القول في تأويل قوله تعالى (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=111nindex.php?page=treesubj&link=28977_32025ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله ولكن أكثرهم يجهلون ( 111 ) )
قال
أبو جعفر : يقول تعالى ذكره لنبيه
محمد صلى الله عليه وسلم : يا
محمد ، آيس من فلاح هؤلاء العادلين بربهم الأوثان والأصنام ، القائلين لك : " لئن جئتنا بآية لنؤمنن لك " ، فإننا لو نزلنا إليهم الملائكة حتى يروها عيانا ، وكلمهم الموتى بإحيائنا إياهم حجة لك ، ودلالة على نبوتك ، وأخبروهم أنك محق فيما تقول ، وأن ما جئتهم به حق من عند الله ، وحشرنا عليهم كل شيء فجعلناهم لك قبلا
[ ص: 47 ] ما آمنوا ولا صدقوك ولا اتبعوك إلا أن يشاء الله ذلك لمن شاء منهم (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=111ولكن أكثرهم يجهلون ) ، يقول : ولكن أكثر هؤلاء المشركين يجهلون أن ذلك كذلك ، يحسبون أن الإيمان إليهم ، والكفر بأيديهم ، متى شاءوا آمنوا ، ومتى شاءوا كفروا . وليس ذلك كذلك ، ذلك بيدي ، لا يؤمن منهم إلا من هديته له فوفقته ، ولا يكفر إلا من خذلته عن الرشد فأضللته .
وقيل : إن ذلك نزل في المستهزئين برسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما جاء به من عند الله ، من مشركي
قريش .
ذكر من قال ذلك :
13755 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثنا
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قال : نزلت في المستهزئين الذين سألوا النبي صلى الله عليه وسلم الآية ، فقال : " قل " ، يا
محمد ، " إنما الآيات عند الله وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون " ، ونزل فيهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=111ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ) .
وقال آخرون : إنما قيل : ( ما كانوا ليؤمنوا ) ، يراد به أهل الشقاء ، وقيل : ( إلا أن يشاء الله ) ، فاستثنى ذلك من قوله : ( ليؤمنوا ) ، يراد به أهل الإيمان والسعادة .
ذكر من قال ذلك :
13756 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
عبد الله بن صالح قال : حدثني
معاوية بن صالح ، عن
ابن عباس قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=111ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ما كانوا ليؤمنوا ) ، وهم أهل الشقاء ثم قال : ( إلا أن يشاء الله ) ، وهم أهل السعادة الذين سبق لهم في علمه أن يدخلوا في الإيمان .
[ ص: 48 ]
قال
أبو جعفر : وأولى القولين في ذلك بالصواب ، قول
ابن عباس ؛ لأن الله جل ثناؤه عم بقوله : ( ما كانوا ليؤمنوا ) ، القوم الذين تقدم ذكرهم في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=109وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آيه ليؤمنن بها ) .
وقد يجوز أن يكون الذين سألوا الآية كانوا هم المستهزئين الذين قال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج إنهم عنوا بهذه الآية ، ولكن لا دلالة في ظاهر التنزيل على ذلك ، ولا خبر تقوم به حجة بأن ذلك كذلك . والخبر من الله خارج مخرج العموم ، فالقول بأن ذلك عني به أهل الشقاء منهم أولى ، لما وصفنا .
واختلفت القرأة في قراءة قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=111وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ) .
فقرأته قرأة
أهل المدينة : " قبلا " ، بكسر " القاف " وفتح " الباء " ، بمعنى : معاينة من قول القائل : " لقيته قبلا " ، أي معاينة ومجاهرة .
وقرأ ذلك عامة قرأة الكوفيين والبصريين : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=111وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ) ، بضم " القاف " ، " والباء " .
وإذا قرئ كذلك ، كان له من التأويل ثلاثة أوجه :
أحدها أن يكون " القبل " جمع " قبيل " ، كالرغف التي هي جمع " رغيف " ، و " القضب " التي هي جمع " قضيب " ، ويكون " القبل " ، الضمناء والكفلاء وإذا كان ذلك معناه ، كان تأويل الكلام : وحشرنا عليهم كل شيء كفلاء يكفلون لهم بأن الذي نعدهم على إيمانهم بالله إن آمنوا ، أو نوعدهم على كفرهم بالله إن هلكوا على كفرهم ، ما آمنوا إلا أن يشاء الله .
والوجه الآخر : أن يكون " القبل " بمعنى المقابلة والمواجهة ، من قول القائل : " أتيتك قبلا لا دبرا " ، إذا أتاه من قبل وجهه .
والوجه الثالث : أن يكون معناه : وحشرنا عليهم كل شيء قبيلة قبيلة ، صنفا صنفا ، وجماعة جماعة ، فيكون " القبل " حينئذ جمع " قبيل " ، الذي هو
[ ص: 49 ] جمع " قبيلة " ، فيكون " القبل " جمع الجمع .
وبكل ذلك قد قالت جماعة من أهل التأويل .
ذكر من قال : معنى ذلك : معاينة .
13757 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
عبد الله بن صالح قال : حدثني
معاوية بن صالح ، عن
علي بن أبي طلحة ، عن
ابن عباس : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=111وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ) ، يقول : معاينة .
13758 - حدثنا
بشر قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=111وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ) ، حتى يعاينوا ذلك معاينة (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=111ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله ) .
ذكر من قال : معنى ذلك : قبيلة قبيلة ، صنفا صنفا .
13759 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
إسحاق قال : حدثنا
عبد الله بن يزيد : من قرأ : ( قبلا ) ، معناه : قبيلا قبيلا .
13760 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قال : قال
مجاهد : ( قبلا ) ، أفواجا ، قبيلا قبيلا .
13761 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
إسحاق قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12297أحمد بن يونس ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11997أبي خيثمة قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11793أبان بن تغلب قال : حدثني
طلحة أن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهدا قرأ في " الأنعام " : ( كل شيء قبلا ) ، قال : قبائل ، قبيلا وقبيلا وقبيلا .
ذكر من قال : معناه : مقابلة .
13762 - حدثني
محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=111ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلا )
[ ص: 50 ] ، يقول : لو استقبلهم ذلك كله ، لم يؤمنوا إلا أن يشاء الله .
13763 - حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=111وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ) ، قال : حشروا إليهم جميعا ، فقابلوهم وواجهوهم .
13764 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
إسحاق قال : حدثنا
عبد الله بن يزيد : قرأ
عيسى : ( قبلا ) ومعناه : عيانا .
قال
أبو جعفر : وأولى القراءتين في ذلك بالصواب عندنا ، قراءة من قرأ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=111وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ) ، بضم " القاف " و " الباء " ، لما ذكرنا من احتمال ذلك الأوجه التي بينا من المعاني ، وأن معنى " القبل " داخل فيه ، وغير داخل في القبل معاني " القبل " .
وأما قوله : ( وحشرنا عليهم ) ، فإن معناه : وجمعنا عليهم ، وسقنا إليهم .
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=111nindex.php?page=treesubj&link=28977_32025وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ ( 111 ) )
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا
مُحَمَّدُ ، آيِسْ مِنْ فَلَاحِ هَؤُلَاءِ الْعَادِلِينَ بِرَبِّهِمُ الْأَوْثَانَ وَالْأَصْنَامَ ، الْقَائِلِينَ لَكَ : " لَئِنْ جِئْتَنَا بِآيَةٍ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ " ، فَإِنَّنَا لَوْ نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ حَتَّى يَرَوْهَا عِيَانًا ، وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى بِإِحْيَائِنَا إِيَّاهُمْ حُجَّةً لَكَ ، وَدَلَالَةً عَلَى نُبُوَّتِكَ ، وَأَخْبَرُوهُمْ أَنَّكَ مُحِقٌّ فِيمَا تَقُولُ ، وَأَنَّ مَا جِئْتَهُمْ بِهِ حَقٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ، وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ فَجَعَلْنَاهُمْ لَكَ قُبُلًا
[ ص: 47 ] مَا آمَنُوا وَلَا صَدَّقُوكَ وَلَا اتَّبَعُوكَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ذَلِكَ لِمَنْ شَاءَ مِنْهُمْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=111وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ ) ، يَقُولُ : وَلَكِنَّ أَكْثَرَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ يَجْهَلُونَ أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ ، يَحْسَبُونَ أَنَّ الْإِيمَانَ إِلَيْهِمْ ، وَالْكُفْرَ بِأَيْدِيهِمْ ، مَتَّى شَاءُوا آمَنُوا ، وَمَتَّى شَاءُوا كَفَرُوا . وَلَيْسَ ذَلِكَ كَذَلِكَ ، ذَلِكَ بِيَدِي ، لَا يُؤْمِنُ مِنْهُمْ إِلَّا مَنْ هَدَيْتُهُ لَهُ فَوَفَّقْتُهُ ، وَلَا يَكْفُرُ إِلَّا مَنْ خَذَلْتُهُ عَنِ الرُّشْدِ فَأَضْلَلْتُهُ .
وَقِيلَ : إِنَّ ذَلِكَ نَزَلَ فِي الْمُسْتَهْزِئِينَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ، مِنْ مُشْرِكِي
قُرَيْشٍ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
13755 - حَدَّثَنَا
الْقَاسِمُ قَالَ : حَدَّثَنَا
الْحُسَيْنُ قَالَ : حَدَّثَنَا
حَجَّاجٌ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ : نَزَلَتْ فِي الْمُسْتَهْزِئِينَ الَّذِينَ سَأَلُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْآيَةَ ، فَقَالَ : " قُلْ " ، يَا
مُحَمَّدُ ، " إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ " ، وَنَزَلَ فِيهِمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=111وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا ) .
وَقَالَ آخَرُونَ : إِنَّمَا قِيلَ : ( مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا ) ، يُرَادُ بِهِ أَهْلُ الشَّقَاءِ ، وَقِيلَ : ( إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ) ، فَاسْتَثْنَى ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ : ( لِيُؤْمِنُوا ) ، يُرَادُ بِهِ أَهْلُ الْإِيمَانِ وَالسَّعَادَةِ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
13756 - حَدَّثَنِي
الْمُثَنَّى قَالَ : حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ : حَدَّثَنِي
مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=111وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا ) ، وَهُمْ أَهْلُ الشَّقَاءِ ثُمَّ قَالَ : ( إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ) ، وَهُمْ أَهْلُ السَّعَادَةِ الَّذِينَ سَبَقَ لَهُمْ فِي عِلْمِهِ أَنْ يَدْخُلُوا فِي الْإِيمَانِ .
[ ص: 48 ]
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ ، قَوْلُ
ابْنِ عَبَّاسٍ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَمَّ بِقَوْلِهِ : ( مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا ) ، الْقَوْمَ الَّذِينَ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُمْ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=109وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آيَهٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا ) .
وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الَّذِينَ سَأَلُوا الْآيَةَ كَانُوا هُمُ الْمُسْتَهْزِئِينَ الَّذِينَ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنُ جُرَيْجٍ إِنَّهُمْ عُنُوا بِهَذِهِ الْآيَةِ ، وَلَكِنْ لَا دَلَالَةَ فِي ظَاهِرِ التَّنْزِيلِ عَلَى ذَلِكَ ، وَلَا خَبَرَ تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ بِأَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ . وَالْخَبَرُ مِنَ اللَّهِ خَارِجٌ مَخْرَجَ الْعُمُومِ ، فَالْقَوْلُ بِأَنَّ ذَلِكَ عُنِيَ بِهِ أَهْلُ الشَّقَاءِ مِنْهُمْ أَوْلَى ، لِمَا وَصَفْنَا .
وَاخْتَلَفَتِ الْقَرَأَةُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=111وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا ) .
فَقَرَأَتْهُ قَرَأَةُ
أَهْلِ الْمَدِينَةِ : " قِبَلًا " ، بِكَسْرِ " الْقَافِ " وَفَتْحِ " الْبَاءِ " ، بِمَعْنَى : مُعَايَنَةً مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ : " لَقِيتُهُ قِبَلًا " ، أَيْ مُعَايَنَةً وَمُجَاهَرَةً .
وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قَرَأَةِ الْكُوفِيِّينَ وَالْبَصْرِيِّينَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=111وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا ) ، بِضَمِّ " الْقَافِ " ، " وَالْبَاءِ " .
وَإِذَا قُرِئَ كَذَلِكَ ، كَانَ لَهُ مِنَ التَّأْوِيلِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ :
أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ " الْقُبُلُ " جَمْعَ " قَبِيلٍ " ، كَالرُّغُفِ الَّتِي هِيَ جُمَعُ " رَغِيفٍ " ، وَ " الْقُضُبِ " الَّتِي هِيَ جُمَعُ " قَضِيبٍ " ، وَيَكُونَ " الْقُبُلُ " ، الضُّمَنَاءَ وَالْكُفَلَاءَ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مَعْنَاهُ ، كَانَ تَأْوِيلُ الْكَلَامِ : وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ كُفَلَاءَ يَكْفُلُونَ لَهُمْ بِأَنَّ الَّذِي نَعِدُهُمْ عَلَى إِيمَانِهِمْ بِاللَّهِ إِنْ آمَنُوا ، أَوْ نُوعِدُهُمْ عَلَى كُفْرِهِمْ بِاللَّهِ إِنْ هَلَكُوا عَلَى كُفْرِهِمْ ، مَا آمَنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ .
وَالْوَجْهُ الْآخَرُ : أَنْ يَكُونَ " الْقُبُلُ " بِمَعْنَى الْمُقَابَلَةِ وَالْمُوَاجَهَةِ ، مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ : " أَتَيْتُكَ قُبُلًا لَا دُبُرًا " ، إِذَا أَتَاهُ مِنْ قِبَلِ وَجْهِهِ .
وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ : أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ : وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قَبِيلَةً قَبِيلَةً ، صِنْفًا صِنْفًا ، وَجَمَاعَةً جَمَاعَةً ، فَيَكُونَ " الْقُبُلُ " حِينَئِذٍ جَمْعَ " قَبِيلٍ " ، الَّذِي هُوَ
[ ص: 49 ] جَمْعُ " قَبِيلَةٍ " ، فَيَكُونَ " الْقُبُلُ " جَمْعَ الْجَمْعِ .
وَبِكُلِّ ذَلِكَ قَدْ قَالَتْ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ : مَعْنَى ذَلِكَ : مُعَايَنَةً .
13757 - حَدَّثَنِي
الْمُثَنَّى قَالَ : حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ : حَدَّثَنِي
مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ ، عَنْ
عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=111وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا ) ، يَقُولُ : مُعَايَنَةً .
13758 - حَدَّثَنَا
بِشْرٌ قَالَ : حَدَّثَنَا
يَزِيدُ قَالَ : حَدَّثَنَا
سَعِيدٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=111وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا ) ، حَتَّى يُعَايِنُوا ذَلِكَ مُعَايَنَةً (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=111مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ) .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ : مَعْنَى ذَلِكَ : قَبِيلَةً قَبِيلَةً ، صِنْفًا صِنْفًا .
13759 - حَدَّثَنِي
الْمُثَنَّى قَالَ : حَدَّثَنَا
إِسْحَاقُ قَالَ : حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ : مَنْ قَرَأَ : ( قُبُلًا ) ، مَعْنَاهُ : قَبِيلًا قَبِيلًا .
13760 - حَدَّثَنَا
الْقَاسِمُ قَالَ : حَدَّثَنَا
الْحُسَيْنُ قَالَ : حَدَّثَنِي
حَجَّاجٌ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ : قَالَ
مُجَاهِدٌ : ( قُبُلًا ) ، أَفْوَاجًا ، قَبِيلًا قَبِيلًا .
13761 - حَدَّثَنِي
الْمُثَنَّى قَالَ : حَدَّثَنَا
إِسْحَاقُ قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=12297أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11997أَبِي خَيْثَمَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=11793أَبَانُ بْنُ تَغْلِبَ قَالَ : حَدَّثَنِي
طَلْحَةُ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدًا قَرَأَ فِي " الْأَنْعَامِ " : ( كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا ) ، قَالَ : قَبَائِلَ ، قَبِيلًا وَقَبِيلًا وَقَبِيلًا .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ : مَعْنَاهُ : مُقَابِلَةً .
13762 - حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ : حَدَّثَنِي عَمِّي قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=111وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا )
[ ص: 50 ] ، يَقُولُ : لَوِ اسْتَقْبَلَهُمْ ذَلِكَ كُلُّهُ ، لَمْ يُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ .
13763 - حَدَّثَنِي
يُونُسُ قَالَ : أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : قَالَ
ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=111وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا ) ، قَالَ : حُشِرُوا إِلَيْهِمْ جَمِيعًا ، فَقَابَلُوهُمْ وَوَاجَهُوهُمْ .
13764 - حَدَّثَنِي
الْمُثَنَّى قَالَ : حَدَّثَنَا
إِسْحَاقُ قَالَ : حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ : قَرَأَ
عِيسَى : ( قُبُلًا ) وَمَعْنَاهُ : عِيَانًا .
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : وَأَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ عِنْدَنَا ، قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=111وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا ) ، بِضَمِّ " الْقَافِ " وَ " الْبَاءِ " ، لِمَا ذَكَرْنَا مِنَ احْتِمَالِ ذَلِكَ الْأَوْجُهَ الَّتِي بَيَّنَّا مِنَ الْمَعَانِي ، وَأَنَّ مَعْنَى " الْقِبَلِ " دَاخِلٌ فِيهِ ، وَغَيْرُ دَاخِلٍ فِي الْقِبَلِ مَعَانِي " الْقُبُلِ " .
وَأَمَّا قَوْلُهُ : ( وَحَشْرَنَا عَلَيْهِمْ ) ، فَإِنَّ مَعْنَاهُ : وَجَمَعْنَا عَلَيْهِمْ ، وَسُقْنَا إِلَيْهِمْ .