الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أجمع بين طاعة والدي وإرضاء زوجتي في النفقة؟

السؤال

السلام عليكم

أنا رجل متزوج منذ 3 سنوات، و-الحمد لله- رزقت بطفل، ومشكلتي مع زوجتي في موضوع النفقة، وأنا من وجهة نظري لست مقصراً من حيث المأكل والمشرب والمسكن.

أحياناً أعطيها مبلغاً مالياً كمصاريف شخصية، بصورة متفاوتة، ولكن هي كثيرة التدخل في أوجه صرفي للمال، خصوصاً منذ أكثر من سنة، بحكم ظروف الحرب الدائرة في السودان.

أنا مغترب في دول الخليج، ووضعي المادي متوسط الحال، ووالدي متزوج من امرأة أخرى، لديه التزامات في بيته الآخر، ومقصر في البيت الأول، لكن لا أستطيع محاججته على تقصيره هذا، وبحكم أني أكبر الأولاد في الأسرة الأخرى، فإني أتحمل تبعات الصرف على أهلي منذ مدة طويلة.

مع حصول الحرب في السودان صار عبء الصرف على أهلي مضاعفاً، وبسبب عدم الأمان، وتوفر أبسط الخدمات في الوطن أعاقت إحضار أهلي معي في الغربة، وتوفير سكن خاص لهم.

من هنا زادت المشاكل بيني وبين زوجتي في الشهور الماضية، وصارت تتهمني بالتقصير في حقهم، وبأن أهلي يتحكمون بي على حسابهم، وصارت تجادلني جدالاً حاداً، بصورة أسبوعية، وتسيء لي ولأهلي، وتتهمهم بأشياء من الخيال، وتطالب بالطلاق مرات عديدة، وفي كل مرة أتحمل الإهانات، ورفع الصوت، وأحاول أن أجادلها بالمنطق والعقل، ولكن دون فائدة.

أكتب لكم وزوجتي الآن تخيرني بينها وبين أهلي أو الطلاق، وأنا أتجنب الرد عليها لتهدأ، ولكن ما إن يمر أسبوع أو أيام إلا وتأتي وتفاتحني، وتجادلني مرة أخرى، فما الحل مع هذا الظرف؟

بعيداً عن أنانية زوجتي، والمقارنة بين حياتنا وحياة أخواتها أو صديقاتها، وتفكيرها بالكماليات، مثل السفر، وتغيير الأثاث، وغيرها من الأشياء التي أرى أنها من العدل التضحية بها في مثل هذه الظروف.

هي تقول لي دائماً: لماذا تتحمل تقصير أبيك أو أقاربك؟ وتطالبني أن أكون أنانياً مثلهم، وأنا شخصياً لا أمانع من إعانة أهلي من باب صلة الرحم، والقيام بالواجب واحتساب الأجر، ولا أنتظر شكراً أو رداً للجميل من أحد، ولكن موضوع النفقة الآن صار ابتلاءً علي.

هل إذا هي أصرت على الانفصال أطاوعها أو أبقى في هذه الدائرة من الجدل والمشاكل المستمرة؟ فبمَ تنصحونني؟ ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سائل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام وحسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يرفع الغمة، وأن يصلح الأحوال.

أرجو أن تتفهم الزوجة هذا الظرف الخطير الذي يمر بأهلنا في السودان، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعجل بالخير والفرج، وأن يعيننا على القيام بواجباتنا.

نحن ننصحك بأن لا تقصر مع أهلك، وأن لا تقصر مع زوجتك، ولا تستجيب لطلباتها، وينبغي أن تذكرها بالله، واحتمل ما يصدر، ونحن على ثقة أن الأمور على وشك أن تعود إلى صوابها، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يسهل الأمور، وأن يغفر الزلات والذنوب.

على كل زوجة أن تعلم أن الشرع الذي يأمر الزوج بالإحسان إليها هو الشرع الذي يأمر الزوج بالإحسان لوالديه وأهله، فإذا قصر في حق الوالدين أو الأهل فهو على خطر، وإذا قصر في أهله فهو على خطر.

لذلك أرجو أن تقيم التوازن وتجتهد بقدر استطاعتك، ونتمنى من كل زوجة أن تتفهم هذا الظرف القاهر الذي يحدث لأهلنا في السودان.

هذه هي المواقف التي ينبغي أن يكون فيها التحمل، والصبر، ورعاية الظروف التي تمر على الناس، والشرع يدعونا إلى أن لا ننسى المستضعفين وأصحاب الأزمات في أي مكان، فكيف ننسى الأهل؟! كيف ننسى الجيران؟! وكيف ننسى قبل ذلك الأرحام؟! واجتهد في تحمل هذا الذي يحدث، ونحب أن نؤكد أن كثيراً من البيوت تأثرت وتضررت، وكثر فيها التوتر بسبب هذه الأزمة، التي هي اختبار من الله تبارك وتعالى لنا، نسأل الله أن يردنا جميعاً إلى الحق والخير.

أمة النبي -صلى الله عليه وسلم- بحاجة إلى توبة نصوح، فإنه لن يتغير هذا الحال حتى نغير ما بأنفسنا، ونستقيم في شرع ربنا، ونتمنى أن تشجع هذه الزوجة أن تتواصل مع الموقع، وتعرض ما عندها حتى تسمع النصائح المباشرة، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

إذًا نحن نوصيك أن تحسن إلى أهلك وتحسن إلى زوجتك، وتتحمل ما يحدث، فهي ظروف طارئة، نسأل الله أن يعجل بالفرج، ونكرر لك الشكر على التواصل مع الموقع.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً