447 -
nindex.php?page=treesubj&link=33934محمد بن أسلم
ومنهم السليم الأسلم المذكور بالسواد الأعظم .
nindex.php?page=showalam&ids=16899الطوسي أبو الحسن محمد بن أسلم .
أحواله مشتهرة مشهورة ، وشمائله مسطرة مذكورة . كان بالآثار مقتديا ، وعن الآراء منتهيا ، أعطي بيانا وبلاغة ، وزهدا وقناعة ، نقض على المخالفين بتبيانه ، وأقبل على تصحيح حاله وشأنه .
حدثنا أبي ، ثنا خالي
أحمد بن محمد بن يوسف ، ثنا أبي ، قال : قرأت على
أبي عبد الله محمد بن القاسم الطوسي خادم ابن أسلم قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن راهويه ، يقول : وذكر في حديث رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16010796nindex.php?page=treesubj&link=30231_30232إن الله لم يكن ليجمع أمة محمد على ضلالة ، فإذا رأيتم الاختلاف فعليكم بالسواد الأعظم " فقال رجل : يا
أبا يعقوب من السواد الأعظم ؟ فقال :
محمد بن أسلم وأصحابه ومن
[ ص: 239 ] تبعه ، ثم قال : سأل رجل
ابن المبارك فقال : يا
أبا عبد الرحمن من السواد الأعظم ؟ قال :
أبو حمزة السكوني . ثم قال
إسحاق : في ذلك الزمان يعني
أبا حمزة ، وفي زماننا
محمد بن أسلم ومن تبعه . ثم قال
إسحاق : لو سألت الجهال
nindex.php?page=treesubj&link=30232من السواد الأعظم ؟ قالوا : جماعة الناس ، ولا يعلمون أن الجماعة عالم متمسك بأثر النبي صلى الله عليه وسلم وطريقه ، فمن كان معه وتبعه فهو الجماعة ، ومن خالفه فيه ترك الجماعة . ثم قال
إسحاق : لم أسمع عالما منذ خمسين سنة أعلم من
محمد بن أسلم . قال
أبو عبد الله : وسمعت
أبا يعقوب المروزي ببغداد وقلت له : قد صحبت
محمد بن أسلم ، وصحبت
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل ، أي الرجلين كان عندك أرجح أو أكثر أو أبصر بالدين ؟ فقال : يا
أبا عبد الله لم تقول هذا ؟
nindex.php?page=treesubj&link=33964_30483إذا ذكرت محمد بن أسلم في أربعة أشياء فلا تقرن معه أحدا : البصر بالدين ، واتباع أثر النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا ، وفصاحة لسانه بالقرآن والنحو . ثم قال لي : نظر
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل في كتاب الرد على
الجهمية الذي وضعه
محمد بن أسلم فتعجب منه ثم قال : يا
أبا يعقوب رأت عيناك مثل
محمد ؟ فقلت : يا
أبا عبد الله لا يغلظ رأي
محمد من أستاذيه ورجاله مثله ، فتفكر ساعة ثم قال : لا قد رأيتهم وعرفتهم فلم أر فيهم على صفة
محمد بن أسلم .
قال
أبو عبد الله : وسألت
يحيى بن يحيى عن ست مسائل فأفتى فيها ، وقد كنت سمعت
محمد بن أسلم أفتى فيها بغير ذلك ، احتج فيها بحديث النبي صلى الله عليه وسلم ، فأخبرت
يحيى بن يحيى nindex.php?page=treesubj&link=32223_30237_22357_24686بفتيا محمد بن أسلم فيها ، فقال : يا بني أطيعوا أمره وخذوا بقوله ، فإنه أبصر منا . ألا ترى أنه يحتج بحديث النبي صلى الله عليه وسلم في كل مسألة ؟ وليس ذاك عندنا . قال : سمعت شيخا من
أهل مرو يكنى
بأبي عبد الله قال : صحبت
nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة ووكيعا وكان صديقا
ليحيى بن يحيى وإسحاق بن راهويه ، وكان صاحب علم فأخبرني قال : كنت عند
يحيى بن يحيى ، فقال لي : يا
أبا عبد الله قد رأيت
محمد بن أسلم وصحبت
nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن راهويه فأي الرجلين أبصر عندك وأرجح ؟ فقلت : يا
أبا زكريا ما لك إذا ذكرت
محمد بن أسلم تذكر معه
nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن راهويه وغيره ، قد صحبت
وكيعا سنتين وأشهرا وصحبت
nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة ولم أر يوما واحدا لهم من الشمائل ما
لمحمد بن أسلم . ثم قلت : إنما يعرف
محمد بن أسلم [ ص: 240 ] رجل بصير بالعلم قد عرف الحديث ، ينظر في شمائل هذا الرجل فيعلم بأي حديث يعمل به هذا الرجل اليوم ، غريب في هذا الخلق لأنه يعمل بما عمل به النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، وهو عند الناس منكر لأنهم لم يروا أحدا يعمل به فلا يعرفه إلا بصير . فقال
يحيى بن يحيى : صدقت هو كما تقول فمن مثله اليوم ؟! قال : وسمعت
nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن راهويه ذات يوم روى في
nindex.php?page=treesubj&link=22723ترجيع الأذان أحاديث كثيرة ثم روى حديث
nindex.php?page=showalam&ids=113عبد الله بن زيد الأنصاري ، وقد أمر
محمد بن أسلم الناس بالترجيع فقلتم هذا مبتدع ، عامة أهل هذه الكورة غوغاء ، ثم قال :
nindex.php?page=treesubj&link=18837_30237احذروا الغوغاء فإن الأنبياء قتلتهم الغوغاء ، فلما كان الليل دخلت عليه فقلت له يا
أبا يعقوب ، حدثت هذه الأحاديث كلها في الترجيع فما لك لا تأمن مؤذنك ؟ قال : يا مغفل ألم تسمع ما قلت في الغوغاء لأنهم هم الذين قتلوا الأنبياء ، فأما أمر
محمد بن أسلم فإنه يتمادى كلما أخذ في شيء تم له ، ونحن عنده نملأ بطونا لا يتم لنا أمر نأخذ فيه نحن عند
محمد بن أسلم مثل السراق . قال
أبو عبد الله وكتب إلي
أحمد بن نصر أن أكتب إليه بحال
محمد بن أسلم فإنه ركن من أركان الإسلام . قال : وأخبرني
محمد بن مطرف وكان رحل إلى
صدقة الماوردي قال : قلت
لصدقة : ما تقول في
nindex.php?page=treesubj&link=29453_30237رجل يقول : القرآن مخلوق ؟ فقال : لا أدري ، فقلت : إن
محمد بن أسلم قد وضع فيه كتابا . قال : هو معكم ؟ قلت : نعم ، قال : ائتني به . فأتيته به فلما كان من الغد قال لنا : ويحكم كنا نظن أن صاحبكم هذا صبي فلما نظرت إليه إذا هو قد فاق أصحابنا ، قد كنت قبل اليوم لو ضربت سوطين لقلت : القرآن مخلوق ، فأما اليوم فلو ضرب عنقي لم أقله . قال : وكنت جالسا عند
أحمد بن نصر بنيسابور بعدما مات
محمد بن أسلم بيوم ، فدخلت عليه جماعة من الناس فيهم أصحاب الحديث مشايخ وشباب ، وقالوا : جئنا من عند
أبي النضر وهو يقرئك السلام ، ويقول : ينبغي لنا أن
nindex.php?page=treesubj&link=2285_33964نجتمع فنعزي بعضنا بموت هذا الرجل الذي لم نعرف من عهد
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز رجلا مثله . وقيل
لأحمد بن نصر : يا
أبا عبد الله nindex.php?page=treesubj&link=1042_30381صلى عليه ألف ألف من الناس ، وقال بعضهم : ألف ألف ومائة ألف من الناس ، يقول صالحهم وطالحهم : لم نعرف لهذا الرجل نظيرا ، فقال
أحمد بن نصر : يا قوم ، أصلحوا
[ ص: 241 ] سرائركم بينكم وبين الله ، ألا ترون رجلا دخل بيته
بطوس فأصلح سره بينه وبين الله ، ثم نقله الله إلينا فأصلح الله على يديه ألف ألف ومائة ألف من الناس . قال
أبو عبد الله ، ودخلت على
محمد بن أسلم قبل موته بأربعة أيام
بنيسابور فقال : يا
أبا عبد الله تعالى أبشرك بما صنع الله بأخيك من الخير ، قد نزل بي الموت ، وقد من الله علي أنه
nindex.php?page=treesubj&link=30355_27209_1970ليس عندي درهم يحاسبني الله عليه ، وقد علم الله ضعفي وأني لا أطيق الحساب ، فلم يدع عندي شيئا يحاسبني به الله .
ثم قال : أغلق الباب ولا تأذن لأحد علي حتى أموت ، وتدفنون كتبي ، واعلم أني أخرج من الدنيا وليس أدع ميراثا غير كتبي وكسائي ولبدي وإنائي الذي أتوضأ منه ، وكتبي هذه ، فلا تكلفوا الناس مؤنة . وكانت معه صرة فيها نحو ثلاثين درهما ، فقال : هذا لابني أهداه إليه قريب له ، ولا أعلم شيئا أحل لي منه ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16010797nindex.php?page=treesubj&link=33315_18012أنت ومالك لأبيك " . وقال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16010798nindex.php?page=treesubj&link=24476_18012أطيب ما يأكل الرجل من كسبه ، وولده من كسبه " . فكفنوني فيها :
nindex.php?page=treesubj&link=2125_2098_1970فإن أصبتم لي بعشرة دراهم ما يستر عورتي فلا تشتروا بخمسة عشر ، وابسطوا على جنازتي لبدي وغطوا على جنازتي كسائي ، ولا تكلفوا أحدا ليأتي جنازتي ، وتصدقوا بإنائي أعطوه مسكينا يتوضأ منه . ثم مات في اليوم الرابع . فعجبت أن قال لي ذلك بيني وبينه ، فلما أخرجت جنازته جعل النساء يقلن من فوق السطوح : يا أيها الناس هذا العالم الذي خرج من الدنيا ، وهذا ميراثه الذي على جنازته ليس مثل علمائنا هؤلاء الذين هم عبيد بطونهم ، يجلس أحدهم للعلم سنتين أو ثلاثا فيشتري الضياع ويستفيد المال . وقال لي
محمد : يا
أبا عبد الله أنا معك ، وقد علمت أن معي في قميصي من يشهد علي فكيف ينبغي لي أن آتي الذنوب ؟
nindex.php?page=treesubj&link=19663_19673إنما يعمل الذنوب جاهل ينظر فلا يرى أحدا فيقول : ليس يراني أحد ، أذهب فأذنب . فأما أنا كيف يمكنني ذلك وقد علمت أن داخل قميصي من يشهد علي ، ثم قال : يا
أبا عبد الله ما لي ولهذا الخلق ،
nindex.php?page=treesubj&link=19791كنت في صلب أبي وحدي ، ثم صرت في بطن أمي وحدي ، ثم دخلت الدنيا وحدي ، ثم تقبض روحي وحدي ،
[ ص: 242 ] وأدخل في قبري وحدي ،
nindex.php?page=treesubj&link=32927_19792ويأتيني منكر ونكير فيسألاني في قبري وحدي ، فإن صرت إلى خير صرت وحدي وإن صرت إلى شر كنت وحدي ، ثم
nindex.php?page=treesubj&link=30362_30355_19794أوقف بين يدي الله وحدي ، ثم
nindex.php?page=treesubj&link=28770_19794يوضع عملي وذنوبي في الميزان وحدي ، وإن بعثت إلى الجنة بعثت وحدي ، وإن بعثت إلى النار بعثت وحدي ، فما لي وللناس . ثم تفكر ساعة فوقعت عليه الرعدة حتى خشيت أن يسقط ثم رجعت إليه نفسه ، ثم قال : يا
أبا عبد الله إن هؤلاء قد كتبوا رأي
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة وكتبت أنا الأثر ، فأنا عندهم على غير طريق وهم عندي على غير طريق . وقال لي : يا
أبا عبد الله أصل الإسلام في هذه الفرائض ، وهذه
nindex.php?page=treesubj&link=28328_30491_28750الفرائض في حرفين : ما قال الله ورسوله افعل فهو فريضة ينبغي أن يفعل ، وما قال الله ورسوله لا تفعل فينبغي أن ينتهى عنه ، فتركه فريضة . وهذا في القرآن وفي فريضة النبي صلى الله عليه وسلم وهم يقرؤونه ولكن لا يتفكرون فيه ، قد غلب عليهم حب الدنيا .
حديث
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16010799nindex.php?page=treesubj&link=30998_28328_28977_30232_28798خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا ، فقال : " هذا سبيل الله " ثم خط خطوطا عن يمينه وعن شماله ثم قال : " هذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه " ثم قرأ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=153وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون ) ، وحديث
عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16010800nindex.php?page=treesubj&link=30208_30238_30232_30233إن بني إسرائيل افترقوا على اثنتين وسبعين ملة وأمتي تفترق على ثلاثة وسبعين كلها في النار إلا واحدة " . قالوا : يا رسول الله ، من هم ؟ قال : " ما أنا عليه اليوم وأصحابي " .
فرجع الحديث إلى واحد والسبيل الذي قال في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود والذي قال : "
ما أنا عليه وأصحابي " فدين الله في سبيل واحد فكل عمل أعمله أعرضه على هذين الحديثين فما وافقهما عملته وما خالفهما تركته ، ولو أن أهل العلم فعلوا لكانوا على أثر النبي صلى الله عليه وسلم ، ولكنهم
nindex.php?page=treesubj&link=30200_32944_30208فتنهم حب الدنيا وشهوة المال ، ولو كان في حديث
عبد الله بن عمرو الذي قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16010802nindex.php?page=treesubj&link=30233كلها في النار إلا واحدة " قال : كلها في الجنة إلا واحدة لكان ينبغي أن يكون قد تبين علينا في خشوعنا وهمومنا وجميع أمورنا خوفا أن نكون
[ ص: 243 ] من تلك الواحدة فكيف وقد قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16010803كلها في النار إلا واحدة " ؟ قال
عبد الله : صحبت
محمد بن أسلم نيفا وعشرين سنة لم أره يصلي حيث أراه ركعتين من التطوع إلا يوم الجمعة ، ولا يسبح ولا يقرأ حيث أراه ولم يكن أحد أعلم بسره وعلانيته مني .
وسمعته يحلف كذا كذا مرة أن لو قدرت أن أتطوع حيث لا يراني ملكاي لفعلت ، ولكن لا أستطيع ذلك خوفا من الرياء لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16010804nindex.php?page=treesubj&link=18692_18710اليسير من الرياء شرك " ثم أخذ حجرا صغيرا فوضعه على كفه ، فقال : أليس هذا حجرا ؟ قلت : بلى ، قال : أوليس هذا الجبل حجرا ؟ قلت : بلى ، قال : فالاسم يقع على الكبير والصغير أنه حجر ، فكذلك
nindex.php?page=treesubj&link=18710_32110الرياء قليله وكثيره شرك . وكان
محمد يدخل بيتا ويغلق بابه ويدخل معه كوزا من ماء ، فلم أدر ما يصنع حتى سمعت ابنا له صغيرا يبكي بكاءه فنهته أمه فقلت لها : ما هذا البكاء ؟ فقالت :
nindex.php?page=treesubj&link=27705_18650_19696إن أبا الحسن يدخل هذا البيت فيقرأ القرآن ويبكي فيسمعه الصبي فيحاكيه ، فكان إذا أراد أن يخرج غسل وجهه واكتحل فلا يرى عليه أثر البكاء ، وكان
محمد يصل قوما ويعطيهم ويكسوهم فيبعث إليهم ويقول للرسول : انظر أن لا يعلموا من بعثه إليهم ، فيأتيهم هو بالليل فيذهب به إليهم ، ويخفي نفسه فربما بلي ثيابهم ونفد ما عندهم ولا يدرون من الذي أعطاهم ، ولا أعلم منذ صحبته وصل أحدا بأقل من مائة درهم إلا أن لا يمكنه ذلك .
وأكلت عند
محمد ذات يوم ثريدا في بريد فقلت له : يا
أبا الحسن ما لك تأتيني بثريد بارد هكذا تأكله ؟ قال : يا
أبا عبد الله إني
nindex.php?page=treesubj&link=18470إنما طلبت العلم لأعمل به ، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=treesubj&link=18344ليس في الحار بركة " وكنت أخبز له فما نخلت له دقيقا قط إلا أن أغضبه ، وكان يقول : اشتر لي شعيرا أسود قد تركه الناس فإنه يصير إلى الكنيف ، ولا تشتر لي إلا ما يكفيني يوما بيوم . وأردت أن أخرج إلى بعض القرى ولا أرجع نحوا من أربعة أشهر فاشتريت له عدل شعير أبيض جيدا فنقيته وطحنته ثم أتيته به فقلت : إني أريد أن أخرج إلى بعض القرى فأغيب فيه ، واشتريت لك هذا الطعام لتأكل منه حتى أرجع . فقال لي : نقيته لي وجودته لي ؟ قلت : نعم . فتغير لونه وقال : إن كنت تقيدت
[ ص: 244 ] فيه ونقيته فأطعمه نفسك فلعل لك عند الله أعمالا تحتمل أن تطعم نفسك النقي ، فأما أنا فقد سرت في الأرض ودرت فيها فبالذي لا إله إلا هو ما رأيت نفسا تصلي إلى القبلة شرا عندي من نفسي ، فبم أحتج عند الله أن أطعمها النقي ، خذ هذا الطعام واشتر لي بدله شعيرا أسود رديا فإنه إنما يصير إلى الكنيف . ثم قال : ويحكم أنتم لا تعرفون الكنيف ؟ لا أعلم فيكم من يبصر بقلبه ، لو أن إنسانا كان يبيع بيعا فجاءه رجل بدراهم فقال : أحب أن تعطيني من جيد بيعك فإني أريده للكنيف تضحكون منه وتقولون : هذا مجنون ، فكيف لا تضحكون من أنفسكم ؟ احفروا حفرا واجعلوا فيها ماء وطعاما وانظروا هل ينتن في شهر ، وأنتم تجعلونه في بطونكم فينتن في يوم وليلة ، فالكنيف هو البطن . ثم قال : اخرج واشتر لي رحى فجئني بها
nindex.php?page=treesubj&link=27705_31293_31323_27209واشتر لي شعيرا رديا لا يحتاج إليه الناس حتى أطحنه بيدي فآكله لعلي أبلغ ما كان فيه علي وفاطمة ، فإنه كان يطحن بيده . وولد له ابن فدفع إلي دراهم وقال : اشتر كبشين عظيمين وغال بهما ، فإنه كلما كان أعظم كان أفضل . اشتريت له وأعطاني عشرة دراهم ، فقال : اشتر به دقيقا واخبزه ، فنخلت الدقيق وخبزته ثم جئت به فقال : نخلت هذا فأعطاني عشرة دراهم أخر وقال : اشتر به دقيقا ولا تنخله واخبزه ، فخبزته وحملته إليه ، فقال لي : يا
أبا عبد الله إن
nindex.php?page=treesubj&link=17975العقيقة سنة ، ونخل الدقيق بدعة ، ولا ينبغي أن يكون في السنة بدعة ، فلم أحب أن يكون ذلك الخبز في بيتي بعد أن يكون بدعة .
447 -
nindex.php?page=treesubj&link=33934محمد بن أسلم
وَمِنْهُمُ السَّلِيمُ الْأَسْلَمُ الْمَذْكُورُ بِالسَّوَادِ الْأَعْظَمِ .
nindex.php?page=showalam&ids=16899الطُّوسِيُّ أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَسْلَمَ .
أَحْوَالُهُ مُشْتَهِرَةٌ مَشْهُورَةٌ ، وَشَمَائِلُهُ مُسَطَّرَةٌ مَذْكُورَةٌ . كَانَ بِالْآثَارِ مُقْتَدِيًا ، وَعَنِ الْآرَاءِ مُنْتَهِيًا ، أُعْطِيَ بَيَانًا وَبَلَاغَةً ، وَزُهْدًا وَقَنَاعَةً ، نَقَضَ عَلَى الْمُخَالِفِينَ بِتِبْيَانِهِ ، وَأَقْبَلَ عَلَى تَصْحِيحِ حَالِهِ وَشَأْنِهِ .
حَدَّثَنَا أَبِي ، ثَنَا خَالِي
أحمد بن محمد بن يوسف ، ثَنَا أَبِي ، قَالَ : قَرَأْتُ عَلَى
أبي عبد الله محمد بن القاسم الطوسي خادم ابن أسلم قَالَ : سَمِعْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=12418إِسْحَاقَ بْنَ رَاهَوَيْهِ ، يَقُولُ : وَذَكَرَ فِي حَدِيثٍ رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16010796nindex.php?page=treesubj&link=30231_30232إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُنْ لِيَجْمَعَ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ عَلَى ضَلَالَةٍ ، فَإِذَا رَأَيْتُمُ الِاخْتِلَافَ فَعَلَيْكُمْ بِالسَّوَادِ الْأَعْظَمِ " فَقَالَ رَجُلٌ : يَا
أبا يعقوب مَنِ السَّوَادُ الْأَعْظَمُ ؟ فَقَالَ :
محمد بن أسلم وَأَصْحَابُهُ وَمَنْ
[ ص: 239 ] تَبِعَهُ ، ثُمَّ قَالَ : سَأَلَ رَجُلٌ
ابن المبارك فَقَالَ : يَا
أبا عبد الرحمن مَنِ السَّوَادُ الْأَعْظَمُ ؟ قَالَ :
أبو حمزة السكوني . ثُمَّ قَالَ
إسحاق : فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ يَعْنِي
أبا حمزة ، وَفِي زَمَانِنَا
محمد بن أسلم وَمَنْ تَبِعَهُ . ثُمَّ قَالَ
إسحاق : لَوْ سَأَلْتَ الْجُهَّالَ
nindex.php?page=treesubj&link=30232مَنِ السَّوَادُ الْأَعْظَمُ ؟ قَالُوا : جَمَاعَةُ النَّاسِ ، وَلَا يَعْلَمُونَ أَنَّ الْجَمَاعَةَ عَالِمٌ مُتَمَسِّكٌ بِأَثَرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَطَرِيقِهِ ، فَمَنْ كَانَ مَعَهُ وَتَبِعَهُ فَهُوَ الْجَمَاعَةُ ، وَمَنْ خَالَفَهُ فِيهِ تَرَكَ الْجَمَاعَةَ . ثُمَّ قَالَ
إسحاق : لَمْ أَسْمَعْ عَالِمًا مُنْذُ خَمْسِينَ سَنَةً أَعْلَمَ مِنْ
محمد بن أسلم . قَالَ
أبو عبد الله : وَسَمِعْتُ
أبا يعقوب المروزي بِبَغْدَادَ وَقُلْتُ لَهُ : قَدْ صَحِبْتَ
محمد بن أسلم ، وَصَحِبْتَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ ، أَيُّ الرَّجُلَيْنِ كَانَ عِنْدَكَ أَرْجَحُ أَوْ أَكْثَرُ أَوْ أَبْصَرُ بِالدِّينِ ؟ فَقَالَ : يَا
أبا عبد الله لِمَ تَقُولُ هَذَا ؟
nindex.php?page=treesubj&link=33964_30483إِذَا ذَكَرْتَ محمد بن أسلم فِي أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ فَلَا تَقْرِنْ مَعَهُ أَحَدًا : الْبَصَرُ بِالدِّينِ ، وَاتِّبَاعُ أَثَرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الدُّنْيَا ، وَفَصَاحَةُ لِسَانِهِ بِالْقُرْآنِ وَالنَّحْوِ . ثُمَّ قَالَ لِي : نَظَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي كِتَابِ الرَّدِّ عَلَى
الْجَهْمِيَّةِ الَّذِي وَضَعَهُ
محمد بن أسلم فَتَعَجَّبَ مِنْهُ ثُمَّ قَالَ : يَا
أبا يعقوب رَأَتْ عَيْنَاكَ مِثْلَ
محمد ؟ فَقُلْتُ : يَا
أبا عبد الله لَا يَغْلِظُ رَأْيَ
محمد مِنْ أُسْتَاذِيهِ وَرِجَالِهِ مِثْلُهُ ، فَتَفَكَّرَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ : لَا قَدْ رَأَيْتُهُمْ وَعَرَفْتُهُمْ فَلَمْ أَرَ فِيهِمْ عَلَى صِفَةِ
محمد بن أسلم .
قَالَ
أبو عبد الله : وَسَأَلْتُ
يحيى بن يحيى عَنْ سِتِّ مَسَائِلَ فَأَفْتَى فِيهَا ، وَقَدْ كُنْتُ سَمِعْتُ
محمد بن أسلم أَفْتَى فِيهَا بِغَيْرِ ذَلِكَ ، احْتَجَّ فِيهَا بِحَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَخْبَرْتُ
يحيى بن يحيى nindex.php?page=treesubj&link=32223_30237_22357_24686بِفُتْيَا محمد بن أسلم فِيهَا ، فَقَالَ : يَا بُنَيَّ أَطِيعُوا أَمْرَهُ وَخُذُوا بِقَوْلِهِ ، فَإِنَّهُ أَبْصَرُ مِنَّا . أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَحْتَجُّ بِحَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ ؟ وَلَيْسَ ذَاكَ عِنْدَنَا . قَالَ : سَمِعْتُ شَيْخًا مِنْ
أَهْلِ مَرْوَ يُكَنَّى
بأبي عبد الله قَالَ : صَحِبْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=16008ابْنَ عُيَيْنَةَ ووكيعا وَكَانَ صَدِيقًا
ليحيى بن يحيى وإسحاق بن راهويه ، وَكَانَ صَاحِبَ عِلْمٍ فَأَخْبَرَنِي قَالَ : كُنْتُ عِنْدَ
يحيى بن يحيى ، فَقَالَ لِي : يَا
أبا عبد الله قَدْ رَأَيْتَ
محمد بن أسلم وَصَحِبْتَ
nindex.php?page=showalam&ids=12418إِسْحَاقَ بْنَ رَاهَوَيْهِ فَأَيُّ الرَّجُلَيْنِ أَبْصَرُ عِنْدَكَ وَأَرْجَحُ ؟ فَقُلْتُ : يَا
أبا زكريا مَا لَكَ إِذَا ذَكَرْتَ
محمد بن أسلم تَذْكُرُ مَعَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12418إِسْحَاقَ بْنَ رَاهَوَيْهِ وَغَيْرَهُ ، قَدْ صَحِبْتُ
وكيعا سَنَتَيْنِ وَأَشْهُرًا وَصَحِبْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=16008سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ وَلَمْ أَرَ يَوْمًا وَاحِدًا لَهُمْ مِنَ الشَّمَائِلِ مَا
لمحمد بن أسلم . ثُمَّ قُلْتُ : إِنَّمَا يَعْرِفُ
محمد بن أسلم [ ص: 240 ] رَجُلٌ بَصِيرٌ بِالْعِلْمِ قَدْ عَرَفَ الْحَدِيثَ ، يَنْظُرُ فِي شَمَائِلِ هَذَا الرَّجُلِ فَيَعْلَمُ بِأَيِّ حَدِيثٍ يَعْمَلُ بِهِ هَذَا الرَّجُلُ الْيَوْمَ ، غَرِيبٌ فِي هَذَا الْخُلُقِ لِأَنَّهُ يَعْمَلُ بِمَا عَمِلَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ ، وَهُوَ عِنْدَ النَّاسِ مُنْكَرٌ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْا أَحَدًا يَعْمَلُ بِهِ فَلَا يَعْرِفُهُ إِلَّا بَصِيرٌ . فَقَالَ
يحيى بن يحيى : صَدَقْتَ هُوَ كَمَا تَقُولُ فَمَنْ مِثْلُهُ الْيَوْمَ ؟! قَالَ : وَسَمِعْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=12418إِسْحَاقَ بْنَ رَاهَوَيْهِ ذَاتَ يَوْمٍ رَوَى فِي
nindex.php?page=treesubj&link=22723تَرْجِيعِ الْأَذَانِ أَحَادِيثَ كَثِيرَةً ثُمَّ رَوَى حَدِيثَ
nindex.php?page=showalam&ids=113عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ ، وَقَدْ أَمَرَ
محمد بن أسلم النَّاسَ بِالتَّرْجِيعِ فَقُلْتُمْ هَذَا مُبْتَدِعٌ ، عَامَّةُ أَهْلِ هَذِهِ الْكُورَةِ غَوْغَاءُ ، ثُمَّ قَالَ :
nindex.php?page=treesubj&link=18837_30237احْذَرُوا الْغَوْغَاءَ فَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ قَتَلَتْهُمُ الْغَوْغَاءُ ، فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ دَخَلْتُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ لَهُ يَا
أبا يعقوب ، حَدَّثْتَ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ كُلَّهَا فِي التَّرْجِيعِ فَمَا لَكَ لَا تَأْمَنُ مُؤَذِّنَكَ ؟ قَالَ : يَا مُغَفَّلُ أَلَمْ تَسْمَعْ مَا قُلْتُ فِي الْغَوْغَاءِ لِأَنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ قَتَلُوا الْأَنْبِيَاءَ ، فَأَمَّا أَمْرُ
محمد بن أسلم فَإِنَّهُ يَتَمَادَى كُلَّمَا أَخَذَ فِي شَيْءٍ تَمَّ لَهُ ، وَنَحْنُ عِنْدَهُ نَمْلَأُ بُطُونًا لَا يَتِمُّ لَنَا أَمْرٌ نَأْخُذُ فِيهِ نَحْنُ عِنْدَ
محمد بن أسلم مِثْلَ السُّرَّاقِ . قَالَ
أبو عبد الله وَكَتَبَ إِلَيَّ
أحمد بن نصر أَنْ أَكْتُبَ إِلَيْهِ بِحَالِ
محمد بن أسلم فَإِنَّهُ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ . قَالَ : وَأَخْبَرَنِي
محمد بن مطرف وَكَانَ رَحَلَ إِلَى
صدقة الماوردي قَالَ : قُلْتُ
لصدقة : مَا تَقُولُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=29453_30237رَجُلٍ يَقُولُ : الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ ؟ فَقَالَ : لَا أَدْرِي ، فَقُلْتُ : إِنَّ
محمد بن أسلم قَدْ وَضَعَ فِيهِ كِتَابًا . قَالَ : هُوَ مَعَكُمْ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ : ائْتِنِي بِهِ . فَأَتَيْتُهُ بِهِ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ قَالَ لَنَا : وَيْحَكُمْ كُنَّا نَظُنُّ أَنَّ صَاحِبَكُمْ هَذَا صَبِيٌّ فَلَمَّا نَظَرْتُ إِلَيْهِ إِذَا هُوَ قَدْ فَاقَ أَصْحَابَنَا ، قَدْ كُنْتُ قَبْلَ الْيَوْمِ لَوْ ضُرِبْتُ سَوْطَيْنِ لَقُلْتُ : الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ ، فَأَمَّا الْيَوْمَ فَلَوْ ضُرِبَ عُنُقِي لَمْ أَقُلْهُ . قَالَ : وَكُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ
أحمد بن نصر بِنَيْسَابُورَ بَعْدَمَا مَاتَ
محمد بن أسلم بِيَوْمٍ ، فَدَخَلَتْ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنَ النَّاسِ فِيهِمْ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ مَشَايِخُ وَشَبَابٌ ، وَقَالُوا : جِئْنَا مِنْ عِنْدِ
أبي النضر وَهُوَ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ ، وَيَقُولُ : يَنْبَغِي لَنَا أَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=2285_33964نَجْتَمِعَ فَنُعَزِّيَ بَعْضَنَا بِمَوْتِ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي لَمْ نَعْرِفْ مِنْ عَهْدِ
nindex.php?page=showalam&ids=16673عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَجُلًا مِثْلَهُ . وَقِيلَ
لأحمد بن نصر : يَا
أبا عبد الله nindex.php?page=treesubj&link=1042_30381صَلَّى عَلَيْهِ أَلْفُ أَلْفٍ مِنَ النَّاسِ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : أَلْفُ أَلْفٍ وَمِائَةُ أَلْفٍ مِنَ النَّاسِ ، يَقُولُ صَالِحُهُمْ وَطَالِحُهُمْ : لَمْ نَعْرِفْ لِهَذَا الرَّجُلِ نَظِيرًا ، فَقَالَ
أحمد بن نصر : يَا قَوْمِ ، أَصْلِحُوا
[ ص: 241 ] سَرَائِرَكُمْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ اللَّهِ ، أَلَا تَرَوْنَ رَجُلًا دَخَلَ بَيْتَهُ
بِطُوسَ فَأَصْلَحَ سِرَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ ، ثُمَّ نَقَلَهُ اللَّهُ إِلَيْنَا فَأَصْلَحَ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ أَلْفَ أَلْفٍ وَمِائَةَ أَلْفٍ مِنَ النَّاسِ . قَالَ
أبو عبد الله ، وَدَخَلْتُ عَلَى
محمد بن أسلم قَبْلَ مَوْتِهِ بِأَرْبَعَةِ أَيَّامٍ
بِنَيْسَابُورَ فَقَالَ : يَا
أبا عبد الله تَعَالَى أُبَشِّرْكَ بِمَا صَنَعَ اللَّهُ بِأَخِيكَ مِنَ الْخَيْرِ ، قَدْ نَزَلَ بِيَ الْمَوْتُ ، وَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيَّ أَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=30355_27209_1970لَيْسَ عِنْدِي دِرْهَمٌ يُحَاسِبُنِي اللَّهُ عَلَيْهِ ، وَقَدْ عَلِمَ اللَّهُ ضَعْفِي وَأَنِّي لَا أُطِيقُ الْحِسَابَ ، فَلَمْ يَدَعْ عِنْدِي شَيْئًا يُحَاسِبُنِي بِهِ اللَّهُ .
ثُمَّ قَالَ : أَغْلِقِ الْبَابَ وَلَا تَأْذَنْ لِأَحَدٍ عَلَيَّ حَتَّى أَمُوتَ ، وَتَدْفِنُونَ كُتُبِي ، وَاعْلَمْ أَنِّي أَخْرُجُ مِنَ الدُّنْيَا وَلَيْسَ أَدَعُ مِيرَاثًا غَيْرَ كُتُبِي وَكِسَائِي وَلِبْدِي وَإِنَائِيَ الَّذِي أَتَوَضَّأُ مِنْهُ ، وَكُتُبِي هَذِهِ ، فَلَا تُكَلِّفُوا النَّاسَ مُؤْنَةً . وَكَانَتْ مَعَهُ صُرَّةٌ فِيهَا نَحْوُ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا ، فَقَالَ : هَذَا لِابْنِي أَهْدَاهُ إِلَيْهِ قَرِيبٌ لَهُ ، وَلَا أَعْلَمُ شَيْئًا أَحَلَّ لِي مِنْهُ ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16010797nindex.php?page=treesubj&link=33315_18012أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ " . وَقَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16010798nindex.php?page=treesubj&link=24476_18012أَطْيَبُ مَا يَأْكُلُ الرَّجُلُ مِنْ كَسْبِهِ ، وَوَلَدُهُ مِنْ كَسْبِهِ " . فَكَفِّنُونِي فِيهَا :
nindex.php?page=treesubj&link=2125_2098_1970فَإِنْ أَصَبْتُمْ لِي بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ مَا يَسْتُرُ عَوْرَتِي فَلَا تَشْتَرُوا بِخَمْسَةَ عَشَرَ ، وَابْسُطُوا عَلَى جِنَازَتِي لِبْدِي وَغَطُّوا عَلَى جِنَازَتِي كِسَائِي ، وَلَا تُكَلِّفُوا أَحَدًا لِيَأْتِيَ جِنَازَتِي ، وَتَصَدَّقُوا بِإِنَائِي أَعْطُوهُ مِسْكِينًا يَتَوَضَّأُ مِنْهُ . ثُمَّ مَاتَ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ . فَعَجِبْتُ أَنْ قَالَ لِي ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ ، فَلَمَّا أُخْرِجَتْ جِنَازَتُهُ جَعَلَ النِّسَاءُ يَقُلْنَ مِنْ فَوْقِ السُّطُوحِ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ هَذَا الْعَالِمُ الَّذِي خَرَجَ مِنَ الدُّنْيَا ، وَهَذَا مِيرَاثُهُ الَّذِي عَلَى جِنَازَتِهِ لَيْسَ مِثْلَ عُلَمَائِنَا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ هُمْ عَبِيدُ بُطُونِهِمْ ، يَجْلِسُ أَحَدُهُمْ لِلْعِلْمِ سَنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا فَيَشْتَرِي الضِّيَاعَ وَيَسْتَفِيدُ الْمَالَ . وَقَالَ لِي
محمد : يَا
أبا عبد الله أَنَا مَعَكَ ، وَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ مَعِي فِي قَمِيصِي مَنْ يَشْهَدُ عَلَيَّ فَكَيْفَ يَنْبَغِي لِي أَنْ آتِيَ الذُّنُوبَ ؟
nindex.php?page=treesubj&link=19663_19673إِنَّمَا يَعْمَلُ الذُّنُوبَ جَاهِلٌ يَنْظُرُ فَلَا يَرَى أَحَدًا فَيَقُولُ : لَيْسَ يَرَانِي أَحَدٌ ، أَذْهَبُ فَأُذْنِبُ . فَأَمَّا أَنَا كَيْفَ يُمْكِنُنِي ذَلِكَ وَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ دَاخِلَ قَمِيصِي مَنْ يَشْهَدُ عَلَيَّ ، ثُمَّ قَالَ : يَا
أبا عبد الله مَا لِي وَلِهَذَا الْخَلْقِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=19791كُنْتُ فِي صُلْبِ أَبِي وَحْدِي ، ثُمَّ صِرْتُ فِي بَطْنِ أُمِّي وَحْدِي ، ثُمَّ دَخَلْتُ الدُّنْيَا وَحْدِي ، ثُمَّ تُقْبَضُ رُوحِي وَحْدِي ،
[ ص: 242 ] وَأَدْخُلُ فِي قَبْرِي وَحْدِي ،
nindex.php?page=treesubj&link=32927_19792وَيَأْتِينِي مُنْكَرٌ وَنَكِيرٌ فَيَسْأَلَانِي فِي قَبْرِي وَحْدِي ، فَإِنْ صِرْتُ إِلَى خَيْرٍ صِرْتُ وَحْدِي وَإِنْ صِرْتُ إِلَى شَرٍّ كُنْتُ وَحْدِي ، ثُمَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30362_30355_19794أُوقَفُ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَحْدِي ، ثُمَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28770_19794يُوضَعُ عَمَلِي وَذُنُوبِي فِي الْمِيزَانِ وَحْدِي ، وَإِنْ بُعِثْتُ إِلَى الْجَنَّةِ بُعِثْتُ وَحْدِي ، وَإِنْ بُعِثْتُ إِلَى النَّارِ بُعِثْتُ وَحْدِي ، فَمَا لِي وَلِلنَّاسِ . ثُمَّ تَفَكَّرَ سَاعَةً فَوَقَعَتْ عَلَيْهِ الرِّعْدَةُ حَتَّى خَشِيتُ أَنْ يَسْقُطَ ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَيْهِ نَفْسُهُ ، ثُمَّ قَالَ : يَا
أبا عبد الله إِنَّ هَؤُلَاءِ قَدْ كَتَبُوا رَأْيَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ وَكَتَبْتُ أَنَا الْأَثَرَ ، فَأَنَا عِنْدَهُمْ عَلَى غَيْرِ طَرِيقٍ وَهُمْ عِنْدِي عَلَى غَيْرِ طَرِيقٍ . وَقَالَ لِي : يَا
أبا عبد الله أَصْلُ الْإِسْلَامِ فِي هَذِهِ الْفَرَائِضِ ، وَهَذِهِ
nindex.php?page=treesubj&link=28328_30491_28750الْفَرَائِضُ فِي حَرْفَيْنِ : مَا قَالَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ افْعَلْ فَهُوَ فَرِيضَةٌ يَنْبَغِي أَنْ يُفْعَلَ ، وَمَا قَالَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ لَا تَفْعَلْ فَيَنْبَغِي أَنْ يُنْتَهَى عَنْهُ ، فَتَرْكُهُ فَرِيضَةٌ . وَهَذَا فِي الْقُرْآنِ وَفِي فَرِيضَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُمْ يَقْرَؤُونَهُ وَلَكِنْ لَا يَتَفَكَّرُونَ فِيهِ ، قَدْ غَلَبَ عَلَيْهِمْ حُبُّ الدُّنْيَا .
حَدِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=10عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16010799nindex.php?page=treesubj&link=30998_28328_28977_30232_28798خَطَّ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطًّا ، فَقَالَ : " هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ " ثُمَّ خَطَّ خُطُوطًا عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ ثُمَّ قَالَ : " هَذِهِ سُبُلٌ عَلَى كُلِّ سَبِيلٍ مِنْهَا شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ " ثُمَّ قَرَأَ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=153وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) ، وَحَدِيثُ
عبد الله بن عمرو عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16010800nindex.php?page=treesubj&link=30208_30238_30232_30233إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ افْتَرَقُوا عَلَى اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً وَأُمَّتِي تَفْتَرِقُ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَسَبْعِينَ كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلَّا وَاحِدَةً " . قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَنْ هُمْ ؟ قَالَ : " مَا أَنَا عَلَيْهِ الْيَوْمَ وَأَصْحَابِي " .
فَرَجَعَ الْحَدِيثُ إِلَى وَاحِدٍ وَالسَّبِيلُ الَّذِي قَالَ فِي حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ وَالَّذِي قَالَ : "
مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي " فَدِينُ اللَّهِ فِي سَبِيلٍ وَاحِدٍ فَكُلُّ عَمَلٍ أَعْمَلُهُ أَعْرِضُهُ عَلَى هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ فَمَا وَافَقَهُمَا عَمِلْتُهُ وَمَا خَالَفَهُمَا تَرَكْتُهُ ، وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ فَعَلُوا لَكَانُوا عَلَى أَثَرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَكِنَّهُمْ
nindex.php?page=treesubj&link=30200_32944_30208فَتَنَهُمْ حُبُّ الدُّنْيَا وَشَهْوَةُ الْمَالِ ، وَلَوْ كَانَ فِي حَدِيثِ
عبد الله بن عمرو الَّذِي قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16010802nindex.php?page=treesubj&link=30233كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلَّا وَاحِدَةً " قَالَ : كُلُّهَا فِي الْجَنَّةِ إِلَّا وَاحِدَةً لَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ قَدْ تَبَيَّنَ عَلَيْنَا فِي خُشُوعِنَا وَهُمُومِنَا وَجَمِيعِ أُمُورِنَا خَوْفًا أَنْ نَكُونَ
[ ص: 243 ] مِنْ تِلْكَ الْوَاحِدَةِ فَكَيْفَ وَقَدْ قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16010803كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلَّا وَاحِدَةً " ؟ قَالَ
عبد الله : صَحِبْتُ
محمد بن أسلم نَيِّفًا وَعِشْرِينَ سَنَةً لَمْ أَرَهُ يُصَلِّي حَيْثُ أَرَاهُ رَكْعَتَيْنِ مِنَ التَّطَوُّعِ إِلَّا يَوْمَ الْجُمْعَةِ ، وَلَا يُسَبِّحُ وَلَا يَقْرَأُ حَيْثُ أَرَاهُ وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَعْلَمَ بِسِرِّهِ وَعَلَانِيَتِهِ مِنِّي .
وَسَمِعْتُهُ يَحْلِفُ كَذَا كَذَا مَرَّةٍ أَنْ لَوْ قَدِرْتُ أَنْ أَتَطَوَّعَ حَيْثُ لَا يَرَانِي مَلَكَايَ لَفَعَلْتُ ، وَلَكِنْ لَا أَسْتَطِيعُ ذَلِكَ خَوْفًا مِنَ الرِّيَاءِ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16010804nindex.php?page=treesubj&link=18692_18710الْيَسِيرُ مِنَ الرِّيَاءِ شِرْكٌ " ثُمَّ أَخَذَ حَجَرًا صَغِيرًا فَوَضَعَهُ عَلَى كَفِّهِ ، فَقَالَ : أَلَيْسَ هَذَا حَجَرًا ؟ قُلْتُ : بَلَى ، قَالَ : أَوَلَيْسَ هَذَا الْجَبَلُ حَجَرًا ؟ قُلْتُ : بَلَى ، قَالَ : فَالِاسْمُ يَقَعُ عَلَى الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ أَنَّهُ حَجَرٌ ، فَكَذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=18710_32110الرِّيَاءُ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ شِرْكٌ . وَكَانَ
محمد يَدْخُلُ بَيْتًا وَيُغْلِقُ بَابَهُ وَيُدْخِلُ مَعَهُ كُوزًا مِنْ مَاءٍ ، فَلَمْ أَدْرِ مَا يَصْنَعُ حَتَّى سَمِعْتُ ابْنًا لَهُ صَغِيرًا يَبْكِي بُكَاءَهُ فَنَهَتْهُ أُمُّهُ فَقُلْتُ لَهَا : مَا هَذَا الْبُكَاءُ ؟ فَقَالَتْ :
nindex.php?page=treesubj&link=27705_18650_19696إِنَّ أبا الحسن يَدْخُلُ هَذَا الْبَيْتَ فَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيَبْكِي فَيَسْمَعُهُ الصَّبِيُّ فَيُحَاكِيهِ ، فَكَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ غَسَلَ وَجْهَهُ وَاكْتَحَلَ فَلَا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ الْبُكَاءِ ، وَكَانَ
محمد يَصِلُ قَوْمًا وَيُعْطِيهِمْ وَيَكْسُوهُمْ فَيَبْعَثُ إِلَيْهِمْ وَيَقُولُ لِلرَّسُولِ : انْظُرْ أَنْ لَا يَعْلَمُوا مَنْ بَعَثَهُ إِلَيْهِمْ ، فَيَأْتِيهِمْ هُوَ بِاللَّيْلِ فَيَذْهَبُ بِهِ إِلَيْهِمْ ، وَيُخْفِي نَفْسَهُ فَرُبَّمَا بَلِيَ ثِيَابُهُمْ وَنَفِدَ مَا عِنْدَهُمْ وَلَا يَدْرُونَ مَنِ الَّذِي أَعْطَاهُمْ ، وَلَا أَعْلَمُ مُنْذُ صَحِبْتُهُ وَصَلَ أَحَدًا بِأَقَلَّ مِنْ مِائَةِ دِرْهَمٍ إِلَّا أَنْ لَا يُمْكِنَهُ ذَلِكَ .
وَأَكَلْتُ عِنْدَ
محمد ذَاتَ يَوْمٍ ثَرِيدًا فِي بَرِيدٍ فَقُلْتُ لَهُ : يَا
أبا الحسن مَا لَكَ تَأْتِينِي بِثَرِيدٍ بَارِدٍ هَكَذَا تَأْكُلُهُ ؟ قَالَ : يَا
أبا عبد الله إِنِّي
nindex.php?page=treesubj&link=18470إِنَّمَا طَلَبْتُ الْعِلْمَ لِأَعْمَلَ بِهِ ، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "
nindex.php?page=treesubj&link=18344لَيْسَ فِي الْحَارِّ بَرَكَةٌ " وَكُنْتُ أَخْبِزُ لَهُ فَمَا نَخَلْتُ لَهُ دَقِيقًا قَطُّ إِلَّا أَنْ أُغْضِبَهُ ، وَكَانَ يَقُولُ : اشْتَرِ لِي شَعِيرًا أَسْوَدَ قَدْ تَرَكَهُ النَّاسُ فَإِنَّهُ يَصِيرُ إِلَى الْكَنِيفِ ، وَلَا تَشْتَرِ لِي إِلَّا مَا يَكْفِينِي يَوْمًا بِيَوْمٍ . وَأَرَدْتُ أَنْ أَخْرُجَ إِلَى بَعْضِ الْقُرَى وَلَا أَرْجِعَ نَحْوًا مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَاشْتَرَيْتُ لَهُ عِدْلَ شَعِيرٍ أَبْيَضَ جَيِّدًا فَنَقَّيْتُهُ وَطَحَنْتُهُ ثُمَّ أَتَيْتُهُ بِهِ فَقُلْتُ : إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَخْرُجَ إِلَى بَعْضِ الْقُرَى فَأَغِيبَ فِيهِ ، وَاشْتَرَيْتُ لَكَ هَذَا الطَّعَامَ لِتَأْكُلَ مِنْهُ حَتَّى أَرْجِعَ . فَقَالَ لِي : نَقَّيْتَهُ لِي وَجَوَّدْتَهُ لِي ؟ قُلْتُ : نَعَمْ . فَتَغَيَّرَ لَوْنُهُ وَقَالَ : إِنْ كُنْتَ تَقَيَّدْتَ
[ ص: 244 ] فِيهِ وَنَقَّيْتَهُ فَأَطْعِمْهُ نَفْسَكَ فَلَعَلَّ لَكَ عِنْدَ اللَّهِ أَعْمَالًا تَحْتَمِلُ أَنْ تُطْعِمَ نَفْسَكَ النَّقِيَّ ، فَأَمَّا أَنَا فَقَدْ سِرْتُ فِي الْأَرْضِ وَدُرْتُ فِيهَا فَبِالَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ مَا رَأَيْتُ نَفْسًا تُصَلِّي إِلَى الْقِبْلَةِ شَرًّا عِنْدِي مِنْ نَفْسِي ، فَبِمَ أَحْتَجُّ عِنْدَ اللَّهِ أَنْ أُطْعِمَهَا النَّقِيَّ ، خُذْ هَذَا الطَّعَامَ وَاشْتَرِ لِي بَدَلَهُ شَعِيرًا أَسْوَدَ رَدِيًّا فَإِنَّهُ إِنَّمَا يَصِيرُ إِلَى الْكَنِيفِ . ثُمَّ قَالَ : وَيْحَكُمْ أَنْتُمْ لَا تَعْرِفُونَ الْكَنِيفَ ؟ لَا أَعْلَمُ فِيكُمْ مَنْ يُبْصِرُ بِقَلْبِهِ ، لَوْ أَنَّ إِنْسَانًا كَانَ يَبِيعُ بَيْعًا فَجَاءَهُ رَجُلٌ بِدَرَاهِمَ فَقَالَ : أُحِبُّ أَنْ تُعْطِيَنِي مِنْ جَيِّدِ بَيْعِكَ فَإِنِّي أُرِيدُهُ لِلْكَنِيفِ تَضْحَكُونَ مِنْهُ وَتَقُولُونَ : هَذَا مَجْنُونٌ ، فَكَيْفَ لَا تَضْحَكُونَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ ؟ احْفِرُوا حُفَرًا وَاجْعَلُوا فِيهَا مَاءً وَطَعَامًا وَانْظُرُوا هَلْ يُنْتِنُ فِي شَهْرٍ ، وَأَنْتُمْ تَجْعَلُونَهُ فِي بُطُونِكُمْ فَيُنْتِنُ فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ، فَالْكَنِيفُ هُوَ الْبَطْنُ . ثُمَّ قَالَ : اخْرُجْ وَاشْتَرِ لِي رَحًى فَجِئْنِي بِهَا
nindex.php?page=treesubj&link=27705_31293_31323_27209وَاشْتَرِ لِي شَعِيرًا رَدِيًّا لَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ النَّاسُ حَتَّى أَطْحَنَهُ بِيَدِي فَآكُلَهُ لَعَلِّي أَبْلُغُ مَا كَانَ فِيهِ علي وفاطمة ، فَإِنَّهُ كَانَ يَطْحَنُ بِيَدِهِ . وَوُلِدَ لَهُ ابْنٌ فَدَفَعَ إِلَيَّ دَرَاهِمَ وَقَالَ : اشْتَرِ كَبْشَيْنِ عَظِيمَيْنِ وَغَالِ بِهِمَا ، فَإِنَّهُ كُلَّمَا كَانَ أَعْظَمَ كَانَ أَفْضَلَ . اشْتَرَيْتُ لَهُ وَأَعْطَانِي عَشَرَةَ دَرَاهِمَ ، فَقَالَ : اشْتَرِ بِهِ دَقِيقًا وَاخْبِزْهُ ، فَنَخَلْتُ الدَّقِيقَ وَخَبَزْتُهُ ثُمَّ جِئْتُ بِهِ فَقَالَ : نَخَلْتَ هَذَا فَأَعْطَانِي عَشَرَةَ دَرَاهِمَ أُخَرَ وَقَالَ : اشْتَرِ بِهِ دَقِيقًا وَلَا تَنْخُلْهُ وَاخْبِزْهُ ، فَخَبَزْتُهُ وَحَمَلْتُهُ إِلَيْهِ ، فَقَالَ لِي : يَا
أبا عبد الله إِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=17975الْعَقِيقَةَ سُنَّةٌ ، وَنَخْلُ الدَّقِيقِ بِدْعَةٌ ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي السُّنَّةِ بِدْعَةٌ ، فَلَمْ أُحِبَّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْخَبْزُ فِي بَيْتِي بَعْدَ أَنْ يَكُونَ بِدْعَةً .