القول في تأويل قوله جل ثناؤه : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=19فيه ظلمات ورعد وبرق يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت والله محيط بالكافرين nindex.php?page=treesubj&link=28973_28902nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=20يكاد البرق يخطف أبصارهم كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا ( 19 ) )
قال
أبو جعفر : فأما الظلمات ، فجمع ، واحدها ظلمة .
أما الرعد ، فإن أهل العلم اختلفوا فيه :
فقال بعضهم : هو ملك يزجر السحاب .
ذكر من قال ذلك :
419 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى ، قال : حدثنا
محمد بن جعفر ، قال : حدثنا
شعبة ، عن
الحكم ، عن
مجاهد ، قال :
nindex.php?page=treesubj&link=29747_33693_31761الرعد ، ملك يزجر السحاب بصوته .
420 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى ، قال : حدثنا
ابن أبي عدي ، عن
شعبة ، عن
الحكم ، عن
مجاهد ، مثله .
421 - حدثني
يحيى بن طلحة اليربوعي ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14919فضيل بن عياض ، عن
ليث ، عن
مجاهد ، مثله .
422 - حدثني
يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا
هشيم قال : أنبأنا
إسماعيل بن سالم ، عن
أبي صالح ، قال : الرعد ، ملك من الملائكة يسبح .
[ ص: 339 ]
423 - حدثني
نصر بن عبد الرحمن الأزدي ، قال : حدثنا
محمد بن يعلى ، عن
أبي الخطاب البصري ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16128شهر بن حوشب ، قال : الرعد ، ملك موكل بالسحاب يسوقه ، كما يسوق الحادي الإبل ، يسبح . كلما خالفت سحابة سحابة صاح بها ، فإذا اشتد غضبه طارت النار من فيه ، فهي الصواعق التي رأيتم .
424 - حدثت عن
المنجاب بن الحارث ، قال : حدثنا
بشر بن عمارة ، عن
أبي روق ، عن
الضحاك ، عن
ابن عباس ، قال : الرعد ، ملك من الملائكة اسمه الرعد ، وهو الذي تسمعون صوته .
425 - حدثنا
أحمد بن إسحاق الأهوازي ، قال : حدثنا
أبو أحمد ، قال : حدثنا
عبد الملك بن حسين ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ، عن
أبي مالك ، عن
ابن عباس ، قال : الرعد ، ملك يزجر السحاب بالتسبيح والتكبير .
426 - وحدثنا
الحسن بن محمد ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16627علي بن عاصم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
مجاهد ، عن
ابن عباس ، قال : الرعد اسم ملك ، وصوته هذا تسبيحه ، فإذا اشتد زجره السحاب ، اضطرب السحاب واحتك . فتخرج الصواعق من بينه .
427 - حدثنا
الحسن ، قال : حدثنا
عفان . قال : حدثنا
أبو عوانة ، عن
[ ص: 340 ] موسى البزار ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16128شهر بن حوشب ، عن
ابن عباس ، قال : الرعد ملك يسوق السحاب بالتسبيح ، كما يسوق الحادي الإبل بحدائه .
428 - حدثنا
الحسن بن محمد ، قال : حدثنا
يحيى بن عباد ، وشبابة ، قالا حدثنا
شعبة ، عن
الحكم ، عن
مجاهد ، قال : الرعد ملك يزجر السحاب .
429 - حدثنا
أحمد بن إسحاق ، قال : حدثنا
أبو أحمد الزبيري ، قال : حدثنا
عتاب بن زياد ، عن
عكرمة ، قال : الرعد ملك في السحاب ، يجمع السحاب كما يجمع الراعي الإبل .
430 - وحدثنا
بشر ، قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قال : الرعد خلق من خلق الله جل وعز ، سامع مطيع لله جل وعز .
431 - حدثنا
القاسم بن الحسن ، قال : حدثنا
الحسين بن داود ، قال : حدثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
عكرمة ، قال : إن الرعد ملك يؤمر بإزجاء السحاب فيؤلف بينه ، فذلك الصوت تسبيحه .
432 - وحدثنا
القاسم ، قال : حدثنا
الحسين ، قال : حدثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
مجاهد ، قال : الرعد ملك .
433 - وحدثني
المثنى ، قال : حدثنا
الحجاج بن المنهال ، قال : حدثنا
حماد بن سلمة ، عن
المغيرة بن سالم ، عن أبيه ، أو غيره ، أن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب قال : الرعد ملك .
434 - حدثنا
المثنى ، قال : حدثنا
حجاج ، قال : حدثنا
حماد ، قال : أخبرنا
موسى بن سالم أبو جهضم ، مولى ابن عباس ، قال : كتب
ابن عباس إلى أبي الجلد يسأله عن الرعد ، فقال : الرعد ملك .
[ ص: 341 ]
435 - حدثنا
المثنى ، قال : حدثنا
مسلم بن إبراهيم ، قال : حدثنا
عمر بن الوليد الشني ، عن
عكرمة ، قال : الرعد ملك يسوق السحاب كما يسوق الراعي الإبل .
436 - حدثني
سعد بن عبد الله بن عبد الحكم ، قال : حدثنا
حفص بن عمر ، قال : حدثنا
الحكم بن أبان ، عن
عكرمة ، قال : كان
ابن عباس إذا سمع الرعد ، قال : سبحان الذي سبحت له ، قال : وكان يقول : إن الرعد ملك ينعق بالغيث كما ينعق الراعي بغنمه .
وقال آخرون : إن الرعد ريح تختنق تحت السحاب فتصاعد ، فيكون منه ذلك الصوت .
ذكر من قال ذلك :
437 - حدثنا
أحمد بن إسحاق ، قال : حدثنا
أبو أحمد الزبيري ، قال : حدثنا
بشر بن إسماعيل ، عن
أبي كثير ، قال : كنت عند أبي الجلد ، إذ جاءه رسول ابن عباس بكتاب إليه ، فكتب إليه : " كتبت تسألني عن الرعد ، فالرعد الريح .
438 - حدثني
إبراهيم بن عبد الله ، قال : حدثنا
عمران بن ميسرة ، قال : حدثنا
ابن إدريس ، عن
الحسن بن الفرات ، عن أبيه قال : كتب
ابن عباس [ ص: 342 ] إلى أبي الجلد يسأله عن الرعد ، فقال : الرعد ريح .
قال
أبو جعفر : فإن كان الرعد ما ذكره
ابن عباس ومجاهد ، فمعنى الآية : أو كصيب من السماء فيه ظلمات وصوت رعد . لأن الرعد إن كان ملكا يسوق السحاب ، فغير كائن في الصيب ، لأن الصيب إنما هو ما تحدر من صوب السحاب ، والرعد إنما هو في جو السماء يسوق السحاب . على أنه لو كان فيه ثم لم يكن له صوت مسموع ، فلم يكن هنالك رعب يرعب به أحد ، لأنه قد قيل : إن مع كل قطرة من قطر المطر ملكا ، فلا يعدو الملك الذي اسمه " الرعد " لو كان مع الصيب ، إذا لم يكن مسموعا صوته ، أن يكون كبعض تلك الملائكة التي تنزل مع القطر إلى الأرض ، في أن لا رعب على أحد بكونه فيه . فقد علم - إذ كان الأمر على ما وصفنا من قول
ابن عباس - أن معنى الآية : أو كمثل غيث تحدر من السماء فيه ظلمات وصوت رعد ، إن كان الرعد هو ما قاله
ابن عباس ، وأنه استغنى بدلالة ذكر الرعد باسمه على المراد في الكلام من ذكر صوته . وإن كان الرعد ما قاله
أبو الجلد فلا شيء في قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=19فيه ظلمات ورعد " متروك . لأن معنى الكلام حينئذ : فيه ظلمات ورعد الذي هو ما وصفنا صفته .
وأما
nindex.php?page=treesubj&link=29747البرق ، فإن أهل العلم اختلفوا فيه : فقال بعضهم بما :
439 - حدثنا
مطر بن محمد الضبي ، قال : حدثنا
أبو عاصم ، - ح - وحدثني
nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار ، قال : حدثني
عبد الرحمن بن مهدي ، - ح - وحدثنا
أحمد بن إسحاق الأهوازي ، قال : حدثنا
أبو أحمد الزبيري ، قالوا جميعا : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري ، عن
سلمة بن كهيل ، عن
سعيد بن أشوع ، عن
ربيعة [ ص: 343 ] بن الأبيض ، عن
علي ، قال : البرق مخاريق الملائكة .
440 - حدثنا
أحمد بن إسحاق ، قال : حدثنا
أبو أحمد الزبيري ، قال : حدثنا
عبد الملك بن الحسين ، عن
أبي مالك ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ، عن
ابن عباس : البرق مخاريق بأيدي الملائكة ، يزجرون بها السحاب .
441 - وحدثني
المثنى ، قال : حدثنا
الحجاج ، قال : حدثنا
حماد ، عن
المغيرة بن سالم ، عن أبيه ، أو غيره ، أن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب قال : الرعد الملك ، والبرق ضربه السحاب بمخراق من حديد .
وقال آخرون : هو سوط من نور يزجي به الملك السحاب .
ذكر من قال ذلك :
442 - حدثت عن
المنجاب بن الحارث ، قال : حدثنا
بشر بن عمارة ، عن
أبي روق ، عن
الضحاك ، عن
ابن عباس ، بذلك .
وقال آخرون : هو ماء .
ذكر من قال ذلك :
443 - حدثنا
أحمد بن إسحاق الأهوازي ، قال : حدثنا
أبو أحمد الزبيري ، قال : حدثنا
بشر بن إسماعيل ، عن
أبي كثير ، قال : كنت عند أبي الجلد ، إذ جاء رسول ابن عباس بكتاب إليه ، فكتب إليه : " كتبت إلي تسألني عن البرق ، فالبرق الماء "
444 - حدثنا
إبراهيم بن عبد الله ، قال : حدثنا
عمران بن ميسرة ، قال : حدثنا
ابن إدريس ، عن
الحسن بن الفرات ، عن أبيه ، قال : كتب
ابن عباس إلى أبي الجلد يسأله عن البرق ، فقال : البرق ماء .
[ ص: 344 ]
445 - حدثنا
ابن حميد ، قال : حدثنا
جرير ، عن
عطاء ، عن رجل ، من
أهل البصرة من قرائهم ، قال : كتب
ابن عباس إلى أبي الجلد - رجل من أهل هجر - يسأله عن البرق ، فكتب إليه : " كتبت إلي تسألني عن البرق ، وإنه من الماء "
وقال آخرون : هو مصع ملك .
446 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار ، قال : حدثنا
عبد الرحمن بن مهدي ، قال : حدثنا
سفيان ، عن
عثمان بن الأسود ، عن
مجاهد ، قال : البرق ، مصع ملك .
447 - حدثني
المثنى ، قال : حدثنا
إسحاق ، قال : حدثنا
هشام ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17023محمد بن مسلم الطائفي ، قال : بلغني أن البرق ملك له أربعة أوجه ، وجه إنسان ، ووجه ثور ، ووجه نسر ، ووجه أسد ، فإذا مصع بأجنحته فذلك البرق .
448 - حدثنا
القاسم ، قال : حدثنا
الحسين ، قال : حدثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
وهب بن سليمان ، عن
شعيب الجبائي قال : في كتاب الله : الملائكة حملة العرش ، لكل ملك منهم وجه إنسان وثور وأسد ، فإذا حركوا أجنحتهم فهو البرق
[ ص: 345 ] . وقال
أمية بن أبي الصلت :
رجل وثور تحت رجل يمينه والنسر للأخرى ، وليث مرصد
449 - حدثنا
الحسين بن محمد ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16627علي بن عاصم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
مجاهد ، عن
ابن عباس : البرق ملك .
450 - وقد حدثنا
القاسم ، قال : حدثنا
الحسين ، قال : حدثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، قال : الصواعق ملك يضرب السحاب بالمخاريق ، يصيب منه من يشاء .
قال
أبو جعفر : وقد يحتمل أن يكون ما قاله
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ومجاهد بمعنى واحد . وذلك أن تكون المخاريق التي ذكر
علي رضي الله عنه أنها هي البرق ، هي السياط التي هي من نور ، التي يزجي بها الملك السحاب ، كما قال
ابن عباس . ويكون إزجاء الملك بها السحاب مصعه إياه . وذلك أن المصاع عند العرب أصله : المجالدة بالسيوف ، ثم تستعمله في كل شيء جولد به في حرب وغير حرب ، كما قال
أعشى بني ثعلبة ، وهو يصف جواري يلعبن بحليهن ويجالدن به .
[ ص: 346 ] إذا هن نازلن أقرانهن
وكان المصاع بما في الجون
يقال منه : ماصعه مصاعا . وكأن مجاهدا إنما قال : " مصع ملك " إذ كان السحاب لا يماصع الملك ، وإنما الرعد هو المماصع له ، فجعله مصدرا من مصعه يمصعه مصعا .
وقد ذكرنا ما في معنى " الصاعقة " ما قال
nindex.php?page=showalam&ids=16128شهر بن حوشب فيما مضى .
وأما تأويل الآية ، فإن أهل التأويل مختلفون فيه :
فروي عن
ابن عباس في ذلك أقوال : أحدها ما
451 - حدثنا به
محمد بن حميد ، قال : حدثنا
سلمة ، قال : حدثنا
محمد بن إسحاق ، عن
محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت ، عن
عكرمة ، أو عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=19أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت " : أي هم من ظلمات ما هم فيه من الكفر والحذر من القتل - على الذي هم عليه من الخلاف والتخويف منكم - على مثل ما وصف من الذي هو في ظلمة الصيب ، فجعل أصابعه في أذنيه من الصواعق حذر الموت ، يكاد البرق يخطف أبصارهم - أي لشدة ضوء الحق - كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا ، أي يعرفون الحق ويتكلمون به ، فهم من قولهم به على استقامة ، فإذا ارتكسوا منه إلى الكفر قاموا متحيرين .
والآخر ما
[ ص: 347 ]
452 - حدثني به
موسى بن هارون ، قال : حدثنا
عمرو ، قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي في خبر ذكره ، عن
أبي مالك ، وعن
أبي صالح ، عن
ابن عباس ، وعن
مرة ، عن ابن مسعود ، وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=19أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق " إلى "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=20إن الله على كل شيء قدير " أما الصيب فالمطر . كان رجلان من المنافقين من
أهل المدينة هربا من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين ، فأصابهما هذا المطر الذي ذكر الله ، فيه رعد شديد وصواعق وبرق ، فجعلا كلما أضاء لهما الصواعق جعلا أصابعهما في آذانهما من الفرق أن تدخل الصواعق في مسامعهما فتقتلهما ، وإذا لمع البرق مشيا في ضوئه ، وإذا لم يلمع لم يبصرا وقاما مكانهما لا يمشيان ، فجعلا يقولان : ليتنا قد أصبحنا فنأتي
محمدا فنضع أيدينا في يده ، فأصبحا فأتياه فأسلما ووضعا أيديهما في يده ، وحسن إسلامهما ، فضرب الله شأن هذين المنافقين الخارجين مثلا للمنافقين الذين
بالمدينة ، وكان المنافقون إذا حضروا مجلس النبي صلى الله عليه وسلم جعلوا أصابعهم في آذانهم فرقا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، أن ينزل فيهم شيء أو يذكروا بشيء فيقتلوا ، كما كان ذانك المنافقان الخارجان يجعلان أصابعهما في آذانهما ، وإذا أضاء لهم مشوا فيه ، فإذا كثرت أموالهم ، وولد لهم الغلمان ، وأصابوا غنيمة أو فتحا ، مشوا فيه ، وقالوا : إن دين
محمد صلى الله عليه وسلم دين صدق . فاستقاموا عليه ، كما كان ذانك المنافقان يمشيان ، إذا أضاء لهم البرق مشوا فيه ، وإذا أظلم عليهم قاموا . فكانوا
[ ص: 348 ] إذا هلكت أموالهم ، وولد لهم الجواري ، وأصابهم البلاء ، قالوا : هذا من أجل دين محمد ، فارتدوا كفارا ، كما قام ذانك المنافقان حين أظلم البرق عليهما .
والثالث ما
453 - حدثني به
محمد بن سعد ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثني عمي ، عن أبيه ، عن جده ، عن
ابن عباس : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=19أو كصيب من السماء " كمطر ، "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=19فيه ظلمات ورعد وبرق " إلى آخر الآية ، هو مثل المنافق في ضوء ما تكلم بما معه من كتاب الله وعمل مراءاة للناس ، فإذا خلا وحده عمل بغيره ، فهو في ظلمة ما أقام على ذلك . وأما الظلمات فالضلالة ، وأما البرق فالإيمان ، وهم أهل الكتاب .
[ ص: 349 ]
وإذا أظلم عليهم ، فهو رجل يأخذ بطرف الحق لا يستطيع أن يجاوزه .
والرابع ما
454 - حدثني به
المثنى ، قال : حدثنا
عبد الله بن صالح ، قال : حدثني
معاوية بن صالح ، عن
علي بن أبي طلحة ، عن
ابن عباس : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=19أو كصيب من السماء " وهو المطر ، ضرب مثله في القرآن يقول : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=19فيه ظلمات " يقول : ابتلاء ، " ورعد " يقول فيه تخويف " وبرق
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=20يكاد البرق يخطف أبصارهم " يقول : يكاد محكم القرآن يدل على عورات المنافقين ، "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=20كلما أضاء لهم مشوا فيه " يقول : كلما أصاب المنافقون من الإسلام عزا اطمأنوا ، وإن أصاب الإسلام نكبة قاموا ليرجعوا إلى الكفر يقول : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=20وإذا أظلم عليهم قاموا " كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=11ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين ) [ سورة الحج : 11 ] .
ثم اختلف سائر أهل التأويل بعد في ذلك ، نظير ما روي عن
ابن عباس من الاختلاف :
455 - فحدثني
محمد بن عمرو الباهلي ، قال : حدثنا
أبو عاصم ، عن
عيسى بن ميمون ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، قال : إضاءة البرق وإظلامه ، على نحو ذلك المثل .
456 - حدثني
المثنى ، قال : حدثنا
أبو حذيفة ، قال : حدثنا
شبل ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، مثله .
[ ص: 350 ]
457 - حدثنا
عمرو بن علي ، قال : حدثنا
أبو عاصم ، قال : حدثنا
عيسى ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، مثله .
458 - وحدثنا
بشر بن معاذ ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17360يزيد بن زريع ، عن
سعيد ، عن
قتادة ، في قول الله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=19فيه ظلمات ورعد وبرق " إلى قوله "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=20وإذا أظلم عليهم قاموا " فالمنافق إذا رأى في الإسلام رخاء أو طمأنينة أو سلوة من عيش ، قال : أنا معكم وأنا منكم ، وإذا أصابته شديدة حقحق والله عندها ، فانقطع به ، فلم يصبر على بلائها ، ولم يحتسب أجرها ، ولم يرج عاقبتها .
459 - وحدثنا
الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا
عبد الرزاق ، قال : أخبرنا
معمر ، عن
قتادة : " فيه
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=19ظلمات ورعد وبرق " يقول : أجبن قوم لا يسمعون شيئا إلا إذا ظنوا أنهم هالكون فيه حذرا من الموت
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=19والله محيط بالكافرين ثم ضرب لهم مثلا آخر فقال : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=20يكاد البرق يخطف أبصارهم كلما أضاء لهم مشوا فيه " يقول : هذا المنافق ، إذا كثر ماله ، وكثرت ماشيته ، وأصابته عافية قال : لم يصبني منذ دخلت في ديني هذا إلا خير "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=20وإذا أظلم عليهم قاموا " يقول : إذا ذهبت أموالهم وهلكت مواشيهم وأصابهم البلاء ، قاموا متحيرين .
460 - حدثني
المثنى ، قال : حدثنا
إسحاق بن الحجاج ، عن
عبد الله بن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن
الربيع بن أنس : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=19فيه ظلمات ورعد وبرق " قال : مثلهم
[ ص: 351 ] كمثل قوم ساروا في ليلة مظلمة ، ولها مطر ورعد وبرق على جادة ، فلما أبرقت أبصروا الجادة فمضوا فيها ، وإذا ذهب البرق تحيروا . وكذلك
nindex.php?page=treesubj&link=30569_28842المنافق ، كلما تكلم بكلمة الإخلاص أضاء له ، فإذا شك تحير ووقع في الظلمة ، فكذلك قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=20كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا " ثم قال : في أسماعهم وأبصارهم التي عاشوا بها في الناس ، "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=20ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم "
قال
أبو جعفر :
461 - حدثنا
القاسم ، قال : حدثنا
الحسين ، قال : حدثنا
أبو تميلة ، عن
عبيد بن سليمان الباهلي ، عن
الضحاك بن مزاحم ، "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=19فيه ظلمات " قال : أما الظلمات فالضلالة ، والبرق الإيمان .
462 - حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : حدثني
عبد الرحمن بن زيد في قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=19فيه ظلمات ورعد وبرق " فقرأ حتى بلغ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=20إن الله على كل شيء قدير " قال : هذا أيضا مثل ضربه الله للمنافقين ، كانوا قد استناروا بالإسلام كما استنار هذا بنور هذا البرق .
463 - حدثنا
القاسم ، قال : حدثنا
الحسين ، قال : حدثني
حجاج ، قال : قال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : ليس في الأرض شيء سمعه المنافق إلا ظن أنه يراد به ، وأنه الموت ، كراهية له
nindex.php?page=treesubj&link=30563_32871، والمنافق أكره خلق الله للموت - كما إذا كانوا بالبراز في المطر ، فروا من الصواعق .
464 - حدثنا
عمرو بن علي ، قال : حدثنا
أبو معاوية ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
عطاء في قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=19أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق " قال : مثل ضرب للكافر .
[ ص: 352 ]
وهذه الأقوال التي ذكرنا عمن رويناها عنه ، فإنها - وإن اختلفت فيها ألفاظ قائليها - متقاربات المعاني ، لأنها جميعا تنبئ عن أن الله ضرب الصيب لظاهر إيمان المنافق مثلا ومثل ما فيه من ظلمات لضلالته ، وما فيه من ضياء برق لنور إيمانه ، واتقاءه من الصواعق بتصيير أصابعه في أذنيه ، لضعف جنانه ونخب فؤاده من حلول عقوبة الله بساحته ، ومشيه في ضوء البرق باستقامته على نور إيمانه ، وقيامه في الظلام ، لحيرته في ضلالته وارتكاسه في عمهه .
فتأويل الآية إذا - إذ كان الأمر على ما وصفنا - أو مثل ما استضاء به المنافقون من قيلهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين بألسنتهم : آمنا بالله وباليوم الآخر
وبمحمد وما جاء به ، حتى صار لهم بذلك في الدنيا أحكام المؤمنين ، وهم - مع إظهارهم بألسنتهم ما يظهرون - بالله وبرسوله صلى الله عليه وسلم وما جاء به من عند الله وباليوم الآخر ، مكذبون ، ولخلاف ما يظهرون بالألسن في قلوبهم معتقدون ، على عمى منهم ، وجهالة بما هم عليه من الضلالة لا يدرون أي الأمرين اللذين قد شرعا لهم [ فيه ] الهداية ، أفي الكفر الذي كانوا عليه قبل إرسال الله محمدا صلى الله عليه وسلم بما أرسله به إليهم ، أم في الذي أتاهم به
محمد صلى الله عليه وسلم من عند ربهم ؟ فهم من وعيد الله إياهم على لسان
محمد صلى الله عليه وسلم وجلون ، وهم مع وجلهم من ذلك في حقيقته شاكون ، في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا . كمثل غيث سرى ليلا في مزنة ظلماء
[ ص: 353 ] وليلة مظلمة يحدوها رعد ، ويستطير في حافاتها برق شديد لمعانه ، كثير خطرانه ، يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار ويختطفها من شدة ضيائه ونور شعاعه ، وينهبط منها تارات صواعق ، تكاد تدع النفوس من شدة أهوالها زواهق .
فالصيب مثل لظاهر ما أظهر
nindex.php?page=treesubj&link=30564المنافقون بألسنتهم من الإقرار والتصديق ، والظلمات التي هي فيه لظلمات ما هم مستبطنون من الشك والتكذيب ومرض القلوب . وأما الرعد والصواعق ، فلما هم عليه من الوجل من وعيد الله إياهم على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم في آي كتابه ، إما في العاجل وإما في الآجل ، أن يحل بهم ، مع شكهم في ذلك : هل هو كائن أم غير كائن ؟ وهل له حقيقة أم ذلك كذب وباطل ؟ مثل . فهم من وجلهم ، أن يكون ذلك حقا ، يتقونه بالإقرار بما جاء به
محمد صلى الله عليه وسلم بألسنتهم ، مخافة على أنفسهم من الهلاك ونزول النقمات ، وذلك تأويل قوله جل ثناؤه "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=19يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت " يعني بذلك : يتقون وعيد الله الذي أنزله في كتابه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ، بما يبدونه بألسنتهم من ظاهر الإقرار ، كما يتقي الخائف أصوات الصواعق بتغطية أذنيه وتصيير أصابعه فيها ، حذرا على نفسه منها .
وقد ذكرنا الخبر الذي روي عن
ابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس أنهما كانا يقولان : إن
nindex.php?page=treesubj&link=30569_30563_28842المنافقين كانوا إذا حضروا مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم أدخلوا أصابعهم [ ص: 354 ] في آذانهم فرقا من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينزل فيهم شيء ، أو يذكروا بشيء فيقتلوا . فإن كان ذلك صحيحا - ولست أعلمه صحيحا إذ كنت بإسناده مرتابا - فإن القول الذي روي عنهما هو القول ، وإن يكن غير صحيح ، فأولى بتأويل الآية ما قلنا ، لأن الله إنما قص علينا من خبرهم في أول مبتدأ قصتهم ، أنهم يخادعون الله ورسوله والمؤمنين بقولهم : آمنا بالله وباليوم الآخر ، مع شك قلوبهم ومرض أفئدتهم في حقيقة ما زعموا أنهم به مؤمنون ، مما جاءهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم من عند ربهم . وبذلك وصفهم في جميع آي القرآن التي ذكر فيها صفتهم . فكذلك ذلك في هذه الآية .
وإنما جعل الله إدخالهم أصابعهم في آذانهم مثلا لاتقائهم رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين بما ذكرنا أنهم يتقونهم به ، كما يتقي سامع صوت الصاعقة بإدخال أصابعه في أذنيه ، وذلك من المثل نظير تمثيل الله جل ثناؤه ما أنزل فيهم من الوعيد في آي كتابه بأصوات الصواعق . وكذلك قوله "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=19حذر الموت " جعله جل ثناؤه مثلا لخوفهم وإشفاقهم من حلول عاجل العقاب المهلكهم الذي توعدوه بساحتهم كما يجعل سامع أصوات الصواعق أصابعه في أذنيه ، حذر العطب والموت على نفسه ، أن تزهق من شدتها .
وإنما نصب قوله "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=19حذر الموت " على نحو ما تنصب به التكرمة في قولك : " زرتك تكرمة لك " تريد بذلك : من أجل تكرمتك ، وكما قال جل ثناؤه ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=90ويدعوننا رغبا ورهبا ) [ سورة الأنبياء : 90 ] على التفسير للفعل .
وقد روي عن
قتادة أنه كان يتأول قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=19حذر الموت " حذرا من الموت .
[ ص: 355 ]
465 - حدثنا بذلك
الحسن بن يحيى ، قال : حدثنا
عبد الرزاق ، قال : أنبأنا
معمر ، عنه .
وذلك مذهب من التأويل ضعيف ، لأن القوم لم يجعلوا أصابعهم في آذانهم حذرا من الموت ، فيكون معناه ما قال إنه يراد به ، حذرا من الموت ، وإنما جعلوها من حذار الموت في آذانهم .
وكان قتادة وابن جريج يتأولان قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=19يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت " أن ذلك من الله جل ثناؤه صفة للمنافقين بالهلع وضعف القلوب وكراهة الموت ، ويتأولان في ذلك قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=4يحسبون كل صيحة عليهم ) [ سورة المنافقون ] .
وليس الأمر في ذلك عندي كالذي قالا . وذلك أنه قد كان فيهم من لا تنكر شجاعته ولا تدفع بسالته ، كقزمان ، الذي لم يقم مقامه أحد من المؤمنين بأحد ، أو دونه . وإنما كانت كراهتهم شهود المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتركهم معاونته على أعدائه ، لأنهم لم يكونوا في أديانهم مستبصرين ، ولا برسول الله صلى الله عليه وسلم مصدقين ، فكانوا للحضور معه مشاهده كارهين ، إلا بالتخذيل عنه . ولكن ذلك وصف من الله جل ثناؤه لهم بالإشفاق من حلول عقوبة الله بهم على نفاقهم ، إما عاجلا وإما آجلا . ثم أخبر جل ثناؤه أن
[ ص: 356 ] المنافقين - الذين نعتهم الله النعت الذي ذكر - وضرب لهم الأمثال التي وصف ، وإن اتقوا عقابه ، وأشفقوا عذابه إشفاق الجاعل في أذنيه أصابعه حذار حلول الوعيد الذي توعدهم به في آي كتابه - غير منجيهم ذلك من نزوله بعقوتهم ، وحلوله بساحتهم ، إما عاجلا في الدنيا ، وإما آجلا في الآخرة ، للذي في قلوبهم من مرضها ، والشك في اعتقادها ، فقال : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=19والله محيط بالكافرين " بمعنى جامعهم ، فمحل بهم عقوبته .
وكان مجاهد يتأول ذلك كما :
466 - حدثني
محمد بن عمرو الباهلي ، قال : حدثنا
أبو عاصم . عن
عيسى بن ميمون ، عن
عبد الله بن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، في قول الله :
nindex.php?page=treesubj&link=28973_30564_29468 " nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=19والله محيط بالكافرين " قال : جامعهم في جهنم .
وأما
ابن عباس فروي عنه في ذلك ما :
467 - حدثني به
ابن حميد ، قال : حدثنا
سلمة ، عن
ابن إسحاق ، عن
محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت ، عن
عكرمة ، أو عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=19والله محيط بالكافرين " يقول : الله منزل ذلك بهم من النقمة .
468 - حدثنا
القاسم ، قال : حدثنا
الحسين ، قال : حدثنا
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
مجاهد ، في قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=19والله محيط بالكافرين " قال : جامعهم .
ثم عاد جل ذكره إلى نعت إقرار المنافقين بألسنتهم ، والخبر عنه وعنهم وعن نفاقهم ، وإتمام المثل الذي ابتدأ ضربه لهم ولشكهم ومرض قلوبهم ، فقال : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=20يكاد البرق " يعني بالبرق ، الإقرار الذي أظهروه بألسنتهم بالله وبرسوله وما جاء به من عند ربهم . فجعل البرق له مثلا على ما قدمنا صفته .
[ ص: 357 ]
"
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=20يخطف أبصارهم " يعني : يذهب بها ويستلبها ويلتمعها من شدة ضيائه ونور شعاعه .
469 - كما حدثت عن
المنجاب بن الحارث ، قال : حدثنا
بشر بن عمارة ، عن
أبي روق ، عن
الضحاك ، عن
ابن عباس ، في قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=20يكاد البرق يخطف أبصارهم " قال : يلتمع أبصارهم ولما يفعل .
قال
أبو جعفر : والخطف السلب ، ومنه الخبر الذي روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501543نهى عن الخطفة ، يعني بها النهبة . ومنه قيل للخطاف الذي يخرج به الدلو من البئر خطاف ، لاختطافه واستلابه ما علق به ، ومنه قول نابغة بني ذبيان :
خطاطيف حجن في حبال متينة تمد بها أيد إليك نوازع
[ ص: 358 ]
فجعل ضوء البرق وشدة شعاع نوره ، كضوء إقرارهم بألسنتهم بالله وبرسوله صلى الله عليه وسلم وبما جاء به من عند الله واليوم الآخر وشعاع نوره ، مثلا .
ثم قال تعالى ذكره : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=20كلما أضاء لهم " يعني أن البرق كلما أضاء لهم ، وجعل البرق لإيمانهم مثلا . وإنما أراد بذلك : أنهم كلما أضاء لهم الإيمان ، وإضاءته لهم أن يروا فيه ما يعجبهم في عاجل دنياهم ، من النصرة على الأعداء ، وإصابة الغنائم في المغازي ، وكثرة الفتوح ، ومنافعها ، والثراء في الأموال ، والسلامة في الأبدان والأهل والأولاد - فذلك إضاءته لهم ، لأنهم إنما يظهرون بألسنتهم ما يظهرونه من الإقرار ، ابتغاء ذلك ، ومدافعة عن أنفسهم وأموالهم وأهليهم وذراريهم ، وهم كما وصفهم الله جل ثناؤه بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=11ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه ) [ سورة الحج : 11 ] .
ويعني بقوله "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=20مشوا فيه " مشوا في ضوء البرق . وإنما ذلك مثل لإقرارهم على ما وصفنا . فمعناه : كلما رأوا في الإيمان ما يعجبهم في عاجل دنياهم على ما وصفنا ، ثبتوا عليه وأقاموا فيه ، كما يمشي السائر في ظلمة الليل وظلمة الصيب الذي وصفه جل ثناؤه ، إذا برقت فيها بارقة أبصر طريقه فيها .
"
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=20وإذا أظلم " يعني : ذهب ضوء البرق عنهم .
ويعني بقوله " عليهم " على السائرين في الصيب الذي وصف جل ذكره . وذلك للمنافقين مثل . ومعنى إظلام ذلك أن المنافقين كلما لم يروا في الإسلام ما يعجبهم في دنياهم - عند ابتلاء الله مؤمني عباده بالضراء ، وتمحيصه إياهم بالشدائد والبلاء ، من إخفاقهم في مغزاهم ، وإنالة عدوهم منهم ، أو إدبار من
[ ص: 359 ] دنياهم عنهم أقاموا على نفاقهم ، وثبتوا على ضلالتهم ، كما قام السائر في الصيب الذي وصف جل ذكره إذا أظلم وخفت ضوء البرق ، فحار في طريقه ، فلم يعرف منهجه .
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=19فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ nindex.php?page=treesubj&link=28973_28902nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=20يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا ( 19 ) )
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : فَأَمَّا الظُّلُمَاتُ ، فَجَمْعٌ ، وَاحِدُهَا ظُلْمَةٌ .
أَمَّا الرَّعْدُ ، فَإِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ اخْتَلَفُوا فِيهِ :
فَقَالَ بَعْضُهُمْ : هُوَ مَلَكٌ يَزْجُرُ السَّحَابَ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
419 - حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=12166مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، قَالَ : حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
شُعْبَةُ ، عَنِ
الْحَكَمِ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ ، قَالَ :
nindex.php?page=treesubj&link=29747_33693_31761الرَّعْدُ ، مَلَكٌ يَزْجُرُ السَّحَابَ بِصَوْتِهِ .
420 - حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=12166مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، قَالَ : حَدَّثَنَا
ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ ، عَنْ
شُعْبَةَ ، عَنِ
الْحَكَمِ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ ، مِثْلَهُ .
421 - حَدَّثَنِي
يَحْيَى بْنُ طَلْحَةَ الْيَرْبُوعِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=14919فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ ، عَنْ
لَيْثٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ ، مِثْلَهُ .
422 - حَدَّثَنِي
يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
هُشَيْمٌ قَالَ : أَنْبَأَنَا
إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَالِمٍ ، عَنْ
أَبِي صَالِحٍ ، قَالَ : الرَّعْدُ ، مَلَكٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ يُسَبِّحُ .
[ ص: 339 ]
423 - حَدَّثَنِي
نَصْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَزْدِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ يَعْلَى ، عَنْ
أَبِي الْخَطَّابِ الْبَصْرِيِّ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16128شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ ، قَالَ : الرَّعْدُ ، مَلَكٌ مُوَكَّلٌ بِالسَّحَابِ يَسُوقُهُ ، كَمَا يَسُوقُ الْحَادِي الْإِبِلَ ، يُسَبِّحُ . كُلَّمَا خَالَفَتْ سَحَابَةٌ سَحَابَةً صَاحَ بِهَا ، فَإِذَا اشْتَدَّ غَضَبُهُ طَارَتِ النَّارُ مِنْ فِيهِ ، فَهِيَ الصَّوَاعِقُ الَّتِي رَأَيْتُمْ .
424 - حُدِّثْتُ عَنِ
الْمِنْجَابِ بْنِ الْحَارِثِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
بِشْرُ بْنُ عُمَارَةَ ، عَنْ
أَبِي رَوْقٍ ، عَنِ
الضَّحَّاكِ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : الرَّعْدُ ، مَلَكٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ اسْمُهُ الرَّعْدُ ، وَهُوَ الَّذِي تَسْمَعُونَ صَوْتَهُ .
425 - حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْأَهْوَازِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
أَبُو أَحْمَدَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
عَبْدُ الْمَلِكِ بْنِ حُسَيْنٍ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيِّ ، عَنْ
أَبِي مَالِكٍ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : الرَّعْدُ ، مَلَكٌ يَزْجُرُ السَّحَابَ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّكْبِيرِ .
426 - وَحَدَّثَنَا
الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16627عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : الرَّعْدُ اسْمُ مَلَكٍ ، وَصَوْتُهُ هَذَا تَسْبِيحُهُ ، فَإِذَا اشْتَدَّ زَجْرُهُ السَّحَابَ ، اضْطَرَبَ السَّحَابُ وَاحْتَكَّ . فَتَخْرُجُ الصَّوَاعِقُ مِنْ بَيْنِهِ .
427 - حَدَّثَنَا
الْحَسَنُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
عَفَّانُ . قَالَ : حَدَّثَنَا
أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ
[ ص: 340 ] مُوسَى الْبَزَّارِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16128شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : الرَّعْدُ مَلَكٌ يَسُوقُ السَّحَابَ بِالتَّسْبِيحِ ، كَمَا يَسُوقُ الْحَادِي الْإِبِلَ بِحُدَائِهِ .
428 - حَدَّثَنَا
الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ ، وَشَبَابَةُ ، قَالَا حَدَّثَنَا
شُعْبَةُ ، عَنِ
الْحَكَمِ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ ، قَالَ : الرَّعْدُ مَلَكٌ يَزْجُرُ السَّحَابَ .
429 - حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
عَتَّابُ بْنُ زِيَادٍ ، عَنْ
عِكْرِمَةَ ، قَالَ : الرَّعْدُ مَلَكٌ فِي السَّحَابِ ، يَجْمَعُ السَّحَابَ كَمَا يَجْمَعُ الرَّاعِي الْإِبِلَ .
430 - وَحَدَّثَنَا
بِشْرٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
سَعِيدٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ ، قَالَ : الرَّعْدُ خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ ، سَامِعٌ مُطِيعٌ لِلَّهِ جَلَّ وَعَزَّ .
431 - حَدَّثَنَا
الْقَاسِمُ بْنُ الْحَسَنِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
الْحُسَيْنُ بْنُ دَاوُدَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي
حَجَّاجٌ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ
عِكْرِمَةَ ، قَالَ : إِنِ الرَّعْدَ مَلَكٌ يُؤْمَرُ بِإِزْجَاءِ السَّحَابِ فَيُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ، فَذَلِكَ الصَّوْتُ تَسْبِيحُهُ .
432 - وَحَدَّثَنَا
الْقَاسِمُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
الْحُسَيْنُ ، قَالَ : حَدَّثَنِي
حَجَّاجٌ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ ، قَالَ : الرَّعْدُ مَلَكٌ .
433 - وَحَدَّثَنِي
الْمُثَنَّى ، قَالَ : حَدَّثَنَا
الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنِ
الْمُغِيرَةِ بْنِ سَالِمٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَوْ غَيْرِهِ ، أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَالَ : الرَّعْدُ مَلَكٌ .
434 - حَدَّثَنَا
الْمُثَنَّى ، قَالَ : حَدَّثَنَا
حَجَّاجٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
حَمَّادٌ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا
مُوسَى بْنُ سَالِمٍ أَبُو جَهْضَمٍ ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : كَتَبَ
ابْنُ عَبَّاسٍ إِلَى أَبِي الْجَلْدِ يَسْأَلُهُ عَنِ الرَّعْدِ ، فَقَالَ : الرَّعْدُ مَلَكٌ .
[ ص: 341 ]
435 - حَدَّثَنَا
الْمُثَنَّى ، قَالَ : حَدَّثَنَا
مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
عُمَرُ بْنُ الْوَلِيدِ الشَّنِّيُّ ، عَنْ
عِكْرِمَةَ ، قَالَ : الرَّعْدُ مَلَكٌ يَسُوقُ السَّحَابَ كَمَا يَسُوقُ الرَّاعِي الْإِبِلَ .
436 - حَدَّثَنِي
سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
حَفْصُ بْنُ عُمَرَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
الْحَكَمُ بْنُ أَبَانٍ ، عَنْ
عِكْرِمَةَ ، قَالَ : كَانَ
ابْنُ عَبَّاسٍ إِذَا سَمِعَ الرَّعْدَ ، قَالَ : سُبْحَانَ الَّذِي سَبَّحْتَ لَهُ ، قَالَ : وَكَانَ يَقُولُ : إِنَّ الرَّعْدَ مَلَكٌ يَنْعِقُ بِالْغَيْثِ كَمَا يَنْعِقُ الرَّاعِي بِغَنَمِهِ .
وَقَالَ آخَرُونَ : إِنِ الرَّعْدَ رِيحٌ تَخْتَنِقُ تَحْتَ السَّحَابِ فَتَصَّاعَدُ ، فَيَكُونُ مِنْهُ ذَلِكَ الصَّوْتُ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
437 - حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
بِشْرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، عَنْ
أَبِي كَثِيرٍ ، قَالَ : كُنْتُ عِنْدَ أَبِي الْجَلْدِ ، إِذْ جَاءَهُ رَسُولُ ابْنِ عَبَّاسٍ بِكِتَابٍ إِلَيْهِ ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ : " كَتَبْتَ تَسْأَلُنِي عَنِ الرَّعْدِ ، فَالرَّعْدُ الرِّيحُ .
438 - حَدَّثَنِي
إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
ابْنُ إِدْرِيسَ ، عَنِ
الْحَسَنِ بْنِ الْفُرَاتِ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : كَتَبَ
ابْنُ عَبَّاسٍ [ ص: 342 ] إِلَى أَبِي الْجَلْدِ يَسْأَلُهُ عَنِ الرَّعْدِ ، فَقَالَ : الرَّعْدُ رِيحٌ .
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : فَإِنْ كَانَ الرَّعْدُ مَا ذَكَرَهُ
ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ ، فَمَعْنَى الْآيَةِ : أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَصَوْتُ رَعْدٍ . لِأَنَّ الرَّعْدَ إِنْ كَانَ مَلَكًا يَسُوقُ السَّحَابَ ، فَغَيْرُ كَائِنٍ فِي الصَّيِّبِ ، لِأَنَّ الصَّيِّبَ إِنَّمَا هُوَ مَا تَحَدَّرَ مِنْ صَوْبِ السَّحَابِ ، وَالرَّعْدُ إِنَّمَا هُوَ فِي جَوِّ السَّمَاءِ يَسُوقُ السَّحَابَ . عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِيهِ ثَمَّ لَمْ يَكُنْ لَهُ صَوْتٌ مَسْمُوعٌ ، فَلَمْ يَكُنْ هُنَالِكَ رُعْبٌ يُرْعَبُ بِهِ أَحَدٌ ، لِأَنَّهُ قَدْ قِيلَ : إِنَّ مَعَ كُلِّ قَطْرَةٍ مِنْ قَطْرِ الْمَطَرِ مَلَكًا ، فَلَا يَعْدُو الْمَلَكُ الَّذِي اسْمُهُ " الرَّعْدُ " لَوْ كَانَ مَعَ الصَّيِّبِ ، إِذَا لَمْ يَكُنْ مَسْمُوعًا صَوْتُهُ ، أَنْ يَكُونَ كَبَعْضِ تِلْكَ الْمَلَائِكَةِ الَّتِي تَنْزِلُ مَعَ الْقَطْرِ إِلَى الْأَرْضِ ، فِي أَنْ لَا رُعْبَ عَلَى أَحَدٍ بِكَوْنِهِ فِيهِ . فَقَدْ عُلِمَ - إِذْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا وَصَفْنَا مِنْ قَوْلِ
ابْنِ عَبَّاسٍ - أَنَّ مَعْنَى الْآيَةِ : أَوْ كَمَثَلِ غَيْثٍ تَحَدَّرَ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَصَوْتُ رَعْدٍ ، إِنْ كَانَ الرَّعْدُ هُوَ مَا قَالَهُ
ابْنُ عَبَّاسٍ ، وَأَنَّهُ اسْتَغْنَى بِدَلَالَةِ ذِكْرِ الرَّعْدِ بِاسْمِهِ عَلَى الْمُرَادِ فِي الْكَلَامِ مِنْ ذِكْرِ صَوْتِهِ . وَإِنْ كَانَ الرَّعْدُ مَا قَالَهُ
أَبُو الْجَلْدِ فَلَا شَيْءَ فِي قَوْلِهِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=19فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ " مَتْرُوكٌ . لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلَامِ حِينَئِذٍ : فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ الَّذِي هُوَ مَا وَصَفْنَا صِفَتَهُ .
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=29747الْبَرْقُ ، فَإِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ اخْتَلَفُوا فِيهِ : فَقَالَ بَعْضُهُمْ بِمَا :
439 - حَدَّثَنَا
مَطَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الضَّبِّيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
أَبُو عَاصِمٍ ، - ح - وَحَدَّثَنِي
nindex.php?page=showalam&ids=15573مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ ، - ح - وَحَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْأَهْوَازِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ ، قَالُوا جَمِيعًا : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16004سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ، عَنْ
سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ ، عَنْ
سَعِيدِ بْنِ أَشْوَعَ ، عَنْ
رَبِيعَةَ [ ص: 343 ] بْنِ الْأَبْيَضِ ، عَنْ
عَلِيٍّ ، قَالَ : الْبَرْقُ مَخَارِيقُ الْمَلَائِكَةِ .
440 - حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْحُسَيْنِ ، عَنْ
أَبِي مَالِكٍ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيِّ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ : الْبَرْقُ مَخَارِيقُ بِأَيْدِي الْمَلَائِكَةِ ، يَزْجُرُونَ بِهَا السَّحَابَ .
441 - وَحَدَّثَنِي
الْمُثَنَّى ، قَالَ : حَدَّثَنَا
الْحَجَّاجُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
حَمَّادٌ ، عَنِ
الْمُغِيرَةِ بْنِ سَالِمٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَوْ غَيْرِهِ ، أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَالَ : الرَّعْدُ الْمَلَكُ ، وَالْبَرْقُ ضَرْبُهُ السَّحَابَ بِمِخْرَاقٍ مِنْ حَدِيدٍ .
وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ سَوْطٌ مِنْ نُورٍ يُزْجِي بِهِ الْمَلَكُ السَّحَابَ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
442 - حُدِّثْتُ عَنِ
الْمِنْجَابِ بْنِ الْحَارِثِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
بِشْرُ بْنُ عُمَارَةَ ، عَنْ
أَبِي رَوْقٍ ، عَنِ
الضَّحَّاكِ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، بِذَلِكَ .
وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ مَاءٌ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
443 - حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْأَهْوَازِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
بِشْرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، عَنْ
أَبِي كَثِيرٍ ، قَالَ : كُنْتُ عِنْدَ أَبِي الْجَلْدِ ، إِذْ جَاءَ رَسُولُ ابْنِ عَبَّاسٍ بِكِتَابٍ إِلَيْهِ ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ : " كَتَبْتَ إِلَيَّ تَسْأَلُنِي عَنِ الْبَرْقِ ، فَالْبَرْقُ الْمَاءُ "
444 - حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
ابْنُ إِدْرِيسَ ، عَنِ
الْحَسَنِ بْنِ الْفُرَاتِ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : كَتَبَ
ابْنُ عَبَّاسٍ إِلَى أَبِي الْجَلْدِ يَسْأَلُهُ عَنِ الْبَرْقِ ، فَقَالَ : الْبَرْقُ مَاءٌ .
[ ص: 344 ]
445 - حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
جَرِيرٌ ، عَنْ
عَطَاءٍ ، عَنْ رَجُلٍ ، مِنْ
أَهْلِ الْبَصْرَةِ مِنْ قُرَّائِهِمْ ، قَالَ : كَتَبَ
ابْنُ عَبَّاسٍ إِلَى أَبِي الْجَلْدِ - رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ هَجَرَ - يَسْأَلُهُ عَنِ الْبَرْقِ ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ : " كَتَبْتَ إِلَيَّ تَسْأَلُنِي عَنِ الْبَرْقِ ، وَإِنَّهُ مِنَ الْمَاءِ "
وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ مَصْعُ مَلَكٍ .
446 - حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15573مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
سُفْيَانُ ، عَنْ
عُثْمَانَ بْنِ الْأَسْوَدِ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ ، قَالَ : الْبَرْقُ ، مَصْعُ مَلَكٍ .
447 - حَدَّثَنِي
الْمُثَنَّى ، قَالَ : حَدَّثَنَا
إِسْحَاقُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
هِشَامٌ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17023مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيِّ ، قَالَ : بَلَغَنِي أَنَّ الْبَرْقَ مَلَكٌ لَهُ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ ، وَجْهُ إِنْسَانٍ ، وَوَجْهُ ثَوْرٍ ، وَوَجْهُ نَسْرٍ ، وَوَجْهُ أَسَدٍ ، فَإِذَا مَصَعَ بِأَجْنِحَتِهِ فَذَلِكَ الْبَرْقُ .
448 - حَدَّثَنَا
الْقَاسِمُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
الْحُسَيْنُ ، قَالَ : حَدَّثَنِي
حَجَّاجٌ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ
وَهْبِ بْنِ سُلَيْمَانَ ، عَنْ
شُعَيْبٍ الْجُبَّائِيِّ قَالَ : فِي كِتَابِ اللَّهِ : الْمَلَائِكَةُ حَمَلَةُ الْعَرْشِ ، لِكُلِّ مَلَكٍ مِنْهُمْ وَجْهُ إِنْسَانٍ وَثَوْرٍ وَأَسَدٍ ، فَإِذَا حَرَّكُوا أَجْنِحَتَهُمْ فَهُوَ الْبَرْقُ
[ ص: 345 ] . وَقَالَ
أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ :
رَجُلٌ وَثَوْرٌ تَحْتَ رِجْلِ يَمِينِهِ وَالنَّسْرُ لِلْأُخْرَى ، وَلَيْثٌ مُرْصِدُ
449 - حَدَّثَنَا
الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16627عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ : الْبَرْقُ مَلَكٌ .
450 - وَقَدْ حَدَّثَنَا
الْقَاسِمُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
الْحُسَيْنُ ، قَالَ : حَدَّثَنِي
حَجَّاجٌ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ ، قَالَ : الصَّوَاعِقُ مَلَكٌ يَضْرِبُ السَّحَابَ بِالْمَخَارِيقِ ، يُصِيبُ مِنْهُ مَنْ يَشَاءُ .
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَا قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ بِمَعْنًى وَاحِدٍ . وَذَلِكَ أَنْ تَكُونَ الْمَخَارِيقُ الَّتِي ذَكَرَ
عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهَا هِيَ الْبَرْقُ ، هِيَ السِّيَاطُ الَّتِي هِيَ مِنْ نُورٍ ، الَّتِي يُزْجِي بِهَا الْمَلَكُ السَّحَابَ ، كَمَا قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ . وَيَكُونُ إِزْجَاءُ الْمَلَكِ بِهَا السَّحَابَ مَصْعَهُ إِيَّاهُ . وَذَلِكَ أَنَّ الْمِصَاعَ عِنْدَ الْعَرَبِ أَصْلُهُ : الْمُجَالَدَةُ بِالسُّيُوفِ ، ثُمَّ تَسْتَعْمِلُهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ جُولِدَ بِهِ فِي حَرْبٍ وَغَيْرِ حَرْبٍ ، كَمَا قَالَ
أَعْشَى بَنِي ثَعْلَبَةَ ، وَهُوَ يَصِفُ جَوَارِيَ يَلْعَبْنَ بِحُلِيِّهِنَّ وَيُجَالِدْنَ بِهِ .
[ ص: 346 ] إِذَا هُنَّ نَازَلْنَ أَقَرَانَهُنَّ
وَكَانَ الْمِصَاعُ بِمَا فِي الْجُوَنْ
يُقَالُ مِنْهُ : مَاصَعَهُ مِصَاعًا . وَكَأَنَّ مُجَاهِدًا إِنَّمَا قَالَ : " مَصْعُ مَلَكٍ " إِذْ كَانَ السَّحَابُ لَا يُمَاصِعُ الْمَلَكَ ، وَإِنَّمَا الرَّعْدُ هُوَ الْمُمَاصِعُ لَهُ ، فَجَعَلَهُ مَصْدَرًا مِنْ مَصَعَهُ يَمْصَعُهُ مَصْعًا .
وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا فِي مَعْنَى " الصَّاعِقَةِ " مَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16128شَهْرُ بْنُ حَوشَبٍ فِيمَا مَضَى .
وَأَمَّا تَأْوِيلُ الْآيَةِ ، فَإِنَّ أَهْلَ التَّأْوِيلِ مُخْتَلِفُونَ فِيهِ :
فَرُوِيَ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ أَقْوَالٌ : أَحَدُهَا مَا
451 - حَدَّثَنَا بِهِ
مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
سَلَمَةُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُحَمَّدٍ مَوْلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ، عَنْ
عِكْرِمَةَ ، أَوْ عَنْ
سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=19أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ " : أَيْ هُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ مَا هُمْ فِيهِ مِنَ الْكُفْرِ وَالْحَذَرِ مِنَ الْقَتْلِ - عَلَى الَّذِي هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْخِلَافِ وَالتَّخْوِيفِ مِنْكُمْ - عَلَى مَثَلِ مَا وُصِفَ مِنَ الَّذِي هُوَ فِي ظُلْمَةِ الصَّيِّبِ ، فَجَعَلَ أَصَابِعَهُ فِي أُذُنَيْهِ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ ، يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ - أَيْ لِشِدَّةِ ضَوْءِ الْحَقِّ - كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا ، أَيْ يَعْرِفُونَ الْحَقَّ وَيَتَكَلَّمُونَ بِهِ ، فَهُمْ مِنْ قَوْلِهِمْ بِهِ عَلَى اسْتِقَامَةٍ ، فَإِذَا ارْتَكَسُوا مِنْهُ إِلَى الْكُفْرِ قَامُوا مُتَحَيِّرِينَ .
وَالْآخَرُ مَا
[ ص: 347 ]
452 - حَدَّثَنِي بِهِ
مُوسَى بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
عَمْرٌو ، قَالَ : حَدَّثَنَا
أَسْبَاطٌ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيِّ فِي خَبَرٍ ذَكَرَهُ ، عَنْ
أَبِي مَالِكٍ ، وَعَنْ
أَبِي صَالِحٍ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَعَنْ
مُرَّةَ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، وَعَنْ نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=19أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ " إِلَى "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=20إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِ شَيْءٍ قَدِيرٌ " أَمَّا الصَّيِّبُ فَالْمَطَرُ . كَانَ رَجُلَانِ مِنَ الْمُنَافِقِينَ مِنْ
أَهْلِ الْمَدِينَةِ هَرَبَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ ، فَأَصَابَهُمَا هَذَا الْمَطَرُ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ ، فِيهِ رَعْدٌ شَدِيدٌ وَصَوَاعِقُ وَبَرْقٌ ، فَجَعَلَا كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمَا الصَّوَاعِقُ جَعَلَا أَصَابِعَهُمَا فِي آذَانِهِمَا مِنَ الْفَرَقِ أَنْ تَدْخُلَ الصَّوَاعِقُ فِي مَسَامِعِهِمَا فَتَقْتُلَهُمَا ، وَإِذَا لَمَعَ الْبَرْقُ مَشَيَا فِي ضَوْئِهِ ، وَإِذَا لَمْ يَلْمَعْ لَمْ يُبْصِرَا وَقَامَا مَكَانَهُمَا لَا يَمْشِيَانِ ، فَجَعَلَا يَقُولَانِ : لَيْتَنَا قَدْ أَصْبَحْنَا فَنَأْتِيَ
مُحَمَّدًا فَنَضَعَ أَيْدِيَنَا فِي يَدِهِ ، فَأَصْبَحَا فَأَتَيَاهُ فَأَسْلَمَا وَوَضَعَا أَيْدِيَهُمَا فِي يَدِهِ ، وَحَسُنَ إِسْلَامُهُمَا ، فَضَرَبَ اللَّهُ شَأْنَ هَذَيْنَ الْمُنَافِقَيْنِ الْخَارِجَيْنِ مَثَلًا لِلْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ
بِالْمَدِينَةِ ، وَكَانَ الْمُنَافِقُونَ إِذَا حَضَرُوا مَجْلِسَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ فَرَقًا مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنْ يَنْزِلَ فِيهِمْ شَيْءٌ أَوْ يُذْكَرُوا بِشَيْءٍ فَيُقْتَلُوا ، كَمَا كَانَ ذَانِكَ الْمُنَافِقَانِ الْخَارِجَانِ يَجْعَلَانِ أَصَابِعَهُمَا فِي آذَانِهِمَا ، وَإِذَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ ، فَإِذَا كَثُرَتْ أَمْوَالُهُمْ ، وَوُلِدَ لَهُمُ الْغِلْمَانُ ، وَأَصَابُوا غَنِيمَةً أَوْ فَتْحًا ، مَشَوْا فِيهِ ، وَقَالُوا : إِنَّ دِينَ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِينُ صِدْقٍ . فَاسْتَقَامُوا عَلَيْهِ ، كَمَا كَانَ ذَانِكَ الْمُنَافِقَانِ يَمْشِيَانِ ، إِذَا أَضَاءَ لَهُمُ الْبَرْقُ مَشَوْا فِيهِ ، وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا . فَكَانُوا
[ ص: 348 ] إِذَا هَلَكَتْ أَمْوَالُهُمْ ، وَوُلِدَ لَهُمُ الْجَوَارِي ، وَأَصَابَهُمُ الْبَلَاءُ ، قَالُوا : هَذَا مِنْ أَجْلِ دِينِ مُحَمَّدٍ ، فَارْتَدُّوْا كُفَّارًا ، كَمَا قَامَ ذَانِكَ الْمُنَافِقَانِ حِينَ أَظْلَمَ الْبَرْقُ عَلَيْهِمَا .
وَالثَّالِثُ مَا
453 - حَدَّثَنِي بِهِ
مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي ، قَالَ : حَدَّثَنِي عَمِّي ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=19أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ " كَمَطَرٍ ، "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=19فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ " إِلَى آخَرِ الْآيَةِ ، هُوَ مَثَلُ الْمُنَافِقِ فِي ضَوْءِ مَا تَكَلَّمَ بِمَا مَعَهُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَعَمِلَ مُرَاءَاةً لِلنَّاسِ ، فَإِذَا خَلَا وَحْدَهُ عَمِلَ بِغَيْرِهِ ، فَهُوَ فِي ظُلْمَةٍ مَا أَقَامَ عَلَى ذَلِكَ . وَأَمَّا الظُّلُمَاتُ فَالضَّلَالَةُ ، وَأَمَّا الْبَرْقُ فَالْإِيمَانُ ، وَهُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ .
[ ص: 349 ]
وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ ، فَهُوَ رَجُلٌ يَأْخُذُ بِطَرَفِ الْحَقِّ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُجَاوِزَهُ .
وَالرَّابِعُ مَا
454 - حَدَّثَنِي بِهِ
الْمُثَنَّى ، قَالَ : حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي
مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ ، عَنْ
عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=19أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ " وَهُوَ الْمَطَرُ ، ضَرَبَ مَثَلَهُ فِي الْقُرْآنِ يَقُولُ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=19فِيهِ ظُلُمَاتٌ " يَقُولُ : ابْتِلَاءٌ ، " وَرَعْدٌ " يَقُولُ فِيهِ تَخْوِيفٌ " وَبَرْقٌ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=20يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ " يَقُولُ : يَكَادُ مُحْكَمُ الْقُرْآنِ يَدُلُّ عَلَى عَوْرَاتِ الْمُنَافِقِينَ ، "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=20كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ " يَقُولُ : كُلَّمَا أَصَابَ الْمُنَافِقُونَ مِنَ الْإِسْلَامِ عِزًّا اطْمَأَنُّوا ، وَإِنْ أَصَابَ الْإِسْلَامَ نَكْبَةٌ قَامُوا لِيَرْجِعُوا إِلَى الْكُفْرِ يَقُولُ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=20وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا " كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=11وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ) [ سُورَةُ الْحَجِّ : 11 ] .
ثُمَّ اخْتَلَفَ سَائِرُ أَهْلِ التَّأْوِيلِ بَعْدُ فِي ذَلِكَ ، نَظِيرَ مَا رُوِيَ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ مِنَ الِاخْتِلَافِ :
455 - فَحَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَاهِلِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
أَبُو عَاصِمٍ ، عَنْ
عِيسَى بْنِ مَيْمُونٍ ، عَنِ
ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ ، قَالَ : إِضَاءَةُ الْبَرْقِ وَإِظْلَامُهُ ، عَلَى نَحْوِ ذَلِكَ الْمَثَلِ .
456 - حَدَّثَنِي
الْمُثَنَّى ، قَالَ : حَدَّثَنَا
أَبُو حُذَيْفَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
شِبْلٌ ، عَنِ
ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ ، مِثْلَهُ .
[ ص: 350 ]
457 - حَدَّثَنَا
عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
أَبُو عَاصِمٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
عِيسَى ، عَنِ
ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ ، مِثْلَهُ .
458 - وَحَدَّثَنَا
بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17360يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ ، عَنْ
سَعِيدٍ ، عَنْ
قَتَادَةَ ، فِي قَوْلِ اللَّهِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=19فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ " إِلَى قَوْلِهِ "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=20وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا " فَالْمُنَافِقُ إِذَا رَأَى فِي الْإِسْلَامِ رَخَاءً أَوْ طُمَأْنِينَةً أَوْ سَلْوَةً مِنْ عَيْشٍ ، قَالَ : أَنَا مَعَكُمْ وَأَنَا مِنْكُمْ ، وَإِذَا أَصَابَتْهُ شَدِيدَةٌ حَقْحَقَ وَاللَّهِ عِنْدَهَا ، فَانْقُطِعَ بِهِ ، فَلَمْ يَصْبِرْ عَلَى بَلَائِهَا ، وَلَمْ يَحْتَسِبْ أَجْرَهَا ، وَلَمْ يَرْجُ عَاقِبَتَهَا .
459 - وَحَدَّثَنَا
الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى ، قَالَ : أَخْبَرَنَا
عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا
مَعْمَرٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ : " فِيهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=19ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ " يَقُولُ : أَجْبَنُ قَوْمٍ لَا يَسْمَعُونَ شَيْئًا إِلَّا إِذَا ظَنُّوا أَنَّهُمْ هَالِكُونَ فِيهِ حَذَرًا مِنَ الْمَوْتِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=19وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ ثُمَّ ضَرَبَ لَهُمْ مَثَلًا آخَرَ فَقَالَ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=20يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ " يَقُولُ : هَذَا الْمُنَافِقُ ، إِذَا كَثُرَ مَالُهُ ، وَكَثُرَتْ مَاشِيَتُهُ ، وَأَصَابَتْهُ عَافِيَةٌ قَالَ : لَمْ يُصِبْنِي مُنْذُ دَخَلْتُ فِي دِينِي هَذَا إِلَّا خَيْرٌ "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=20وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا " يَقُولُ : إِذَا ذَهَبَتْ أَمْوَالُهُمْ وَهَلَكَتْ مَوَاشِيهِمْ وَأَصَابَهُمُ الْبَلَاءُ ، قَامُوا مُتَحَيِّرِينَ .
460 - حَدَّثَنِي
الْمُثَنَّى ، قَالَ : حَدَّثَنَا
إِسْحَاقُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ
الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=19فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ " قَالَ : مَثَلُهُمْ
[ ص: 351 ] كَمَثَلِ قَوْمٍ سَارُوا فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ ، وَلَهَا مَطَرٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ عَلَى جَادَّةٍ ، فَلَمَّا أَبْرَقَتْ أَبْصَرُوا الْجَادَّةَ فَمَضَوْا فِيهَا ، وَإِذَا ذَهَبَ الْبَرْقُ تَحَيَّرُوا . وَكَذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=30569_28842الْمُنَافِقُ ، كُلَّمَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةِ الْإِخْلَاصِ أَضَاءَ لَهُ ، فَإِذَا شَكَّ تَحَيَّرَ وَوَقَعَ فِي الظُّلْمَةِ ، فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=20كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا " ثُمَّ قَالَ : فِي أَسْمَاعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمِ الَّتِي عَاشُوا بِهَا فِي النَّاسِ ، "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=20وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ "
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ :
461 - حَدَّثَنَا
الْقَاسِمُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
الْحُسَيْنُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
أَبُو تُمَيْلَةَ ، عَنْ
عُبَيْدِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْبَاهِلِيِّ ، عَنِ
الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ ، "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=19فِيهِ ظُلُمَاتٌ " قَالَ : أَمَّا الظُّلُمَاتُ فَالضَّلَالَةُ ، وَالْبَرْقُ الْإِيمَانُ .
462 - حَدَّثَنِي
يُونُسُ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=19فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ " فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=20إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " قَالَ : هَذَا أَيْضًا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ لِلْمُنَافِقِينَ ، كَانُوا قَدِ اسْتَنَارُوا بِالْإِسْلَامِ كَمَا اسْتَنَارَ هَذَا بِنُورِ هَذَا الْبَرْقِ .
463 - حَدَّثَنَا
الْقَاسِمُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
الْحُسَيْنُ ، قَالَ : حَدَّثَنِي
حَجَّاجٌ ، قَالَ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنُ جُرَيْجٍ : لَيْسَ فِي الْأَرْضِ شَيْءٌ سَمِعَهُ الْمُنَافِقُ إِلَّا ظَنَّ أَنَّهُ يُرَادُ بِهِ ، وَأَنَّهُ الْمَوْتُ ، كَرَاهِيَةً لَهُ
nindex.php?page=treesubj&link=30563_32871، وَالْمُنَافِقُ أَكْرَهُ خَلْقِ اللَّهِ لِلْمَوْتِ - كَمَا إِذَا كَانُوا بِالْبَرَازِ فِي الْمَطَرِ ، فَرُّوا مِنَ الصَّوَاعِقِ .
464 - حَدَّثَنَا
عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
أَبُو مُعَاوِيَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنُ جُرَيْجٍ ، عَنْ
عَطَاءٍ فِي قَوْلِهِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=19أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ " قَالَ : مَثَلٌ ضُرِبَ لِلْكَافِرِ .
[ ص: 352 ]
وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ الَّتِي ذَكَرْنَا عَمَّنْ رَوَيْنَاهَا عَنْهُ ، فَإِنَّهَا - وَإِنِ اخْتَلَفَتْ فِيهَا أَلْفَاظُ قَائِلِيهَا - مُتَقَارِبَاتُ الْمَعَانِي ، لِأَنَّهَا جَمِيعًا تُنَبِّئُ عَنْ أَنَّ اللَّهَ ضَرَبَ الصَّيِّبَ لِظَاهِرِ إِيمَانِ الْمُنَافِقِ مَثَلًا وَمَثَّلَ مَا فِيهِ مِنْ ظُلُمَاتٍ لِضَلَالَتِهِ ، وَمَا فِيهِ مِنْ ضِيَاءِ بَرْقٍ لِنُورِ إِيمَانِهِ ، وَاتِّقَاءَهُ مِنَ الصَّوَاعِقِ بِتَصْيِيرِ أَصَابِعَهُ فِي أُذُنَيْهِ ، لِضَعْفِ جَنَانِهِ وَنَخْبِ فُؤَادِهِ مِنْ حُلُولِ عُقُوبَةِ اللَّهِ بِسَاحَتِهِ ، وَمَشْيَهُ فِي ضَوْءِ الْبَرْقِ بِاسْتِقَامَتِهِ عَلَى نُورِ إِيمَانِهِ ، وَقِيَامَهُ فِي الظَّلَامِ ، لِحَيْرَتِهِ فِي ضَلَالَتِهِ وَارْتِكَاسِهِ فِي عَمَهِهِ .
فَتَأْوِيلُ الْآيَةِ إِذًا - إِذْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا وَصَفْنَا - أَوْ مَثَلُ مَا اسْتَضَاءَ بِهِ الْمُنَافِقُونَ مِنْ قِيلِهِمْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ بِأَلْسِنَتِهِمْ : آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ
وَبِمُحَمَّدٍ وَمَا جَاءَ بِهِ ، حَتَّى صَارَ لَهُمْ بِذَلِكَ فِي الدُّنْيَا أَحْكَامُ الْمُؤْمِنِينَ ، وَهُمْ - مَعَ إِظْهَارِهِمْ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا يُظْهِرُونَ - بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ ، مُكَذِّبُونَ ، وَلِخِلَافِ مَا يُظْهِرُونَ بِالْأَلْسُنِ فِي قُلُوبِهِمْ مُعْتَقِدُونَ ، عَلَى عَمًى مِنْهُمْ ، وَجَهَالَةٍ بِمَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الضَّلَالَةِ لَا يَدْرُونَ أَيَّ الْأَمْرَيْنِ اللَّذَيْنِ قَدْ شُرِعَا لَهُمْ [ فِيهِ ] الْهِدَايَةُ ، أَفِي الْكُفْرِ الَّذِي كَانُوا عَلَيْهِ قَبْلَ إِرْسَالِ اللَّهِ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا أَرْسَلَهُ بِهِ إِلَيْهِمْ ، أَمْ فِي الَّذِي أَتَاهُمْ بِهِ
مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِمْ ؟ فَهُمْ مِنْ وَعِيدِ اللَّهِ إِيَّاهُمْ عَلَى لِسَانِ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجِلُونَ ، وَهُمْ مَعَ وَجَلِهِمْ مِنْ ذَلِكَ فِي حَقِيقَتِهِ شَاكُّونَ ، فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا . كَمَثَلِ غَيْثٍ سَرَى لَيْلًا فِي مُزْنَةٍ ظَلْمَاءَ
[ ص: 353 ] وَلَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ يَحْدُوهَا رَعْدٌ ، وَيَسْتَطِيرُ فِي حَافَّاتِهَا بَرْقٌ شَدِيدٌ لَمَعَانُهُ ، كَثِيرٌ خَطَرَانُهُ ، يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ وَيَخْتَطِفُهَا مِنْ شِدَّةِ ضِيَائِهِ وَنُورِ شُعَاعِهِ ، وَيَنْهَبِطُ مِنْهَا تَارَاتٍ صَوَاعِقُ ، تَكَادُ تَدَعُ النُّفُوسَ مِنْ شِدَّةِ أَهْوَالِهَا زَوَاهِقَ .
فَالصَّيِّبُ مَثَلٌ لِظَاهِرِ مَا أَظْهَرَ
nindex.php?page=treesubj&link=30564الْمُنَافِقُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مِنَ الْإِقْرَارِ وَالتَّصْدِيقِ ، وَالظُّلُمَاتُ الَّتِي هِيَ فِيهِ لِظُلُمَاتِ مَا هُمْ مُسْتَبْطِنُونَ مِنَ الشَّكِّ وَالتَّكْذِيبِ وَمَرَضِ الْقُلُوبِ . وَأَمَّا الرَّعْدُ وَالصَّوَاعِقُ ، فَلِمَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْوَجَلِ مِنْ وَعِيدِ اللَّهِ إِيَّاهُمْ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آيِ كِتَابِهِ ، إِمَّا فِي الْعَاجِلِ وَإِمَّا فِي الْآجِلِ ، أَنْ يَحِلَّ بِهِمْ ، مَعَ شَكِّهِمْ فِي ذَلِكَ : هَلْ هُوَ كَائِنٌ أَمْ غَيْرُ كَائِنٍ ؟ وَهَلْ لَهُ حَقِيقَةٌ أَمْ ذَلِكَ كَذِبٌ وَبَاطِلٌ ؟ مَثَلٌ . فَهُمْ مِنْ وَجَلِهِمْ ، أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ حَقًّا ، يَتَّقُونَهُ بِالْإِقْرَارِ بِمَا جَاءَ بِهِ
مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَلْسِنَتِهِمْ ، مَخَافَةً عَلَى أَنْفُسِهِمْ مِنَ الْهَلَاكِ وَنُزُولِ النَّقِمَاتِ ، وَذَلِكَ تَأْوِيلُ قَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=19يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ " يَعْنِي بِذَلِكَ : يَتَّقُونَ وَعِيدَ اللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَهُ فِي كِتَابِهِ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، بِمَا يُبْدُونَهُ بِأَلْسِنَتِهِمْ مِنْ ظَاهِرِ الْإِقْرَارِ ، كَمَا يَتَّقِي الْخَائِفُ أَصْوَاتِ الصَّوَاعِقِ بِتَغْطِيَةِ أُذُنَيْهِ وَتَصْيِيرِ أَصَابِعَهُ فِيهَا ، حَذَرًا عَلَى نَفْسِهِ مِنْهَا .
وَقَدْ ذَكَرْنَا الْخَبَرَ الَّذِي رُوِيَ عَنِ
ابْنِ مَسْعُودٍ nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُمَا كَانَا يَقُولَانِ : إِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30569_30563_28842الْمُنَافِقِينَ كَانُوا إِذَا حَضَرُوا مَجْلِسَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَدْخَلُوا أَصَابِعَهُمْ [ ص: 354 ] فِي آذَانِهِمْ فَرَقًا مِنْ كَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَنْزِلَ فِيهِمْ شَيْءٌ ، أَوْ يُذْكَرُوا بِشَيْءٍ فَيُقْتَلُوا . فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ صَحِيحًا - وَلَسْتُ أَعْلَمُهُ صَحِيحًا إِذْ كُنْتُ بِإِسْنَادِهِ مُرْتَابًا - فَإِنَّ الْقَوْلَ الَّذِي رُوِيَ عَنْهُمَا هُوَ الْقَوْلُ ، وَإِنْ يَكُنْ غَيْرَ صَحِيحٍ ، فَأَوْلَى بِتَأْوِيلِ الْآيَةِ مَا قُلْنَا ، لِأَنَّ اللَّهَ إِنَّمَا قَصَّ عَلَيْنَا مَنْ خَبَرِهِمْ فِي أَوَّلِ مُبْتَدَأِ قِصَّتِهِمْ ، أَنَّهُمْ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ بِقَوْلِهِمْ : آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ ، مَعَ شَكِّ قُلُوبِهِمْ وَمَرَضِ أَفْئِدَتِهِمْ فِي حَقِيقَةِ مَا زَعَمُوا أَنَّهُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ ، مِمَّا جَاءَهُمْ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِمْ . وَبِذَلِكَ وَصَفَهُمْ فِي جَمِيعِ آيِ الْقُرْآنِ الَّتِي ذَكَرَ فِيهَا صِفَتَهُمْ . فَكَذَلِكَ ذَلِكَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ .
وَإِنَّمَا جَعَلَ اللَّهُ إِدْخَالَهُمْ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مَثَلًا لِاتِّقَائِهِمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنِينَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّهُمْ يَتَّقُونَهُمْ بِهِ ، كَمَا يَتَّقِي سَامِعُ صَوْتِ الصَّاعِقَةِ بِإِدْخَالِ أَصَابِعِهِ فِي أُذُنَيْهِ ، وَذَلِكَ مِنَ الْمَثَلِ نَظِيرُ تَمْثِيلِ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ مَا أَنْزَلَ فِيهِمْ مِنَ الْوَعِيدِ فِي آيِ كِتَابِهِ بِأَصْوَاتِ الصَّوَاعِقِ . وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=19حَذَرَ الْمَوْتِ " جَعَلَهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ مَثَلًا لِخَوْفِهِمْ وَإِشْفَاقِهِمْ مِنْ حُلُولِ عَاجِلِ الْعِقَابِ الْمُهْلِكِهِمُ الَّذِي تُوُعِّدُوهُ بِسَاحَتِهِمْ كَمَا يَجْعَلُ سَامِعُ أَصْوَاتِ الصَّوَاعِقِ أَصَابِعَهُ فِي أُذُنَيْهِ ، حَذَرَ الْعَطَبِ وَالْمَوْتِ عَلَى نَفْسِهِ ، أَنْ تَزْهَقَ مِنْ شِدَّتِهَا .
وَإِنَّمَا نَصَبَ قَوْلَهُ "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=19حَذَرَ الْمَوْتِ " عَلَى نَحْوِ مَا تُنْصَبُ بِهِ التَّكْرِمَةُ فِي قَوْلِكَ : " زُرْتُكَ تَكْرِمَةً لَكَ " تُرِيدُ بِذَلِكَ : مِنْ أَجْلِ تَكْرِمَتِكَ ، وَكَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=90وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ) [ سُورَةُ الْأَنْبِيَاءِ : 90 ] عَلَى التَّفْسِيرِ لِلْفِعْلِ .
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ
قَتَادَةَ أَنَّهُ كَانَ يَتَأَوَّلُ قَوْلَهُ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=19حَذَرَ الْمَوْتِ " حَذَرًا مِنَ الْمَوْتِ .
[ ص: 355 ]
465 - حَدَّثَنَا بِذَلِكَ
الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى ، قَالَ : حَدَّثَنَا
عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، قَالَ : أَنْبَأَنَا
مَعْمَرٌ ، عَنْهُ .
وَذَلِكَ مَذْهَبٌ مِنَ التَّأْوِيلِ ضَعِيفٌ ، لِأَنَّ الْقَوْمَ لَمْ يَجْعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ حَذَرًا مِنَ الْمَوْتِ ، فَيَكُونُ مَعْنَاهُ مَا قَالَ إِنَّهُ يُرَادُ بِهِ ، حَذَرًا مِنَ الْمَوْتِ ، وَإِنَّمَا جَعَلُوهَا مِنْ حِذَارِ الْمَوْتِ فِي آذَانِهِمْ .
وَكَانَ قَتَادَةُ وَابْنُ جُرَيْجٍ يَتَأَوَّلَانِ قَوْلَهُ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=19يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ " أَنَّ ذَلِكَ مِنَ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ صِفَةٌ لِلْمُنَافِقِينَ بِالْهَلَعِ وَضَعْفِ الْقُلُوبِ وَكَرَاهَةِ الْمَوْتِ ، وَيَتَأَوَّلَانِ فِي ذَلِكَ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=4يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ ) [ سُورَةُ الْمُنَافِقُونَ ] .
وَلَيْسَ الْأَمْرُ فِي ذَلِكَ عِنْدِي كَالَّذِي قَالَا . وَذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ فِيهِمْ مَنْ لَا تُنْكَرُ شَجَاعَتُهُ وَلَا تُدْفَعُ بَسَالَتُهُ ، كَقُزْمَانَ ، الَّذِي لَمْ يَقُمْ مَقَامَهُ أَحَدٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بِأُحُدٍ ، أَوْ دُونَهُ . وَإِنَّمَا كَانَتْ كَرَاهَتُهُمْ شُهُودَ الْمَشَاهِدِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَتَرْكُهُمْ مُعَاوَنَتَهُ عَلَى أَعْدَائِهِ ، لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا فِي أَدْيَانِهِمْ مُسْتَبْصِرِينَ ، وَلَا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُصَدِّقِينَ ، فَكَانُوا لِلْحُضُورِ مَعَهُ مَشَاهِدَهُ كَارِهِينَ ، إِلَّا بِالتَّخْذِيلِ عَنْهُ . وَلَكِنَّ ذَلِكَ وَصْفٌ مِنَ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لَهُمْ بِالْإِشْفَاقِ مِنْ حُلُولِ عُقُوبَةِ اللَّهِ بِهِمْ عَلَى نِفَاقِهِمْ ، إِمَّا عَاجِلًا وَإِمَّا آجِلًا . ثُمَّ أَخْبَرَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّ
[ ص: 356 ] الْمُنَافِقِينَ - الَّذِينَ نَعَتَهُمُ اللَّهُ النَّعْتَ الَّذِي ذَكَرَ - وَضَرَبَ لَهُمُ الْأَمْثَالَ الَّتِي وَصَفَ ، وَإِنِ اتَّقَوْا عِقَابَهُ ، وَأَشْفَقُوا عَذَابَهُ إِشْفَاقَ الْجَاعِلِ فِي أُذُنَيْهِ أَصَابِعَهُ حَذَارِ حُلُولَ الْوَعِيدِ الَّذِي تَوَعَّدَهُمْ بِهِ فِي آيِ كِتَابِهِ - غَيْرُ مُنْجِيهِمْ ذَلِكَ مِنْ نُزُولِهِ بِعَقْوَتِهِمْ ، وَحُلُولِهِ بِسَاحَتِهِمْ ، إِمَّا عَاجِلًا فِي الدُّنْيَا ، وَإِمَّا آجِلًا فِي الْآخِرَةِ ، لِلَّذِي فِي قُلُوبِهِمْ مِنْ مَرَضِهَا ، وَالشَّكِّ فِي اعْتِقَادِهَا ، فَقَالَ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=19وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ " بِمَعْنَى جَامِعُهُمْ ، فَمُحِلٌّ بِهِمْ عُقُوبَتَهُ .
وَكَانَ مُجَاهِدٌ يَتَأَوَّلُ ذَلِكَ كَمَا :
466 - حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَاهِلِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
أَبُو عَاصِمٍ . عَنْ
عِيسَى بْنِ مَيْمُونٍ ، عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ ، فِي قَوْلِ اللَّهِ :
nindex.php?page=treesubj&link=28973_30564_29468 " nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=19وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ " قَالَ : جَامِعُهُمْ فِي جَهَنَّمَ .
وَأَمَّا
ابْنُ عَبَّاسٍ فَرَوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ مَا :
467 - حَدَّثَنِي بِهِ
ابْنُ حُمَيْدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
سَلَمَةُ ، عَنِ
ابْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُحَمَّدٍ مَوْلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ، عَنْ
عِكْرِمَةَ ، أَوْ عَنْ
سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=19وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ " يَقُولُ : اللَّهُ مُنْزِلُ ذَلِكَ بِهِمْ مِنَ النِّقْمَةِ .
468 - حَدَّثَنَا
الْقَاسِمُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
الْحُسَيْنُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
حَجَّاجٌ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ ، فِي قَوْلِهِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=19وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ " قَالَ : جَامِعُهُمْ .
ثُمَّ عَادَ جَلَّ ذِكْرُهُ إِلَى نَعْتِ إِقْرَارِ الْمُنَافِقِينَ بِأَلْسِنَتِهِمْ ، وَالْخَبَرِ عَنْهُ وَعَنْهُمْ وَعَنْ نِفَاقِهِمْ ، وَإِتْمَامِ الْمَثَلِ الَّذِي ابْتَدَأَ ضَرْبَهُ لَهُمْ وَلِشَكِّهِمْ وَمَرَضِ قُلُوبِهِمْ ، فَقَالَ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=20يَكَادُ الْبَرْقُ " يَعْنِي بِالْبَرْقِ ، الْإِقْرَارَ الَّذِي أَظْهَرُوهُ بِأَلْسِنَتِهِمْ بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِمْ . فَجَعَلَ الْبَرْقَ لَهُ مَثَلًا عَلَى مَا قَدَّمْنَا صِفَتَهُ .
[ ص: 357 ]
"
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=20يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ " يَعْنِي : يَذْهَبُ بِهَا وَيَسْتَلِبُهَا وَيَلْتَمِعُهَا مِنْ شِدَّةِ ضِيَائِهِ وَنُورِ شُعَاعِهِ .
469 - كَمَا حُدِّثْتُ عَنِ
الْمِنْجَابِ بْنِ الْحَارِثِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
بِشْرُ بْنُ عُمَارَةَ ، عَنْ
أَبِي رَوْقٍ ، عَنِ
الضَّحَّاكِ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، فِي قَوْلِهِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=20يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ " قَالَ : يَلْتَمِعُ أَبْصَارَهُمْ وَلَمَّا يَفْعَلْ .
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : وَالْخَطْفُ السَّلْبُ ، وَمِنْهُ الْخَبَرُ الَّذِي رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501543نَهَى عَنِ الْخَطْفَةِ ، يَعْنِي بِهَا النُّهْبَةَ . وَمِنْهُ قِيلَ لِلْخُطَّافِ الَّذِي يُخْرَجُ بِهِ الدَّلْوُ مِنَ الْبِئْرِ خُطَّافٌ ، لِاخْتِطَافِهِ وَاسْتِلَابِهِ مَا عَلِقَ بِهِ ، وَمِنْهُ قَوْلُ نَابِغَةِ بَنِي ذُبْيَانَ :
خَطَاطِيفُ حُجْنٌ فِي حِبَالٍ مَتِينَةٍ تَمُدُّ بِهَا أَيدٍ إِلَيْكَ نَوَازِعُ
[ ص: 358 ]
فَجَعَلَ ضَوْءَ الْبَرْقِ وَشِدَّةَ شُعَاعِ نُورِهِ ، كَضَوْءِ إِقْرَارِهِمْ بِأَلْسِنَتِهِمْ بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَشُعَاعِ نُورِهِ ، مَثَلًا .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى ذِكْرُهُ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=20كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ " يَعْنِي أَنَّ الْبَرْقَ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ ، وَجَعَلَ الْبَرْقَ لِإِيمَانِهِمْ مَثَلًا . وَإِنَّمَا أَرَادَ بِذَلِكَ : أَنَّهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمُ الْإِيمَانُ ، وَإِضَاءَتُهُ لَهُمْ أَنْ يَرَوْا فِيهِ مَا يُعْجِبُهُمْ فِي عَاجِلِ دُنْيَاهُمْ ، مِنَ النُّصْرَةِ عَلَى الْأَعْدَاءِ ، وَإِصَابَةِ الْغَنَائِمِ فِي الْمُغَازِي ، وَكَثْرَةِ الْفُتُوحِ ، وَمَنَافِعِهَا ، وَالثَّرَاءِ فِي الْأَمْوَالِ ، وَالسَّلَامَةِ فِي الْأَبْدَانِ وَالْأَهْلِ وَالْأَوْلَادِ - فَذَلِكَ إِضَاءَتُهُ لَهُمْ ، لِأَنَّهُمْ إِنَّمَا يُظْهِرُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا يُظْهِرُونَهُ مِنَ الْإِقْرَارِ ، ابْتِغَاءَ ذَلِكَ ، وَمُدَافِعَةً عَنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَذَرَارِيهِمْ ، وَهُمْ كَمَا وَصَفَهُمُ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=11وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ ) [ سُورَةُ الْحَجِّ : 11 ] .
وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=20مَشَوْا فِيهِ " مَشَوْا فِي ضَوْءِ الْبَرْقِ . وَإِنَّمَا ذَلِكَ مَثَلٌ لِإِقْرَارِهِمْ عَلَى مَا وَصَفْنَا . فَمَعْنَاهُ : كُلَّمَا رَأَوْا فِي الْإِيمَانِ مَا يُعْجِبُهُمْ فِي عَاجِلِ دُنْيَاهُمْ عَلَى مَا وَصَفْنَا ، ثَبَتُوا عَلَيْهِ وَأَقَامُوا فِيهِ ، كَمَا يَمْشِي السَّائِرُ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ وَظُلْمَةِ الصَّيِّبِ الَّذِي وَصَفَهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ ، إِذَا بَرَقَتْ فِيهَا بَارِقَةٌ أَبْصَرَ طَرِيقَهُ فِيهَا .
"
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=20وَإِذَا أَظْلَمَ " يَعْنِي : ذَهَبَ ضَوْءُ الْبَرْقِ عَنْهُمْ .
وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ " عَلَيْهِمْ " عَلَى السَّائِرِينَ فِي الصَّيِّبِ الَّذِي وَصَفَ جَلَّ ذِكْرُهُ . وَذَلِكَ لِلْمُنَافِقِينَ مَثَلٌ . وَمَعْنَى إِظْلَامِ ذَلِكَ أَنَّ الْمُنَافِقِينَ كُلَّمَا لَمْ يَرَوْا فِي الْإِسْلَامِ مَا يُعْجِبُهُمْ فِي دُنْيَاهُمْ - عِنْدَ ابْتِلَاءِ اللَّهِ مُؤْمِنِي عِبَادِهِ بِالضَّرَّاءِ ، وَتَمْحِيصِهِ إِيَّاهُمْ بِالشَّدَائِدِ وَالْبَلَاءِ ، مِنْ إِخْفَاقِهِمْ فِي مَغْزَاهُمْ ، وَإِنَالَةِ عَدُوِّهِمْ مِنْهُمْ ، أَوْ إِدْبَارٍ مِنْ
[ ص: 359 ] دُنْيَاهُمْ عَنْهُمْ أَقَامُوا عَلَى نِفَاقِهِمْ ، وَثَبَتُوا عَلَى ضَلَالَتِهِمْ ، كَمَا قَامَ السَّائِرُ فِي الصَّيِّبِ الَّذِي وَصَفَ جَلَّ ذِكْرُهُ إِذَا أَظْلَمَ وَخَفَتَ ضَوْءُ الْبَرْقِ ، فَحَارَ فِي طَرِيقِهِ ، فَلَمْ يَعْرِفْ مَنْهَجَهُ .