الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تراودني أفكار وسواسية بالعقم والجنون، فهل هي هلاوس؟

السؤال

السلام عليكم.

أعيش في بلدي، أعاني منذ 6 سنوات من أفكار وسواسية بدأت في عام 2020، فقد كان لدي جرح صغير في مقدمة العضو التناسلي، وكان مجرد خدش بسيط، ولكن بعد أن ظهر هذا الجرح بدأت تراودني أفكار وسواسية بأنني سأصبح عقيمًا، وهذه الفكرة سببت لي خوفًا وقلقًا شديدين.

في ذلك الوقت كان عمري 15 سنةً، وبعد شهرين من المعاناة مع تلك الفكرة تحولت الوساوس إلى فكرة أخرى، وهي أنني مصاب بعين أو سحر، وهذه الفكرة أيضًا جلبت لي الكثير من القلق والخوف، وكنت أذهب من شيخ إلى شيخ كي يقرأ عليَّ الرقية الشرعية، ثم بعد ذلك تحولت الوساوس إلى فكرة بأنني قد أصبح مثليًا -والعياذ بالله-، وكانت هذه من أسوأ الأفكار التي مرت علي في حياتي، وبسبب ذلك ابتعدت عن المساجد، وابتعدت عن الناس؛ لأنني كنت أخاف أن يلمس أحد جسدي.

لقد عانيت من هذه الفكرة لمدة ثلاث سنوات، ثم تحوّلت إلى وسواس آخر، وهو أنني سأُصاب بالجنون، أو أنني سأفقد عقلي، وهذه الفكرة ما زالت تلازمني حتى الآن، ولكن لديّ ثقة تامة بأنها لن تؤدي إلى الجنون، ولا يمكن أن تسبب لي ذلك -بإذن الله-، وأحاول دائمًا أن أتجاهل هذه الأفكار، وأحيانًا أنجح في ذلك، وأحيانًا أخرى أفشل.

كما أنني ألاحظ شيئًا آخر، وهو أنه في بعض الأحيان عندما يكتب لي الناس تعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي، أجد نفسي أُعيد قراءتها مرارًا، وكأنني لم أفهم معناها جيدًا من المرة الأولى، وكذلك أُعيد مشاهدة بعض الفيديوهات عدة مرات؛ لأنني أشعر بأني لم أفهمها بشكل طبيعي منذ أول مرة، وقد سمعت شخصًا يقول: إن الأشخاص المصابين بالوسواس القهري لديهم هلوسات، وعندما سمعت هذا الكلام شعرت بخوف وقلق شديدين، فهل هذا الكلام صحيح يا دكتور؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عدنان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك -أخي الفاضل- عبر استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا بهذا السؤال.

أخي الفاضل: لقد عانيت منذ سنين طويلة من هذه الأفكار الوسواسية، والتي تغيّرت من شكل إلى آخر، وكلها كانت مؤلمة، ولكن دعني أذكرك أن الأفكار الوسواسية هي: أفكار قهرية، ليست تحت سيطرة الإنسان، بالرغم من معرفته أنها غير منطقية، وغير معقولة، هذا من جانب.

من جانبٍ آخر تأتي الأفكار الوسواسية تشكك الإنسان بأعز ما هو عنده؛ فإذا كان حريصًا على صلاته، وعبادته، فتأتيه الأفكار الوسواسية تشككه في هذا، وكذلك الأمور الأخلاقية الأخرى كما حصل معك خلال السنوات.

دعني أجيب على سؤالك:
لا، ليس بالضرورة أن الذي يعاني من الوسواس القهري أنه يصاب بهلاوس -الهلاوس أو الإهْلاسات السمعية أو البصرية-، بحيث يسمع الإنسان مَن لا يتحدث معه، أو يرى أشياء غير موجودة، وهذا في الغالب غير موجود عند مَن يعاني من الوسواس القهري، بينما الإهلاسات تكون عندما يعاني من حالة ذهانية.

أخي الفاضل: لقد عانيت سنين طويلة، وانتقلت من شيخ إلى آخر، ولا شك أن الرقية مفيدة، إلَّا إنه حان الوقت لتبدأ بالعلاج النفسي، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- يعلّمنا بقوله: «تداووا عباد الله»، فلماذا لا تستشير أحد الأطباء النفسيين؟ ليؤكد التشخيص أنه وسواس قهري، ثم يضع معك الخطة العلاجية، والتي قد تكون دواءً أو جلسات نفسية.

وإذا لم يتوفر لك الطبيب النفسي فيمكن أن أذكر لك دواء (فلوكسيتين - Fluoxetine) المعروف تجاريًا باسم (بروزاك - Prozac) بجرعة (20 ملغ)؛ تؤخذ الحبة (20 ملغ) مرةً واحدةً في اليوم، ويجب أن تستمر عليها إذا تحملتها دون أعراض جانبية مزعجة، لعدة أشهر، ونحن عادةً نقول من ثلاثة إلى ستة أشهر.

أسأل الله تعالى لك تمام الصحة والعافية.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً