[ ص: 175 ] [ ص: 176 ] [ ص: 177 ] مناقشة (247) قضية من (62) سورة قرآنية
[ ص: 178 ] [ ص: 179 ] 1- باب: ذكر
nindex.php?page=treesubj&link=22209الآيات اللواتي ادعي عليهن النسخ في سورة البقرة
ذكر الآية الأولى: قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=3ومما رزقناهم ينفقون اختلف المفسرون في المراد بهذه النفقة على أربعة أقوال: أحدها: أنها النفقة على الأهل والعيال ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=21وحذيفة .
[ ص: 180 ] والثاني: الزكاة المفروضة ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة .
والثالث: الصدقات النوافل ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد nindex.php?page=showalam&ids=14676والضحاك .
والرابع: أن الإشارة بها إلى نفقة كانت واجبة قبل الزكاة .
ذكره بعض ناقلي التفسير ، وزعموا: أنه كان فرض على الإنسان أن يمسك مما في يده قدر كفايته يومه وليلته ، ويفرق باقيه على الفقراء ثم نسخ ذلك بآية الزكاة ، وهذا قول ليس بصحيح
[ ص: 181 ] لأن لفظ الآية لا يتضمن ما ذكروا ، وإنما يتضمن مدح المنفق ، والظاهر ، أنها تشير إلى الزكاة لأنها قرنت مع الإيمان بالصلاة .
وعلى هذا ، لا وجه للنسخ وإن كانت تشير إلى الصدقات النوافل ، والحث عليها باق ، والذي أرى ، ما بها مدح لهم على جميع نفقاتهم في الواجب والنفل ، وقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=11962أبو جعفر يزيد بن القعقاع : نسخت آية الزكاة كل صدقة كانت قبلها ، ونسخ صوم رمضان كل صوم كان قبله ، والمراد بهذا كل صدقة وجبت بوجود المال مرسلا كهذه الآية .
[ ص: 182 ] ذكر الآية الثانية: قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=62إن الذين آمنوا والذين هادوا الآية ، اختلف المفسرون في معنى هذه الآية على ثلاثة أقوال: أحدها: أن المعنى إن الذين آمنوا من هذه الأمة ، والذين هادوا ، وهم أتباع
موسى ، والنصارى ، وهم أتباع
عيسى ، والصابئون: الخارجون من الكفر إلى الإسلام من آمن ، أي: من دام منهم على الإيمان .
والثاني: إن الذين آمنوا بألسنتهم وهم المنافقون والذين هادوا: وهم اليهود ، والنصارى والصابئون: وهم كفار أيضا: من آمن أيمن دخل في الإيمان بنية صادقة .
والثالث: إن المعنى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=62إن الذين آمنوا ومن آمن من الذين هادوا ، فيكون قوله بعد هذا: من آمن راجعا إلى المذكورين مع الذين آمنوا ،
[ ص: 183 ] ومعناه: من يؤمن منهم ، وعلى هذه الأقوال الثلاثة لا وجه لادعاء نسخ هذه الآية ، وقد قيل: إنها منسوخة بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=85ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه .
" فأخبرنا
المبارك بن علي الصيرفي ، قال: أخبرنا
أحمد بن الحسن بن قريش ، قال: أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=13859إبراهيم بن عمر البرمكي ، قال: أخبرنا
محمد بن إسماعيل الوراق ، قال: حدثنا
أبو بكر بن أبي داود ، قال: حدثنا
يعقوب بن سفيان ، قال: حدثنا
أبو صالح ، قال: حدثني
معاوية بن صالح ، عن
علي بن أبي طلحة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=62إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين الآية ، قال: فأنزل الله تعالى بعد هذه الآية:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=85ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين " قلت: فكأنه أشار بهذا إلى النسخ وهذا القول لا يصح لوجهين:
[ ص: 184 ] أحدهما: أنه إن أشير بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=62والذين هادوا والنصارى إلى من كان تابعا لنبيه قبل أن يبعث النبي الآخر ، فأولئك على الصواب ، وإن أشير إلى من كان في زمن نبينا صلى الله عليه وسلم ، فإن من ضرورة من لم يبدل دينه ولم يحرف أن يؤمن
بمحمد صلى الله عليه وسلم ويتبعه .
والثاني: أن هذه الآية خبر والأخبار لا يدخلها النسخ .
ذكر الآية الثالثة: قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=81بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته جمهور المفسرين على أن المراد بالسيئة الشرك ، فلا يتوجه على هذا
[ ص: 185 ] القول نسخ أصلا ، وقد روى السدي عن أشياخه: أن المراد بالسيئة الذنب من الذنوب التي وعد الله تعالى عليها النار ، فعلى هذا يتوجه النسخ بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=48إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء على أنه يجوز أن يحمل ذلك ، على من أتى السيئة مستحلا فلا يكون نسخا .
[ ص: 186 ] ذكر الآية الرابعة: قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=83وقولوا للناس حسنا اختلف المفسرون في المخاطبين بهذا على قولين: أحدهما: أنهم اليهود ، والتقدير من سألكم عن شأن
محمد صلى الله عليه وسلم فاصدقوه وبينوا له صفته ولا تكتموا أمره ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وابن جبير ،
nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج ، nindex.php?page=showalam&ids=17132ومقاتل .
[ ص: 187 ] والثاني: أمة
محمد صلى الله عليه وسلم ، ثم اختلف أرباب هذا القول ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن مروهم بالمعروف ، وانهوهم عن المنكر ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11873أبو العالية : وقولوا للناس معروفا ، وقال
محمد بن علي بن الحسين : كلموهم بما تحبون أن يقولوا لكم فعلى هذا الآية محكمة .
[ ص: 188 ] وذهب قوم إلى أن المراد بذلك: مساهلة المشركين في دعائهم إلى الإسلام ، فالآية عند هؤلاء منسوخة بآية السيف وهذا قول بعيد ، لأن لفظ الناس عام فتخصيصه بالكفار يفتقر إلى دليل ولا دليل هاهنا ، ثم إن إنذار الكفار من الحسنى .
[ ص: 189 ] ذكر الآية الخامسة: قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=104يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا ، قال المفسرون: كانت هذه الكلمة لغة في
الأنصار ، وهي من راعيت الرجل إذا تأملته وتعرفت أحواله ومنه قولهم: أرعني سمعك ، وكانت
الأنصار تقولها لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهي بلغة اليهود سب بالرعونة ، وكانوا يقولونها له وينوون بها السب ، فنهى الله سبحانه المؤمنين عن قولها لئلا يقولها اليهود ،
[ ص: 190 ] وأمرهم أن يجعلوا مكانها أنظرنا ، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش ،
وابن المحيصن : راعنا بالتنوين فجعلوه مصدرا ، أي: لا تقولوا رعونة .
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : لا تقولوا راعونا على الأمر بالجماعة ، كأنه نهاهم أن يقولوا ذلك فيما بينهم ، والنهي في مخاطبة النبي بذلك أولى ، وهذه الآية قد ذكروها في المنسوخ ، ولا وجه لذلك بحال ، ولولا إيثاري
[ ص: 191 ] ذكر ما ادعي عليه النسخ لم أذكرها .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12940أبو جعفر النحاس : هي ناسخة لما كان مباحا قوله .
قلت: وهذا تحريف في القول ، لأنه إذا نهي عن شيء لم تكن الشريعة أتت به ، لم يسم النهي نسخا .
ذكر الآية السادسة: قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=109فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره ، قال المفسرون: أمر الله بالعفو والصفح عن أهل الكتاب قبل أن يؤمر بقتالهم ، ثم نسخ العفو والصفح ، بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=29قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله الآية ، هذا مروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس رضي الله عنهما وغيرهما .
[ ص: 192 ] " أخبرنا
أبو بكر بن حبيب الله العامري ، قال: أخبرنا
علي بن الفضل ، قال: أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=16365عبد الصمد ، قال: أخبرنا
ابن حموية ، قال: أخبرنا
إبراهيم بن خريم ، قال : بنا
عبد الحميد ، قال: بنا
nindex.php?page=showalam&ids=17081مسلم بن إبراهيم ، وأخبرنا
إسماعيل بن أحمد ، قال: أخبرنا
أبو الفضل البقال ، قال: أبنا
ابن بشران ، قال: أخبرنا
إسحاق الكاذي ، قال: حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16408عبد الله بن أحمد ، قال: حدثني أبي ، قال: حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16365عبد الصمد ، كلاهما عن
nindex.php?page=showalam&ids=17258همام بن يحيى ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة ، قال: " أمر الله نبيه أن يعفو عنهم ويصفح ، حتى يأتي الله بأمره ، فأنزل في براءة:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=29قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر الآية فنسخها بهذه
[ ص: 193 ] الآية ، وأمره فيها بقتال أهل الكتاب حتى يسلموا ، أو يقروا بالجزية " قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : وحدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق ، قال: حدثنا
معمر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=109فاعفوا واصفحوا نسختها
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=5فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم " أخبرنا
ابن ناصر ، قال: أخبرنا
علي بن أيوب ، قال: أخبرنا
ابن شاذان ، قال: أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=15386أبو بكر النجاد ، قال: أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود السجستاني ، قال: أبنا
أحمد بن محمد المروزي ، قال: أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=11790آدم بن أبي إياس ، قال: حدثنا
أبو جعفر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14354الربيع بن أنس ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11873أبي العالية : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=109فاعفوا واصفحوا ، قال: نسخ بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=29قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر الآية " .
[ ص: 175 ] [ ص: 176 ] [ ص: 177 ] مُنَاقَشَةُ (247) قَضِيَّةِ مِنْ (62) سُورَةٍ قُرْآنِيَّةٍ
[ ص: 178 ] [ ص: 179 ] 1- بَابُ: ذِكْرِ
nindex.php?page=treesubj&link=22209الْآيَاتِ اللَّوَاتِي ادُّعِيَ عَلَيْهِنَّ النَّسْخُ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ
ذِكْرُ الْآيَةِ الأُولَى: قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=3وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي الْمُرَادِ بِهَذِهِ النَّفَقَةِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهَا النَّفَقَةُ عَلَى الأَهْلِ وَالْعِيَالِ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ nindex.php?page=showalam&ids=21وَحُذَيْفَةُ .
[ ص: 180 ] وَالثَّانِي: الزَّكَاةُ الْمَفْرُوضَةُ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16815وَقَتَادَةُ .
وَالثَّالِثُ: الصَّدَقَاتُ النَّوَافِلُ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٌ nindex.php?page=showalam&ids=14676وَالضَّحَّاكُ .
وَالرَّابِعُ: أَنَّ الْإِشَارَةَ بِهَا إِلَى نَفَقَةٍ كَانَتْ وَاجِبَةً قَبْلَ الزَّكَاةِ .
ذَكَرَهُ بَعْضُ نَاقِلِي التَّفْسِيرِ ، وَزَعَمُوا: أَنَّهُ كَانَ فَرْضٌ عَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يَمْسِكَ مِمَّا فِي يَدِهِ قَدْرَ كِفَايَتِهِ يَوْمَهُ وَلَيْلَتَهُ ، وَيُفَرِّقُ بَاقِيهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِآيَةِ الزَّكَاةِ ، وَهَذَا قَوْلٌ لَيْسَ بِصَحِيحٍ
[ ص: 181 ] لِأَنَّ لَفْظَ الْآيَةِ لا يَتَضَمَّنُ مَا ذَكَرُوا ، وَإِنَّمَا يَتَضَمَّنُ مَدْحَ الْمُنْفِقِ ، وَالظَّاهِرُ ، أَنَّهَا تُشِيرُ إِلَى الزَّكَاةِ لِأَنَّهَا قُرِنَتْ مَعَ الْإِيمَانِ بِالصَّلاةِ .
وَعَلَى هَذَا ، لا وَجْهَ لِلنَّسْخِ وَإِنْ كَانَتْ تُشِيرُ إِلَى الصَّدَقَاتِ النَّوَافِلِ ، وَالْحَثُّ عَلَيْهَا بَاقٍ ، وَالَّذِي أَرَى ، مَا بِهَا مَدْحٌ لَهُمْ عَلَى جَمِيعِ نَفَقَاتِهِمْ فِي الْوَاجِبِ وَالنَّفْلِ ، وَقَدْ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11962أَبُو جَعْفَرٍ يَزِيدُ بْنُ الْقَعْقَاعِ : نَسَخَتْ آيَةُ الزَّكَاةِ كُلَّ صَدَقَةٍ كَانَتْ قَبْلَهَا ، وَنَسَخَ صَوْمُ رَمَضَانَ كُلَّ صَوْمٍ كَانَ قَبْلَهُ ، وَالْمُرَادُ بِهَذَا كُلُّ صَدَقَةٍ وَجَبَتْ بِوُجُودِ الْمَالِ مُرْسَلا كَهَذِهِ الْآيَةِ .
[ ص: 182 ] ذِكْرُ الْآيَةِ الثَّانِيَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=62إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا الْآيَةَ ، اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى ثَلاثِةِ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ الْمَعْنَى إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ ، وَالَّذِينَ هَادُوا ، وَهُمْ أَتْبَاعُ
مُوسَى ، وَالنَّصَارَى ، وَهُمْ أَتْبَاعُ
عِيسَى ، وَالصَّابِئُونَ: الْخَارِجُونَ مِنَ الْكُفْرِ إِلَى الْإِسْلامِ مَنْ آمَنَ ، أَيْ: مَنْ دَامَ مِنْهُمْ عَلَى الْإِيمَانِ .
وَالثَّانِي: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَهُمُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ هَادُوا: وَهُمُ الْيَهُودُ ، وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئُونَ: وَهُمْ كُفَّارٌ أَيْضًا: مَنْ آمَنَ أَيْمَنَ دَخَلَ فِي الْإِيمَانِ بِنِيَّةٍ صَادِقَةٍ .
وَالثَّالِثُ: إِنَّ الْمَعْنَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=62إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَمَنْ آمَنْ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا ، فَيَكُونُ قَوْلُهُ بَعْدَ هَذَا: مَنْ آمَنَ رَاجِعًا إِلَى الْمَذْكُورِينَ مَعَ الَّذِينَ آمَنُوا ،
[ ص: 183 ] وَمَعْنَاهُ: مَنْ يُؤْمِنْ مِنْهُمْ ، وَعَلَى هَذِهِ الأَقْوَالِ الثَّلاثَةُ لا وَجْهَ لِادِّعَاءَ نَسْخِ هَذِهِ الْآيَةِ ، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهَا مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=85وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ .
" فَأَخْبَرَنَا
الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ الصَّيْرَفِيُّ ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُرَيْشٍ ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=13859إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُمَرَ الْبَرْمَكِيُّ ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْوَرَّاقُ ، قَالَ: حَدَّثَنَا
أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ ، قَالَ: حَدَّثَنَا
يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ ، قَالَ: حَدَّثَنَا
أَبُو صَالِحٍ ، قَالَ: حَدَّثَنِي
مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ ، عَنْ
عَلِيِّ بْنِ أَبِي طّلْحَةَ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=62إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ الْآيَةَ ، قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى بَعْدَ هَذِهِ الْآيَةِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=85وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ " قُلْتُ: فَكَأَنَّهُ أَشَارَ بِهَذَا إِلَى النَّسْخِ وَهَذَا الْقَوْلُ لا يَصِحُّ لِوَجْهَيْنِ:
[ ص: 184 ] أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ إِنْ أُشِيرَ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=62وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى إِلَى مَنْ كَانَ تَابِعًا لِنَبِيِّهِ قَبْلَ أَنْ يُبْعَثَ النَّبِيُّ الْآخَرُ ، فَأُولَئِكَ عَلَى الصَّوَابِ ، وَإِنْ أُشِيرَ إِلَى مَنْ كَانَ فِي زَمَنِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَإِنَّ مِنْ ضَرُورَةِ مَنْ لَمْ يُبَدِّلْ دِينَهُ وَلَمْ يُحَرِّفْ أَنْ يُؤْمِنَ
بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَتَّبِعَهُ .
وَالثَّانِي: أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ خَبَرٌ وَالأَخْبَارُ لا يَدْخُلُهَا النَّسْخُ .
ذِكْرُ الْآيَةِ الثَّالِثَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=81بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ جُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّيِّئَةِ الشِّرْكُ ، فَلا يَتَوَجَّهُ عَلَى هَذَا
[ ص: 185 ] الْقَوْلِ نَسْخٌ أَصْلا ، وَقَدْ رَوَى السُّدِّيُّ عَنْ أَشْيَاخِهِ: أَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّيِّئَةِ الذَّنْبُ مِنَ الذُّنُوبِ الَّتِي وَعَدَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهَا النَّارَ ، فَعَلَى هَذَا يَتَوَجَّهُ النَّسْخُ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=48إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ ذَلِكَ ، عَلَى مَنْ أَتَى السَّيِّئَةَ مُسْتَحِلًّا فَلا يَكُونُ نَسْخًا .
[ ص: 186 ] ذِكْرُ الْآيَةِ الرَّابِعَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=83وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي الْمُخَاطَبِينَ بِهَذَا عَلَى قَوْلَيْنِ: أَحَدِهِمَا: أَنَّهُمُ الْيَهُودُ ، وَالتَّقْدِيرُ مَنْ سَأَلَكُمْ عَنْ شَأْنِ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاصْدُقُوهُ وَبَيِّنُوا لَهُ صِفَتَهُ وَلا تَكْتُمُوا أَمْرَهُ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وَابْنُ جُبَيْرٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13036وَابْنُ جُرَيْجٍ ، nindex.php?page=showalam&ids=17132وَمُقَاتِلٌ .
[ ص: 187 ] وَالثَّانِي: أُمَّةُ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ اخْتَلَفَ أَرْبَابُ هَذَا الْقَوْلِ ، فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ مُرُوهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ، وَانْهُوهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11873أَبُو الْعَالِيَةِ : وَقُولُوا لِلنَّاسِ مَعْرُوفًا ، وَقَالَ
مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ : كَلِّمُوهُمْ بِمَا تُحِبُّونَ أَنْ يَقُولُوا لَكُمْ فَعَلَى هَذَا الْآيَةُ مُحْكَمَةٌ .
[ ص: 188 ] وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ: مُسَاهَلَةُ الْمُشْرِكِينَ فِي دُعَائِهِمْ إِلَى الْإِسْلامِ ، فَالْآيَةُ عِنْدَ هَؤُلاءِ مَنْسُوخَةٌ بِآيَةِ السَّيْفِ وَهَذَا قَوْلٌ بَعِيدٌ ، لِأَنَّ لَفْظَ النَّاسِ عَامٌّ فَتَخْصِيصُهُ بِالْكُفَّارِ يَفْتَقِرُ إِلَى دَلِيلٍ وَلا دَلِيلَ هَاهُنَا ، ثُمَّ إِنَّ إِنْذَارَ الْكُفَّارِ مِنَ الْحُسْنَى .
[ ص: 189 ] ذِكْرُ الْآيَةِ الْخَامِسَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=104يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا رَاعِنَا ، قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: كَانَتْ هَذِهِ الْكَلِمَةُ لُغَةٌ فِي
الأَنْصَارِ ، وَهِيَ مِنْ رَاعَيْتُ الرَّجُلَ إِذَا تَأَمَّلْتُهُ وَتَعَرَّفْتُ أَحْوَالَهُ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: أَرْعِنِي سَمْعَكَ ، وَكَانَتِ
الأَنْصَارُ تَقُولُهَا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهِيَ بِلُغَةِ الْيَهُودِ سَبٌّ بِالرُّعُونَةِ ، وَكَانُوا يَقُولُونَهَا لَهُ وَيَنْوُونَ بِهَا السَّبَّ ، فَنَهَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ قَوْلِهَا لِئَلا يَقُولَهَا الْيَهُودُ ،
[ ص: 190 ] وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوا مَكَانَهَا أَنْظِرْنَا ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13726وَالأَعْمَشُ ،
وَابْنُ الْمُحَيْصِنِ : رَاعِنًا بِالتَّنْوِينِ فَجَعَلُوهُ مَصْدَرًا ، أَيْ: لا تَقُولُوا رُعُونَةً .
وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ : لا تَقُولُوا رَاعُونَا عَلَى الأَمْرِ بِالْجَمَاعَةِ ، كَأَنَّهُ نَهَاهُمْ أَنْ يَقُولُوا ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَهُمْ ، وَالنَّهْيُ فِي مُخَاطَبَةِ النَّبِيِّ بِذَلِكَ أَوْلَى ، وَهَذِهِ الْآيَةُ قَدْ ذَكَرُوهَا فِي الْمَنْسُوخِ ، وَلا وَجْهَ لِذَلِكَ بِحَالٍ ، وَلَوْلا إِيثَارِي
[ ص: 191 ] ذِكْرَ مَا ادُّعِيَ عَلَيْهِ النَّسْخُ لَمْ أَذْكُرْهَا .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12940أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ : هِيَ نَاسِخَةٌ لِمَا كَانَ مُبَاحًا قَوْلُهُ .
قُلْتُ: وَهَذَا تَحْرِيفٌ فِي الْقَوْلِ ، لِأَنَّهُ إِذَا نُهِيَ عَنْ شَيْءٍ لَمْ تَكُنِ الشَّرِيعَةُ أَتَتْ بِهِ ، لَمْ يُسَمَّ النَّهْيُ نَسْخًا .
ذِكْرُ الْآيَةِ السَّادِسَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=109فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ، قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: أَمَرَ اللَّهُ بِالْعَفْوِ وَالصَّفْحِ عَنْ أَهْلِ الْكِتَابِ قَبْلَ أَنْ يُؤْمَرَ بِقِتَالِهِمْ ، ثُمَّ نُسِخَ الْعَفْوُ وَالصَّفْحُ ، بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=29قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ الْآيَةَ ، هَذَا مَرْوِيٌّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَغَيْرِهِمَا .
[ ص: 192 ] " أَخْبَرَنَا
أَبُو بَكْرِ بْنُ حَبِيبٍ اللَّهِ الْعَامِرِيُّ ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
عَلِيُّ بْنُ الْفَضْلِ ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16365عَبْدُ الصَّمَدِ ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
ابْنُ حَمُّويَةَ ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
إِبْرَاهِيمُ بْنُ خُرَيْمٍ ، قَالَ : بَنَا
عَبْدُ الْحَمِيدِ ، قَالَ: بَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17081مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، وَأَخْبَرَنَا
إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
أَبُو الْفَضْلِ الْبَقَّالُ ، قَالَ: أَبَنَا
ابْنُ بِشْرَانَ ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
إِسْحَاقُ الْكَاذِيُّ ، قَالَ: حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16408عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي ، قَالَ: حَدَّثَنا
nindex.php?page=showalam&ids=16365عَبْدُ الصَّمَدِ ، كِلاهُمَا عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17258هَمَّامِ بْنِ يَحْيَى ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16815قَتَادَةَ ، قَالَ: " أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَيَصْفَحَ ، حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ، فَأَنْزَلَ فِي بَرَاءَةٍ:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=29قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ الْآيَةَ فَنَسَخَهَا بِهَذِهِ
[ ص: 193 ] الْآيَةِ ، وَأَمَرَهُ فِيهَا بِقِتَالِ أَهْلِ الْكِتَابِ حَتَّى يُسْلِمُوا ، أَوْ يُقِرُّوا بِالْجِزْيَةِ " قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ : وَحَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16360عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، قَالَ: حَدَّثَنَا
مَعْمَرٌ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16815قَتَادَةَ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=109فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا نَسَخَتْهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=5فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ " أَخْبَرَنَا
ابُنْ نَاصِرٍ ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
عَلِيُّ بْنُ أَيُّوبَ ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
ابْنُ شَاذَانَ ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15386أَبُو بَكْرٍ النَّجَّادُ ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=11998أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ ، قَالَ: أَبَنَا
أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=11790آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ ، قَالَ: حَدَّثَنَا
أَبُو جَعْفَرٍ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14354الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11873أَبِي الْعَالِيَةِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=109فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا ، قَالَ: نُسِخَ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=29قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ الْآيَةَ " .