الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجتي تدخر من مصروف البيت وتزيد من مطالبها

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أعطي زوجتي مصروفًا شهريًا لطلبات البيت، وأعطيها أيضًا مصروفًا شخصيًا شهريًا، بالإضافة إلى تكفلي بجميع مصروفاتها الأخرى كالملابس والعلاج والجوال وغير ذلك.

لكنها تأتي في آخر أسبوع من الشهر وتطلب مني شراء طلبات إضافية للبيت، وتلمّح إلى نفاد مصروف البيت، ثم اكتشفتُ أنها تدَّخر جزءًا من مصروف البيت لنفسها شهريًا دون علمي، فواجهتها بذلك وقالت: "مصروف البيت من حقي أن أتصرف فيه بحرية، وليس لكَ أن تتدخل في ذلك"، فتشاجرنا ونهيتها عن هذا الفعل وتجاوزنا الأمر.

وبعدها طالبتني بزيادة مصروفها الشخصي الشهري إلى الضعف بحجة مذاكرتها لأبنائنا وبذلها مجهودًا مضاعفًا في البيت، واستمر النكد والخصام والشجار شهريًا إلى أن ضاعفتُ مصروفها الشخصي بالفعل.

بعدها مررت بضائقة مالية؛ حيث ظللت عدة شهور بلا دخل، فأعطتني مبلغًا من المال، ثم حدثتْ بيننا خلافات، فوجدتها تَمنُّ عليّ بمساعدتها لي في أزمتي، فقلت لها: "إنك ادخرتِ من أموالي، والمال مالي أصلًا"، فقالت: إن لها ذمة مالية خاصة، وإنني مدين لها.

فقلت لها: "إذن سيكون مصروفك الشخصي ربع القيمة الحالية من الآن فصاعدًا، وسأسدد لك الدين، لكن لن أسمح لك بالادخار من أموالي مرة أخرى، أنا من سيدخرها وأستخدمها عند الحاجة، دون أن يكون عليّ دين لأحد".

والحمد لله، استطعت سداد المال الذي أخذته منها بالفعل، لكن منذ ذلك الوقت، وهي تطالبني في أول كل شهر بزيادة مصروفها وزيادة مصروف البيت، وعند رفضي تغضب وتتشاجر وتنكد عليّ.

وأنا في الحقيقة أتعمد إعطاءها ما يكفي فقط دون أي زيادة تسمح لها بالادخار، وهي على هذه الحال من الشجار والنكد منذ عدة أشهر الآن، فماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أيها الأخ الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يهدي زوجتك لأحسن الأخلاق والأعمال، وأن يجمع بينكم على حب ربنا الكبير المتعال.

ونحب أن نؤكد أن الذي بينكما أكبر من الدراهم والدنانير، فنسأل الله أن يديم الألفة والمحبة، ولذلك أتمنى ألا تقف طويلًا أمام الأموال، ولا تستغرب إذا حاولت الزوجة أن تتكلم بالطريقة المذكورة، بل لا تستغرب إذا حاولت أن تطلب مزيدًا من الأموال، وأرجو أن تشعرها بالأمان والطمأنينة، وإذا لم تستطع أن تعطيها المال، فأعطها الكلام الطيب والأمان، وبشرها بالخير.

إذا كان استخدامها للمال صحيحًا؛ فنحن ننصحك بأن تشتري راحتك بأن تعطيها وتزيد مصروفها بما هو معقول، ولا تقف أمام الموقف السلبي الذي حصل منها، خاصة إذا كان ما تدخره من أموال ستستفيد منه هي أو يستفيد منه الأبناء، أو تستفيد منه أنت أيضًا إذا مر عليك ظرف كما حصل معك.

ولذلك أرجو ألا تقف طويلًا أمام هذا الأمر، فيكون مصدرًا للنكد والتعاسة في داخل البيت، ويمكنكم التواصل معنا لمتابعة هذا الموضوع.

ما حصل منها نحن بلا شك لا نؤيده، لكننا أحببنا أن نشير إلى صفة مهمة عند المرأة، والمرء إذا طلب زيادة المال، فليس من الضروري أن يكون ذلك مصدره الطمع، لكن قد يكون ذلك مصدره البحث عن الأمان، والبحث عن الخصوصية، أو تقليداً للآخرين.

إذا كنت قد بدأت -ولله الحمد- بإعطائها مصروف البيت، وإعطائها مصروفًا خاصًا لنفسها، فلا تغير عادتك ما استطعت إلى ذلك سبيلًا.

أمَّا إذا ضاقت الأمور، فينبغي أن يكون هناك حوار هادئ، وتتفقوا على تقليل النفقة في الأيام التي تكون فيها صعوبات مالية، أما إذا كان الأمر متيسرًا معك، فأرجو ألَّا تبخل على أهلك، واعلم أن أفضل دينار الدينار الذي ينفقه المرء على أهله.

أكرر دعوتي لك بأن تستمر على ما بدأت به من الإحسان، وألا تقف طويلًا أمام هذه المجادلات المالية، فإن آثارها السلبية على الأسرة وعلى الأبناء -أقصد الخصام والنكد والشجار المستمر- خطيرة جدًا على الجميع.

ونسأل الله أن يؤلف القلوب، وأن يغفر الزلات والذنوب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً