ومن أوضح البيان من
nindex.php?page=treesubj&link=29026_29614_24913_34077تفريق الله بين الخلق وبين القرآن أن قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=1الرحمن nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=2علم القرآن nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=3خلق الإنسان ، ألا تراه يفصل بين القرآن وبين الإنسان ، فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=2علم القرآن nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=3خلق الإنسان ، ولو شاء تعالى : لقال : " خلق الإنسان والقرآن " ، ولكنه تكلم بالصدق ليفهم وليفصل كما فصله .
فخالف ذلك الجهمي وكفر به ، وقال على الله تعالى ما لم يجده في كتاب أنزل من السماء ، ولا قاله أحد من الأنبياء ، ولا روي عن أحد من العلماء ، بل وجد وروي خلاف قول الجهمي ، حيث عاب الله أقواما بمثل فعل الجهمي في هذا ، فقال لنبيه صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=4قل أرأيتم ما تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السماوات ، فلما علم أنهم لا يقدرون على أن يروه لمن عبدوا خلقا في الأرض ولا شرك لهم في السماوات ، قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=4ائتوني بكتاب من قبل هذا - يعني : من قبل القرآن - أي : ائتوني
[ ص: 166 ] بكتاب من قبل هذا تجدون فيه ما أنتم عليه من عبادة الأوثان :
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=4أو أثارة من علم ، أي : رواية عن بعض الأنبياء :
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=4إن كنتم صادقين .
فسلك الجهمي في مذهبه طريق أولئك ، وقال في الله وتقول عليه البهتان بغير برهان ، وافترى على الله الكذب ، وتعدى ما أخذه الله من الميثاق على خلقه حين ، قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=169ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على الله إلا الحق ، وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=93اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق .
ومن أبين البيان وأوضح البرهان من
nindex.php?page=treesubj&link=29614_24913_34077تفريق الله بين الخلق والقرآن قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=54ألا له الخلق والأمر ، فتفهموا هذا المعنى ، هل تشكون أنه قد دخل في ذلك الخلق كله ؟ وهل يجوز لأحد أن يظن أن قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=54ألا له الخلق أراد أن له بعض الخلق ؟ بل قد دخل الخلق كله في الخلق .
ثم أخبر أن له أيضا غير الخلق ليس هو خلقا ، لم يدخل في الخلق وهو (الأمر) ، فبين أن الأمر خارج من الخلق ، فالأمر أمره وكلامه .
ومما يوضح ذلك عند من فهم عن الله وعقل أمر الله أنك
nindex.php?page=treesubj&link=29614_24913_34077تجد في كتاب الله ذكر الشيئين المختلفين إذا كانا في موضع فصل بينهما بالواو ، وإذا كانا شيئين غير مختلفين لم يفصل بينهما بالواو ، فمن ذلك ما هو شيء واحد
[ ص: 167 ] وأسماؤه مختلفة ومعناه متفق ، فلم يفصل بينهما بالواو .
وقوله عز وجل :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=78قالوا يا أيها العزيز إن له أبا شيخا كبيرا ، فلم يفصل بالواو حين كان ذلك كله شيئا واحدا ، ألا ترى أن الأب هو الشيخ الكبير ؟
وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=5عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكارا .
فلما كان هذا كله نعت شيء واحد لم يفصل بعضه عن بعض بالواو ، ثم قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=5وأبكارا ، فلما كان الأبكار غير الثيبات فصل بالواو ، لأن الأبكار والثيبات شيئان مختلفان .
وقال أيضا فيما هو شيء واحد بأسماء مختلفة ولم يفصله بالواو .
وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=23هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر ،
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=24هو الله الخالق البارئ المصور .
فلما كان هذا كله شيئا واحدا لم يفصل بالواو ، وكان غير جائز أن يكون هاهنا واو ، فيكون الأول غير الثاني ، والثاني غير الثالث .
وقال فيما هو شيئان مختلفان :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=35إن المسلمين والمسلمات . . . إلى
[ ص: 168 ] آخر الآية ، فلما كان المسلمون غير المسلمات ، فصل بالواو ، ولا يجوز أن يكون المسلمون المسلمات ، لأنهما شيئان مختلفان .
وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=162إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي ، فلما كانت الصلاة غير النسك ، والمحيا غير الممات ، فصل بالواو .
وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=19وما يستوي الأعمى والبصير nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=20ولا الظلمات ولا النور nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=21ولا الظل ولا الحرور ، ففصل هذا كله بالواو لاختلاف أجناسه ومعانيه .
وقال في هذا المعنى أيضا :
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=27فأنبتنا فيها حبا nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=28وعنبا وقضبا nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=29وزيتونا ونخلا nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=30وحدائق غلبا ، فلما كان كل واحد من هذه غير صاحبه ، فصل بالواو ، ولما كانت الحدائق غلبا شيئا واحدا ، أسقط بينهما الواو .
وقال أيضا :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=62وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة ، فلما كان الليل غير النهار ، فصل بالواو .
كما قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=33وسخر لكم الشمس والقمر ، فلما كان الشمس غير القمر ، فصل بالواو ، وهذا في القرآن كثير ، وفي بعض ما ذكرناه كفاية لمن تدبره وعقله وأراد الله توفيقه وهدايته
[ ص: 169 ] .
فكذلك لما كان الأمر غير الخلق ، فصل بالواو ، فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=54ألا له الخلق والأمر ، فالأمر أمره وكلامه ، والخلق خلق ، وبالأمر خلق الخلق ، لأن الله عز وجل أمر بما شاء وخلق بما شاء .
فزعم الجهمي أن الأمر خلق ، والخلق خلق ، فكأن معنى قول الله عز وجل :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=54ألا له الخلق والأمر إنما هو الإله الخلق والخلق ، فجمع الجهمي بين ما فصله الله .
nindex.php?page=treesubj&link=28990_29455_28836ولو كان الأمر كما يقول الجهمي ، لكان قول جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم : وما نتنزل إلا بخلق ربك ، والله يقول : nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=64وما نتنزل إلا بأمر ربك ومما يدل على أن أمر الله هو كلامه قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=5ذلك أمر الله أنزله إليكم ، فيسمي الله القرآن أمره ، وفصل بين أمره وخلقه ، فتفهموا رحمكم الله .
وقال عز وجل :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=12ومن يزغ منهم عن أمرنا ، ولم يقل : عن خلقنا .
وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=25ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره ، ولم يقل بخلقه ، لأنها لو قامت بخلقه لما كان ذلك من آيات الله ، ولا من معجزات قدرته ، ولكن من آيات الله أن يقوم المخلوق بالخالق ، وبأمر الخالق قام المخلوق ، وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=25ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون فبدعوة
[ ص: 170 ] الله يخرجون .
واحتج الجهمي بآية انتزعها من المتشابه ، فقال : أليس قد قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=3يدبر الأمر ، فهل يدبر إلا مخلوق ؟
فهذا أيضا مما يكون لفظه واحدا بمعان مختلفة ، وجاء مثله في القرآن كثير ، فإنما - يعني : يدبر أمر الخلق - ولا يجوز أن يدبر كلامه ، لأن الله تعالى حكيم عليم ، وكلامه حكم ، وإنما تدبير الكلام من صفات المخلوقين الذين في كلامهم الخطأ والزلل ، فهم يدبرون كلامهم مخافة ذلك ويتكلمون بالخطأ ثم يرجعون إلى الصواب ، والله عز وجل لا يخطئ ولا يضل ولا ينسى ولا يدبر كلامه .
وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=4لله الأمر من قبل ومن بعد ، يقول : لله الأمر من قبل الخلق ومن بعد الخلق .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=5ذلك أمر الله أنزله إليكم ، - يعني : هداية هداكم الله بها - ، والهداية علمه ، والعلم منه ومتصل به ، كما أن شعاع الشمس متصل بعين الشمس ، فإذا غابت عين الشمس ذهب الشعاع ولله المثل الأعلى ، والله عز وجل هو الدائم الأبدي الأزلي ، وعلمه أزلي ، وكلامه دائم لا يغيب عن شيء ولا يزول ، ثم إن الجهمي ادعى أمرا آخر ليضل به الضعفاء ومن لا علم عنده ، فقال : أخبرونا عن القرآن ، هل هو شيء أو لا شيء ؟
[ ص: 171 ]
فلا يجوز أن يكون جوابه : لا شيء ، فيقال له : هو شيء ، فيظن حينئذ أنه قد ظفر بحجته ووصل إلى بغيته ، فيقول : فإن الله يقول :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=62خالق كل شيء ، والقرآن شيء يقع عليه اسم شيء ، وهو مخلوق ، لأن الكل يجمع كل شيء .
فيقال له : أما قولك : إن الكل يجمع كل شيء ، فقد رد الله عليك ذلك وأكذبك القرآن ، قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=185كل نفس ذائقة الموت .
ولله عز وجل نفس لا تدخل في هذا الكل ، وكذلك كلامه شيء لا يدخل في الأشياء المخلوقة ، كما قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=88كل شيء هالك إلا وجهه ، وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=58وتوكل على الحي الذي لا يموت .
فإن زعمت أن الله لا نفس له ، فقد أكذبك القرآن ورد عليك قولك ، قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=54كتب ربكم على نفسه الرحمة ، وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=28ويحذركم الله نفسه ، وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=41واصطنعتك لنفسي ، وقال فيما حكاه عن
عيسى [ ص: 172 ] :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك .
فقد علم من آمن بالله واليوم الأخر أن كتاب الله حق ، وما قاله فيه حق ، وأن لله نفسا ، وأن نفسه لا تموت ، وأن قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=185كل نفس ذائقة الموت لا تدخل في هذا نفس الله .
وكذلك يخرج كلامه من الكلام المخلوق ، كما تخرج نفسه من الأنفس التي تموت ، وقد فهم من آمن بالله وعقل عن الله أن كلام الله ، ونفس الله ، وعمل الله ، وقدرة الله ، وعزة الله ، وسلطان الله ، وعظمة الله ، وحلم الله ، وعفو الله ، ورفق الله ، وكل شيء من صفات الله أعظم الأشياء ، وأنها كلها غير مخلوقة ؛ لأنها صفات الخالق ومن الخالق ، فليس يدخل في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=62خالق كل شيء ، لا كلامه ، ولا عزته ، ولا قدرته ، ولا سلطانه ، ولا عظمته ، ولا جوده ، ولا كرمه ، لأن الله تعالى لم يزل بقوله وعلمه وقدرته وسلطانه وجميع صفاته إلها واحدا ، وهذه صفاته قديمة بقدمه ، أزلية بأزليته ، دائمة بدوامه ، باقية ببقائه ، لم يخل ربنا من هذه الصفات طرفة عين ، وإنما أبطل الجهمي صفاته يريد بذلك إبطاله .
وَمِنْ أَوْضَحِ الْبَيَانِ مِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=29026_29614_24913_34077تَفْرِيقِ اللَّهِ بَيْنَ الْخَلْقِ وَبَيْنَ الْقُرْآنِ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=1الرَّحْمَنُ nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=2عَلَّمَ الْقُرْآنَ nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=3خَلَقَ الإِنْسَانَ ، أَلَا تَرَاهُ يَفْصِلُ بَيْنَ الْقُرْآنِ وَبَيْنَ الْإِنْسَانِ ، فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=2عَلَّمَ الْقُرْآنَ nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=3خَلَقَ الإِنْسَانَ ، وَلَوْ شَاءَ تَعَالَى : لَقَالَ : " خَلَقَ الْإِنْسَانَ وَالْقُرْآنَ " ، وَلَكِنَّهُ تَكَلَّمَ بِالصِّدْقِ لِيُفْهَمَ وَلِيُفَصَّلَ كَمَا فَصَلَّهُ .
فَخَالَفَ ذَلِكَ الْجَهْمِيُّ وَكَفَرَ بِهِ ، وَقَالَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى مَا لَمْ يَجِدْهُ فِي كِتَابٍ أُنْزِلَ مِنَ السَّمَاءِ ، وَلَا قَالَهُ أَحَدٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ ، وَلَا رُوِيَ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ ، بَلْ وُجِدَ وَرُوِيَ خِلَافُ قَوْلِ الْجَهْمِيِّ ، حَيْثُ عَابَ اللَّهُ أَقْوَامًا بِمِثْلِ فِعْلِ الْجَهْمِيِّ فِي هَذَا ، فَقَالَ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=4قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنْ الأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ، فَلَمَّا عَلِمَ أَنَّهُمْ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى أَنْ يُرُوهُ لِمَنْ عَبَدُوا خَلْقًا فِي الْأَرْضِ وَلَا شِرْكَ لَهُمْ فِي السَّمَاوَاتِ ، قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=4ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا - يَعْنِي : مِنْ قَبْلِ الْقُرْآنِ - أَيْ : ائْتُونِي
[ ص: 166 ] بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا تَجِدُونَ فِيهِ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=4أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ ، أَيْ : رِوَايَةٍ عَنْ بَعْضِ الْأَنْبِيَاءِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=4إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ .
فَسَلَكَ الْجَهْمِيُّ فِي مَذْهَبِهِ طَرِيقَ أُولَئِكَ ، وَقَالَ فِي اللَّهِ وَتَقَوَّلَ عَلَيْهِ الْبُهْتَانَ بِغَيْرِ بُرْهَانٍ ، وَافْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ ، وَتَعَدَّى مَا أَخَذَهُ اللَّهُ مِنَ الْمِيثَاقِ عَلَى خَلْقِهِ حِينَ ، قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=169أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ ، وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=93الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ .
وَمِنْ أَبْيَنِ الْبَيَانِ وَأَوْضَحِ الْبُرْهَانِ مِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=29614_24913_34077تَفْرِيقِ اللَّهِ بَيْنَ الْخَلْقِ وَالْقُرْآنِ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=54أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ ، فَتَفَهَّمُوا هَذَا الْمَعْنَى ، هَلْ تَشُكُّونَ أَنَّهُ قَدْ دَخَلَ فِي ذَلِكَ الْخَلْقُ كُلُّهُ ؟ وَهَلْ يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَظُنَّ أَنَّ قَوْلَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=54أَلَا لَهُ الْخَلْقُ أَرَادَ أَنَّ لَهُ بَعْضَ الْخَلْقِ ؟ بَلْ قَدْ دَخَلَ الْخَلْقُ كُلُّهُ فِي الْخَلْقِ .
ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّ لَهُ أَيْضًا غَيْرَ الْخَلْقِ لَيْسَ هُوَ خَلْقًا ، لَمْ يَدْخُلْ فِي الْخَلْقِ وَهُوَ (الْأَمْرُ) ، فَبَيَّنَ أَنَّ الْأَمْرَ خَارِجٌ مِنَ الْخَلْقِ ، فَالْأَمْرُ أَمْرُهُ وَكَلَامُهُ .
وَمِمَّا يُوَضِّحُ ذَلِكَ عِنْدَ مَنْ فَهَمَ عَنِ اللَّهِ وَعَقَلَ أَمْرَ اللَّهِ أَنَّكَ
nindex.php?page=treesubj&link=29614_24913_34077تَجِدُ فِي كِتَابِ اللَّهِ ذِكْرَ الشَّيْئَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ إِذَا كَانَا فِي مَوْضِعٍ فَصَلَ بَيْنَهُمَا بِالْوَاوِ ، وَإِذَا كَانَا شَيْئَيْنِ غَيْرَ مُخْتَلِفَيْنِ لَمْ يَفْصِلْ بَيْنَهُمَا بِالْوَاوِ ، فَمِنْ ذَلِكَ مَا هُوَ شَيْءٌ وَاحِدٌ
[ ص: 167 ] وَأَسْمَاؤُهُ مُخْتَلِفَةٌ وَمَعْنَاهُ مُتَّفِقٌ ، فَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَهُمَا بِالْوَاوِ .
وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=78قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا ، فَلَمْ يَفْصِلْ بِالْوَاوِ حِينَ كَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ شَيْئًا وَاحِدًا ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْأَبَ هُوَ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ ؟
وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=5عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا .
فَلَمَّا كَانَ هَذَا كُلُّهُ نَعْتَ شَيْءٍ وَاحِدٍ لَمْ يَفْصِلْ بَعْضَهُ عَنْ بَعْضٍ بِالْوَاوِ ، ثُمَّ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=5وَأَبْكَارًا ، فَلَمَّا كَانَ الْأَبْكَارُ غَيْرَ الثَّيِّبَاتِ فَصَلَ بِالْوَاوِ ، لِأَنَّ الْأَبْكَارَ وَالثَّيِّبَاتِ شَيْئَانِ مُخْتَلِفَانِ .
وَقَالَ أَيْضًا فِيمَا هُوَ شَيْءٌ وَاحِدٌ بِأَسْمَاءِ مُخْتَلِفَةٍ وَلَمْ يَفْصِلْهُ بِالْوَاوِ .
وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=23هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=24هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ .
فَلَمَّا كَانَ هَذَا كُلُّهُ شَيْئًا وَاحِدًا لَمْ يَفْصِلْ بِالْوَاوِ ، وَكَانَ غَيْرَ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ هَاهُنَا وَاوٌ ، فَيَكُونُ الْأَوَّلُ غَيْرَ الثَّانِي ، وَالثَّانِي غَيْرَ الثَّالِثِ .
وَقَالَ فِيمَا هُوَ شَيْئَانِ مُخْتَلِفَانِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=35إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ . . . إِلَى
[ ص: 168 ] آخِرِ الْآيَةِ ، فَلَمَّا كَانَ الْمُسْلِمُونَ غَيْرَ الْمُسْلِمَاتِ ، فَصَلَ بِالْوَاوِ ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُسْلِمُونَ الْمُسْلِمَاتِ ، لِأَنَّهُمَا شَيْئَانِ مُخْتَلِفَانِ .
وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=162إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي ، فَلَمَّا كَانَتِ الصَّلَاةُ غَيْرَ النُّسُكِ ، وَالْمَحْيَا غَيْرَ الْمَمَاتِ ، فَصَلَ بِالْوَاوِ .
وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=19وَمَا يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=20وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=21وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ ، فَفَصَلَ هَذَا كُلَّهُ بِالْوَاوِ لِاخْتِلَافِ أَجْنَاسِهِ وَمَعَانِيهِ .
وَقَالَ فِي هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا :
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=27فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=28وَعِنَبًا وَقَضْبًا nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=29وَزَيْتُونًا وَنَخْلَا nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=30وَحَدَائِقَ غُلْبًا ، فَلَمَّا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ غَيْرَ صَاحِبِهِ ، فَصَلَ بِالْوَاوِ ، وَلَمَّا كَانَتِ الْحَدَائِقُ غُلْبًا شَيْئًا وَاحِدًا ، أَسْقَطَ بَيْنَهُمَا الْوَاوَ .
وَقَالَ أَيْضًا :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=62وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً ، فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ غَيْرَ النَّهَارِ ، فَصَلَ بِالْوَاوِ .
كَمَا قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=33وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ، فَلَمَّا كَانَ الشَّمْسُ غَيْرَ الْقَمَرِ ، فَصَلَ بِالْوَاوِ ، وَهَذَا فِي الْقُرْآنِ كَثِيرٌ ، وَفِي بَعْضِ مَا ذَكَرْنَاهُ كِفَايَةٌ لِمَنْ تَدَبَّرَهُ وَعَقَلَهُ وَأَرَادَ اللَّهُ تَوْفِيقَهُ وَهِدَايَتَهُ
[ ص: 169 ] .
فَكَذَلِكَ لَمَّا كَانَ الْأَمْرُ غَيْرَ الْخَلْقِ ، فَصَلَ بِالْوَاوِ ، فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=54أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ ، فَالْأَمْرُ أَمْرُهُ وَكَلَامُهُ ، وَالْخَلْقُ خَلْقٌ ، وَبِالْأَمْرِ خَلَقَ الْخَلْقَ ، لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَ بِمَا شَاءَ وَخَلَقَ بِمَا شَاءَ .
فَزَعَمَ الْجَهْمِيُّ أَنَّ الْأَمْرَ خَلْقٌ ، وَالْخَلْقَ خَلْقٌ ، فَكَأَنَّ مَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=54أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ إِنَّمَا هُوَ الْإِلَهُ الْخَلْقُ وَالْخَلْقُ ، فَجَمَعَ الْجَهْمِيُّ بَيْنَ مَا فَصَلَهُ اللَّهُ .
nindex.php?page=treesubj&link=28990_29455_28836وَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا يَقُولُ الْجَهْمِيُّ ، لَكَانَ قَوْلُ جِبْرِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِخَلْقِ رَبِّكَ ، وَاللَّهُ يَقُولُ : nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=64وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَمْرَ اللَّهِ هُوَ كَلَامُهُ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=5ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ ، فَيُسَمِّي اللَّهُ الْقُرْآنَ أَمْرَهُ ، وَفَصَلَ بَيْنَ أَمْرِهِ وَخَلْقِهِ ، فَتَفَهَّمُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ .
وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=12وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا ، وَلَمْ يَقُلْ : عَنْ خَلْقِنَا .
وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=25وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ بِأَمْرِهِ ، وَلَمْ يَقُلْ بِخَلْقِهِ ، لِأَنَّهَا لَوْ قَامَتْ بِخَلْقِهِ لَمَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ ، وَلَا مِنْ مُعْجِزَاتِ قُدْرَتِهِ ، وَلَكِنْ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ أَنْ يَقُومَ الْمَخْلُوقُ بِالْخَالِقِ ، وَبِأَمْرِ الْخَالِقِ قَامَ الْمَخْلُوقُ ، وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=25ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ فَبِدَعْوَةِ
[ ص: 170 ] اللَّهِ يَخْرُجُونَ .
وَاحْتَجَّ الْجَهْمِيُّ بِآيَةٍ انْتَزَعَهَا مِنَ الْمُتَشَابِهِ ، فَقَالَ : أَلَيْسَ قَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=3يُدَبِّرُ الأَمْرَ ، فَهَلْ يُدَبَّرُ إِلَّا مَخْلُوقٌ ؟
فَهَذَا أَيْضًا مِمَّا يَكُونُ لَفْظُهُ وَاحِدًا بِمَعَانٍ مُخْتَلِفَةٍ ، وَجَاءَ مِثْلُهُ فِي الْقُرْآنِ كَثِيرٌ ، فَإِنَّمَا - يَعْنِي : يُدَبِّرُ أَمْرَ الْخَلْقِ - وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُدَبِّرَ كَلَامَهُ ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَكِيمٌ عَلِيمٌ ، وَكَلَامُهُ حُكْمٌ ، وَإِنَّمَا تَدْبِيرُ الْكَلَامِ مِنْ صِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ الَّذِينَ فِي كَلَامِهِمُ الْخَطَأُ وَالزَّلَلُ ، فَهُمْ يُدَبِّرُونَ كَلَامَهُمْ مَخَافَةَ ذَلِكَ وَيَتَكَلَّمُونَ بِالْخَطَأِ ثُمَّ يَرْجِعُونَ إِلَى الصَّوَابِ ، وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَا يُخْطِئُ وَلَا يَضِلُّ وَلَا يَنْسَى وَلَا يُدَبِّرُ كَلَامَهُ .
وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=4لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ ، يَقُولُ : لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلِ الْخَلْقِ وَمِنْ بَعْدِ الْخَلْقِ .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=5ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ ، - يَعْنِي : هِدَايَةٌ هَدَاكُمُ اللَّهُ بِهَا - ، وَالْهِدَايَةُ عِلْمُهُ ، وَالْعِلْمُ مِنْهُ وَمُتَّصِلٌ بِهِ ، كَمَا أَنَّ شُعَاعَ الشَّمْسِ مُتَّصِلٌ بِعَيْنِ الشَّمْسِ ، فَإِذَا غَابَتْ عَيْنُ الشَّمْسِ ذَهَبَ الشُّعَاعُ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى ، وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هُوَ الدَّائِمُ الْأَبَدِيُّ الْأَزَلِيُّ ، وَعِلْمُهُ أَزَلِيٌّ ، وَكَلَامُهُ دَائِمٌ لَا يَغِيبُ عَنْ شَيْءٍ وَلَا يَزُولُ ، ثُمَّ إِنَّ الْجَهْمِيَّ ادَّعَى أَمْرًا آخَرَ لِيُضِلَّ بِهِ الضُّعَفَاءَ وَمَنْ لَا عِلْمَ عِنْدَهُ ، فَقَالَ : أَخْبِرُونَا عَنِ الْقُرْآنِ ، هَلْ هُوَ شَيْءٌ أَوْ لَا شَيْءَ ؟
[ ص: 171 ]
فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جَوَابُهُ : لَا شَيْءَ ، فَيُقَالُ لَهُ : هُوَ شَيْءٌ ، فَيَظُنُّ حِينَئِذٍ أَنَّهُ قَدْ ظَفَرَ بِحُجَّتِهِ وَوَصَلَ إِلَى بُغْيَتِهِ ، فَيَقُولُ : فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=62خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ، وَالْقُرْآنُ شَيْءٌ يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ شَيْءٍ ، وَهُوَ مَخْلُوقٌ ، لِأَنَّ الْكُلَّ يَجْمَعُ كُلَّ شَيْءٍ .
فَيُقَالُ لَهُ : أَمَّا قَوْلُكَ : إِنَّ الْكُلَّ يَجْمَعُ كُلَّ شَيْءٍ ، فَقَدْ رَدَّ اللَّهُ عَلَيْكَ ذَلِكَ وَأَكْذَبَكَ الْقُرْآنَ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=185كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ .
وَلِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ نَفْسٌ لَا تَدْخُلُ فِي هَذَا الْكَلِّ ، وَكَذَلِكَ كَلَامُهُ شَيْءٌ لَا يَدْخُلُ فِي الْأَشْيَاءِ الْمَخْلُوقَةِ ، كَمَا قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=88كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ، وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=58وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ .
فَإِنْ زَعَمْتَ أَنَّ اللَّهَ لَا نَفْسَ لَهُ ، فَقَدْ أَكْذَبَكَ الْقُرْآنُ وَرَدَّ عَلَيْكَ قَوْلَكَ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=54كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ، وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=28وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ، وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=41وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي ، وَقَالَ فِيمَا حَكَاهُ عَنْ
عِيسَى [ ص: 172 ] :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ .
فَقَدْ عَلِمَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْأَخِرِ أَنَّ كِتَابَ اللَّهِ حَقٌّ ، وَمَا قَالَهُ فِيهِ حَقٌّ ، وَأَنَّ لِلَّهِ نَفْسًا ، وَأَنَّ نَفْسَهُ لَا تَمُوتُ ، وَأَنَّ قَوْلَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=185كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ لَا تَدْخُلُ فِي هَذَا نَفْسُ اللَّهِ .
وَكَذَلِكَ يَخْرُجُ كَلَامُهُ مِنَ الْكَلَامِ الْمَخْلُوقِ ، كَمَا تَخْرُجُ نَفْسُهُ مِنَ الْأَنْفُسِ الَّتِي تَمُوتُ ، وَقَدْ فَهِمَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَعَقَلَ عَنِ اللَّهِ أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ ، وَنَفَسَ اللَّهِ ، وَعَمَلَ اللَّهِ ، وَقُدْرَةَ اللَّهِ ، وَعِزَّةَ اللَّهِ ، وَسُلْطَانَ اللَّهِ ، وَعَظَمَةَ اللَّهِ ، وَحِلْمَ اللَّهِ ، وَعَفْوَ اللَّهِ ، وَرِفْقَ اللَّهِ ، وَكُلَّ شَيْءٍ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ أَعْظَمُ الْأَشْيَاءِ ، وَأَنَّهَا كُلَّهَا غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ ؛ لِأَنَّهَا صِفَاتُ الْخَالِقِ وَمِنَ الْخَالِقِ ، فَلَيْسَ يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=62خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ، لَا كَلَامُهُ ، وَلَا عِزَّتُهُ ، وَلَا قُدْرَتُهُ ، وَلَا سُلْطَانُهُ ، وَلَا عَظَمَتُهُ ، وَلَا جُودُهُ ، وَلَا كَرَمُهُ ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَزَلْ بِقَوْلِهِ وَعِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ وَسُلْطَانِهِ وَجَمِيعِ صِفَاتِهِ إِلَهًا وَاحِدًا ، وَهَذِهِ صِفَاتُهُ قَدِيمَةٌ بِقِدَمِهِ ، أَزَلِيَّةٌ بِأَزَلِيَّتِهِ ، دَائِمَةٌ بِدَوَامِهِ ، بَاقِيَةٌ بِبَقَائِهِ ، لَمْ يَخْلُ رَبُّنَا مِنْ هَذِهِ الصِّفَاتِ طَرْفَةَ عَيْنٍ ، وَإِنَّمَا أَبْطَلَ الْجَهْمِيُّ صِفَاتِهِ يُرِيدُ بِذَلِكَ إِبْطَالَهُ .