُ لَا يَكُونُ إِلَّا بَيْنَ اثْنَيْنِ فَصَاعِدًا ، فَإِذَا اجْتَمَعَتِ الْأَشْيَاءُ الْمُتَشَابِهَةُ كَانَ كُلٌّ مِنْهَا مُشَابِهًا لِلْآخَرِ ، فَلَمَّا لَمْ يَصِحَّ التَّشَابُهُ إِلَّا فِي حَالَةِ الِاجْتِمَاعِ ، وَصَفَ الْجَمْعَ بِالْجَمْعِ ; لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ مُفْرَدَاتِهِ يُشَابِهُ بَاقِيهَا ; فَأَمَّا الْوَاحِدُ فَلَا يَصِحُّ فِيهِ هَذَا الْمَعْنَى .
وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=15فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ ) [ الْقَصَصِ : 15 ] : فَثَنَّى الضَّمِيرَ ، وَإِنْ كَانَ لَا يُقَالُ فِي الْوَاحِدِ يَقْتَتِلُ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ) : مَا بِمَعْنَى الَّذِي ، وَمِنْهُ حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ الْفَاعِلِ ، وَالْهَاءُ تَعُودَ عَلَى الْكِتَابِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7ابْتِغَاءَ ) : مَفْعُولٌ لَهُ . وَالتَّأْوِيلُ مَصْدَرُ أَوَّلَ يُؤَوِّلُ ، وَأَصْلُهُ مِنْ آلَ يَئُولُ ، إِذَا انْتَهَى نِهَايَتَهُ .
وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=162الرَّاسِخُونَ ) : مَعْطُوفٌ عَلَى اسْمِ اللَّهِ ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ تَأْوِيلَهُ أَيْضًا .
وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7يَقُولُونَ ) : فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ .
وَقِيلَ : الرَّاسِخُونَ مُبْتَدَأٌ ، وَيَقُولُونَ الْخَبَرُ .
وَالْمَعْنَى : أَنَّ الرَّاسِخِينَ لَا يَعْلَمُونَ تَأْوِيلَهُ ، بَلْ يُؤْمِنُونَ بِهِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7كُلٌّ ) : مُبْتَدَأٌ ; أَيْ كُلُّهُ أَوْ كُلٌّ مِنْهُ .
وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7مِنْ عِنْدِ ) : الْخَبَرُ ، وَمَوْضِعُ " آمَنَّا " وَكُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا نُصِبَ بِيَقُولُونَ .
قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=8nindex.php?page=treesubj&link=28908رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ( 8 ) ) .
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=8لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا ) : الْجُمْهُورُ عَلَى ضَمِّ التَّاءِ وَنَصْبِ الْقُلُوبِ ; يُقَالُ زَاغَ الْقَلْبُ وَأَزَاغَهُ اللَّهُ . وَقُرِئَ بِفَتْحِ التَّاءِ وَرَفْعِ الْقُلُوبِ عَلَى نِسْبَةِ الْفِعْلِ إِلَيْهَا .
وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=8إِذْ هَدَيْتَنَا ) : لَيْسَ بِظَرْفٍ ; لِأَنَّهُ أُضِيفَ إِلَيْهِ بَعْدَ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=8مِنْ لَدُنْكَ ) : لَدُنْ مَبْنِيَّةٌ عَلَى السُّكُونِ ، وَهِيَ مُضَافَةٌ لِأَنَّ عِلَّةَ بِنَائِهَا مَوْجُودَةٌ بَعْدَ الْإِضَافَةِ ، وَالْحُكْمُ يَتْبَعُ الْعِلَّةَ ، وَتِلْكَ الْعِلَّةُ أَنَّ لَدُنْ بِمَعْنَى " عِنْدَ " الْمُلَاصِقَةِ لِلشَّيْءِ ، فَعِنْدَ إِذَا ذُكِرَتْ لَمْ تَخْتَصَّ بِالْمُقَارَبَةِ ، وَلَدُنْ عِنْدَ مَخْصُوصٍ ; فَقَدْ صَارَ فِيهَا مَعْنًى لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الظَّرْفُ ; بَلْ هُوَ مِنْ قَبِيلِ مَا يُفِيدُهُ الْحَرْفُ ، فَصَارَتْ كَأَنَّهَا مُتَضَمِّنَةً لِلْحَرْفِ الَّذِي كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُوضَعَ دَلِيلًا عَلَى الْقُرْبِ ; وَمِثْلُهُ ثُمَّ وَهُنَا ; لِأَنَّهُمَا بُنِيَا لَمَّا تَضَمَّنَا حَرَفَ الْإِشَارَةِ .
[ ص: 195 ] وَفِيهَا لُغَاتٌ هَذِهِ إِحْدَاهَا ، وَهِيَ فَتْحُ اللَّامِ وَضَمُّ الدَّالِ وَسُكُونُ النُّونِ .
وَالثَّانِيَةُ : كَذَلِكَ ، إِلَّا أَنَّ الدَّالَ سَاكِنَةٌ ، وَذَلِكَ تَخْفِيفٌ كَمَا خُفِّفَ عَضُدٌ .
وَالثَّالِثَةُ : بِضَمِّ اللَّامِ وَسُكُونِ الدَّالِ .
وَالرَّابِعَةُ : لَدَى .
وَالْخَامِسَةُ : لَدُ : بِفَتْحِ اللَّامِ وَضَمِّ الدَّالِ مِنْ غَيْرِ نُونٍ .
وَالسَّادِسَةُ : بِفَتْحِ اللَّامِ وَإِسْكَانِ الدَّالِ ، وَلَا شَيْءَ بَعْدَ الدَّالِ .